الدنيا ليست دار الجزاء التام
ومع أن دار الجزاء التام والفصل والحساب هي الآخرة ، وليست الدنيا ، فلا يخلو الأمر من تعجيل عقاب الله لبعض الذنوب، وإنزاله المثلات ببعض الناس ، لحكم عظيمة وغايات جليلة ، ومنها أن يتعظ العباد ، ويعتبروا
قال ابن تيمية رحمه الله " الدنيا ليست دار الجزاء التام ، وإنما فيها من الجزاء ما تحصل به الحكمة والمصلحة " النبوات ص 30 .
وهذا معنى مهم جدا ، يجدر بالمسلم أن يستحضره في تعامله مع الخلق ، وفي تأمله للأحداث وحركة التاريخ ، وفي فهمه لطبيعة الدنيا والآخرة والفارق الشاسع بينهما .
فالدنيا دار ابتلاء واختبار ، وليست دار فصل وجزاء ، وإثابة للطائعين ، وانتقام من الظالمين ، وتعجيل للقصاص والحكم بين العباد ، وإنما يكون الجزاء على التمام والكمال في يوم الحساب والجزاء : يوم الدين ، والله مالكه وحده والحكم فيه له وحده ( مالك يوم الدين ) وهو اليوم الذي يحكم الله فيه بين العباد فيما فيه يختلفون {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } ويفصل الله فيه بين العباد فيما كانوا يعملون ويختلفون {إنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وفي هذا اليوم " يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " فما بالك بالقصاص بين المكلفين من الثقلين ، ولا يظلم ربك أحدا .
ومع أن دار الجزاء التام والفصل والحساب هي الآخرة ، وليست الدنيا ، فلا يخلو الأمر من تعجيل عقاب الله لبعض الذنوب، وإنزاله المثلات ببعض الناس ، لحكم عظيمة وغايات جليلة ، ومنها أن يتعظ العباد ، ويعتبروا ، ويعلموا أن الله على كل شيء قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم «بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا : البغي والعقوق» وكم أهلك سبحانه من قياصرة وأكاسرة ، دانت لهم الأيام طويلا ، وما ظنوا رحيلا ولا تحويلا ، فأتى الله بنيانهم من القواعد ، وسلبهم إمهاله ، ودمدم عليهم بذنبهم ، ودكدك عروشهم {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا} وما هي من الظالمين ببعيد.
- التصنيف: