استغلال الإجازة

منذ 2021-02-23

قد هيئوكَ لأمْرٍ لو فطنتَ لَهُ *** فاربأ بنفسِكَ أن ترعى مع الهملِ

استغلال الإجازة

قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: نِعْمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ مِنَ النَّاسِ: «الصِّحةُ، والفراغُ» (رواهُ البخاريُّ).

والغبنُ هُوَ الخسارةُ البيِّنةُ. فمتى اجتمعتِ الصِّحةُ والفراغُ فقدْ تمّتِ النِّعمةِ للعِبَادِ.

 

كانَ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يقولُ: إني لأكرَهُ أنْ أرَى الرَّجلُ فارغًا، لا في عَمَلِ الدنيا، ولا في عَمَلِ الآخِرَةِ.

 

وما تَسَنَّمَ أحدٌ عُلا الْمَجْدِ، ولا بَزَّ أقرانَهُ، وفاقَ قُرناءهُ، ورَكِبَ الْمَفَاخِرَ إلاّ بِحِفظِهِ لِوقْتِهِ، واستغلالِهِ الاستغلالَ الأمثلَ.

 

قالَ ابنُ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: لَمّا تُوفي رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قُلتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأنصارِ: هَلُمَّ نسألُ أصحابَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، فإنَّهُمُ اليومَ كثيرٌ، فقالَ: واعجبًا! لكَ يا ابنَ عباس، أتُرى النَّاسَ يحتاجونَ إليكَ، وفي النَّاسِ مِنْ أصحابِ النبيِّ عليه السَّلامُ مَنْ ترى؟ فَتَرَكَ ذَلِكَ، وأَقْبَلْتُ على المسألةِ، فإنْ كانَ لَيبلُغني الحديثُ عنِ الرَّجُلِ فآتيه وهُوَ قائلٌ فأتوسّدُ ردائِي على بابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عليَّ الترابَ، فيخرجُ فيَرَانِي، فيقولُ: يا ابنَ عمِّ رسولِ اللهِ ألا أرسلتَ إليَّ فآتيِكَ؟ فأقولُ: أنا أحقُّ أنْ آتيَكَ فأسألَكَ. قالَ: فبقِيَ الرَّجُلُ حتى رآني وقدْ اجتمعَ النَّاسُ عليَّ، فقالَ: هذا الفتى أعقلُ مِنِّي.

 

وقَبْلَ عشرينَ عاما الْتَقَى شابَّانِ، فوقَعَ أحدُهما في العلماءِ، وألْقَى عليهمْ باللائمةِ، ووصَفَهم بالتقصيرِ، فتمثَّلَ الآخَرُ بِقولِ الشاعِرِ:

أقِــلُّوا عليـهمْ لا أبــاً لأبــيـــــكمُ   ***   مِن اللومِ أوْ سُدُّوا المكانَ الذي سدُّوا 

أولئكَ قومٌ إن بَنَوْا أحسَنُوا البِنَا  ***   وإن عـاهـدُوا أوفَوْا وإن عَقَدُوا شدُّوا 

 

وكانَ أنْ قالَ لَهُ: اطْلُبِ العِلْمَ وسُدَّ الثغرةَ التي تراها.

فَكانَ ذلكَ دافِعا له على طَلَبِ العِلْمِ.

 

فهيأ اللهُ له الانتقالَ إلى مدينةٍ كبيرةٍ، تَزْخَرُ بالعلماءِ، وتفيضُ بالعِلْمِ النَّافعِ، فأقْبَلَ على العِلْمِ والعلماءِ يَنْهَلُ مِنْ عِلْمِهِم، ويَغتَرِفُ مِن بَحورِهِم، حتى ترقّى في درجاتِ العِلْمِ، ووصَلَ إلى مراتِبٍ عاليةٍ.

 

فهذا مثالٌ حيٌّ، وشاهِدٌ قائمٌ على أنَّ مَن حَفِظَ وقْتَهُ نَفَعَ وانْتَفَعَ.

 

وأعْظَمُ الإضاعةِ: إضاعةُ الوقتِ.

قالَ ابنُ القيمِّ – رحِمَهُ اللهُ – بعد أنْ ذَكَرَ عَشْرةَ أشياءٍ ضائعةٍ. قالَ: « وأعظمُ هذِهِ الإضاعاتِ إضاعتانِ هُمَا أصْلُ كُلِّ إضاعةٍ: إضاعةُ القلبِ، وإضاعةُ الوقتِ. فإضاعةُ القَلْبِ مِنْ إيثارِ الدنيا على الآخِرَةِ، وإضاعةُ الوقتِ مِنْ طولِ الأمَلِ، فاجتمعَ الفسادُ كُلُّهُ في اتِّباعِ الهوى وطولِ الأمَلِ، والصلاحُ كُلُّه في اتِّـباعِ الهُدى والاستعدادِ لِلقاءِ».

 

والحرصُ على الوقتِ دليلُ على صِحَّةِ القلبِ

 

قال ابنُ القيمِّ رحِمَهُ اللهُ:

« ومِنْ علاماتِ صحتِهِ – يَعني القلبَ - أنْ يكونَ أشحُّ بوقتِهِ أنْ يذهبَ ضائعا مِن أشدِّ الناسِ شُحّـا بِمَالِه ».اهـ.

 

ولذا كان الصالحونَ يَحْرِصُونَ على استغلالِ أوقاتِهِم سَمِع موسى عليه الصلاةُ والسلامُ بِمَنْ هُوَ أعلَمُ مِنْهُ، فَرَحَلَ إليهِ، مُتحمِّلا المشاقَّ.

 

قالَ القُرطبيُّ: فلمَّا سمِعَ موسى هذا تَشَوّقَتْ نفسُهُ الفاضلةُ، وهِمتُه العاليةُ لتحصيلِ عِلْمِ ما لم يَعْلَمْ، ولِلِقاءِ مَن قِيلَ فيهِ: إنَّهُ أعلمُ مِنكَ. فَعَزَمَ فَسَألَ سؤالَ الذليلِ، بِـ "كيفَ السَّبيلُ "؟ فأُمِرَ بالارتِحالِ على كلِّ حالٍ، وقيلَ لَهُ: احْمِل معكَ حُوتا مالِحا في مِكْتَلٍ - وهُوَ الزنبيلُ - فحيثُ يحيا وتَفْقِدُه فَثَمَّ السبيلُ، فانطلَقَ مع فَتَاهُ لما وَاتَاهُ، مجتهدا طالباً، قائلا: {لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.

 

قالَ: وفي هذا مِنَ الفِقْهِ:

رِحْلَةُ العالِمِ في طلبِ الازديادِ مِنَ العلمِ، والاستعانةُ على ذلك بالخادمِ والصَّاحبِ، واغتنامُ لقاءَ الفضلاءِ والعلماءِ وإن بَعُدَتْ أقطارُهم، وذلك كان في دأبِ السلفِ الصالِحِ، وبسببِ ذلكَ وَصَلَ المرتحِلُونَ إلى الحظِّ الراجِحِ، وحَصَلُوا على السعيِ الناجحِ، فَرَسَخَتْ لهم في العلومِ أقدامٌ، وَصَحَّ لهم مِن الذِّكْرِ والأجرِ والفضلِ أفضلُ الأقسامِ. قالَ البخاريُّ: ورَحَلَ جابرُ بنُ عبدِ الله مسيرةَ شهْرٍ إلى عبدِ الله بنِ أنيسِ في حديثٍ. اهـ.

 

وقالَ موسى بن إسماعيلَ عن حمَّادٍ بنِ سَلمةَ: كان مشغولا بنفسِهِ؛ إما أنْ يُحدِّثَ، وإما أنْ يقرأَ، وإما أن يُسِبِّحَ، وإما أن يُصَلِّيَ. كان قدْ قَسَّمَ النهارَ على هذهِ الأعمالِ ولذا مات حمادُ بنُ سَلمةَ في المسجدِ وهُوَ يُصلِي.

 

بل مِنْ شُحِّهِم بأوقاتِهِمْ وحِرصِهِمْ عليها كانَ بعضُ العلماءِ يجعلُ بَرْيَ الأقلامِ في أوقاتِ مجالسةِ مَنْ يَزُورُهُ.

 

قالَ ابنُ الجوزيِّ رحِمَهُ اللهُ: الزمانُ أشرفُ شيءٍ، والواجبُ انتهابِهِ بفعلِ الخيرِ... فصرتُ أُدافِعُ اللقاءَ جَهدِي – يعني لقاءَ البطَّالينَ -... ثم أعددتُ أعمالاً لا تمنعُ المحادثةَ لأوقاتِ لقائِهِم، لئلا يمضي الزمانُ فارغاً، فجعلتُ مِنَ الاستعدادِ للقائهِم قطعَ الكاغدِ وبَريَ الأقلامِ وحَزْمَ الدفاترِ! فإنَّ هذه الأشياءَ لا بُـدّ منها، ولا تحتاجُ إلى فِكْرٍ وحضورِ قلبٍ، فأرصدتُها لأوقاتِ زيارتِهِم، لئلا يضيعُ شيءٌ مِنْ وقتي!

 

وأوصى ابنُ الجوزيِّ ابنَهُ فقالَ: واعلمْ يا بنيَّ أنَّ الأيامَ تَبْسُطُ ساعاتٍ، والساعاتُ تَبْسُطُ أنفاسا، وكلُّ نَفَسٍ خِزانةٌ، فاحذر أن يذهبَ نَفَسٌ بغير شيءٍ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغةً فتندمَ.

 

وأما الإمامُ ابنُ عقيلٍ – رحِمَهُ اللهُ – ففي أخبارِه العجبُ!

حتى كان يقولُ: إني لا يحلُّ لي أنْ أُضيعَ ساعةً منْ عُمُرُي، حتى إذا تعطَّلَ لساني عنْ مُذاكرةٍ أو مناظرةٍ وبَصَري عن مُطالَعةٍ، أعملتُ فكري في راحتي وأنا مُنطرِحٌ، فلا أنهضَ إلا وقدْ خَطَرَ لي ما أُسطِّرُهُ، وإني لأجِدُ مِنْ حِرصي على العلمِ وأنا في عَشرِ الثمانين أشدَّ مما كنتُ أجدُه وأنا ابنُ عشرينَ سنةٍ.

 

كان يُقالُ لنا في وقتِ الصِّبا قولُ من لا ينطِقُ عنِ الهوى: «اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ؛ شبابَك قبلَ هرمِك، وصحتَك قبلَ سقمِك، وغناءك قبلَ فقرِك، وفراغَكَ قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ موتِك».

 

فما عرفْنا قيمةَ الفراغِ إلاَّ بعدْ أن شَغلتْنا أموالُنا وأهلونا!

 

قالَ الإمامُ الشافعيُّ – رحِمَهُ اللهُ –:

صحبتُ الصوفيةَ فلمْ أستفِدْ منهم سوى حرفينِ:

أحدُهُما: قولُهُم: الوقتُ سيفٌ، فإنْ لم تقطعْهُ قطعَكَ.

 

والثاني: قولُهُم: نفسُكَ إنْ لم تشغلْها بالحقِ وإلا شغلتَكَ بالباطِلِ.

 

إذا كانَ يؤذيكَ حَرُّ المصيفِ   ***    ويُبسُ الخريفِ وبَرْدُ الشتاءِ 

ويُـلهيكَ حُسـنُ زمانِ الربيعِ   ***    فأخذكَ للعلمِ قلْ لي: متــى؟ 

 

وأمَّا منْ لم يغنَمْ وقتَه فسوف يندمُ، مُحْسنا كانَ أو مُسيئـًا؛ إن كان مُحسِنا ندِمَ أن لا يكونَ ازدادَ إحسانا، وإن كان مُسيئا ندِمَ على إساءتِهِ وتفريطِهِ بوقتِهِ.

 

ولذا قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: «ما مِنْ أحدٍ يموتُ ألا نَدِمَ» قالوا: وما ندامتُهُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: «إنْ كانَ محسنًا ندِمَ أن لا يكونَ ازدادَ، وإن كانَ مسيئا ندِمَ أن لا يكونَ نَزَعَ» (رواه الترمذيُّ).

 

وقد روى البخاريُّ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ عنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ أنه قالَ: «أعذرَ اللهُ إلى امرئ أخّـرَ أجلَهُ حتى بلّـغَه ستينَ سنةٍ».

 

وسُئلَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: أيَّ النَّاسِ خيرٌ؟

قالَ: «مَنْ طالَ عُمُرُهُ، وحَسُنَ عملُهُ».

قيل: فأيُّ الناسِ شَرٌ؟

قال: «مَنْ طالَ عُمُرُهُ، وساءَ عملُهُ». رواه الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ.

 

قال ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ما ندمْتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غربتْ شمسُهُ، نقصَ فيه أجَلِي ولم يَزِدْ فيه عملي.

 

فيا لحسرةِ ضياعِ الأوقاتِ وفواتِ الباقياتِ الصالحاتِ فالكافِرُ أو الْمُفرِّطُ يتمنّى يومَ القيامةِ أنْ لو استغلَّ ساعاتِ عمرِهِ فَعَمِلَ لآخِرَتِهِ: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 23، 24] فهو لا يتمنّى غيرَ ذلك في تلك الساعةِ.

 

ويومَ القيامةِ يُوبَّخُ الكافرُ على تضييعه لعُمرِهِ {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} [فاطر: 37].

 

قالَ ابنُ كثيرٍ رحِمَهُ اللهُ: أي أوَ مَا عشْتُم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممنْ ينتفِعُ بالحقِ لانتفعتم به في مدةِ عُمرِكَمْ؟

 

ولذا كانَ قتادةُ رحِمَهُ اللهُ يقولُ: اعلموا أنَّ طولَ العمرِ حجةٌ، فنعوذُ باللهِ أن نُعيَّرَ بطولِ العُمُرِ.

 

قالَ ابنُ الجوزيِّ رحِمَهُ اللهُ:

« وا أسفي لمنقطعٍ دونَ الرَّكبِ، متأخِرٌ عن لحاقِ الصّحبِ، يعدُّ الساعاتِ في " مَتى " و " لعلَّ "، ويخلو في " عسى " و " هل "!

يا مَـنْ يُـعِـدُّ غدا لتوبتِه   ***    أعلى يقينٍ منْ بلوغِ غدِ؟ 

المرءُ في زللٍ علـى أمَلٍ   ***    ومنيـةُ الإنـسـانِ بالـرَّصَدِ 

أيـامُ عُـمْرِكَ كُـلُّهـا عـددُ   ***    ولعلَّ يـومَـكَ آخِــرُ العَدَدِ 

 

وقدْ ذكرَ ابنُ القيمِ مِن أنواعِ الغيرةِ: الغيرةُ على وقتٍ فاتَ ». اهـ.

 

أيها المؤمنون:

احرصِوا على أوقاتِكِم وأوقاتِ أولادِكِم، فإنَّ الوقتَ هو الحياةُ ولْيتَّخِذَ الإنسانُ أخًا مُعِينا له على الطاعةِ وحِفْظِ الوقتِ، يستشيرُه ويستعينُ به بعدَ اللهِ قالَ سليمانُ بنُ داودَ عليهما السلامُ لابنِهِ: يا بنيَّ لا تقطعْ أمرًا حتى تُشاورَ مُرْشِدا، فإنَّكَ إذا فعلتَ ذلك لم تندمْ.

 

وقالَ عمرُ بنُ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: شَاوِرْ في أمرِكَ مَنْ يَخافُ اللهَ عز وجل.

 

وقال عمرو بن العاصِ: ما نَزَلَتْ بي قطُّ عظيمةٌ فأبْرَمْتُها حتى أشاوِرَ عشرةً مِنْ قريشٍ، فإنْ أصبتُ كانَ الحظُّ لي دونِهِم، وإنْ أخطأتُ لم أرجِعْ على نفسي بلائمةٍ.

 

وقيلَ لرجُلٍ مِنْ عبسٍ: ما أكثرُ صوابُكُم؟ قال: نحنُ ألفٌ وفينا واحدٌ حازِمٌ، ونحنُ نشاوِرُه ونُطِيعُه، فَصِرْنَا ألفَ حازمٍ.

 

قالَ ابنُ حِبَّانَ: لا أُنْسَآنَسُ مِن استشارةِ عاقلٍ وَدُودٍ، ولا وَحْشَةَ أوحشُ منْ مخالفتِهِ؛ لأنَّ المشاورةَ والمناظرةَ بَابَا بَركَةٍ، ومِفتاحا رحمةٍ. منْ استُشيرَ فليُشِر بالنصيحةِ، وليجتَهِدْ بالرأيِ وليلزمْ الحقَّ وقصدَ السبيلِ، وليجعلْ المستَشِيرَ كنفسِه بِتَرْكِ الخيانةِ وبذلِ النصيحةِ.

 

وقال: وفي الاستشارةِ عينُ الهدايةِ، ومن استشارَ لم يُعْدَم رَشَدًا، ومَن تركَ المشاورةَ لمْ يُعْدَمْ غَيا، ولا يَنْدَمُ منْ شاوَرَ مُرشِدا.

 

ولا يَقُلِ الصغيرُ لا زلتُ صغيرا، ولا الكبيرُ قد أصبحتُ كبيرا، فإنَّ الصغيرَ مَحَلُّ العِلْمِ، والكبيرَ أهلٌ له.

 

قيل لبعضِ العلماءِ: متى يحسُنُ بالمرءِ أنْ يتعلمَ؟ قالَ: ما حَسُنتْ به الحياةُ.

 

وسُئلَ الحسنُ عنِ الرَّجُلِ له ثمانون سنةً: أيَحْسُنُ أن يَطْلُبَ العِلْمَ؟ قالَ: إنْ كانَ يَحْسُنُ به أنْ يعيشَ.

 

وقالَ عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ البغويِ: سمعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يقولُ: إنَّما أطلبُ العِلمَ إلى أنْ أدْخُلَ القبرِ.

 

وهذه الإجازةُ فُرصَةٌ لِطلبِ العِلْمِ

وهي فُرصةٌ للتحصيلِ واستغلالِ الوقتِ بِما ينفعُ في دِينٍ أو دُنيا.

وها نحنُ على عتباتِ سِتّينِ يوما أوْ تزيدُ. فماذا أعددتَ لها للاستفادةِ منها؟

بِعِلْمٍ نافعٍ أو حفظٍ لكتابِ اللهِ، أو دعوةٍ إلى اللهِ، أو تعليمِ جاهلٍ، أو قراءةٍ في كتابٍ، أو ملازمةِ شيخٍ أو شيوخٍ.

أهيبُ بنفسي وَبِكَ أن لا تَمُرَّ هذه الأيامُ والليالي دونَ فائدةٍ.

 

قد هيئوكَ لأمْرٍ لو فطنتَ لَهُ *** فاربأ بنفسِكَ أن ترعى مع الهملِ

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مدينة الرياض

  • 7
  • 1
  • 2,378

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً