الكذب أبغض الأخلاق

منذ 2021-12-05

لولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعًا قائمًا على الكذب؛ لندرك مبلغ تفككه وانعدام صور التعاون بين أفراده.

ثبت في الصحيح أن أبغض الأخلاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب

لما في الكذب من تغيير للحقائق وتزييف للواقع وتشويه للصواب وصد عن الحق وتحريف للثوابت, ويبدأ هذا الداء صغيراً مع صاحبه حتى يلتصق به لما فيه من سهولة التفلت من المواقف والخروج من المواجهات, حتى يلتصق النفاق بقلب الكذاب عياذاً بالله.

يقول عبد الرحمن الميداني في (الأخلاق الإسلامية)

إن شطرًا كبيرًا من العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة، فإذا لم تكن الكلمة معبرة تعبيرًا صادقًا عما في نفس قائلها، لم نجد وسيلة أخرى كافية نعرف فيها إرادات الناس، ونعرف فيها حاجاتهم ونعرف فيها حقيقة أخبارهم.
لولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعًا قائمًا على الكذب؛ لندرك مبلغ تفككه وانعدام صور التعاون بين أفراده.
كيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك، وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟! وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة، أو تاريخ، أو حضارة؟!
كيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع الإنساني؟!
كيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟!
كيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟!
كيف يوثق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات القولية ما لم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟!) 

عن عائشة رضي الله عنها قالت: 

«ما كانَ خلقٌ أبغضَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الكذبِ ولقد كانَ الرَّجلُ يحدِّثُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالكذبةِ فما يزالُ في نفسِه حتَّى يعلمَ أنَّهُ قد أحدثَ منها توبةً»

[الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 1973 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح التخريج : أخرجه الترمذي (1973) واللفظ له، وأحمد (25183) باختلاف يس] ير

جاء في شرح الحديث (الموسوعة الحديثية - الدرر السنية)  :
الكذِبُ مِن الأخلاقِ المذمومَةِ، وهو مِن صِفاتِ المنافقين؛ ولذلك حذَّر منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم تحذيرًا شديدًا وكان يُبغِضُه بغضًا شديدًا أيضًا، كما تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها في هذا الحديثِ: "ما كان خُلُقٌ أبغَضَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: لا يُوجَدُ خلُقٌ ذَميمٌ كان يكرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنْ يكونَ في الإنسانِ ويتخلَّقَ به أكْثرَ "مِن الكَذِبِ"، أي: كان الكذِبُ مِن أكثَرِ ما يَكرَهُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الإنسانِ، والكذِبُ هو قَلبُ الحَقائقِ والإخبارُ عنها بخِلافِ الواقِعِ.
قالتْ رضِيَ اللهُ عنها: "ولقد كان الرَّجلُ يُحدِّثُ"، أي: يتَكلَّمُ، "عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالكَذْبَةِ"، أي: بكلامٍ فيه كذِبٌ، "فما يَزالُ في نَفسِه"، أي: يكونُ في قلبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ونفسِه مِن هذا الرَّجلِ شيءٌ، "حتَّى يعلَمَ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "أنَّه"، أي: الرَّجلَ، "قد أحدَث منها تَوبَةً"، أي: تاب مِن كذِبِه هذا، ولن يعودَ إليه مرَّةً أخرى، وفي الصَّحيحينِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه جعَل الكذِبَ مِن صِفاتِ المنافِقين فقال: " «آيةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أَخلفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خانَ» "؛ فيَنبغي أنْ يبتعِدَ عنه المسلِمُ الحقُّ.

#أبو_الهيثم

  • 7
  • 2
  • 1,720

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً