وصايا غالية أهديها لأولادي
وصايا غالية أهديها لأولادي وأولادهم ولجميع أقاربي ولإخواني المسلمين
أسأل الله أن ينفعني وإياهم بها... آمين.
1- كُنْ مخلصًا لله تعالى تريد بأقوالك وأفعالك اللهَ والدارَ الآخرةَ؛ فإنَّ ما كان لله يبقى وينفعك الله سبحانه به في الدنيا والآخرة، وإنَّ مِن ثمرات الإخلاص لله تعالى في عبادتك أن الله سبحانه يتقبَّلها منك إذا كانت صوابًا، ومِن ثمرات إحسانك للناس إذا أردتَ به وجهَ اللهِ أنك لا تنتظر منهم جزاءً ولا شكورًا، ولا تَكْرَهُ مَن أحسنتَ إليه لو لم يَشكُرك؛ فتجد نفسَك في راحة دائمًا، وتستمرُّ في الإحسان.
2- حافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها مع جماعة المسلمين بخشوع وطمأنينة، والمرأة في بيتها.
3- تَفَقَّهْ في دينِك بتعلُّم هَدْيِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في عبادتِه الخالقَ، ومعاملتِه الخَلْقَ، واجتهِد في العمل بالهدي النبوي؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّين» ))؛ ويُفهَم مِن هذا الحديث الصحيح أن الذي لا يتفقَّه في دِينه، ولا يعبُد ربَّه على بصيرة ما أراد الله به خيرًا، أعاذنا اللهُ مِن ذلك.
4- اجتهِد في بِرِّ والديك، وصِلَةِ رَحِمِك، تجدْ ذلك برَكةً في عمرك وعملك وولدك وصلاحًا في ذُرِّيَّتِك، وبرًّا بك منهم، وجزاءً بالنعيم عند ربك، واحرِص على الكسب الحلال، واحذَر الحرام والمتشابه، وتخلَّصْ من حقوق الناس.
5- أحسِن إلى الناس بحسْن معاملتهم، والتواضع لهم، والصبر على أذاهم، وعدم أذيتهم، والبعد عن الغيبة والنميمة والسخرية، والاجتهاد في قضاء حوائجهم على قدر حالك، وحُبِّ الخير لهم، واحذَر الحسد والخيانة، ولا تحكم على أحد بأول بادرة منه لا بطيب، ولا بشر حتى يتكرر منه ذلك الذي تحكم عليه بموجبه مرارًا؛ إذ إنك قد تحكم على شخص لا تعرفه في ساعة واحدة بحُكْمين، الأول: بأنه أسوا الناس خُلقًا، والثاني: بأنه أحسنُهم خُلقًا، وهو واحد، وذلك كأن يخرج أول النهار من بيته فزعًا مرعوبًا كطالبٍ تأخَّرَ عن الاختبار، أو مُسعِف لمريض؛ فتراه يقطع الإشارة، ويؤذي الناسَ بالمنبِّه، وتستأذنه لتعْبُر فلا يأذن لك... الخ، فتأخذ عنه أسوأ صورة، ويعُود بعد ساعة قد زال عنه الرعب والخوف وهو مسرور؛ فيسير بهدوء، ويسمح لك بالعبور؛ فتأخذ عنه أجمل صورة وأنت لا تعلم أنه الشخص الأول نفسه.
6- احفظ لسانك وعينيك وأذنيك وفرجك عن الحرام تضْمَن لك الجَنَّة، وعليك بالصبر في جميع الأحوال تحمد العاقبة.
7- اجتهِد في اكتِساب الحلال، واحذَر المكسَب الحرام؛ فإنه عار ونار.
8- أكْثِر دائمًا مِن ذكْر الله والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا وقاعدًا وماشيًا وراكبًا وراقدًا، واحرِص على ما ينفعُك، واستعِنْ بالله، وإنْ أصابك شيءٌ فقُل: (الحمد لله، قَدَّرَ اللهُ وما شاء فعَل، إنا لله وإنا إليه راجعون).
9- اجتهِد أن تكُون صالحًا مصلحًا، وقدوةً حسَنةً في كل مكان تأتيه، واجعَل لك أثرًا حسَنًا تريد به وجهَ الله تعالى، وتُذْكَر به حيًّا وميتًا.
10- احذروا كلَّ الحذرِ مجالسةَ الفاسِق مهما كان كريمًا خليقًا، والبنتُ عليها أن تحذَر كلَّ الحذَرِ مجالسةَ الفاسقةِ مهما كانت كريمة خلوقة، فإنَّ أكثَر الفسادِ الحاصلِ بين البنين والبنات مِن جلساءِ وأصدقاء السوء، أعاذكم الله من ذلك، وليحذر الرجلُ العاقل والمرأةُ العاقلة خصوصًا البنات مِن الخلوة بالأجنبي، ولو كان من الأقارب، ولو كان مأمونا؛ فإنَّ الشيطان ثالثهم، وليحذر الرجلُ أن يترك زوجته أو بنته، ولتحذر المرأة والبنت الخروج وحدها إلى السوق أو إلى أماكن تجمُّع النساء وحدها، ولتحذر الدخولَ في أي بيت أو مشغل أو غرفة طبيب وحدها، فكم مِن بليَّة ابتُليَت بها العفيفاتُ بسبب التساهُل وحُسن الظن في هذه الأمور، أعاذنا اللهُ وجميعَ المسلمين والمسلمات مِن شر الأشرار.
11- لا تُدخل نفسَك في المشكلة التي تراها في الشارع بين أشخاص ولو بالتفرُّج، بل ابتعِد عنهم، إلا إذا كان للإصلاح وجهٌ واضحٌ بينهم، وكذا الجماعة الذين وقعوا في شذوذٍ فكْريٍّ؛ ابتعِد عنهم، ويكفيك نصيحة اثنين أو ثلاثة منهم مرة واحدة واترُكهم، وهكذا الواحد إذا ارتكبَ الخطأ انصحْه سِرًا، فإذا لم يَقبَل اترُكه، وادعُ الله له بالهداية، وقل في نفسك: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضَّلني على كثير ممن خَلَقَ تفضيلًا).
12- إذا خرجتَ مِن بيتك فقل دعاءَ الخروج من قلب مؤمنٍ بالله، واثقٍ بحفظه لك: "بسم الله، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله" وإنْ زدتَ باقيَ الدعاء فهو أحسَن، وإذا دخلتَ بيتك فسلِّم على أهلِك، والذي ليس فيه أحد سَلِّم على نفسك وعلى عباد الله الصالحين، وأي منـزل تنـزله في البلد أو البر أو البحر ليلًا أو نهارًا قل مِن قلب مؤمنٍ بالله: (بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامَّات مِن شرِّ ما خَلَق)، وإنْ كرَّرتها ثلاثًا فهو أفضل، وإذا ركبتَ فقل دعاء الركوب، وإن سافرتَ فقل دعاء السفر مِن قلب مؤمنٍ بالله، واثقٍ به سبحانه، وإذا خِفْتَ مِن شيء فقل: (حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم اكْفِنِيهِ بما شئتَ؛ إنك أنت السميع العليم).
13- لا تحرص على كثرة مصاحبة الناس؛ فإن العدوَّ من الصديق مستفاد؛ أي: إن عدوَّك في الغالب لا بد أنه سبق لك صداقتُه، وإنما احرِص على مؤاخاة المؤمن بالله، التقي العفيف الذي إذا جلس معك لا يغتاب أحدًا، ولا ينقل لك مَذَمَّةَ أحدٍ فيك فإنه إذًا نَمَّام، والذي عرفتَه بالكرَم وحسْن الخُلق والوفاء عند حاجتك إليه.
14- واحذَر مصاحبةَ البخيلِ، كثيرِ التطفُّل عليك وعلى الناس، والأحمق والفاسق لا تثق به في بيتك، ولا في مالك وعرضك مهما أَظهَر لك مِن الصدق والوفاء؛ فهو كاذب.
15- احذَر الشماتة بالمبتَلَيْنَ في دينهم أو أبدانهم أو دنياهم، واسالِ اللهَ لهم الهداية والعافية، واحمد الله تعالى الذي عافاك مما ابتلاهم به؛ فإنك لا تأمن على نفسك ما وقعوا فيه.
16- لَازِمْ ذِكْرَ اللهِ، والدعاءَ لنفسك بحسْن الخاتمة، ولوالديك ووالديهم بالمغفرة والرحمة، وبَرَّهُمْ بدعائك الدائم، وخاصة في السجود وأوقات الإجابة، وبالصدقة عنهم؛ كلما تصدَّقتَ أَشْرِكْهم معك، واسأل ربك أن يجمعك بهم في الجَنَّة، وأكثِر مِن الدعاء بعز الإسلام والمسلمين.
17- واحرِص على الدعوة إلى الله بجميع طرقها ابتغاءَ مرضاةِ الله.
18- فيما يتعلَّق بأمور دنياك، والحذَر في الأمور - أوصيك بما يلي:
■ استعدَّ في بيتك بما فيه الحماية بإذن الله تعالى، وبالأشياء التي تحتاجها لإصلاح ما يفسد، واقتصِد في النفقة لا إسراف ولا تقتير، واحذَر الرياء والسمعة في الكرم وغيره، واعلَم أنَّ إنزالَ الناسِ منازلهم - مِن الدِّين، ومِن الحكمة والعقل، ومِن ذلك إكرامُ مَن يستحقُّ الذبيحة بها، ومِن الدِّين والحكمة التخلُّص مِن شرِّ الأشرار بإكرامهم: السائل منهم بإعطائه الميسور، والغني منهم بالقول الطيب، وبالذبيحة إذا كان ضيفًا عليك قد أتاك لأول مرة، أو دعاك قريب، أو صديق على كرامته وهو مِن مَعارفك الذي يَنتظر منك الإكرام.
■ احذَر المغامَرة التي قد تؤدِّي إلى خسارة فادحة، أو إلحاق ضرر بك معنويًا، أو جسميًا؛ مثل كفالة شخص عزيز عليك كفالة غرامية في أمر لا يلزمك شرعًا؛ فإن أول الكفالة مجاملة وآخرها ندامة وعداوة، ومثل المخاطَرة إذا كنتَ في البَرِّ وحصل لك ضياع لا قَدَّرَ الله في مكان ما؛ فإنَّ مِن الحكمة والتجربة أن ترجع مِن مكانك مع الطريق الذي أتيتَ منه ولو كان بعيدًا، واحذَر أنْ تسلُك طريقًا لا تعرفه ظنًّا منك أنه قريب يُوصلك؛ فإن أكثر ما يُهلك الناسَ إذا ضاعوا هذه الطريقة مهما كانت سيارتك قوية خصوصًا إذا كان غيرَ مُعَبَّدٍ، ولا تسأل عن الطريق مَن لا تثق به، وتَعَلَّمْ كيف تهتدي بالنجوم وبالشمس وبالرياح، واحذَر أن تسافر وحدك إلا في طريق مأمون معبَّد في حال ضرورة، وخُذ معك حوائج السفر، وليكُن ذِكْرُ اللهِ والاستعاذةُ به في قلبك وعلى لسانك، والله يحفظك.
والله أسال أن يُوفِّقني وإياكم لما يُرضيه، ويجمعني بكم ووالديَّ ووالدِيهم وإخوانَنا المسلمين في جَنَّات النعيم، آمين، وصلى الله وسلم على رسوله نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.
______________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالرحمن بن حماد آل عمر
- التصنيف: