أعظم كلمة قالتها امرأة

منذ 2022-02-14

أعظم كلمة قالتها امرأة: قول هاجر عليها السلامُ لزوجها إبراهيم عليه السلام عندما تركها بواد غير ذي زرع وولّى من عندها بأمر الله: آللهُ أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لن يُضيّعنا.

أعظم كلمة قالتها امرأة: قول هاجر عليها السلامُ لزوجها إبراهيم عليه السلام عندما تركها بواد غير ذي زرع وولّى من عندها بأمر الله: آللهُ أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لن يُضيّعنا.

 

فكلمة؛ "إذن لن يُضيّعنا" تحمل الكثير من الدلالات والعبارات والإشارات وهي كلمة جامعةٌ مانعةٌ ماتعةٌ شافية كافيةٌ وافيةٌ حسبك أنها من جوامع الكلم وأطايب القول ودرر الحكمة وفيها من صنوف البديعِ ما تخر له الأفكار، ومن فنون البلاغة ما تحار فيه الأنظار، ومن أدمنَ النظر فيها تغيّرت أفكاره بل أجزم أنها ستتغير حياتُه وهي بهذا الوقعِ أبرد من الثّلج على قلبِ العبد المسلم، وأحلى من الشهد في فمه، وألطف من الحريرِ بين يديه، وهي لمن تدبر فيها قوةٌ عند الضعف، وغنى عند الفقر، وعز عند الذل، وأنس عند الوحشة، ونصيرٌ عند الانفراد، وجاه عند القلّة، ونفس معنى هذه الكلمة أورده إبراهيم عليه السلام في قوله - حينما أُلقي في النار -: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]، وموسى عليه السلام أمام البحر {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، والحبيب صلى الله عليه وسلم في الغار لصاحبهِ: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40].

 

ماذا يضيرك إن سلّمت أمرك لله وانتظرت النتيجة ألم يقل الله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 48] إنّ كلّ من تعوّل عليهم هم مثلك في حاجة وقلّة وعوز ومسكنة لا يملكون لأنفسهم حولا ولا قوة يجوعون ويفتقرون ويقلقون ويحزنون ويهرمون ويموتون والله وحدهُ هو من لا يحتاج لأحد وله الكمال وحده فتوكّل عليه وحده عزوجل: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]. وقد جعل الله التوكل شرطًا لصحة الإيمان، فقال سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].

 

وإن توكّلت عليه وفوضت أمرك إليه أبشر بالفرج وحسن الحال وصدق الله إذ يقول: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلّ شيء قَدْرًا} [الطلاق: 3].

 

والله لو أن راعي غنم أخلص في خدمةِ سيّده وحفظ أمره لن يضيّعه ولن يخذله فكيف بملكِ الملوك عزوجل صاحب الملك والعظمة والعزة والكبرياء والجلال من هو أرحم بك من أمك وأبيك..

 

أعتقد لو فكّر كل منا بهذه الطريقة لتغيّرت حياتنا.

 

نحن بحاجةٍ إلى معرفةِ أوامرِ الله ومن ثم إتقان العمل بها ثم نتوكّل على الله حقّ توكله ونثق فيه كلّ الثقة، وتعالى هو بعد ذلك أن يُضيّع عباده..

 

وهذه الكلمة من فَقِهها يجد أنها أبلغ درس في الثقة والتوكل وتسليم الأمر لله والتفويض له في النوازل من معلمةٍ بلغت بدرسها هذا آفاق السماء ومنها تعلّمه المسلمون من ذلك اليوم إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا عجب إن كانت هذه المرأة أيضا ستربي ولدها هذا الرضيع على درس الثقة في الله وتسليم الأمر له فيُعرضُ للذبح بأمر الله فيقول لوالده وهو يرى السكين: {افعلْ ما تُؤمَر} دون أن يعترض البتّة على هذا الأمر.

 

إنها أسرة إبراهيمية مباركةٌ تعلمنا فنّ تسليم الأمر لله وأنه القادر على كل شيء الفعّال لما يريد من بيده الأمر كله..

 

(إذن لا يضيعنا) قلها من قلبك معتقدًا قرب الله منك وقدرته ورحمته وكرمه وإحسانه إلى عباده..

 

رددها عندما يقل ناصرك ويختال عدوك ويتكالب عليك القريب والبعيد..

 

رددها في السراء والضراء وحين البأس ليرتفع منسوب الثقة لديك في ملك الملوك عزوجل من يقول للشيء كن فيكون وهو القادر عزوجل أن يجعلك واديك الذي ليس به زرع جنة خضراء ذات بهجة تسر الناظرين..

___________________________________________
الكاتب: عامر الخميسي

  • 9
  • 0
  • 1,915

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً