تأليه الهوى
علينا ألا نأمَن مكرَ الله، فالإدمان على المعاصي قد يتحول إلى استحلالٍ لها من غير شعورٍ بذلك، وذلك يبدأ بأن يعتادها الإنسان ويحتقر قبحَها ويأمَن عقوبتها، لذلك قال العلماء: المعاصي بريد الكفر.
قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية: الآية 23]، الهوى هو ما تميل إليه النفس وتشتهيه، وتأليهُه هو عبادته، وهو شركٌ أكبر، بشرط أن يستحلَّ الإنسان هوى نفسه وإن حرَّمه الله ورسوله، كالذي يستحل الخمور والفجور، لَما نزل قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ} [التوبة: الآية 31]،
جاء عدي بن حاتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نصرانيًّا قبل أن يُسلم، فسمعه يقرأُ هذه الآيةَ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]، قال: فقلتُ له: إنَّا لسنا نعبدُهم، قال: «أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه، ويحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه» ، قال: قلتُ: بلى، قال: «فتلك عبادتُهم».
أما إذا كان لا يستحلُّه فهو معصية لا تصل إلى درجة الشرك الأكبر، وكما نعلم المعاصي لا تُخلد المسلم في النار، أما الشرك الأكبر والكفر، فصاحبُه مُخلَّد في النار إن مات عليه من غير توبةٍ، لكن علينا ألا نأمَن مكرَ الله، فالإدمان على المعاصي قد يتحول إلى استحلالٍ لها من غير شعورٍ بذلك، وذلك يبدأ بأن يعتادها الإنسان ويحتقر قبحَها ويأمَن عقوبتها، لذلك قال العلماء: المعاصي بريد الكفر.
وصلى الله وسلم وبارَك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
___________________________________________________________
الكاتب: أبو الحسن هشام المحجوبي ووديع الراضي
- التصنيف: