المتغربون و وهم الدولة الدينية
يخوّفنا المتغرّبون من الدولة الدينية، متناسين ومتجاهلين أن الدولة في المفهوم الإسلامي، ليست هي الدولة الثيوقراطية بالمفهوم الكنسي!
يخوّفنا المتغرّبون من الدولة الدينية، متناسين ومتجاهلين أن الدولة في المفهوم الإسلامي، ليست هي الدولة الثيوقراطية بالمفهوم الكنسي!
روى ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" أن أمير خراسان الجراح بن عبد الله، أرسل إلى عمر بن عبد العزيز، يقول له إن أهل خراسان لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فقال له: "كذبت. بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم. والسلام."
كما روى الإمام السيوطي في كتابه "تاريخ الخلفاء" أن عمر بن عبد العزيز عزل هذا الأمير عندما أخذ الجزية ممن أسلم، وكتب له: "إن الله إنما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا، ولم يبعثه جابيا"، وعزله وولى بدلا منه عبد الرحمن بن نعيم القشيري على الحرب، وعبد الرحمن بن عبد الله على الخراج .
إنّ الدولة في المفهوم الإسلامي لا تقوّم الناس بالسيف والسوط، بل تصلحهم بالعدل والحق. إنها ليست دولة جباية تفرض على الناس كل أنواع الضرائب، ولا تكنز المال من الشعب، بل يكون الشعب فيها هو مالك ثروته ومقدراته.
إنها دولة تسير في إثر الأنبياء ورسالاتهم، ودورها هو الموازنة بين الروح والمادة، والدنيا والآخرة، ولا تبرر الفساد الأخلاقي بدعوى المصلحة المالية أو الدنيوية، فتحرم الخمر والربا والفجور والميسر، ولو كانت تجارات رائجة. إنها دولة ترعى الأخلاق ولا تكنز المال، وتنظر إلى الروح قبل أن ترعى الجسد، وترقب الآخرة قبل الدنيا. إنها دولة "الذين إنْ مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر."
فلا يستخفّ بعقولنا أو يرهبنا من يريد استنكار أو تشويه حقيقة الدولة في الإسلام، ولا يخدعنا من يريد خلط الإسلام وصفاء عقيدته ووضوح رؤيته بغيره من العقائد أو الأنظمة الفاسدة.
- التصنيف: