تدبر - ختم الله على قلوبهم

منذ 2022-11-08

{خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [(7) البقرة]

صنف من الناس قادتهم  ذنوبهم وشهواتهم واتباع الأهواء إلى طريق الغواية حتى استحقوا الختم عياذاً بالله, فلا قلوبهم تهتدي بهدى ولا تذعن أو تنقاد ولا أسماعهم تنصت إلى الحق مهما كان بيناً ولا أبصارهم ترى النور مهما كان واضحاً, وكل هذا بما كسبت أيديهم من استمرار الإعراض عن الله واستمراء الحرام واتباع الشهوات, أعاذنا الله وكل مؤمن من هذا المصير .

قال الله تعالى عن هذا الصنف من الناس:

{خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [(7) البقرة]

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:

إنما ختم على قلوبهم وحال بينهم وبين الهدى جزاء وفاقا على تماديهم في الباطل وتركهم الحق ، وهذا عدل منه - تعالى –

وقال الإمام ابن جرير : فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها ، وإذا أغلقتها أتاها حينئذ الختم من قبل الله تعالى والطبع ، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ، ولا للكفر عنها مخلص ، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكر في قوله تعالى : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ) نظير الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف التي لا يوصل إلى ما فيها إلا بفض ذلك عنها ثم حلها ، فكذلك لا يصل الإيمان إلى قلوب من وصف الله أنه ختم على قلوبهم وعلى سمعهم إلا بعد فض خاتمه وحله رباطه [ عنها ] .

وقال الإمام السعدي رحمه الله:

ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال: {{ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ }} أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان, ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم, ولا يسمعون ما يفيدهم. {{ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } } أي: غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم, وهذه طرق العلم والخير, قد سدت عليهم, فلا مطمع فيهم, ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك, وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق, كما قال تعالى: { { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } } وهذا عقاب عاجل. ثم ذكر العقاب الآجل، فقال: {{ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } } وهو عذاب النار, وسخط الجبار المستمر الدائم.

 

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 3
  • 3
  • 987
المقال السابق
سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم
المقال التالي
أهل النفاق -1

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً