العفو عند الخصام

منذ 2022-11-13

الله يبغض مَن كان شديد المراء الذي يحج صاحبه، وحقيقة المراء طعنك في كلام غيرك لإظهار خلَل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيتك عليه...

1- " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا شتم أبا بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يتعجب ويبتسم، فلما أكثر رَدَّ عليه بعضَ قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام، فلحقه أبو بكر.

 

أبو بكر: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما ردَدتُ عليه بعضَ قوله غضبتَ وقُمتَ!!

 

الرسول صلى الله عليه وسلم: «كان معك مَلَكٌ يَرُدُّ عليه، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان [أي حضر]، يا أبا بكر: ثلاث كلُّهُن حَق: ما مِن عبد ظُلِم بمظلمةٍ فيُغضي[1] عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصرَه، وما فتح رجل بابَ عطية[2] يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة[3] يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلة»؛ (رواه أحمد، وحسنه الألباني في المشكاة رقم 5102).

 

2- وقال صلى الله عليه وسلم: «المستَبَّان ما قالا، فعلى البادئ مالَم يَعتدِ المظلوم»؛ (رواه مسلم).

 

دل الحديث على جواز مجازاة من ابتدأ الإنسان بالأذية أو السبَّ بمثله، وأن إثم ذلك عائد على البادئ، لأنه المتسبب لكل ما قاله المجيب، إلا أن يعتدي المجيب في أذيته بالكلام، فيختص به إثم عدوانه لأنه إنما أُذن له في مثل ما عوقب به. قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].

 

وعدم المكافأة والصبر والاحتمال أفضل، كما في حديث أبي بكر الأول.

 

3- وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصِم»؛ (متفق عليه).

 

ومعناه "أن الله يبغض مَن كان شديد المراء الذي يحج صاحبه، وحقيقة المراء طعنك في كلام غيرك لإظهار خلَل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيتك عليه" هذا شرح الصنعاني.

 


[1] يعفو عنها.

[2] أي باب صدقة يعطيها لغيره.

[3] أي يسأل الناس المال.

محمد جميل زينو

عالم كبير..مدرس في مكة المكرمة.

  • 0
  • 0
  • 836

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً