الإعلام وأثره في تدمير الأخلاق
يخطئ من يظن أن الإعلام اليوم بريء من تدمير الأخلاق وتضييع الدين وليس ثمة تفسير لتزايد المحطات الخلاعية الفضائية بشكل مطرد والتسويق للريسيفرات التي تفك الشفرات.
يخطئ من يظن أن الإعلام اليوم بريء من تدمير الأخلاق وتضييع الدين وليس ثمة تفسير لتزايد المحطات الخلاعية الفضائية بشكل مطرد والتسويق للريسيفرات التي تفك الشفرات بل وعرض هذه المحطات كسلعة وسبيل لكل راغب وتغاضي الرقابة عن ذلك إلا مشاركة في الهدم والتدمير للأخلاق.
وقد سبق أن كتبت مقالاً في الرأي العام بعنوان ( رسيفر يفك التشفير ) ووجهت اللوم فيه لوزارة التجارة ورقابة وزارة الإعلام على ما يفعل هذا الجهاز من تدمير الأخلاق ولكن دون جدوى
وما زال الحبل على الجرار فجاء رسيفر جديد يفك أكثر من 40 قناة مشفرة بما فيها 20 قناة إيباحية بالكامل وجاء البلوتوث والإنترنت المفتوح والأفلام المستنسخة التي تباع في الطرقات والمحلات دونما رقابة.
ولو سألت عن مدى تأثير هذا الإعلام على الأخلاق في المدى البعيد سواء كان إعلاما مرئياً أو مسموعاً أو مقروءاً يتصدر الكل فيه جميلات العالم والأجساد الرخيصة لكان الجواب بالآتي:
أولاً: تشجيع الناس على النظر إلى الحرام:
وترك أمر الله تعالى بغض البصر، حيث اعتاد الناس على مشاهدة العري في الأفلام والمسلسلات وحتى نشرات الأخبار حيث تخرج المذيعة بأبهى زينة وكأنها راقصة والرجال ينظرون إليها متجاهلين قول الله تبارك وتعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}
تقول لأحدهم: غض يصرك يقول لك وهو قد أدمن النظر: اغسل عينيك بذاك الجمال، عن جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة قال: «اصرف بصرك» (رواه مسلم).
ثانياً: تزيين الحرام وتجميله من خلال:
أ – الكفر والأفكار الإلحادية باتت فناً وإبداعاً، فعلى سبيل المثال يستبدلون اسم الخمر بالمشروبات الروحية
والربا بالعائد الإستثماري، والعري بالموضة والفن، حتى أصبح للعري أربع مواسم في السنة.
وأصبحت قلة الأدب والإنحلال تسمى حرية شخصية.
ونشوز المرأة عن طاعة زوجها أيضاً حرية شخصية.
أما إذا تحللت المرأة وغنت أمام الأجانب فيدعونها سيدة الغناء العربي والفنانة المبدعة.
ب ـ تقبيح اسم الحلال: فمثلاً يتسبدلون اسم الأخوة الإسلامية بالفتنة الطائفية.
والشهادة في سبيل الله بالخسائر في الأرواح.
والفدائي الشهيد بالانتحاري.
حجاب المرأة بالخيمة والكفن.
ثالثاً: تيسير الحرام وتيسير الوقوع فيه:
فتكرار رؤية الإنسان للأفعال المحرمة وكأنها أمراً عاديا مرافقاً لنوع من الكوميديا يدفعه إلى التفكير فيها ومن ثم فعلها ( الزنا، السرقة، التدخين، علاقات العشق والغرام )
فعلى سبيل المثال: ترى في الأفلام مشهد الممثل وهو يفتح شباك غرفته فيرى جارته بالصدفة أمامه فينشأ بينهما قصة حب أو قصة معصية.
مثال آخر: ترى مشهد يتكرر كثيراً فيه المدرس الخصوصي مع تلميذته في خلوة أو دخول أخت الطالب وهي سافرة متبرجة وكأنه أمراً عادياً.
رابعاً: طرح وسائل جديدة لفعل الحرام
بعرض أساليب متعددة للسرقة وأخرى لإقامة العلاقات الغرامية وعقوق الوالدين
خامساً: غرس حب الفاحشة في النفوس:
حيث أن مثال هؤلاء من الفنانين والفنانات يعملون على غرس الحرام في النفوس وجعل الناس يحبون فعله وقد نسوا قول الله تبارك وتعالى في سورة النور {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون}
فعلى سبيل المثال: تجد المخرج يركز بعدسة الكاميرا على ساقي الممثلة في مشهد بوليسي.
سادساً: ألف المعصية والاعتياد على رؤية المحرم:
إن تكرار رؤية الأفعال المحرمة وسماع الكلام الفاحش يولد عند الإنسان تعود الرؤية والإستماع إلى ما هو محرم
ومن تكلم أو نصح ينهر ولا يجد أذانا صاغية..
{فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}.
نحن نجد مشاهدي التلفاز على سبيل المثال قد ألفوا رؤية الممثلة وهي شبه عارية تفتح الباب لرجل أجنبي أو أن يقبلها أجنبي.. لا بد هنا أن نذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العينان تزني وزناهما النظر.. واليدان تزني وزناهما اللمس.. والأذنان تزني وزناهما السمع.. والفرج يصدق كل ذلك أو يكذبه» (رواه البخاري).
سابعاً: نشر القدوة السيئة بين الناس:
حيث أصبح ما يسمونهم بنجوم بين الناس.
نشاهد مقابلات تلفزيونية كثيرة يفرد لها الوقت الكبير والساعات الطوال مع فنان يجاهر بمعاصيه، ليسأل عن أكله وشربه وليعلمنا كيف نقود حياتنا
فهل نسي المسلمون قدوتهم الأولى التي أخبرهم الله تعالى عنها في سورة الأحزاب {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر وذكر الله كثيراً}.
ومن بعده صحابته الكرام، ويزور البلاد العالم فلا يسأل عنه أحد بينما يسألون عن أدق التفاصيل في حياة من يبرزهم الإعلام.
ثامناً: إلباس الحق بالباطل:
كالراقصة التي سئلت عن حكم الشرع في الرقص فان جوابها الرقص عمل والعمل عبادة إذا فالرقص عبادة والعياذ بالله.
ويتحدث أحد هؤلاء النجوم عن نفسه بأنه رجل ملتزم بأوامر الله أما ما قدمه من أفعال محرمة في مسلسله هذا وفيلمه ذلك فيكون بحجة الفن: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون}.
تاسعاً: الحلول الجاهلية عند عرض المشكلات الحياتية ومع منع المفكرين والوعاظ المؤثرين في حياة الناس:
كاللجوء إلى الإنتحار والمخدرات وشرب الخمر.. الخ
وإبعاد العقل عن الحلول الإسلامية، كاللجوء إلى محكمة العدل الدولية، الأمم المتحدة، مجلس الأمن وعدم التطرق للشريعة الإسلامية في حل مشكلات الناس.
عاشراً: تضييع المعاني الإسلامية:
ففلسطين المحتلة تصبح الضفة وغزة، والعدو الإسرائيلي يصبح إسرائيل، ودول حوض البحر الأبيض المتوسط أو الفرنكفونية.
إضافة لما يفعله الإعلام الحديث من آثار مدمرة على الأطفال أهمها:
1 ـ يحرم الطفل من التجربة الحياتية الفعلية التي تتطور من خلالها قدراته إذا شغل بمتابعة التلفاز.
2 ـ يحرم الطفل من ممارسة اللعب الذي يعتبر ضرورياً للنمو الجسمي والنفسي فضلاً عن حرمانه من المطالعة والحوار مع والديه.
3 ـ التلفاز يعطل خيال الطفل لأنه يستسلم للمناظر والأفكار التي تقدم له دون أن يشارك فيها فيغيب حسه النقدي وقدراته على التفكير.
4 ـ يستفرغ طاقات الطفل وقدراته الهائلة على الحفظ في حفظ أغاني الإعلانات وترديد شعاراتها.
5 ـ يشبع التلفاز في النشء حب المغامرة كما ينمي المشاغبة والعدوانية ويزرع في النفوس التمرد على الكبار والتحرر من القيود الأخلاقية.
6 ـ يقوم بإثارة الغرائز البهيمية لدى الطفل مبكرا وإيقاد الدوافع الجنسية قبل النضوج الطبيعي مما ينتج إضرابات عقلية ونفسية وجسدية.
7 ـ يدعو النشء إلى الخمر والتدخين والإدمان ويلقنهم فنون الغزل والعشق.
8 ـ له دور خطير في إفساد اللغة العربية لغة القرآن وتدعيم العجمة وإشاعة اللحن.
9 ـ تغير أنماط الحياة إلى الإفراط بالسهر، مع تقديس الفنانين بدلاً من العلماء.
مقتبس من مقال للدكتور وجدي غنيم بتصرف.
طارق بن محمد الطواري
أستاذ بقسم التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف والمأذون الشرعي بوزارة العدل وعضو الرابطة العربية للإنترنت وعضو مبَرة السلام الخيرية
- التصنيف: