أثر المعاصي في الصيام
يجب على المسلم الحذر من نواقض الصيام ونواقصه، فالصوم نِعْمةٌ عظيمةٌ من الله تعالى، والصائمُ أجْرُه على الله، وهو أكْرَمُ الأكرمين.
الصوم عبارة عن إمساك مخصوص مع النية، والمقصود منه حَبْسُ النَّفْس عن الشهوات وتذكيرها بحال المساكين والجياع، وحبس الأعضاء عن الطعام والشراب والجِماع، قال الله تعالى: ﴿ { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ﴾ [البقرة: 183]، والتقوى تبعث النفس والأعضاء للحبس عن ملذَّاتها ومحبوباتها، وذلك المعنى الحقيقي للصيام؛ ولكن المعاصي والذنوب لها تأثير واضح في الصيام، وتفسد المعنى الحقيقي للصيام، ولا بُدَّ أن يترفَّع الصائم عن كل لَغْوٍ ومعصيةٍ تذهب بأجْرِ الصيام وتُضيِّع ثمرته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( «رُبَّ صائمٍ حظُّهُ من صيامه الجوعُ والعَطَش» ))، يجب على العاقل أن يتأمَّل هذا الحديث، ويتجنَّب هذا الوعيد، ويجتهد في الصيام عن المعاصي والآثام، كما يجتهد في الصيام عن الطعام والشراب.
والمعاصي والمُحرَّمات كثيرةٌ يجب اجتنابها في وقت الصيام وفي غيره من الأوقات؛ ولكن الصائم إذا فَعَلَها دَلَّ ذلك على فساد قلبه وضَعْف عقله؛ لأنه لم يستطِعْ تركَها حتى وهو صائم، وهنا ذِكْر لبعض المُحرَّمات التي لها تأثير في الصيام، ومنها:
• قول الزُّور يجب على الصائم أن يَدَعَ قولَ الزُّور وشهادة الزُّور والجهل والعمل به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( «مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزُّور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه» ))، قال الحافظ ابن حجر: "والمراد بالزُّور: الكذب والجهل والسَّفَه والعمل به".
• وكذلك ممَّا يجب اجتنابه والابتعاد عنه الغيبة؛ وهي ذِكْرُكَ أخاك بما يكره في غيبته، فيجب على الصائم وغيرِه أن يصون لسانَه ويبتعد عن الغيبة وغيرها من آفات اللسان، فإنَّ أكثر خطايا ابن آدم في لسانه، وفي قصة المرأتين اللتين قال عنهما النبي صلى الله عليه وسلم: (( «إنَّ هاتين صامتا عمَّا أحَلَّ اللهُ لهما، وأفطرتا على ما حرَّم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس» ))- أي: تغتابان الناس- وقال بعض السلف: "الغيبة تخرق الصيام، والاستغفار يرقعه، فمَنِ استطاع منكم ألَّا يأتي بصوم مخروق فليفعل".
• ومن المُحرَّمات أيضًا النميمة، وهي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( «لا يدخُلِ الجنَّةَ نمَّام» ))- أي: لا يدخلها ابتداءً- وكذلك من المُحرَّمات الكَذِب؛ وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (( «الصيامُ جُنَّةٌ ما لم يخرقه بكذب أو غيبة» )).
• وكذلك من المُحرَّمات المنتشرة الغِشُّ والظُّلْم والعدوان في المعاملات والبيوع، وفي جميع الأعمال والأقوال، قال ابن عثيمين رحمه الله: "فإن الغِشَّ من كبائر الذنوب، والغِشُّ خديعة وخيانة وضياع للأمانة، وفَقْد للثقة بين الناس، وكُلُّ كسب من الغِشِّ فإنه كسب خبيث حرام، لا يزيد صاحبه إلا بُعْدًا من الله تعالى".
• وكذلك المعازف والأفلام التي تعرض الصور الخليعة والخادشة للحياء.
فيجب على المسلم الحذر من نواقض الصيام ونواقصه، فالصوم نِعْمةٌ عظيمةٌ من الله تعالى، والصائمُ أجْرُه على الله، وهو أكْرَمُ الأكرمين.
نسأل الله أن يُوفِّقَنا لطاعته وحُسْن عبادته.
_____________________________________________________
الكاتب: عادل علي قاسم
- التصنيف: