الأثيم في الاحتفال بشم النسيم (1)

منذ 2024-05-06

لقد نهى الشارع سبحانه وتعالى المسلمين بأن يشاركوا المشركين في أعيادهم أو في التشبه بهم وكانت المخالفة لهم في عاداتهم دين وقربه إلى الله وأمر يحبه الله ورسوله.

الحمد لله حمد الشاكرين بجميع محامده كلها، وعلى جميع نعمائه كلها، ومن أكبر هذه النعم نعمة الإسلام وإتباع النبي العدنان صلى الله عليه وسلم.

 

وعلى آله وصحبه وسلم والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعـد:

مقدمة:

من المصائب الَّتي بليت بها هذه الأمَّة، فأزالت عنها النِّعمة، وجلبت لها النِّقمة، تشبُّه كثير من أبنائها بأعدائها من اليهود والنَّصارى، وشمل هذا التَّشبُّه جميع المجالات: في العادات والعبادات، والسُّلوك والأخلاق والمعاملات، ومن أخصِّ مظاهر التَّشبُّه مشاركتهم في أعيادهم، ومشابهتم في مواسمهم.

 

أول من احتفل بشم النسيم:

ترجح المصادر التاريخية بأن أول من بدأ الإحتفال بهذا العيد هم الفراعنة رسمياً عام 2700 ق.م أي في أواخرالأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هليوبولس ومدينة "أون" وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

وتعود المصري القديم أن يبدأ صباح هذا اليوم - كما جاء فى البرديات القديمة - إهداء زوجته زهرة من اللوتس، وكانت مظاهر الاحتفال كما وردت فى اكثر من بردية من برديات العقيدة الفرعونية تبدأ بليلة الرؤية عند سفح الهرم الأكبر حيث يجتمع الناس في الساعة السادسة مساء فى احتفال رسمي أمام الواجهة الشمالية للهرم حيث يظهر قرص الشمس قبل الغروب خلال دقائق معدودة وكأنه يجلس فوق قمة الهرم.

"ووفق معتقدات الفراعنة التي نقلتها البردية " تظهر معجزة الرؤية عندما يشطر ضوء الشمس واجهة الهرم الأكبر إلى شطرين إيذانا بموعد عيد الخلق وبداية العام الجديد حيث يقوم الإله رع بالمرور في سماء مصر في سفينته المقدسة وبقرصه المجنح ثم يرسو فوق قمة الهرم الأكبر.. ثم يصعد إلى السفينة مرة أخرى وقت الغروب لتكمل مسيرتها فيصطبغ الأفق باللون الأحمر رمزا لدماء الحياة التي يبثها الإله من أنفاسه إلى الأرض ليبعث الحياة في مخلوقاتها وكائناتها من جديد.

 

المأكولات في شم النسيم:

إعتاد الناس للخروج في هذا اليوم إلى الحدائق العامة ومعهم أنواع معينه من الأكل مثل (البيض الملون - والسمك المملح - والبصل - والخس - الحمص الأخضر) وهذه الأنواع لها إرتباط عقائدي عند الفراعنة قديماً على التفصيل.

 

البيض الملون:

يرمز البيض إلى خلق الحياة من الجماد، وكان الفراعنة يعتقدون أن العالم في الأصل بيضة كبيرة الحجم ثم انقسمت جزءين..السماء في نصفها العلوي و"الأرض" في السفلي..لذا اعتبروها أصل الحياة ورمز استمراريتها. وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" - إله الخلق عند الفراعنة - وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد. وكانوا ينقشون عليه الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة، ويجمعونه في سلال من زعف النخيل الأخضر ويتركونه فى شرفات المنازل. هوأيضا رمز عيد الفصح (عيد اليهود) الذى يتزامن مع شم النسيم.

 

السمك المملح:

ظهر بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال:

بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ، وكان ذلك يعني الخير والرزق والملح يقى من الميكروبات وسبب اعتبار السمك المملح من الأكلات الفرعونية يرجع إلى أنهم كانوا يمتنعون عن أكله في الشتاء ويحفظونه بطريقة التمليح لقتل الميكروبات الموجودة فيه ثم يخزن داخل أبراش بين طبقات من الملح لا يفتحونها إلا في الصيف.

 

البصل:

يُعد البصل من أطعمة العيد التقليدية وظهر أيام الأسرة السادسة وارتبط ظهوره كما ورد فى إحدى برديات أساطير منف القديمة - بأحد ملوك الفراعنة الذي كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة لعدة سنوات وعجز الأطباء والكهنة.

 

في معبد منف عن علاجه. ولجأ الفرعون إلى الكاهن الاكبر لمعبد "اون" معبد اله الشمس، وفق البردية الفرعونية، والذى أرجع سبب مرض الابن الى سيطرة الأرواح الشريرة عليه وأمر بوضع ثمرة ناضجة من البصل تحت رأس الأمير بعد ان قرأ عليها بعض التعاويذ..كما علق على السرير وأبواب الغرف بالقصر أعواد البصل الاخضر لطرد الارواح الشريرة، وعند شروق الشمس قام بشق ثمرة البصل ووضع عصيرها فى أنف الأمير الذى شفى تدريجيا من مرضه..ومنذ ذلك الوقت اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة، وقد ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، فكانوا يعلقون البصل في المنازل وعلى الشرفات، كما كانوا يعلقونه حول رقابهم، ويضعونه تحت الوسائد.

 

الخس:

كان الخَسُّ من النباتات المفضلة في ذلك اليوم، وقد عُرِف منذ عصر الأسرة الرابعة، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة التي تجلب الخصوبة فنقشوا صورته تحت أقدام إله التناسل عندهم.

 

الحمص الأخضر (الملانة):

ومن الأطعمة التي حرص قدماء المصريين على تناولها أيضًا في الاحتفال بشم النسيم نبات الحمص الأخضر، وهو ما يعرف عند المصريين باسم "الملانة"، وقد جعلوا من نضوج ثمرة الحمص وامتلائها إشارة إلى قدوم الربيع.

 

كما كانوا يحرصون في هذا اليوم على التزين بعقود الياسمين وهذه من التقاليد الفرعونية القديمة وكان يسمون الياسمين بـ (ياسمون) وكانوا يصفون الياسمين بأنه عطر الطبيعة التي تستقبل به الربيع، وكانوا يستخرجون منه في موسم الربيع عطور الزينة وزيت البخور الذي يقدم ضمن قرابين المعابد عند الاحتفال بالعيد.

 

قلت: سبحان الله حتى الأكل في هذا اليوم وتحديد أصنافة كانت من ضمن عقائدهم الباطلة الفاسدة ولم يتوقف هذا اليوم على الإحتفال به فقط من الناحية الدينية في العقيدة الفرعونية.

 

حكم الإحتفال بشم النسيم:

لقد نهى الشارع سبحانه وتعالى المسلمين بأن يشاركوا المشركين في أعيادهم أو في التشبه بهم وكانت المخالفة لهم في عاداتهم دين وقربه إلى الله وأمر يحبه الله ورسوله. وخاصة أن عيد شم النسيم من الأعياد الفرعونية القديمة المتأصلة من أصل عقيدة كُفرية كفرت برب البرية سبحانه وتعالى وعبادة غيره من آلهة مزعومة للفراعنة على مدى تَاريخهم

 

دليل النهي من القرآن الكريم:

قال تعالى: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين} [الفاتحة: 6، 7].

 

ووجه الدّلالة من الآية: أنَّ الله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يسألوه في جميع صلواتهم الهداية إلى سبيل الَّذين أنعم عليهم منَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ، وأن يجنِّبهم سبيل المغضوب عليهم والضَّالِّين، والأمَّة الغضبيَّة هم اليهود، وأمَّة الضَّلال هم النَّصارى، كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اليَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالنَّصَارَى ضُلاَّلٌ، وهذا يقتضي تحريم اتِّباع سبيلهم، وأعيادهم من سبيلهم».

 

وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ} [الرعد: 37].

 

وقال تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَمِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].

 

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].

 

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].

 

فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى  {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال هو الشعانين

 

وكذلك ذكر عن مجاهد قال هو أعياد المشركين وكذلك عن الربيع بن أنس قال هو أعياد المشركين وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة قال لعب كان لهم في الجاهلية وقال القاضي أبو يعلى مسألة في النهي عن حضور أعياد المشركين.

 

وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة عنالضحاك في قوله تعالى:  {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال أعياد المشركين.

 

وبإسناده عن أبي سنان عن الضحاك  {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} كلام الشرك.

 

وبإسناده عن جويبرعن الضحاك  {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال أعياد المشركين.

 

وروى بإسناده عن عمروبن مرة  {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم.

 

وبإسناده عن عطاء بن يسار قال قال عمر إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم.

 

وقال: ابن عباس، وأبوالعالية، وطاوس، ومحمد بن سيرين، والضحاك، وابن زيد، والربيع بن أنس، وغيرهم: "هي أعياد المشركين".

 

وقيل: "الشرك، وعبادة الأصنام"، وقيل: "اللغو والغناء"، وقيل: "الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل"، وقيل "مجالس السوء والخنا".

 

وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُون}  [الجاثية:18].

 

فأخبر سبحانه أنَّه جعل محمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - على شريعة شرعها له، وأمره باتِّباعها، ونهاه عن اتِّباع أهواء الَّذين لا يعلمون، وقد دخل في ذلك كلُّ منخالف شريعته من اليهود والنَّصارى وغيرهم، وأهواؤهم: هو ما يهوونه؛ ومتابعتهم فيمايختصُّون به من دينهم وأعيادهم، اتِّباع لأهوائهم.

------------------------------------------------------------------------------

الكاتب: محمد فرج الأصفر

  • 1
  • 0
  • 390

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً