أنواع الوصول إلى الله
قيل في بعض الآثار: (ابن آدم اطلبني تجدْني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فُتُّك فاتك كل شيء).
الوصول إلى الله نوعان: أحدهما: في الدنيا، والثاني: في الآخرة، فأما الوصول الدنيوي فالمراد به أن القلوب تصل إلى معرفته، فإذا عرفته أحبَّته، وأنِست به فوجدته منها قريبًا ولدعائها مجيبًا؛ كما في بعض الآثار: (ابن آدم اطلبني تجدْني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فُتُّك فاتك كل شيء).
الصراط المستقيم في الدنيا يشتمل على ثلاث درجات: درجة الإسلام، ودرجة الإيمان، ودرجة الإحسان، فمن سلك درجة الإسلام إلى أن يموت عليها، منعته من الخلود في النار، ولم يكن له بد من دخول الجنة، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه.
ومن سلك على درجة الإيمان إلى أن يموت عليها، منعته من دخول النار بالكلية، فإن الإيمان يطفئ لهب نار جهنم حتى تقول: يا مؤمن جزْ فقد أطفأ نورك لهبي، وفي المسند عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: «لا يبقى بَرٌّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجًا من بردهم، هذا ميراث ورثه المحبون من حال أبيهم إبراهيم عليه السلام».
ومن سلك على درجة إحسان إلى أن يموت عليها، وصل بعد الموت إلى الله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، وفي الحديث الصحيح: «إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ نادَى منادٍ : يا أهلَ الجنَّةِ إنَّ لكم عند اللهِ موعدًا يريدُ أنْ يُنجزُكموهُ . فيقولونَ : ما هو ؟ ألمْ يُبيِّضْ وجوهَنا ؟ ألم يُثقِّلْ موازينَنا ؟ ألمْ يُدخِلنا الجنَّةَ ويُجِرْنا من النَّارِ ؟ فيُكشفُ الحجابُ فينظرونَ إليه ، فواللهِ ما أعطاهُم اللهُ شيئًا أحبُّ إليهم ، ولا أقرُّ لأعيُنِهم من النَّظرِ إليه . وهو الزِّيادةُ» ثمَّ تلا : {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}..
كل أهل الجنة يشتركون في الرؤية، ولكن يتفاوتون في القرب في حال الرؤية، عموم أهل الجنة يرون ربَّهم يوم المزيد وهو يوم الجمعة، وخواصُّهم ينظرون إلى وجه الله في كل يوم مرتين بكرةً وعشيًّا، العارفون لا يُسليهم عن محبوبهم قصرٌ، ولا يرويهم دونه نهرٌ.
شعرًا:
ويرونه سبحانه من فوقهــــــــم *** نظرَ العيان كما يرى القمران
هذا تواتَر عن رسول الله لـــــــم *** ينكره إلا فاسدُ الإيمــــــــان
وأتى به القرآن تصريحًا وتعــــــ *** ـريضًا هما بسياقه نوعـــــان
وهي الزيادة قد أتت في يونس *** تفسير من قد جاء بالقـــرآن
وهو المزيد كذاك فسره أبـــــــو *** بكر هو الصديق ذو الإيمــان
وعليه أصحاب الرسول تتابَعوا *** هم بعدهم تبعيةُ الإحســــان
والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
__________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالعزيز السلمان
- التصنيف: