مدفوع بالأبواب

منذ ساعة

السِّيَادَةَ بِمُجَرَّدِ الدُّنْيَا لَا أَثَرَ لَهَا، ولكي تتضح لك الصورة اشطب كل شيء تراه من الدنيا، وانظر لهذه الروح عارية من كل هذا الزيف، كيف تبدو في مقياس الآخرة والتقوى.

بثياب بالية ووجه شاحب وجسد متعب مر من هنا، وقف هنيهة، أمام قاعة احتفال ومناسبة اجتماعية..
غير مدعو بالطبع...


ربما يكون قدره أن يكون في المسار الصعب، حيث الطبقة الاجتماعية الأقل والقدرات المالية المحدودة 
وسمات الجسد الأدنى، بلا مكانة من أي نوع ولا عند أي أحد.


ليس هناك مكان يمكن أن يحظى فيه بالترحاب، بلا امتيازات دنيوية في الجسد أو العرق أو اللون أو المال.


كل الأبواب لا تأذن له بالدخول فضلا عن أن يشعر فيها بالمكانة والتكريم..
متاعب الحياة يلوح أثرها على شعره الشعث ولونه الأغبر...


تبدو الحياة موحشة في ظاهرها 
خانقة بسياج الذل الذي يحيط بالروح من كل الجهات...
ربما يشعر أنه ثقيل على الوجود برمته...
وأنه يبدو لا شيء، أو ربما شيء لكن يشبه العدم


واحد من أولئك الذين لا يفكرون بالشفاعة لأحد ...ولو حملتهم أرواحهم الطيبة لتقديم خدمة الشفاعة فربما تعرضوا للسخرية والازدراء
أصواتهم رغم كونها موجات صوتية كأمثالهم من بني آدم لكنها تضيع في الحناجر ولا تعرف الطريق إلى الآذان...

كل هذا:
بمقاييس الأرض والتراب...
ومعايير الزيف المؤقتة الخادعة...
كل هذا الضجيج والبريق والحضور الذي يراه  هنا مجرد زيف سرعان ما ينطفئ ويضمحل ويرحل.
هذه القاعات التي يدفع عن أبوابها ويتسلل إليه بريق ثياب أهلها ويبهره نضارة وجوه الداخلين إليها النازلين للتو من المراكب الفارهة  عند أبوابها...
كل ذلك لوحة مزيفة
مجرد خدعة بصرية تذوي بسرعة
تخفي تحتها الحقيقة....
ربما يكون هذا البائس في ميزان الحقيقة  أجمل وأكرم وأعظم وأنبل وأسعد وأعلى من كل هؤلاء الذين تستقبلهم القاعة بالبخور والطيب والبسمات.... 


كلهم مجتمعين، كلهم فقط كلا، بل ربما كل القاعات المشابهة في العالم، وكل الناس الذي يشبهونهم أيضا 
ولو كانوا ملايين...

روى البخاري (6447) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا»؟، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا»؟، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا».


وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ السِّيَادَةَ بِمُجَرَّدِ الدُّنْيَا لَا أَثَرَ لَهَا، ولكي تتضح لك الصورة اشطب كل شيء تراه من الدنيا، ألغ الثياب والمراكب واشطب المكانة والنسب والمؤهل وأسقط امتيازات الجسد واللون....
وانظر لهذه الروح عارية من كل هذا الزيف، كيف تبدو في مقياس الآخرة والتقوى.

________________________________________________________________

المصدر: قناة "عبدالله بن بلقاسم".

  • 0
  • 0
  • 23

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً