د. عافية صديقي عذرا لك أيتها الطاهرة وإن فحشوا!!

منذ 2012-02-01

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد صعقت وأنّ قلبي كمدا عندما سمعت بخبر الدكتورة الباكستانية عافية صديقي فرّج الله كربها، وقد ولدت على إثر اغتصاب كلب أمريكي لها، فبكيت على تاريخ مضى لأمتنا قد حفل بالفتوحات واحتفى بالانتصارات وأشرقت فيه شمس التوحيد، وطمست فيه معالم التنديد، وانزوى فيه الباطل وظهر فيه الحق، ثم ما لبث هذا النجم السامق بالأفول تدريجيا حتى صارت الدولة للكفار على المسلمين ففعلوا بأبناء وبنات المسلمين الأفاعيل من قتل وتهجير وسجن وتعذيب، فها هي سجون اليهود والنصارى قد امتلأت بطشا وحقدا وإجراما وتعذيبا تقشعر من سماعه الأبدان، وتصرع من هوله الآذان بإخواننا المستضعفين المكلومين، ولم يقتصر الأمر على العدو الظاهر للمسلمين بل عداه إلى أوليائهم من بني جلدتنا الذين ازدحمت سجونهم بمن يقولون: "ربنا الله" إرضاء لأعداء الله وسعيا في طمس معالم الدين.
إن الذي يحزن القلب أن الحديث عن الأسرى صار نفخا في رماد وضربة بغير عتاد، بل والله إن الكلمة الحقة لتشح عليهم لدى كثيرين؛ فأسرانا لا بواكي لهم ولا معتصم يجيش الجيوش لفكاكهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
 

لمثل هذا يذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام وإيمان



ذكر ابن عبد الحكم على لسان أحد المسلمين في عهد عمر بن عبد العزيز أنه قال: "دخلت القسطنطينية تاجرًا في عهد عمر بن عبد العزيز فأخذت أطوف في بعض سككها، حتى انتهى بي المطاف إلى فناء واسع رأيت فيه رجلاً أعمى، ويدير الرحى وهو يقرأ القرآن، فعجبت وقلت في نفسي: في القسطنطينية رجل أعمى يتكلم العربية ويدير الرحى ويقرأ القرآن.. إن له لنبأ! فدنوت منه، وسلمت عليه بالعربية فرد السلام، فقلت: من أنت يرحمك الله، وما نبؤك؟ فقال: أسير من المسلمين، أسرني هذا الرومي، وعاد بي إلى بلده، ففقأ عيني، وجعلني هكذا أدير الرحى، حتى يأتي أمر الله.. فسألته عن اسمه وبلده وقبيلته ونسبه.. وما كان لي من عمل حين عدت قبل أن طرقت باب أمير المؤمنين وأخبرته الخبر، فاحتقن وجهه واحتدم غضبًا، ودعا بدواة وكتب لملك الروم: "قد بلغني من الآن كذا وكذا.. وأنكم بذلك قد نقضتم ما بيننا وبينكم من عهد "أن تسلموا كل أسير من المسلمين"، فوالله الذي لا إله إلا هو، لئن لم ترسل إليَّ بهذا الأسير لأبعثن إليك بجنود يكون أولها عندك وآخرها عندي".. ودعا برسول، فسلمه الكتاب، وأمره ألا يضيع وقتًا في غير ضرورة حتى يصل، ودخل الرسول على ملك الروم، وسلمه الكتاب، فاصفر وجهه، وأقسم أنه ما علم من أمر هذا الأسير شيئاً، وقال: "لا نكلف الرجل الصالح عناء الحرب، ولكنا نبعث له بأسيره معززًا مكرماً"، وقد كان".

الكـاتب: لؤي الشوربجي
المختار الإسلامي

  • 2
  • 0
  • 2,880

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً