فإن ظن بي خيرًا فله
الله تعالى يحب أن يظن عبده به خيراً فإن تاب العبد من ذنب مهما كان كبيراً فعليه أن يعتقد ويؤمن بأن الله أكبر
الله تعالى يحب أن يظن عبده به خيراً فإن تاب العبد من ذنب مهما كان كبيراً فعليه أن يعتقد ويؤمن بأن الله أكبر، وإن عبد الله كما أمره فعليه أن يعتقد جازماً بقلبه بأن الله سيجازيه خير الجزاء ولن يحرمه.
أما ظن السوء بالله فهو من كبائر الذنوب، كيأس العبد من قبول توبته، أو أن التوبة لن تنفعه، أو أن الله لن يجازيه بطاعته.
في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي» . [متفق عليه عن أبي هريرة] .
وفي رواية: «أنا عند ظن عبدي بي؛ فإن ظن بي خيرًا فله، وإن ظن بي شرًا فله.» [رواه أحمد] .
وفي الحديث: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» . [رواه الحاكم، وصححهما الألباني] .
قال القرطبي في (المفهم): قيل معنى ظن عبدي بي: ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، تمسكًا بصادق وعده، ويؤيده قوله في الحديث الآخر: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة".
قال: ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه، موقنا بأن الله يقبله، ويغفر له، لأنه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها، وأنها لا تنفعه، فهذا هو اليأس من رحمة الله، وهو من الكبائر. انتهى.
وقال النووي -رحمه الله-: قوله سبحانه وتعالى -أي: في الحديث القدسي-: (أنا عند ظن عبدي بي)، قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى: أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفًا راجيًا، ويكونان سواء. وقيل: يكون الخوف أرجح، فإذا دنت أمارات الموت غلّب الرجاء أو محّضه، لأن مقصود الخوف: الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك، أو معظمه في هذا الحال، فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له). اهـ وقال الحافظ في الفتح: (أنا عند ظن عبدي بي): أجازيه بحسب ظنه بي، فإن رجا رحمتي، وظن أني أعفو عنه، وأغفر له، فله ذلك، لأنه لا يرجوه إلا مؤمن علم أن له ربًّا يجازي، وإن يئس من حرمتي، وظن أني أعاقبه، وأعذبه، فعليه ذلك، لأنه لا ييأس إلا كافر). اهـ.
وجاء في فيض القدير: (قال ابن أبي جمرة: معنى (ظن عبدي بي): ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكًا بصادق وعده، وقال أيضا: لا يعظم الذنب عند الحاكم عظمة تقنطك من حسن الظن بالله، فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه، لا صغيرة إذا قابلك عدله، ولا كبيرة إذا واجهك فضله.
وروى ابن أبي الدنيا عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته، لكي يحسن الظن بربه، وقد قال بعض أئمة العلم: إنه يحسن جمع أربعين حديثًا في الرجاء تقرأ على المريض، فيشتد حسن ظنه بالله تعالى، فإنه تعالى عند ظن عبده به). ذكره في سبل السلام في كتاب الجنائز.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
عنان عوني العنزي
منذ