من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه

منذ 18 ساعة

قال ﷺ: «يقولُ اللَّهُ: إذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فلا تَكْتُبُوها عليه حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِن أجْلِي فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، وإذا أرادَ أنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً،...»

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:

فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من البادية وقلنا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ قال: سمعته يقول: «إنَّك لنْ تَدَعَ شَيئًا للهِ إلَّا بدَّلَك اللهُ به ما هو خَيرٌ لك منه»[1].

 

قال قتادة السدوسي رحمه الله: لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله تعالى، إلا أبدله في عاجل الدنيا قبل الآخرة؛ روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال: «يقولُ اللَّهُ: إذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فلا تَكْتُبُوها عليه حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِن أجْلِي فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، وإذا أرادَ أنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْها فاكْتُبُوها له حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها له بعَشْرِ أمْثالِها إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ»[2].

 

ولَمَّا اعتزل خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام قومه وهاجر بدينه، عوَّضه الله الخير العظيم في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84].

 

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: ولما كان مفارقة الإنسان لوطنه ومألفه وأهله وقومه من أشق شيء على النفس، لأمور كثيرة معروفة، منها انفراده عمن يتعزَّز بهم ويتكثر، وكان من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرًا منه، واعتزل إبراهيم قومه؛ قال الله في حقه: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم: 49]، فحصل له هبة هؤلاء الصالحين المرسلين إلى الناس الذين خصَّهم الله بوحيه، واختارهم لرسالته، واصطفاهم على العالمين[3].

 

اللهم جنِّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم زِدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك.

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


[1] (38 -170) برقم (230740) وقال محققوه إسناده صحيح وقال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1-19) وسنده صحيح على شرط مسلم.

[2] برقم (7501) ومسلم برقم (128).

[3] تفسير الشيخ السعدي رحمه الله ص643.

_______________________________________________
الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي

  • 0
  • 0
  • 90
  • كمال عبد الله

      منذ
    🔻 *بݴيعنݴ عࢦى ݴࢦمنشط وݴࢦمڪࢪه* • *إن ݴࢦبيعة ࢦأميࢪ ݴࢦمؤمنين - نصࢪه الله - عࢦى ݴࢦسمع وݴࢦطݴعة في غيࢪ معصية الله، وفي ݴࢦمنشط وݴࢦمڪࢪه، وݴࢦعسࢪ وݴࢦيسࢪ، وفࢥ مݴ جݴءت بـہ نصوص ݴࢦشࢪيعة؛ فإنـہ يࢦزم ݴࢦأنصݴࢪ بذࢦڪ طݴعتـہ وطݴعة من وࢦݴهم بعض ݴࢦأموࢪ ݴࢦإعࢦݴمية، مݴ ࢦم تڪن معصية.* *وأميࢪ ݴࢦمؤمنين - نصࢪه الله - من أئمة ݴࢦعدࢦ وݴࢦدين ڪمݴ نحسبـہ، فوجب طݴعتـہ فيمݴ يأمࢪ بـہ هو أو من  يمثࢦـہ في ديوݴن ݴࢦإعࢦݴم أو غيࢪه.* *ومن ذࢦڪ مݴ يتعࢦࢥ بݴࢦنشࢪ ݴࢦإعࢦݴمي، وإعدݴد مݴ يُطࢦب من موݴضيع أو عبݴࢪݴت أو تصݴميم أو غيࢪ ذࢦڪ، حتى ࢦو ڪݴن فيـہ بعض ݴࢦمشࢥة عࢦى ݴࢦأنصݴࢪ ࢦأن ݴࢦبيعة ݴࢦشࢪعية تڪون في ݴࢦمنشط، أي: مݴ ينشط ݴࢦإنسݴن فيـہ ࢦڪونـہ يحبـہ، أو ݴࢦمڪࢪه، أي: مݴ يڪࢪه ݴࢦإنسݴن ويشࢥ عࢦيـہ ࢦڪونـہ ࢥد ࢦݴ يحبـہ، وفي ݴࢦعسࢪ وݴࢦضيࢥ، وفي ݴࢦيسࢪ وݴࢦࢪݴحة؛ وهذݴ من ݴࢦوݴجبݴت ݴࢦشࢪعية عࢦى ݴࢦمسࢦم، فࢦيتنبـہ ࢦذࢦڪ ݴࢦأنصݴࢪ، وفࢥـہم الله ࢦطݴعتـہ.* *ومݴ يُطࢦب من ݴࢦأنصݴࢪ هو نوع من ݴࢦجـہݴد في سبيࢦ الله بݴࢦڪࢦمة، ࢦـہم فيـہ ݴࢦأجࢪ، وفي تخࢦفـہم ݴࢦوزࢪ فإن ݴࢦإمݴم إذݴ عيّن أشخݴصݴ ࢦࢦجـہݴد ݴࢦبدني، وجب عࢦيـہم، وحࢪُم عࢦيـہم ݴࢦتخࢦف بدون عذࢪ، مع أن ݴࢦجـہݴد بݴࢦنفس ࢥد يحصࢦ فيـہ ݴࢦࢥتࢦ أو ݴࢦإصݴبة، فڪيف بجـہݴد ݴࢦڪࢦمة إذݴ عيّن ݴࢦخࢦيفة أو من فوضـہ أشخݴصًݴ ببعض ݴࢦأعمݴࢦ؟! فيجب عࢦيـہم وتتعين عࢦيـہم.* *وࢦيعࢦم ݴࢦأنصݴࢪ أن ࢦـہم في ذࢦڪ من ݴࢦأجوࢪ ݴࢦعظيمة ݴࢦڪبيࢪة؛ ࢦڪونـہݴ دݴخࢦة في مفـہوم ݴࢦجـہݴد ݴࢦشࢪعي، يࢥوࢦ ݴࢦإمݴم ݴبن ݴࢦࢥيم - يࢪحمـہ الله تعݴࢦى -: "وࢦـہذݴ ڪݴن ݴࢦجـہݴد نوعين: جـہݴد بݴࢦيد وݴࢦسنݴن، وهذݴ ݴࢦمشݴࢪڪ فيـہ ڪثيࢪ، وجـہݴد بݴࢦحجة وݴࢦبيݴن: وهذݴ جـہݴد ݴࢦخݴصة من أتبݴع ݴࢦࢪسࢦ، وهو جـہݴد ݴࢦأئمة" ݴ.هـ (مفتݴح دݴࢪ ݴࢦسعݴدة).* *فݴࢦحࢪص ݴࢦحࢪص، وݴࢦمبݴدࢪة ݴࢦمبݴدࢪة في ݴࢦتعݴون مع إعࢦݴم ݴࢦدوࢦة ݴࢦإسࢦݴمية؛ فإن ذࢦڪ مع مݴ فيـہ من أجࢪ عطيم. إࢦݴ أنـہ يغيظ أعدݴء الله ويجࢪح ࢥࢦوبـہم.*
  • عبد السلام خالد

      منذ
    الصَفْقَة الرابحة • قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة] جعل سبحانه الجنَّة ثمنًا لنفوس المؤمنين وأموالهم، بحيث إذا بذلوها فيه استحقوا الثًّمن، وعَقَدَ معهم هذا العقدَ، وأكَّدهُ بأنواع من التأكيد: ▪️ أحدها إخبارُهُ سبحانه بصيغة الخبر المؤكَّد بأداة إنَّ ▪️ الثاني الإخبارُ بذلك بصيغة الفعل الماضي، الَّذي قد وقع وثبت واستقر ▪️ الثالث إضافة هذا العقد إلى نفسه سبحانه وأنَّه هو الَّذي اشترى هذا المبيع ▪️ الرَّابع أنَّه أخبر بأنَّه وعد بتسليم هذا الثمن وَعْدًا لا يُخْلِفُهُ ولا يتركه ▪️ الخامس أنَّه أتى بصيغة "على" التي للوجوب، إعلامًا لعباده، بأنَّ ذلك حقٌّ عليه، أحَقَّه هو على نفسه ▪️ السادس أنَّه أكَّد ذلك بكونه حقًّا عليه ▪️ السابع أنَّه أخبر عن محل هذا الوعد، وأنَّه في أفضل كتبه المنزلة من السماء، وهي: التوراة والإنجيل والقرآن ▪️ الثامن إعلامه لعباده بصيغة استفهام الإنكار، وأنَّه لا أحد أوفى بعهده منه سبحانه ▪️ التاسع أنَّه سبحانه أمرهم أنْ يَبْشروا بهذا العقد، ويُبشِّر به بعضهم بعضًا بشارة من قد تمَّ له العقد ولزم، بحيث لا يثبت فيه خيار، ولا يعرض له ما يفسخه. ▪️ العاشر أنَّه أخبرهم إخبارًا يؤكِّد بأنَّ ذلك البيع الَّذي بايعوا به هو الفوز العظيم، والبيع ها هنا: بمعنى المَبِيع الَّذي أخذوه بهذا الثمن، وهو الجنَّة ◾️ وأفهمت الآية: خطر النفس الإنسانية وشرفها، وعظم مقدارها، فإنَّ السلعة إذا خفي عليك قدرها فانظر إلى المشتري لها من هو، وانظر إلى الثمن المبذول فيها ما هو؟ وانظر إلى من جرى على يده عقد التبايع، فالسِّلعة: النفس، واللَّهُ سبحانه: المشتري لها، والثمن: جنَّات النعيم، والسَّفِيْر في هذا العقد: خير خلقه من الملائكة وأكرمهم عليه، وخيرهم من البشرِ وأكرمهم عليه [حادي الأرواح] لابن القيم -رحمه الله- ◽ المصدر: إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 476 السنة السادسة عشرة - الخميس 2 رجب 1446 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً