درس مهم في التنمية الاقتصادية الفعالة والناجحة ( تحديث )

منذ يوم

النفقات العامة الحكومية منها نوع ينشط اقتصاد الدولة ومنها نوع يرهق اقتصاد الدولة ويدفعه الى التدهور ثم السقوط في هاوية سحيقة من الفقر والديون ومن ثم التخلف.

 

 

بمناسبة تشكيل حكومة جديدة في سوريا تضمنت 23 وزيرا، فأشير إلى درس مهم في التنمية الاقتصادية الفعالة والناجحة وهو كالتالي:
النفقات العامة الحكومية منها نوع ينشط اقتصاد الدولة ومنها نوع يرهق اقتصاد الدولة ويدفعه الى التدهور ثم السقوط في هاوية سحيقة من الفقر والديون ومن ثم التخلف.
فنفقات الحكومة التي تنشط الاقتصاد من أبرزها وأهمها ما كان متجها إلى شراء واستهلاك المنتجات التي تنتجها الدولة سواء كان المُنتِج هو القطاع الخاص أم القطاع العام لأن هذا يدعم الإنتاج المحلي وينشط عملية استهلاكه مما يساعد على استمراره ثم توسعه، أما لو لأن الإنفاق هذا موجه لاستهلاك منتجات مستوردة فهو خراب اقتصادي، وكذلك لو موجه لجيوب الشريحة الحاكمة كمرتبات وبدلات ومكافآت وامتيازات وسيارات وسفريات واستراحات..الخ. فهو أيضا خراب اقتصادي، علما أن الشريحة الحاكمة لا تشمل الوزراء فقط بل عادة يكون لكل وزير مجموعة كبيرة من المرتبطين به والمستفيدين منه سواء بشكل رسمي كمكتبه ومساعديه والعديد من اللجان المرتبطة والمستشارين والأجهزة..الخ، ومنهم المستفيدين بشكل غير رسمي كالأقارب والأصدقاء والمنتفعين بشكل "ما" ممن تسند لهم أو لشركاتهم أعمالا من الوزارة، أو يحوزون بشكل أو بآخر امتيازات "ما" من الوزارة حتى لو كانت معلومات وليس أموال.
ومن هنا فالدول المتقدمة اقتصاديا تجد عدد وزاراتها محدودة لتقليل النفقات، بينما الدول المتخلفة اقتصاديا تجد عدد وزاراتها كبير من أجل توسيع شريحة المستفيدين من النفقات الحكومية، لا سيما وأن هذا يمثل اسنادا سياسيا في دول تفتقد للشرعية الشعبية.
ومن هذا أيضا وجود العديد من المؤسسات ذات الامتيازات المالية العالية مثل المجالس التمثيلية العامة (مثل البرلمان بغرفتيه)، أو المحلية بداخل المحافظات او الولايات، وغيرها من مؤسسات بأسماء مختلفة وكلها تنهل بنهم من ميزانية الدولة، وتستنزف اقتصاد الدولة وتفقرها، وتلف معيشة أغلبية الشعب بالكد والكدر والسواد، بينما تعيش الشريحة العليا متمتعة برفاهية استمدتها من موازنة الدولة بشكل مباشر (المرتبات والامتيازات..الخ)، أو بشكل غير مباشر (عبر اضطلاعها بعقود الدولة وتوريداتها..الخ وهداياها وتخفيضاتها).
وبالتالي فمن تدابير التنمية الاقتصادية حذف كل هذه النفقات والترتيبات من ميزانية الدولة، بحيث يذهب أغلب الميزانية الى كل ما يدعم التنمية الحقيقية إن بشكل مباشر مثل استهلاك وتشغيل الانتاج المحلي الذي هو محلي حقيقة، وكذلك دعم الاستثمار البشري اي تطوير التعليم والصحة والبحث العلمي.
ونجد أن من السهل والضروري ضغط عدد الوزارات فبدل من وجود وزارة للتجارة وأخرى للصناعة فممكن تصيران وزارة واحدة وكذلك بدل من وزارة تعليم وثانية تعليم عالي وثالثة بحث علمي يصير الثلاث وزارة واحدة ونفس الشيء عن المالية والاقتصاد والتخطيط فبدل ثلاث وزارات تصير واحدة..الخ. وهذا كثير ويصير لكل تخصص منها وكيل وزارة فيصير وزير ووكيلي وزارة او ثلاثة وكلاء بدل من 3 وزراء لكل منهم وكيلي وزارة وديوان ولكل منهم مكتب من السكرتارية والمساعدين والموظفين (السعداء طبعا)، وبهذا يتم ضغط النفقات بدرجة واضحة.
وهذا كله في الجانب الظاهري البعيد عن الفساد والنهب المالي والتحايل على القانون، أما مكافحة هذا الفساد والتحايل فهذا أمر آخر ولا غنى عن أن يطبق بكل حدة وصرامة، ولكن القسم الأول من مقالنا هذا مختص بالشكل القانوني من الإهدار المالي والذي مهما كافحت الفساد والمحسوبية فلن تتمكن من التخلص من هذا الاسراف الحكومي، والخلاصة هي وجوب ضغط الهيكل الاداري (مع تطويره طبعا) ومنع الانفاق الحكومي على سلع مستوردة حتى لو استيراد جزئي.

وهكذا فهناك أمران نبهنا عليهما هنا أنهما محظوران على أي دولة تريد تحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية وهما الإسراف والسفه في مجال الإنفاق الحكومي على النحو الذي أشرنا إليه، والأمر الآخر هو الفساد المالي والإداري. 

وانطلاقا من هذا كله فنجد أن عدد الوزارات في الولايات المتحدة الأمريكية 17 وزارة فقط رغم أنها هي الدولة الأقوى والأكبر اقتصادا في العالم كله، فينبغي على سوريا ألا يزيد عدد الوزارات فيها عن 10 وزارات، أما مصر (وهي ربع العرب) فينبغي ألا يكون عدد الوزارات فيها غير في حدود 10-12 وزارة.. غير هذا فهو إسراف مالي حكومي.

عبد المنعم منيب

صحفي و كاتب إسلامي مصري

  • 0
  • 0
  • 80

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً