لماذا نطلب العلم في أوقات الفتن؟

منذ 15 ساعة

لأن لحظة الفتنة لا تُجامل، ولا تؤخر حسابها، بل تكشف الإنسان على حقيقته، وتضعه في مواجهة مباشرة مع رصيده المعرفي وتكوينه الداخلي.

لأن لحظة الفتنة لا تُجامل، ولا تؤخر حسابها، بل تكشف الإنسان على حقيقته، وتضعه في مواجهة مباشرة مع رصيده المعرفي وتكوينه الداخلي.

وهذه زمرة أسباب تجعل طلب العلم ضرورة في لحظة الاضطراب:
١-لأن العلم يُقيم الوعي على أرض صلبة، فيجعل الإنسان يرى الأشياء بأحجامها الحقيقية، لا كما تصوّرها الحشود أو تشوّهها العاطفة.

٢-لأنه يعصم القلب من الاندفاع والتسرّع، فيمنح الموقف اتزانًا، ويصوغ ردة الفعل بميزان من نور الشرع لا فوضى الشعارات.

٣-لأن العلم يُبصّر الإنسان بتاريخ السنن الإلهية، فيربطه بجذور الأحداث، ويكشف له طبيعة المراحل، فلا يُفجَع بالمفاجآت ولا يُستدرج بالسطور الأولى.

٤-لأنه يرسّخ المرجعية بالوحي في التفكير، فلا تُساق القضايا بمعايير السوق أو المزاج أو الغضب، بل تُوزن بميزان “قال الله وقال رسوله”.

٥-لأن العلم يمنح الإنسان مفاتيح التمييز بين الظاهر والجوهر، فيميّز بين الخطاب الناصح والمخطوف، وبين الحق الخافت والباطل الصاخب.

٦-لأنه يُربي في طالب العلم نزاهة الانتماء، فلا يتعصّب لحزب ولا ينحاز لفئة، بل يكون من جند الحق حيثما نزل.
٧-لأنه يثبّت الأقدام حين تُخلخلها الأحداث، فالراسخ في العلم هو الذي يبقى على الجادة، حين تزلّ الأفهام وتتزاحم التأويلات.

٨-لأن العلم يحرّر من أسر اللحظة، ويُعيد تشكيل الشعور وفق مقاصد الشريعة، لا على ردود الفعل العابرة.
٩-لأنه يُعلّمك الصبر على الطريق، فتبني مواقفك على رؤية بعيدة، لا على تقلبات الإعلام أو انفعالات المجالس.

١٠-العلم يُوجّه العاطفة نحو الحق: فهو لا يُطفئ حرارة الإيمان، بل يُهذّبها ويصوبها، حتى لا تتحول إلى غوغائية أو تعصّب.

١١-العلم يمنح شجاعة الفهم: فالفقيه لا يضطرب من المعركة الفكرية، لأنه يمتلك أدوات النظر، فيبصر العمق وسط السطحية، والمسار وسط الفوضى.

١٢-العلم يُعيد ترتيب الأولويات: فلا يضيع الجهد في معارك جانبية، بل يُوجّه طاقة الإنسان نحو ما يُرضي الله ويُصلح الخلل.

١٣-العلم يورث الطمأنينة: إذ يربط القلب بوحي الله، ويُزيل التردد، ويمنح النفس سكينة عند المفترقات الحادّة.

١٤-العلم يُمهّد للنهضة بعد الزلزلة: لأن من لم يتعلم وقت الاضطراب، لن يكون قادرًا على المساهمة في البناء وقت الاستقرار.

١٥- لأن العلم يرمّم الداخل حين يتصدّع الخارج: ففي زمن الانهيارات النفسية، يكون العلم الربّاني صمّام التماسك، يَشدّ الإنسان من داخله حين تنفلت أطرافه من حوله.

وهكذا يغدو العلم في الفتن روحًا تبعث في القلوب رشدها، وتستجمع شتات النفوس حين ترتجّ بها الأحوال وتشتدّ بها الأهوال، إذ هو الميزان الذي يزن الأمور بميزان الحق، والسراج الذي يُنير السبيل عند غشاوة الطرق، واليد التي تأخذ بالعقول من مدارج الوهم إلى ذرى اليقين.

  • 1
  • 0
  • 0

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً