لا هادي إلا الله
الهداية إلى مراضي الله سبحانه، وهي مقصورةٌ على الإقبال على كتابه العزيز، والتأسي برسوله الكريم؛ فمن أطاعهما وسار على نهجهما، فهو المهتدي، ومن أعرض عنهما وتنكَّب الطريق، كانت معيشته ضنكًا، وعاقبته خُسرًا.
الهدى والإضلال بيد الله وحده، والخليقة لا تملك لأنفسها نفعا ولا هداية، فلا هادي لها إلى كلِّ خير، ولا دليل لها إلى سكينةِ الدنيا وسعدِ الآخرة إلا هو سبحانه.
وأعظم الهداية: الهداية إلى مراضي الله سبحانه، وهي مقصورةٌ على الإقبال على كتابه العزيز، والتأسي برسوله الكريم؛ فمن أطاعهما وسار على نهجهما، فهو المهتدي، ومن أعرض عنهما وتنكَّب الطريق، كانت معيشته ضنكًا، وعاقبته خُسرًا.
وقد كانت تلك الحقيقة الكبرى، كالشمس في رابعة النهار، جليّةً في قلوب المسلمين، يشهد بها كل أحد، ويقرِّرها السابقُ للاحق، فلا ينازع فيها منازع، ولا يعترض عليها معترض، حتى نأى الناس عن الهدي الأول، فغلبت عليهم الأهواء، وتمكَّنت في أوساطهم الشُّبَهُ المُضِلَّة، واختلَّت الموازين، فُنُسِيَتِ الخاتمة، وتضخَّمت أهمية الدنيا في القلوب، حتى عبَدَ الناسُ زخرفَها، وظنُّوا السعادةَ في تحصيل متَعِها وسُبُلِ الراحة فيها، فزهدوا في الكتاب، وأعرضوا عن هديِ رسولِ ربِّ الأرباب، فعَظُمَ لذلك الزيغ، واتَّسَعَ الخرق، وشاع الظلم، ورُفِعَتِ السكينة، وضاقت سُبُلُ الغواية بأصحابها، حتى نسي عامَّةُ الناسِ صراطَ الهداية، واستوحشَ الخلقُ السيرَ فيه، وتحقَّقَ فيهم قولُ تلك المرأة الصالحة:
"سبحانك! ما أضيقَ الطريقَ على من لم تكنْ دليله! وما أوحشه على من لم تكنْ أنيسه!"
فاللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عين، فإنَّه لا غِنَى لنا عنك، ولا عن هدايتك وتوفيقك وتثبيتك طرفةَ عين، إنك ربنا اللطيف الرحيم.
والله الهادي.
__________________________________________________
الكاتب: بقلم فضيلة الشيخ د. فيصل بن علي الوادعي
- التصنيف: