تفصيل مهم في تسمية ولد البنت ابنا
وكثير من أهل الفقه يذكرون البيت المذكور على سبيل التسليم له، قالوا: ومما يوضح صدقه أنهم يُنسبون إلى رجال آخرين، ربما كانوا أعداء لأهل أمهاتهم، وكثيرا ما يتبع الولد أباه وعصبته في عداوة أخواله وبغضهم، كما هو معلوم.
قال الشاعر:
بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد
وكثير من أهل الفقه يذكرون البيت المذكور على سبيل التسليم له، قالوا: ومما يوضح صدقه أنهم يُنسبون إلى رجال آخرين، ربما كانوا أعداء لأهل أمهاتهم، وكثيرا ما يتبع الولد أباه وعصبته في عداوة أخواله وبغضهم، كما هو معلوم.
والجواب: أن الواحد بالشخص له جهتان:
1- جهة خاصة هي معنى كونه خُلِق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به، وهذا المعنى منفي عن والد أمه، فلا يقال له: ابن بهذا الاعتبار، وثابت لأبيه الذي خُلِق من مائه.
2- جهة أخرى هي كونه خارجا في الجملة من هذا الشخص، سواء كان بالمباشرة، أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل، فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت.
وهذا المعنى هو الذي عناه صلى الله عليه وسلم في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما : «إن ابني هذا سيد»، وهو المراد في الآيات القرآنية، كقوله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}} [النساء: 23]. وقوله تعالى: {{وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}} [النساء: 23]. وكقوله تعالى: {{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ}} [الأحزاب: 55].
فلفظ البنات والأبناء في جميع الآيات المذكورة شامل لجميع أولاد البنين والبنات وإن سفلوا، وإنما شملهم من الجهة المذكورة بالاعتبار المذكور، وهو إطلاق لفظ الابن على كل من خرج من الشخص في الجملة، ولو بواسطة بناته.
وأما البيت المذكور فالمراد به الجهة الأولى والاعتبار الأول. فإن بني البنات ليسوا أبناء لآباء أمهاتهم من تلك الجهة، ولا بذلك الاعتبار; لأنهم لم يُخلقوا من مائهم، وإنما خُلقِوا من ماء رجال آخرين، ربما كانوا أباعد، وربما كانوا أعداء. فصح بهذا الاعتبار نفي البنوة عن ابن البنت.
وصح بالاعتبار الأول إثبات البنوة له، ولا تناقض مع انفكاك الجهة.
وإذا عرفت معنى الجهتين المذكورتين، وأنه بالنظر إلى إحداهما تثبت البنوة لابن البنت، وبالنظر إلى الأخرى تنتفي عنه؛ فاعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: «إن ابني هذا سيد»، وقوله تعالى: { {وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}} [النساء: 23] ونحوها من الآيات يُنزَّل على إحدى الجهتين، وقوله تعالى: {{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}} [الأحزاب: 40] يتنزل على الجهة الأخرى.
انتهى من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي (7/ 107، 108) تفسير سورة الزخرف آية 28 بتصرف يسير.
- التصنيف: