بشارة بالنبي الأعظم والرسول الأكرم
{{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}}
العناصر الأساسية:
العنصر الأول : عهد الله وميثاقه إلى الأنبياء .
العنصر الثاني: صفة رسول الله عند أهل الكتاب .
العنصر الثالث: أمارات النبوة .
العنصر الرابع : لماذا عادت إليهود رسول الله ؟ .
الموضوع:
أيها الإخوة الكرام: أبو البشر هو سيدنا آدم عليه السلام..
كان نبيا ، بعثه الله تعالى إلى ذريته ، يربيهم على التوحيد ، ويضرب لهم مثالا وقدوة حسنة في التحلي بالفضائل والأخلاق والمكارم ..
ومن بعثة آدم عليه السلام حتى بعثة النبي الأعظم والرسول الأكرم ما ترك الله تعالى أمة إلا بعث فيها نذيرا وبشيرا ..
قال الله تعالى:
{{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}}
[سورة فاطر ] .
عدد الأنبياء من لدن سيدنا آدم عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جم غفير ..
أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، كم المرسلون ؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ، جما غفيرا .
وفي رواية قال أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عِدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف ، وأربعة وعشرون ألفا ، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا .
ما من نبي منهم ولا رسول إلا أخذ الله تعالى عليه العهد والميثاق لئن بعث في زمانه النبي الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم ليؤمنن به وليصدقنه ولينصرنه ..
{{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} }
قال عن نفسه عليه الصلاة والسلام أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى عليهما السلام، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ) ( أحمد ).
قبل مولده عليه الصلاة والسلام بقرون من الزمان وقبل بعثته بحين من الدهر جاء الوحي إلى الأنبياء بصفة ونعت النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ، نزل الوحي بدلالات وعلامات وصفات خِلقية وخٰلقية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى عرفت الأمم رسول الله بصفته ونعته كما يعرفون أبناءهم ..
في سورة البقرة {{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ }}
وفي سورة الأنعام {﴿ ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَعْرِفُونَهُۥ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ۘ﴾}
عند تفسير هذه الآيات أورد المفسرون حديثا دار بين الفاروق عمر رضي الله عنه وبين حبر اليهود عبد الله بن سلام بعد إسلامه ..
قال عمر لعبد الله: أحقا تعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تعرف ولدك ؟
فقال ابن سلام : نعم وأكثر ، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بصفته ونعته فعرفته ، وولدي لا أدري ما كان من أمه . والمعنى أنه قد يدخله الشك في ولده لكن لا يساوره شك في صدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم..
{{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} }
عن عطاء بن يسار ـ رضي الله عنه ـ قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قلت: ( أخبرني عن صفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن: {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً }} وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا ) ( البخاري ) .
حبر من أحبار اليهود يقال له زيد بن سعته :
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت شدة فعرض على رسول مالا معلوما إلى أجل معلوم ..
وقبل أن يحل الأجل ، وبينما رسول الله قد رجع من جنازة رجل من الأنصار متعبا وقد أسند ظهره إلى جدار ، إذا بحبر اليهود هذا يأتي بوجهه المتجهم ويٰمسك بتلابيب النبي عليه الصلاة والسلام ، ويغلظ له في القول ،ويقول: يا محمد أدي إلي مالي ، فقد عرفناكم يا بني عبد المطلب قوم مطل ، ويحضر الموقف ويسمعه ويراه عمر رضي الله عنه ، فيقول :
يا عدو الله تقول لرسول الله ما أسمع ، وتفعل به ما أرى ؟!!
والله لولا ما أخشى من ملامته لضربت بسيفي هذا عنقك ،،
وهنا يلتفت رسول الله إلى عمر فيقول : «مهلا يا عمر لقد كنت أنا وهو أحوج ما نكون إلى غير ذلك منك ( أن تأمرني بحسن الأداء وأن تأمره بحسن الطلب )»
خذه يا عمر فأد إليه حقه ، وأسر النبي إلى عمر بكلمة ، ويدخل اليهودي بصحبة عمر ليؤدي إليه ماله ، فيؤديه إليه حقه ثم يزيده زيادة ، فيقول اليهودي : يا عمر هذا حقي ، فما هذه الزيادة ؟
فيقول عمر : أمرني رسول الله أن أزيدك جزاء ما روعتك ..
وهنا تنفرج أسارير اليهودي ويقول : أتعرفني يا عمر ؟
فيقول : لا ..
فيقول: أنا زيد بن سعنه حبر اليهود ما من علامة من علامات النبوة إلا ورأيتها في رسول الله حين رأيته غير علامتين والآن قد رأيتهما ( يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده كثرة الجهل عليه إلا حلما ) فاشهد يا عمر أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، واشهد فوق ذلك أني قد خرجت من نصف مالي صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر قل على بعضهم فإن نصف مالك لا يكفيهم ، فقال أو على بعضهم ..
الشاهد :
أن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء والرسل ، وعرفهم النبي الخاتم وبشرهم بقرب زمانه ، ووضعه أمام أعينهم بصفته ونعته صلى الله عليه وسلم ، وأمر الله عز وجل الأنبياء وأمر الأنبياء أممهم إن خرج في زمانهم النبي الخاتم أن يؤمنوا به وأن يصدقوه وأن يوقروه وأن يعزروه وأن ينصروه وأن يتبعوا النور الذي أنزل معه ..
{{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} } [سورة الأعراف] .
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحبب إلينا الإيمان وأن يزينه في قلوبنا إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.
الخطبة الثانية
بقي لنا في ختام الحديث أن نقول:
من الطيبات الكريمات أمهات المؤمنين : أم المؤمنين ( صفية )
أم المؤمنين صفية رضي الله عنها أبوها حبر اليهود حيي بن أخطب ، لما قدم رسول الله المدينة ذهب حيي بن أخطب وأخوه إلى رسول الله ينظرون صفته ونعته فإذا هو الموصوف والمنعوت في التوراة ما ترك من صفته شيئا فرجع مهموما مغموما فقيل لحيي بن أخطب أرأيته ؟ قال نعم , قيل أهو ؟ قال هو هو ، قيل فما ترى فيه ؟ قال عداوته ما حييت ..
{{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}} [سورة البقرة] . { {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ۘ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}} [سورة الأنعام]
إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكور ومكتوب في التوراة باسمه وصفته ونعته فلماذا كفروا به ؟
كفرت يهود حسدا أن كان النبي الخاتم من العرب ولم يكن من بني إسرائيل ، حسدوا رسول الله أن كان من ولد إسماعيل ولم يكن من ولد إسحاق قال الله تعالى:
{﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعْدِ إِيمَٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ ۖ} } عن سلمة بن وقش ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان لنا جار من اليهود بالمدينة فخرج علينا قبل البعثة بزمان فذكر الحشر والجنة والنار، فقلنا له: وما آية ذلك؟
قال خروج نبي يبعث من هذه البلاد ـ وأشار إلى مكة ـ فقالوا متى يقع ذلك؟
قال فرمى بطرفه إلى السماء وأنا أصغر القوم، فقال: إن يعش هذا الغلام عمره يدركه. قال سلمة فما ذهبت الأيام والليالي حتى بعث الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ولم يزل ذلك اليهودي حيا ، قال : فآمنَّا به وكفر اليهودي بغياً وحسداً )
{{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }}
قال ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هٰزمت يهودْ ، فدعت يهود بهذا الدعاء قالوا : اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم . قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فيهزمون غطفان ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جحدوه فأنزل الله تعالى : { {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }}
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا الثبات حتى الممات إنه ولي ذلك والقادر عليه.
------------------------------------------------------------------------------
جمع وترتيب : الشيخ / محمد سيد حسين عبد الواحد.
إمام وخطيب ومدرس أول .
إدارة أوقاف القناطر الخيرية.
مديرية أوقاف القليوبية . مصر
- التصنيف: