العمران في كنف حضارة الخوف والوهن

منذ يوم

يذكر أن يوسف بن تاشفين وأصحابه لما دخلوا الأندلس استغربوا حال الأندلسيين من كثرة الترف والزينة، والتطاول في العمران وزينة الحدائق ذات البهجة... مقابل ما كان عليه المرابطون من خشونة البادية والزهد.

 

يذكر أن يوسف بن تاشفين وأصحابه لما دخلوا الأندلس استغربوا حال الأندلسيين من كثرة الترف والزينة، والتطاول في العمران وزينة الحدائق ذات البهجة... مقابل ما كان عليه المرابطون من خشونة البادية والزهد.

وقد تأكد لهم أن هؤلاء لا يعول عليهم في حربهم ضد العدو، فاحتاجوا إلى مد جيشهم بآخرين من جنسهم لا من نوع أولئك، وتلك سيرة الأمم، وذلك منطق سير الأمور في نصابها المعقول المواطئ للمنقول، فليس من العيب ولا من المنهي عنه أن ننخرط في إعمار الأرض وتكريس زينتها، إنما المطلوب أصالة أن يصاحب هذا الانخراط التزام مسؤول تقوم فيه الدولة بدورها في صناعة العقول وتشييد الأذهان التي ستعمر وتدير شأن هذا العمران كان مسجدا أو إدارة أو محكمة أو مدرسة أو عيادة ومستشفى أو جامعة أو مصنعا أو حتى ملعبا...
 بل عليها قبل هذا وذلك أن تعد العدة وتساهم في الإعداد الكافي من القوة العسكرية الرادعة والحامية لحمى تلك الصروح الباسقة من من يتربص بنا الدوائر، إذ ما جدوى أن نبني ناطحات السحاب ونمد الجسور المعلقة ونشق الطرق السيارة ووو في ظل مناخ سياسي دولي يتهددك العدو ويستهدف سلامتك الجسدية والعمرانية قوي عات عتوا كبيرا، وباغ لا يرقب فيك إلا ولا ذمة، بل يستطيع هو ومن معه دون مقدمات و أسباب ولا احترام قوانين مسكوكة أن يدك عليك الأرض دكا وأن يهد عمرانك هدا، وأن تطاردك راجماته في كل ربوع الوطن المستهدف، إننا حينما لا نملك قوة رادعة ناسفة مرهبة تستطيع أن تحمي زينتنا الدنيوية، لا نملك إلا أن يستوطن الخوف وجداننا الجمعي من ذلك العدو المخوف، فنبادر ونهرول في سبيل حفظ سلامتنا المادية والمعنوية في مسعى تقديم قرابين التنازلات تلو التنازلات والعطايا تلو العطايا والتكايا تلو التكايا إلى فخامة الرجل الأبيض الفاقع السواد، ويا ليت تلك القرابين ردت بصر ذلك العدو المتربص، وأشبعت نهمه المسترسل، وأقنعت مزاجيته الموبوءة المتوحشة، وأتخمت غروره السادي الذي متى ما رآنا جاع، واحتاج أن يأكل منا ثورا أبيضا، تحت ضجيج من نواحنا ومكائنا وتصدية قادتنا الكرماء الأسخياء الأجاود الأتقياء.
 ويا ليت كرم قطر وطائرتها المهداة ما وقع جودها وسخاؤها في ركب من وضع قواعده العسكرية هنالك في أرضها وجغرافيتها المنهوبة الباطن المكسورة الظاهر المكسوفة الخاطر تحت طائلة مزاعم الحماية والصون والرعاية وأشياء أخرى من المارد الأمرييييكي الجاثم على التخوم هناك...

محمد بوقنطار

محمد بوقنطار من مواليد مدينة سلا سنة 1971 خريج كلية الحقوق للموسم الدراسي 96 ـ97 الآن مشرف على قسم اللغة العربية بمجموعة مدارس خصوصية تسمى الأقصى.

  • 3
  • 1
  • 106

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً