اختيار المسار الدراسي
طالبة محتارة في اختيار التخصُّص بين العلمي والأدبي، مما أثر على درجاتها وعلاماتها، وتسبَّب في ضياع عامٍ مِن عمرها، وتسأل: كيف أختار المسار الصحيح لدراستي؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة التحقتُ بالجامعة وكنتُ قد عَقدْتُ العزمَ على أن ألتَحِق بالمسار الإداريِّ، لكنني وبسبب قلَّة خِبْرتِي التحقتُ بالمسار العلميِّ مِن جديد وتَمَّ قبولي فيه.
كنتُ أُفكِّر كثيرًا في التحْويل إلى المسار الذي أردتُه، لكن عائلتي أشارتْ عليَّ أن أستمر في مساري، وانتهى الفصل الدراسي الأول ثم بدأ الفصل الدراسي الثاني وكانتْ رغبتي في التحويل تُراودني وتُؤثر على همتي في الدراسة وعلى علاماتي!
كنتُ شديدةَ الحَيرة طوال الوقت، وشعرتُ بالندَم، حيث إنني قد سبق وقرأتُ الكثير حول أهميَّة تحديد المسار الدراسي، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالجامعة.
المشكلة أن التحويل بين المسار الأدبي والعلمي لا يُمكن أن يتمَّ إلاَّ إذا قمتُ بالتسجيل من جديد في الجامعة، وهذا يعني ضياع سنة كاملة، وأنا على وشك إتمام الفصل الدراسي الثاني.
قُمتُ بتقديم رغبات التخصُّص في الجامعة، لكن لم يَرُقْ لي منها شيءٌ، فمُيولي أدبية، ولا أجد نفسي في المجالات العلمية؛ من طبٍّ، وفيزياء، وكيمياء، وغيرها، فقمتُ باستبعاد أكثر الخيارات، واستقرَّ رأيي على اختيار التصميم الداخلي!
قرأتُ عن التخصُّص، لكنني لا أشعُر بأنه في دائرة اهتماماتي، قد أجد نفسي مهتمَّةً أكثر بالتصاميم المِعمارية، ولكن الاهتمام الدقيق بالتفاصيل المتعلِّقة بالتأثيث وتصميم الديكور لا يُثير اهتمامي، علمًا بأنني قد أَجْرَيْتُ عدة اختبارات شخصية، وأظهرتِ النتائجُ أن التصميم الداخلي يُناسب شخصيتي.
بشكلٍ عامٍّ لديَّ مُيول فنية قوية، فهل أحاول أن أجدَ تخصصًا يروق لي في المجال العلمي؟ وهل يمكنني أن أستندَ على حبي القديم للأحياء؟ وهل سيوصلني هذا لما أرغب فيه؟
كذلك أجد نفسي جيدةً في المجال اللغوي ومجال التنمية والتربية، وكلها تروق لي، لكن لَم أُحَدِّد بعدُ في أيِّ تخصصٍ أدبيٍّ أريد أن أكونَ، وأشعُر أنني عالقة، فهل أستسلم لما ساقتْني أفعالي إليه؟ أو أحاول جاهدةً أن أتخصَّص في المجال الذي يُعجبني مهما كان الثمَنُ؟
أرجو أن تُشيروا عليَّ وأن تُخبروني بما يجب أن أفعلَ في المستقبل؛ حتى لا أقعَ في الخطأ ذاته في القرارات المستقبلية
وجزاكم الله خيرًا
ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
عزيزتي، سأبدأ معك مِن حيث أنهيتِ رسالتك في إشارتك بعدم تحديدك حتى الآن لأيِّ تخصصٍ أدبيٍّ ترغبين في الالْتِحاق به - في حال أعدتِ تسجيلك في الفرع الأدبي - وبأن كل التخصُّصات الأدبية تَروق لك، وهو الأمرُ الذي أراه يُمَثِّل جوهر مشكلتك.
تَكْمُن المشكلةُ في أنك لَم تقومي حتى الآن بحَصْر التخصُّصات الأكاديمية (علميَّة كانتْ أم أدبية) التي تُلائمك، ليمكنك بعد ذلك الاختيار مِن بينها، ولذلك فإني أنصحُك في هذه المرحلة بالتوجُّه إلى الخطوة الرئيسية والمتمثِّلة في حَصْر عددٍ معينٍ من تلك التخصصات، دون النظر إلى كونها علمية أم أدبية.
ومما يُساعِدك في إنجاز هذه الخطوة: قيامك بالتعرُّف أولاً على (حاجة سوق العمل) في مجتمعك لفترة السنوات العشر - أو أكثر - القادمة، وبعد تسجيلك لتلك الوظائف قومي باستبعاد أكثرها بُعدًا عن قابلياتك الشخصية، ثم عن مُيولك تجاهها، ثم استبعدي في المرحلة اللاحقة ما يليها مما لا تُناسبك، وهكذا حتى تصلي إلى الوظيفة التي تتناسَب أكثر مع قابلياتك وإمكاناتك الشخصية، والأقرب إلى ميولك النفسية مِن بين تلك التي يحتاجها سوق العمل.
وبعد قيامك بهذه الخطوات ستجدين نفسك أمام اختيارٍ لا بد منه أن يُحتِّم استمرارك بدراسة التخصص العلمي، أو انتقالك إلى التخصص الأدبي، بناءً على دراستك للمعطيات والعوامل المهمة التي يجب على الطالب الإحاطة بها، وأخذها في الحسبان قبل أن يختارَ التخصص الجامعي، والذي يَعني ضمنًا اختياره لمستقبله المهني، وفي حال وجدتِ نفسك أمام اختيار يحتِّم عليك إعادة تسجيلك في التخصص الأدبي، فأنصحك بعدم الانزِعاج أو التوتُّر من فكرة ضياع سنة، وما نحو ذلك مِن الأفكار، وتذكَّري بأن تأخُّرك سنة واحدة عن التخرُّج يُغنيك عن الشُّعور بالندَم وعدم الرِّضا الذاتي لسنواتٍ طويلةٍ.
واعلمي يا عزيزتي أنَّ اتباعك لِمِثْل هذا النَّهج في اتخاذ القرارات بشكل عامٍّ يُبعدك عن الحيرة والقلق الذي تواجهينه اليوم، لا سيما إن استعنتِ بالتضرُّع إلى الله تعالى واستخارته عز وجل ليُرْشِدك إلى الأصلح في جميع أمورك.
وأخيرًا أختم بالدُّعاء إلى الله تعالى أن يُرشدك لما فيه الخير لك في الدارينِ، وينفع بك
وسنكون سُعداء بسماع أخبارك الطيبة
- التصنيف:
- المصدر: