أنا عنيدة.. وأريد الطلاق!
سبب مشاكلنا أنه صعب وعنيد وأنا كذلك وكرامتي فوق كل شي،ء ولا أستطيع أن أتنازل، بالإضافة إلى تدخل أهله وبالذات أمه وأخته في حياتنا، لقد سئمت الحياة لدرجة أني أفكر بالانتحار لكن يبقى أملي بالله كبير..
أنا متزوجة منذ سنة ونصف وأتمنى من الله أن يفرج همي حيث أن حياتي منذ أن تزوجت وهي عبارة عن جحيم ومشاكل ونكد وخلافات مع زوجي وأهله، ولا تمر ليلة دون أن أبكي وأذرف الدموع وأنا الآن حامل لي شهران ولم يتغير شيء على حياتنا، وصلت الأمور إلى الطلاق أكثر من مرة ولكن أهلي وأهله يحلون الموضوع بشكل مؤقت، إلى اليوم وأنا أعاني أريد الطلاق لكني أخاف من أهلي ومن كلام الناس وأخاف أن يجعلني أهلي أترك العمل وأجلس في البيت، سبب مشاكلنا أنه صعب وعنيد وأنا كذلك وكرامتي فوق كل شي،ء ولا أستطيع أن أتنازل، بالإضافة إلى تدخل أهله وبالذات أمه وأخته في حياتنا، لقد سئمت الحياة لدرجة أني أفكر بالانتحار لكن يبقى أملي بالله كبير، أرجو منكم المساعدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
ابنتي الحبيبة.. سعدت بوجودكِ معنا ونحب أن تكوني على ثقة أنكِ هنا بين أهلكِ وأحباءكِ فلا تترددي في الاتصال بنا في أي وقت وطلب المشورة في أي موضوع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرّج همكِ ويكشف كربكِ، ويجمع بينكِ وبين زوجكِ في خير وعلى خير... اللهم آمين.
كثيرًا ما تظن الفتاة حين تُقدم على الزواج أنها مقدمة على حياة وردية تحلق في السماء مع فارس أحلام يحملها على حصان أبيض، وحين تؤسس عشها الذهبي تهتم بكل صغيرة وكبيرة فيه ويكون اهتمامها بأدق الكماليات، في حين أنها تُقبل على هذه الحياة دون تأهيل نفسي ومعرفي ومهاري بمعني الزواج وحقيقته وحقوقها وواجباتها تجاه شريك حياتها، ولا تدري أيضا كيفية التعامل معه ولا تعرف شيئا عن فنون حل المشاكل التي ربما تقع خلال مسيرة الحياة والتي حتما ستقع نظرا لأن الزوج والزوجة قد قدما من بيئتين مختلفتين، لكل منهما أسلوب يختلف في الحياة عن الآخر، كما أن لكل منهما عاداته وتقاليده ومفاهيمه التي نشأ وترعرع عليها، ولا يحاول أن يتنازل عنها معتقدا أنه قادر على أن يشكل الطرف الآخر حسب هواه، فيعلمه من جديد ما الذي يحبه وما الذي يكرهه، وحين يفشل في ذلك يحدث الصدام والنفور وتتحول الحياة إلي صراع و نزاع وشقاق فيستدعي كل طرف أهله، ويبدأ في كيل الاتهامات للطرف الآخر حتى يثبت أنه الضحية وأنه على الحق، وهنا يصبح الأهل طرفًا أصيلاً في النزاع، بل في كثير من الأحيان يصير الأهل عاملاً من عوامل إشعال الخلافات والنزاعات بين الزوجين.
ابنتي الكريمة.. ذكرتِ في رسالتكِ أنكِ متزوجة منذ سنة ونصف، ورغم أنكِ في بداية حياتكِ الزوجية، إلا أنكِ قد ذكرتِ أن هذه الحياة (عبارة عن جحيم ومشاكل ونكد وخلافات مع زوجي وأهله ولا تمر ليلة دون أن أبكي وأذرف الدموع) ولم تذكري يا عزيزتي مثال واحد لتلك المشاكل ولا نوعيتها ولا من المتسبب فيها ولا كيف نشأت و تطورت حتى وصل الأمر إلي (الطلاق أكثر من مرة) وهذا أمر خطير أن يحدث طلاق بل عدة طلقات! فهل تعلمين أنه بالطلقة الثالثة تصير الزوجة محرمة على زوجها حتى تنكح زوجا آخر في زواج صحيح وليس بمحلل؟ هل أدركتِ أنكِ قد صرتِ على شفا هذا الحكم إن لم تعيدِ حساباتكِ وتبدأِ في تغيير نهج حياتكِ؟
لقد ذكرتِ أن زوجكِ (صعب وعنيد) وبدلا من أن تمتصي غضبه وتليني طبعه قابلتِ هذا بالعناد من ناحيتكِ، بل تعتبرين كرامتكِ فوق كل شيء، وأكثر من ذلك تصفين نفسكِ بأنكِ (لا أستطيع أن أتنازل) وبعد ذلك تدعين ربكِ أن (يفرج همكِ)! فكيف بالله عليكِ وأنت تهدمين بيتكِ بيديكِ وتشتتين طفلكِ الذي لم ير النور بعد، بدلا من استقباله في بيت مستقر تغمره المحبة والوفاق؟!
ابنتي العاقلة.. واضح من رسالتكِ أنكِ لا تعلمي أن الزواج شعيرة من شعائر الله، عظمها الله كما عظم سائر العبادات، إن أحسنتِ أداءها نلتِ الأجر والثواب، وإن أساءتِ أداءها أغضبتِ الله وصرتِ آثمة وناشز والعياذ بالله، ولهذا من المهم جدا أن تعلمي أن للزوج قدر كبير في الإسلام وضحه الرسول الكريم فيما معناه: «لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها» (رواه الترمذي)، ويقول أيضًا:{عليك به فإنما هو جنتك ونارك} (رواه السيوطي)، نعم لهذا الحد أعلى الإسلام منزلة الزوج بل جعل رضاه شرط لدخولكِ الجنة، فقد أخرج الترمذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة» (رواه الترمذي).
ألم تقل إحدى النساء لزوجها يوم العرس قل لي: "ما تحب حتى آتيه وما تكره حتى أجتنبه"، فهي قد عرفت الطريق لكسب قلب زوجها بفعل ما يحبه والبعد عما يكرهه، لا أن تقول: "لا أستطيع أن أتنازل وكرامتي فوق كل شيء! فاحذري يا صغيرتي من هذه اللغة فهي لن تحقق ما تتمنين من استقرار لحياتكِ الزوجية، بل ستعصف سريعا بها، فطاعة زوجكِ واحترامه من طاعة الله تعالى، والحرص على إرضائه سيذيب الكثير من المشاكل ويجعله هينا لينا ويبادر هو الآخر بالسعي لسعادتكِ والتغافل عن هفواتكِ، فحاولي إصلاح ما سبق بالصبر عليه وبالكلمة الحلوة ولا تنس الاستعانة بالذكر والاستغفار وطلب العون من الله تعالى، وصدق الله العظيم: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263].
ابنتي الفاضلة.. اجلسي مع زوجكِ جلسة مصارحة وتحدثي معه بكل ود أن تبدءا صفحة جديدة في حياتكما، عاهديه أن تبذلي كل ما في وسعكِ لإسعاده، أخبريه أنكِ سعيدة به وفخورة بالزواج منه، تخلصي من عنادكِ وكبركِ واطلبي منه أن يخبركِ عما يحبه وما الذي لا يحبه في كل شيء، بحيث لا تصنعي ما يُغضبه، وتجملي عند ثورته بالهدوء، قابليه بالابتسامة الحلوة والكلمة اللطيفة، والتمسي رضاه وكوني على هواه، فإن هذا شأن الزوجة العاقلة، فكوني له أمةً يكن لك عبداً، وكوني له أرضاً يكن لك سماءً، واحفظي عينه وسمعه وأنفه فلا يطلعن منك على قبيح ولا يشمن منك إلا أطيب الريح، واعلمي أنه لا يدوم زواج دون عطاء وتنازل وتغافل وتسامح وتغافر حتى تمضي سفينة الحياة برعاية رب الأرض والسماء.
كما أنصحكِ أن لا تفرحي إذا كان حزيناً، واحرصي على تقدير أهله، وخاصة أمه، ولا تكثري عليه اللوم والعتاب، وابذلي له الكثير من الاحترام والتقدير، واحرصي على جمالكِ ودلالك ِ، أشبعيه عاطفياً بالقبلة والاحتضان والمفردات الغرامية ولا تكلفيه فوق طاقته، واحذري من خروج مشاكلكما من غرفة نومكما، فليكن حلها بينكما إلا إذا تفاقمت، وبإذن الله لن تتفاقم إن اتبعتِ ما نصحتكِ به، احذري أن ترددي كلمة الطلاق على لسانكِ، بل كلما مرت بكِ شدة وضيق أطفئيها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرحيم، وبادري بالتودد إلي زوجكِ وأفسدي على إبليس اللعين خطته، وكوني الزوجة العاقلة المطيعة الحانية.
احلما سويًا بطفلكما القادم وكيف تعدان له بيتا سعيدًا مستقرًا، استشعرا المسئولية الكبيرة التي أنتما بصددها، فأنتما قد أكرمكما الله بأسرة مستقلة ووضع على كاهلكما مسؤولية عظيمة فكونا أهلا لهذه المسؤولية، انظرا إلي المستقبل بصورة متفائلة وهيئا أنفسكما لدور الأب ودور الأم، فهذا الدور ليس بالدور الهين، اقرءا سويًا في كتب تربية الأطفال وتدربا على ذلك.
ابتعدي عن المعاصي فإن لها شؤمًا، والإنسان يرى أثر معصيته لله في زوجه ودابته وبيته، وأكثري من الدعاء واصبري على الجفاء، وسوف يتغير الحال بحول رب الأرض والسماء، ولا داعي للانزعاج فإن الحياة الزوجية لا تخلو من أزمات.
اقرعي باب الرحمن الرحيم، اطلبي رضاه، وتجنَّبي مواضع غَضبه وسخطه، أوصيكِ بالصلاة، حافظي عليها في وقتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، تَقَرَّبي إليه سبحانه بالعمل الصالح، وأكثري من الدعاء أن يديم الله المودة بينكِ وبين زوجكِ وأن يرزقكما الذرية الصالحة وأن يوسع رزقكما وييسر أمركما ويجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.
وفي الختام.. أرجو اتباع هذه النصائح وموافاتنا بما يستجد لتقديم المزيد من النصائح فداومي التواصل معنا.
سميحة محمود
- التصنيف:
- المصدر: