إن لم تجد ردًا على سؤالك في قسم الفتاوى، يمكنك إرسال سؤالك ليجيب عليه أحد الدعاة

منع الدعاء على الوالدين وهجرهما

إن الإسلام دين عدل، ليس فيه شيءٌ مِن الظلم، وهو دين يُوافِق الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولا يشذ عنها في شيء، ومن هنا أباح الإسلام للمظلوم أن يطالبَ بحقِّه، وأن يدعو على مَن ظلمه، وأن يرد إساءة المسيء بمثلها، وعلى هذا تظاهرت الأدلة الشرعية، ولم يأت في الوحي ما يخص هذا العموم، ولو كان الظالم والدًا أو كبيرًا أو وليًّا أو وجيهًا، بيد أني قرأتُ لبعض العلماء الكبار فتاوى بحرمة الدعاء على الظالم إذا كان والدًا، وأن هذا مِن العقوق، فتعجبتُ؛ لأنه لم يأت في الوحي ما يخص هذا العموم، كما سبق، لكنهم يستدلون بغير دليل؛ مثل:

  1. استدلالهم بحرمة عقوق الوالدين، ولا أدري كيف أدخلوا الدعاء على الظالم بدون بغي في العقوق، فإن قالوا: العقوق هو الإيذاء، فإن إيذاء جميع المؤمنين حرام؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]، وهذا الخطابُ يشمل الوالدين، فلا يجوز إيذاؤهما بغير ما اكتسبوا، وإذا ظلم الوالد فقد اكتسب إثمًا، فلماذا خصوا الوالدين؟ وأنا لا أقول بتساوي الحقوق بين الوالدين وبين سائر المؤمنين، إنما أقول: عِظَمُ حق الوالدين بمجرده ليس دليلًا على حُرمة الدعاء على الظالم منهما، وإن فسروا العقوق بالإساءة، ولو كانت في مقابلة إساءة مثلها، فيرد عليهم بنص قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، وقوله: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: 41، 42]، والدعاء على الظالم والمسيء مما يدخل في الانتصار بعد الظلم، وبأي سلطان من الله يُمنع المظلوم من الدعاء على والده الظالم؟! وإن فسروا العقوق بأنه التسبب في غضب الوالدين، فهذا باطل يقينًا؛ لأن الوالد قد يغضب من فعل ولده واجبًا شرعيًّا، ولا يجوز للولد أن يترك الواجب أو يفعل المحرم بحجة عدم إغضاب الوالد إجماعًا، ومن المقرر - شرعًا - أن رضا الله لا يُقَدَّم عليه رضا أحدٍ من خلقه ولو كان هذا المخلوق والدًا، وإن فسروا العقوق بأنه قطيعة الرحم، وأن الدعاء على الوالد قطيعة له، فالجواب أن غير الوالد من الأرحام تحرم قطيعته، ويجوز الدعاء عليه إذا ظلم، فبطل قولكم!
  2.  ومن الأدلة التي استدلوا بها: أن الله أوجب مصاحبة الوالدين بالمعروف، والدعاء عليهما ينافي ذلك، فالجواب أن الدعاء على الوالد الظالم في غير حضوره لا يلزم منه عدمُ المصاحبة بالمعروف، وهذا ظاهرٌ، كما يصاحب السلطان الظالم بالاحترام والتقدير، وعند الخلوة تلهج الألسنة بالدعاء بأن يهلكه الله.
  3.  ومن الأدلة التي استدلوا بها قولهم: إِ {نَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، ومع ذلك أوجب الله أن يصاحب الوالدان المشركان بالمعروف.

فالجواب: أنا لا نسلم أن الدعاء عليه منافٍ للمصاحبة بالمعروف كما سبق، ولو سلمنا بأنه منافٍ فإن القياس باطل؛ لأن الشرك اعتداء على حق الله، وظلم للنفس، ونحن نتكلم عن الاعتداء على حقوق الخلق وظلمهم، ومعلوم أن حقوق الخلق مبنية على المشاحَّة، ولقد جاءت الشريعة بجواز مخاصمة الوالد إلى الحاكم، ومن المعلوم أن مخاصمة الوالد مما يسوؤه ويكدره، ويضيق صدره ويسخطه، وهذه الأمور لازمة للمخاصمة؛ فبطل إذًا دخولها في حد العقوق إذا كانت في مقابل ظلم، ولو سد باب الانتصار من الوالد الظالم حتى بالدعاء، لكان حريًّا بقلب الولد المظلوم أن ينفجر من الاحتقان والغيظ، وهذا أمر لا تأتي به الشريعة الكاملة الصالحة المصلحة لجميع الشؤون؛ قال الله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، إن الشريعة لا بد أنها حفظت حق الولد كما حفظت حق الوالد، وأنها تبقي على فطرته سليمة سوية، ولا يمكن أن تخلو الشريعة من حفظ حق الولد بحجة أن حقه سيأخذه في الآخرة؛ لأن الإسلام دين يضبط الناس، وينظم حياتهم الدنيوية؛ فالشريعة كفلت للولد - عند وجود الموجِبِ - حق بغض الوالدين، والغضب منهما بغير بغي، ومطالبتهما بتأدية واجباتهما، وأمرهما بالمعروف، ونهيهما عن المنكر، ومنعهما منه، وعصيانهما في معصية الله، وفيما لا مصلحة لهما فيه، وفيما هو خطأ، وفيما فيه ضرر، وفيما يشق مشقة غير معتادة، وفيما يؤدي إلى مفسدة ظاهرة، وكفلت الشريعة - أيضًا - حق مخاصمة الوالدين إلى الحاكم إذا منعَا حقًّا من حقوق الولد، وحق هجر الوالدين، وكيف لا تكفل الشريعة حق هجر الوالد، إذا كان لا ينفك عن إهانة واضطهاد وظلم ولده؟! إنه لا يمكن للإنسان السوي أن ينبسط - في الطبيعة البشرية - إلى من هو مقيم على ظلمه وإهانته، وأن يحترمه ويقدره ويحبه ويرضى عنه من قلبه؛ إن الغلو في شأن الوالدين حرام:

  1.  لأنه افتراء على الله.
  2.  ولأنه اتهام لدينه بالنقص.
  3.  ولأنه يؤدي إلى سوء الاعتقاد في الشريعة أنها لا تكفل حقوق الأولاد في الدنيا، ويؤدي إلى تنفير الناس منها.

فما رأيُكم فيما تقدم؟

 

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:فالدعاء على الوالدين الظالمين -أيُّها الابنُ الكريمُ- ليس مِن العُقُوق فحسب، وإنما هو من أشد أنواع العقوق، وأبشع صور الإساءة، وما ورد من جواز الدعاء على الظلمة إنما هي أدلة عامة لا تشمل الوالدين؛ لما ورد ... أكمل القراءة

حكم تعليق التمائم والحلف بغير الله

عندما يمرض شخص يذهب إلى السادة ويكتبون له أوراقاً يعلقونها في رؤوسهم، فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك الحلف: هناك من يحلف بغير الله، أو يحلف بهؤلاء السادة فما الحكم في ذلك؟

تعليق التمائم على الأولاد خوفاً من العين أو من الجن أو من المرض أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى وإن كانوا كباراً لا يجوز؛ لأن هذا فيه نوع من التعلق على غير الله سبحانه وتعالى، وهو لا يجوز لا مع السادة ولا مع غيرهم من الناس؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تعلق ... أكمل القراءة

حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

اعتاد بعض الناس الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصبح الأمر عادياً عندهم ولا يعتقدون ذلك اعتقاداً فما حكم ذلك؟

الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من المخلوقات منكر عظيم، ومن المحرمات الشركية، ولا يجوز لأحد الحلف إلا بالله وحده، وقد حكى الإمام ابن عبد البر رحمه الله الإجماع على أنه لا يجوز الحلف بغير الله، وقد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، وأنه من الشرك؛ كما في الصحيحين عن ... أكمل القراءة

دحض مقولة أن النبي إذا نظر لمتزوجة طلقها زوجها وتزوجها

السلام عليكم انا قرأت للقرطبي تفسير سورة الأحزاب و لما القرطبي جاء ليفسر آية ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن و ما ملكت يمينك. قال إن الرسول إذا وقع نظرة علي إمرأة وجب علي زوجها أن يطلقها و الرسول يتزوجها. ليه القرطبي قال هذا الكلام لماذا علي الزواج طلاق زوجته إذا نظر الرسول الي زوجة الرجل

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فما ورد في السؤال قد حكاه بعض أهل العلم أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عزاه القاضي ابن العربي لأبي المعالي الجويني، وقاله غيره من متأخيري الشافعية الذين لا يميزون بين صحيح الحديث وضعيفة، وقد نص أهل العلم ... أكمل القراءة

شهادة طلاق مخالفة للواقع

تزوجت ثيبا، وقبل الزفاف بأيام وقعت عليها وجامعتها جماع الأزواج، وبينما نحن نتجهز للزفاف أراد والدها كتابة قائمة تحتوي على كمية كبية من الذهب، ولم أشأ أن أدخل في مشاكل واتفقت مع زوجتي على الطلاق بالمعروف ولكنها طلبت ألا أخبر أحدا بدخولي بها خوفا من أهلها وبالفعل طلبت من المأذون كتابة الطلاق قبل الدخول فكتبه بائنا بينونة صغرى خلافا للواقع، ولكني أوقعت الطلاق حينها رجعيا في نيتي ثم طلبت مني زوجتي بعدها بأيام أن أردها، فرددتها وراجعتها . فما حكم الرجعة ؟ وهل يجوز لأهلها أن يطالبوها بالزواج ؟

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:فإن كان الحال كما ذكرت، أنك جامعت زوجتك ثم طلقتها بعد ذلك، فإن لك الحقُّ أن تُراجِعها ما لم تنقضِ عِدَّتُها، والعدَّة ثلاث حِيَض لذوات الحيْض، أو وضْع الحمْل لِلحامل، أو ثلاثة أشهر لِلَّتي لا تَحيض؛ سواء ... أكمل القراءة

ختم القرآن مرة أو مرتين مع التدبر أم العبرة بالكم

البعض يختم القرآن الكريم أكثر من مرة، ربما عشر مرات باعتبار ختمة كل ثلاث ليال، فأيهما أفضل ختمه مرة أو مرتين مع التدبر أم العبرة بالكم؟
قراءة القرآن الكريم من أجل القربات التي تشرع للمؤمنين في شهر رمضان المبارك، ولا غرو فإنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185]. ولقد كان من هدي النبي صلى الله عليه ... أكمل القراءة

ما هي الأمراض المزمنة التي تبيح الإفطار

هل مرض الضغط وقصور الدورة الدموية والخشونه والروماتيزم امراض مزمنة تبيح الفطار وجزاكم الله خيرا

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:فالدين الإسلامي مَبْناه على التيسير ورَفْع الحرج والمشقة،  فالله تعالى لم يُكَلِّفْ عباده إلا ما في طاقتهم؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، ... أكمل القراءة

بعد التوقف عن الذنب عدت مرة أخرى

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته انا شاب مسلم عمرى ١٦ عاما ابتلانى الله بالعادة السرية والافلام الاباحيه و انا فى عمر ١٣ توقفت منذ أكثر من ٦ اشهر عن تلك العادة بعد توفيق الله عز وجل لى ومكابده ظلت قبلها سنه حتى وفقنى الله عز وجل لكن عدت إلى تلك العادتين مرة أخرى بعد تلك الفترة ولا حول ولا قوه الا بالله

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:فلا شك أن الرجوع عن التوبة دليل على خلل في التوبة؛ لأن الله تعالى جواد كريم شكور، فلا يرد تائب ولا مستغفر، فكل من اجتهد في وتاب توبة صادقة فالله تعالى يقبل توبته، ويغفِر ذنبه، ولعل أشهر الأخطاء التي تسبب ... أكمل القراءة

نسيان مسح الأذنين في الوضوء

من نسي مسح أذنيه في الوضوء، هل يلزمه إعادة وضوئه؟

القول المحقق والمرجح أن الأذنين من الرأس، فلهما حكم مسح الرأس، ومسح الرأس من فروض الوضوء، ويجب تعميمه، لكنه ليس مثل الفروض التي يجب غسلها، فلو فرَّط في شيء يسير من الرأس لم يصبه البلل من المسح فأمره أسهل من غسل الوجه الذي يجب استيعابه، أو غسل اليدين، أو غسل الرجلين، مع الخلاف بين أهل العلم في أنه ... أكمل القراءة

معنى: نقص العقل والدين عند النساء

دائما نسمع الحديث الشريف ((النساء ناقصات عقل ودين)) ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة. نرجو من فضيلتكم توضيح معنى هذا الحديث؟

معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن" فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها ؟ قال: "أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل؟" قيل: يا رسول الله ما نقصان دينها؟ قال: "أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، بين عليه الصلاة ... أكمل القراءة

العمل في مصنع للملابس المكشوفة

أعمل بمجال تصنيع الأزياء من ملابس ساترة وملابس كاشفة فهل هذه المهنة حرام؟

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:فيجوزُ للمرْأة العملُ إذا أمِنَتِ الفِتْنة، والتزمتْ بالضَّوابِط الشرعيَّة في خروج المرأة، وكان العملُ مباحًا؛ ويراجع فتوى اللجنة الدائمة: "ضوابط عمل المرأة خارج بيتها".أمَّا العملُ في مَجال تصْنيع ... أكمل القراءة

هل يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل الخلق؟

هل يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل الخلق؟
وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أفضل الخلق، شائع في كلام أهل العلم، قديما وحديثا، وقد حكى جماعات من أهل العلم الاتفاق على ذلك، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (2/417): "والأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين"اهـ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء، فيكون أفضل الخلق، فهو ... أكمل القراءة
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
12 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً