العرس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

منذ 2008-10-09
السؤال: كيف كان العرس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الحالة التي يجب أن يكون عليها؟
الإجابة: إن الأعراس إنما هي عقود مثل غيرها من العقود كعقد البيع والشراء والإجارة وغير ذلك، لكنها خُصّت بمزيد عناية فجعل الله عقد النكاح ميثاقاً غليظاً، ولذلك خصّه الله تعالى بعدد من الخصائص، فلابد أن يميز عن غيره من العقود، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعقدوه في المساجد، وأعلنوه في المشاهد"، فلذلك تعقد عقود النكاح في المساجد، ولا يجوز عقد البيوع والأكرية في المساجد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرجل يبيع أو يبتاع في المساجد فقولوا له: لا أربح الله تجارتك"، أما عقود النكاح فيسن عقدها في المساجد، وإعلانها في المشاهد لتعلم لأنه يترتب عليها كثير من الحقوق كالميراث وغيره، فلذلك لم يكن العرس محلاً للتبذير ولا للإسراف، ولم يكن لقصد المغالاة، ولم يكن قط كذلك للاختلاط في العهود السابقة، لم يكن يقع فيه الاختلاط المذموم شرعاً ولا الفواحش المحرمة، فهو من الحلال والحلال ينبغي أن يدعو إلى الحلال وأن لا يدعو إلى الحرام.

ولذلك لابد من مراجعة العقود وأن تكون على الهدي النبوي، وعلى ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسأحدثكم بقصة واحدة من عمل السلف في الأعراس مثال فقط، تعرفون سعيد بن المسيب -سيد التابعين- وهو رجل من بني مخزوم، من أسرة عريقة هي أخوال عبد الله بن عبد المطلب أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، فأبوه المسيب بن حزن بن عمرو بن عائذ، جده حزن هذا خال عبد الله بن عبد المطلب، وهو من أسرة كريمة جداً، وكان أعلم التابعين بالمدينة، وكان غنياً وله ابنة كانت رائعة الجمال، وكانت حافظة لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عالمة من عالمات النساء، وأمها فاطمة بنت أبي هريرة رضي الله عنها، فكانت كريمة ابنة أبوين كريمين، أبوها عالم وأمها عالمة وجدها أبو هريرة رضي الله عنه، خطبها أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ليزوجها لابنه الأكبر الوليد بن عبد الملك، فرد هذه الخطبة أبوها سعيد، وقال: ليست كفؤاً لأمير المؤمنين لا تصلح له، فرأى طالباً من طلاب العلم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أهل خراسان جاء لطلب العلم وهو طالب فقير، فدخل عليه في ذلك اليوم، فسأله فقال: هل لك أهل؟ فاستحيى الطالب، وقال: أنا فقير مسكين ليس لي ما أتزوج به، فقال: إن رضيت فسأزوجك ابنتي، فقال: ليس لدي أي مال، فأهدى إليه سعيد أربعين ديناراً يصدقها بها، فدعا عدداً من التابعين في المسجد منهم عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر وفقهاء المدينة فعقد له العقد لهذا الرجل، وأخذ منه ذلك المهر، فخرج هذا الشاب الغريب إلى المكان الذي يسكن فيه إلى الحجرة التي يسكن فيها وهو يستحيي أن تدخلها بنت سعيد بن المسيب، حجرة ليس فيها فراش وليس فيها أي شيء، قال: فجلست أفكر كيف أعمل؟ فقد دخلت في فضيحة لو فتحت لي الأرض باباً لدخلت فيه، فبينما هو يفكر في تلك الغرفة وحيداً إذا سعيد يطرق عليه الباب، وإذا هو قد جاء بابنته فأدخلها في داخل الحجرة وجاءت معها بفراشها وكل مالها، فقال لها سعيد: لا أراك إلا مطلقة أو جنازة، أمرها أن تجلس في بيتها وأن تخدم زوجها، فكان هذا العرس هكذا، لا يمكن أن تذكروا لي في هذا الزمان امرأة هي أشرف من تلك المرأة من بني مخزوم من قريش وأبوها سعيد بن المسيب وأمها فاطمة بنت أبي هريرة وهي عالمة لا يمكن أن تعدلوها بامرأة من نسائكم اليوم فلذلك ينبغي أن تكون الأعراس على هذا النحو.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.

  • 24
  • 5
  • 158,160

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً