حكم الصدى الموجود داخل المساجد، وهل له حكم الترجيع؟

منذ 2013-11-17
السؤال:

ما حكم الصدى الموجود داخل المساجد؟ ولو قيل: إن هذا الصدى له حكم الترجيع؟

الإجابة:

الصدى الأصل في الكلام أن يكون بدون آلات، هذا الأصل فيه لاسيما في مواطن العبادة؛ لأن العبادة المفترض فيها أن تكون على ضوء ما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم-، لكن دعت الحاجة إلى وجود أمثال هذه الآلات التي تكبر الصوت وتبلغ الصوت إلى من بعد كمن قرب، فيقتصر عليها بقدر الحاجة.

ولا ينبغي أن يزاد على قدر الحاجة، فإذا كان الصوت يسمع الناس بوضوح لا ينبغي أن يزاد عليه بحيث يزعج الناس، وأحياناً يبالغ بعض الناس في استخدام هذه المكبرات، وهي متفاوتة في أقيامها، كما أنها متفاوتة في أدائها، فبعضهم يرفع على هذه المكبرات بحيث يزعج الناس إزعاجاً لا يحتمله أكثرهم، ومعلوم أن رفع الصوت خلاف الأصل، وهناك أمم أهلكت بالصيحات، فينبغي أن يكون الصوت بالقدر المبلغ لا يزيد على ذلك.

والصوت في الجملة رفعه ليس بممدحة، كما قال الله جل وعلا: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [لقمان: 19]، هي التي ترفع أصواتها.

لكن إذا دعت الحاجة إلى تبليغ الصلاة، ولئلا يكون خفض الصوت سبباً في بطلان صلاة بعض المصلين؛ لأنهم لا يعرفون متى يرفع الإمام؟ ومتى يسجد؟ ومتى يركع؟ ومتى يسلم؟ فإن هذه يشرع اتخاذها، وقد أفتى به أهل العلم، لكن لكونها على خلاف الأصل يقتصر فيها على قدر الحاجة.

وأما الصدى المصاحب لهذه الأصوات فلا شك أنه خلاف الأولى، فإذا ترتب عليه تكرار وترديد الكلام يشوش على المصلين وجعل العامي لا يدري هل هذا الترتيل أو هذا الترديد من الآلة نفسها أو من القارئ؟ فإنه حينئذ يمنع. أولاً: لعدم الحاجة الداعية إليه، وهذه الآلات جملة إنما أبيح استعمالها في العبادات، إنما هو للحاجة، فالحاجة تقدر بقدرها، ولا ينبغي أن يزاد عليها.

أما إلحاق هذا الصدى بالترجيع فالترجيع لم يرد في الصلاة إنما ورد في الآذان (1)، جاء الترجيع في قراءة أوائل سورة الفتح (2) لكنه خارج الصلاة، على أن من أهل العلم من لا يرى الترجيع أصلاً، ويقول: إن الترجيع الذي حصل إنما هو بسبب اضطراب الدابة (3)، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ سورة الفتح وهو على دابته، فنظراً لاضطرابها في مشيها حصل مثل هذا التردد أو الترديد والترجيع في الكلام، فلا ينبغي أن يعتمد هذا أصل ومبرر لوجود مثل هذه الآلات.

وهذه الآلات فيها شيء من المبالغة لتحسين الأصوات والداعي إليها، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، وإن كان هذا داخل النيات، إنما هو تحسين صوت الإمام، نعم إذا كان القصد منه ليكون القرآن المسموع بواسطة هذه الآلات أوقع في النفوس فقد جاء الأمر بتزيين القرآن بالأصوات، لكن يبقى أن هذه الآلات على خلاف الأصل، فينبغي أن يقتصر على قدر الحاجة منها.

_____________________
(1) أخرجه مسلم (379) من حديث أبي محذورة رضي الله عنه.
(2) أخرجه البخاري (4281)، ومسلم (794) من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.
(3) فتح الباري (8/584) و(13/515).

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

  • 4
  • 0
  • 13,250

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً