مُرور المرأة أمامَ المصلِّي
السَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاتُه،
من فضلِكم، هل مُرور المرأة - سواءٌ كانت حائضًا أم غير ذلِك - أمامَ المصلِّي أو مِن جِواره من أي جهة - يُبْطِل الصَّلاة؟ مع الدَّليل، بارك الله فيكم.
والسَّلام عليْكم ورحْمة الله وبركاتُه.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا مرَّت امرأةٌ بالغةٌ بين يديّ المصلِّي، إمامًا أَو منفردًا، في صلاة فرْض أَو نفْل - قَطَعَتْ عليْه صلاتَه وأبطلتْها، إذا صلَّى لغير سترة، وهذا هو الرَّاجح؛ لأدلَّة منها:
- ما رواه الإمام مسلم في صحيحِه، بإسنادِه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « »، ومؤخرة الرَّحْل: ذراع أو ثُلُثا ذراع.
- وروى مسلم أيضًا بإسنادِه عن أبي ذر - رضِي الله عنْه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « »، قلت: يا أبا ذر، ما بال الكلْب الأسْود من الكلْب الأحْمر من الكلْب الأصْفر؟ قال: يا ابْنَ أخي، سألتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كما سألْتَني فقال: « ».
- حديث أبِي سعيدٍ الخُدْري: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: « ».
وبِهذا قال الإمام أحْمد في رواية عنْه، وأبو محمَّد بن حزْم، ونُقل عن بعض الصَّحابة؛ كعبدالله بن عمر، وأَنس بن مالك، وأَبي هُريرة، وقال به الحسن البصري، وأَبو الأَحوص، وهو اختِيار ابن تيمية وابن القيم - رحِمهما الله.
وذَهَب جُمْهور العُلماء إلى أنَّ مرور تلك الأشْياء لا يقطع الصلاة؛ قال الإمام النووي: "وقال مالكٌ وأبو حنيفةَ والشَّافعي - رضِي الله عنْهم - وجُمهور العُلماء من السَّلف والخَلَف: لا تبطُلُ الصَّلاة بِمرور شيءٍ من هؤُلاء ولا من غيرهم"؛ (شرح النَّووي على مسلم)
واستدلُّوا بِحديث عائشة في الصَّحيحيْن أنَّها قالت: "بئْسما عدلْتُمونا بالكَلْب والحِمار، لقد رأيتُني ورسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم – يصلِّي، وأنا مضطجعة بيْنه وبين القِبْلة، فإذا أرادَ أن يسجُد، غمز رِجْلي فقبضتُهما".
وأُجيبَ بأنَّه ليس في محلِّ النِّزاع؛ لأنَّ النِّزاع في المرور بين يدَي المصلِّي، وليْس استِتار المصلِّي بزوجتِه، فهذا ليس بمرور، وإنَّما هو اضطجاع، والنبيُّ - عليْه الصَّلاة والسَّلام - يقول: « »، وفَرق بين المرور والاضطِجاع؛ فالمرأة لو اضطجعتْ بين يدي المصلِّي لم تقْطَع صلاتَه.
واستدلُّوا أيضًا بِما رواه أحمد وابن ماجه: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كان يصلِّي في حُجْرة أم سلمة، فمرَّ بين يديْه عبدالله أو عمر بن أبي سلمة، فقال بيده، فرجع، فمرَّت زينب بنت أمِّ سلمة - وهِي طفلة صغيرة - فقال بيده هكذا فمضت، فلمَّا صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: « »، وأُجيبَ بأنَّه حديثٌ ضعيف؛ فلا تقوم به حُجَّة.
ولو صحَّ فلا حجَّة فيه؛ لأنَّ ابنة أمِّ سلمة كانت صغيرةً، والنِّزاع في المرأة الكبيرة البالغة.
قال ابن القيم: "فإِن لم تكن سترة، فإِنَّه صحَّ عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أَنَّه يقطع الصَّلاةَ مرورُ المرأَة والحِمار والكلْب الأَسود، ثبت ذلِك عنْه من رواية أَبي ذرٍّ وأَبِي هُرَيْرة، وعبدالله بن مغفل وابن عبَّاس، ومعارض هذه الأَحاديث قسمان: صحيح غير صَريح، وصَريح غير صحيح، فلا يُتْرَك ما ثبت لمُعارِضٍ هذا شأْنُه"،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: