حكم الكدش
ما حكم قصَّات الشَّعر الَّتي نراها من بعْض الشَّباب، مثل الكدش وغيرها؟
أرجو إفادتي بذلك.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فيُباح قصُّ شعرٍ، أو حلْقه، أو ترْكه؛ ما لَم يكُن في ذلك تشبُّه بأهل الكفر والفجور، أو أهْل الفسق والمجون.
وكذلِك حرَّم الإسلام القزع، وهو حلْق بعْض الشَّعر وترْك بعضه، كمَن يَحلق جوانِبَ رأسِه ويترك وسطه؛ ففي الصحيحَين عن ابن عمر - رضِي الله عنْهُما -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - "نهى عن القزع"، قال: قلتُ لنافع: ما القزع؟ قال: "يحلق بعضَ رأْس الصَّبيِّ ويترُك البعض".
قال النَّووي في شرحه للحديث: "وأجْمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضعَ متفرِّقة، إلاَّ أن يكون لمُداواة ونحوِها، وهِي كراهة تَنْزيه".
والَّذي نعرِفُه عن الكدش: أنَّه ترْك الشَّعر حتَّى يكبر جدًّا ويفحش، وهو مأْخوذ عن الكفَّار، فلا يجوز تقْليدهم، فقد حذَّر من ذلك النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: «
»؛ رواه أبو داود عن ابن عمر.قال أبو العباس القرطبي في "المفهم": "هو جارٍ في كلِّ الألوان والأحْوال، حتَّى لو اختصَّ أهْل الظُّلم والفسق بشيءٍ ممَّا أصله سنَّة - كالخاتم والخِضاب والفرق - لكان يَنبغي لأهل الدِّين ألاَّ يتشبَّهوا بهم؛ مخافة الوقوع فيما كرِهَه الشَّرع من التشبُّه بأهل الفسق، ولأنَّه قد يَظنُّ به مَن لا يعرفه أنَّه منهم، فيعتقد ذلك فيه، وينسبه إليْهم، فيظن به ظنَّ السوء، فيأثم الظَّانُّ بذلك، والمظنون بسبب المعونة عليه".
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3 /140): "نهى عن التشبُّه بأهل الكتاب في أحاديثَ كثيرة؛ كقوله: « »، وقوله: « »، وقوله في عاشوراء: « »، وقوله: « »، وروى الترمذي عنْه: « »، وروى الإمام أحمد عنْه: « »، وسرُّ ذلك: أنَّ المشابَهة في الهدْيِ الظَّاهر ذريعةٌ إلى الموافقة في القصْد والعمل".
وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم "اقتضاء الصراط المستقيم مُخالفة أصحاب الجحيم": أنَّ المشابَهة في الأمور الظَّاهرة تُورث تناسُبًا وتشابُهًا في الأخلاق والأعمال؛ ولهذا نُهينا عن مشابهة الكفَّار ومشابهة الأعاجم، ومشابهة الأعراب، ونُهي كلٌّ من الرِّجال والنِّساء عن مشابَهة الصِّنْف الآخر".
وعليه؛ فلا يجوز التشبه بالكفار والفساق في قصات الشعر كالكدش،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: