الخلوة في المصلَّى
السلام عليْكم ورحمة الله وبركاته،
أنا طالب في ألمانيا وعندنا في الجامعة مصلًّى للصَّلاة، وهو عبارة عن غُرفة في السِّرْداب – أي: تحت الأرْض - وكانت للرِّجال فقط، ولكن بعض الأخَوات جئْن ووضعْنَ في نصف الغُرفة حاجزًا من قماش، كستارة أو ما يسمَّى "شرشف".
وفي بعض الأحيان تأْتي أخت لتصلِّي، وتَجد أحدَهم في المصلَّى، وتدْخُل وتصلِّي، فيقع نوع من الخلْوة؛ إذ في تلْك اللَّحظة لا يوجد إلاَّ هذا الرجُل وتلك المرْأة في المصلَّى، والعازل بينَهما هو ذلك الشرشف، فأنكرت عليهم ذلك و لكنهم لم يستمعوا لي ، فما هو الحكم في ذلك؟ هل تُعتبر تلك خلوة؟ أم أنَّه لا بأس من الصَّلاة في تلك الصُّورة؟ وما العمل المناسِب بِحيث إنَّ الإخوة والأخوات لا يضيعون الصَّلاة ولا تحدُث خلوة؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد سبق أن بيَّنَّا حكمَ وضْع الحاجز بين النِّساء والرِّجال في المصلَّى، في فتوى: "ائتمام النساء بالرجال مع وجود فاصل".
أمَّا الخلوة الممنوعة شرعًا بين الرجال والنساء، فهي: أن تَخلو به عن مشاهدة مميِّز، فإنْ شاهدَها مميِّز، زالت الخلوة، وكذلك لو أتتِ امرأة أُخرى انتفت الخلوة.
والشَّارع الحكيم قد حسم مسألةَ المعصية والشَّر، وسدَّ الأبواب والذَّرائع والدَّوافع المفْضية إليْها؛ لما قد يترتَّب عليْها من شرٍّ؛ فقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «
»؛ رواه التِّرمذي.وفي "الصحيحَين": عن ابن عبَّاس عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: «
»، فقام رجل فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجتْ حاجَّةً، واكتتبتُ في غزْوة كذا كذا، قال: « ».قال شيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (15 /419): "حرّم الخلوة بالأجنبيَّة لأنَّه مظنَّة الفتنة، والأصل أنَّ كلَّ ما كان سببًا للفتنة، فإنَّه لا يجوز؛ فإنَّ الذريعة إلى الفساد يجب سدُّها، إذا لم يعارضها مصلحة راجحة؛ ولهذا كان النَّظَر الَّذي قد يفضي إلى الفِتْنة محرَّمًا، إلاَّ إذا كان لحاجة راجِحة، مثل نظر الخاطِب والطَّبيب وغيرهما، فإنَّه يُباح النَّظَر للحاجة مع عدم الشهوة".
وعليه؛ فلا يجوز وجود رجُل وامرأة بمفردِهِما في المصلَّى الَّذي في السرداب؛ لأنَّ الظَّاهر أنَّها خلوة ممنوعة؛ لابتعادِهِما عن أعيُن النَّاس، ووجود الشرشف لا يرفع الخلوة،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: