هل أنا عاق لوالدي؟

منذ 2018-07-04

المشكل ان كل مالم يقدماه لي في صغري و بعدهم عني يظهر الان في كبري اجد نفسي لا احدثهم و انفر منهم لكن بطريقة غرائزية وليس عن قصد مني و رغم اني لا اتطاول و لا اعصيهم لكن يتذمرون من بعدي عنهم باستمرار فهل انا اثم وعاق لهما ؟

السؤال:

كبرت في اسرة رغم توفيرها لي كل الاحتياجات المادية الا انها لم توفر لي شيئا من العناية التربوية امضيت طفولتي وحدي الابوان موجودان لكن لا اثر لهم على حياتي لا يحدثاني ولاشيئ و فوق ذالك تسببا بعدة صدمات نفسية افقدتني الثقة بهما و لم يعلماني شيئا من الصلاة او الفقه حتى ان نتائج ذالك ظهرت علي في كبري و اعاني من الكثير من المشاكل النفسية و التي اثرت على علاقاتي مع الناس و المجتمع حتى انني لا اذكر من طفولتي شيئا الا كلام عابر ك : من لعب مع والديه بكى و نحو ذالك

بالرغم من ذالك الحمد لله الذي هداني للصلاة و فعل الخير برحمته المشكل ان كل مالم يقدماه لي في صغري و بعدهم عني يظهر الان في كبري اجد نفسي لا احدثهم و انفر منهم لكن بطريقة غرائزية وليس عن قصد مني و رغم اني لا اتطاول و لا اعصيهم لكن يتذمرون من بعدي عنهم باستمرار فهل انا اثم وعاق لهما ؟

رغم اني اكن في نفسي اني لن اتركهم عند الكبر ... فما ذنبي انا ؟ ايلقى الانسان الا ما قدم ؟ وقمت برقية الشرعية و اتطوع الصيام و لي ورد يومي من القران و ابذل من الجهد الله اعلم به والله انهم ليؤذونني بقولهم ذالك واحجم عن الرد و اقول انهم قصرو و تركوني وحدي في صغري خوفا من ان يزيد الطين بلة او يحل علي غضب من ربي

افتوني في امري و اجركم على الله

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رَسُول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكرت أنك لا تتحدث مع والديك، وتنفر منهم، حتى أنهما يتذمران من بعدك عنهما باستمرار: فلا شك أن هذا عقوق وقطيعة، وتقصيرُ الآباء في حقوق الأبناء، أو قسوتُهم عليهم لا يُبرّر عقوقَ الأبناء أو تطاوُلَهم؛ فإذا كان كُفْرُ الوالدين بالله العظيم لا يُسقط حقَّهم في البِرّ والإحسان، فبالأحرى ألاّ يُسقطه تضييعُهما لحقّ الولد، أو الشدَّة في المعاملة، وإنَّما على الأبناء الاجتهادُ في طاعتهماوكسب رضاهما، فالشيطانُ يعظِّمُ دائمًا بعضَ الأُمور اليسيرة، ليغرسَ في القلب الكراهيةَللوالديْنِ ليَحْرِمَ الأبناء من الأجر العظيم للبر.

فجاهد نفسك على بِرّ والديك، فهو من أعظم القربات، وتقصير والديك تجاهك ليس عذرًا في القطيعة أو العقوق؛ لأن الله أوجب على الأبناء حقوقًا تجاه آبائهم، وأوجب كذلك للأبناء حقوقًا على الآباء، فعلى الأبناء الإحسانَ إلى الآباء، وطاعتَهُما وبِرَّهما، والإنفاقَ عليْهِما عند القدرة إذا كانوا فقراء وغير ذلك، ومصاحبتُهما بالمعروف ولو كانا كافرين، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَتُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36]، وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء: 23-24]‏، وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14-15].

أما كون الإنسان يحصد ما زرع، أو أن الجزاء من جنس العمل وهكذا، فلا يبرر قسوتك معهم، ولا يرفع الوزر عنك، فهل يقال إن من سرق يسرق، لأن يداه هي من أوكتا وفاهه هو من نفخ؟!

 فاحذر أيها الأخ الكريم من سوء معاملة والديِك من أن يسخط اللهُ عليكَ؛ فإن رضى الرَّبّ في رضى الوالدين، وسَخَط الربّ في سَخَط الوالدين؛ كما في الحديث الذي رواه التّرمذِي والحاكمُ وصحَّحه ووافقه الذهبيُّ والألبانيُّ،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 0
  • 38,308

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً