معنى قوله تعالى: (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا) هل هو الوصول إلى قمم الجبال أم مساواتها في الطول؟

منذ 2021-04-23
السؤال:

يقول الله تعالى في سورة الإسراء: {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} فما معنى هذه الآية تحديداً؟ لأننا نرى أن الإنسان قد بلغ فعلاً إلى أعالي الجبال بما في ذلك قمة إيفرست. - من الأشياء التي ذكر القرآن أن الإنسان لا يحيط بها علماً هو معرفة ما في الأرحام، ولكن العلم الحديث قد بلغ بحيث يستطيع المرء أن يعرف ما في الرحم إن ذكراً كان أو أنثى، فأرجو الشرح.

إنني أحب القرآن وليس في قلبي أي شك نحوه، ولكني أريد معرفة تفسير هاتين الآيتين. وسؤال أخير هو: عندما يقول الله أنه جعل بين البحرين حاجزاً، فما البحر المقصود هنا، وهل تم تحديد مكانه؟

الإجابة:

الحمد لله.


أولا:
قال الله عز وجل:
{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} (الإسراء/ 37).
قال القرطبي رحمه الله:
{وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا} أَيْ لَنْ تُسَاوِيَ الْجِبَالَ بِطُولِكَ، وَلَا تَطَاوُلِكَ " انتهى من " تفسير القرطبي " (10/ 261) .


وقال الشوكاني رحمه الله:
" أَيْ:
وَلَنْ تَبْلُغَ قُدْرَتُكَ إِلَى أَنْ تُطَاوِلَ الْجِبَالَ، حَتَّى يَكُونَ عِظَمُ جُثَّتِكَ حَامِلًا لَكَ عَلَى الْكِبَرِ وَالِاخْتِيَال ِ، فَلَا قُوَّةَ لَكَ حَتَّى تَخْرِقَ الْأَرْضَ بِالْمَشْيِ عَلَيْهَا، وَلَا عِظَمَ فِي بَدَنِكَ حَتَّى تُطَاوِلَ الْجِبَالَ، فَمَا الْحَامِلُ لَكَ عَلَى مَا أنت فيه؟ " انتهى من " فتح القدير " (3/ 271) .


وقال الشنقيطي رحمه الله:
" أَيْ:
أَنْتَ؛ أَيُّهَا الْمُتَكَبِّرُ الْمُخْتَالُ: ضَعِيفٌ حَقِيرٌ، عَاجِزٌ، مَحْصُورٌ بَيْنَ جَمَادَيْنِ، أَنْتَ عَاجِزٌ عَنِ التَّأْثِيرِ فِيهِمَا، فَالْأَرْضُ الَّتِي تَحْتَكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِيهَا فَتَخْرِقَهَا بِشِدَّةِ وَطْئِكَ عَلَيْهَا، وَالْجِبَالُ الشَّامِخَةُ فَوْقَكَ لَا يَبْلُغُ طُولُكَ طُولَهَا ; فَاعْرِفْ قَدْرَكَ، وَلَا تَتَكَبَّرْ، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا " انتهى من " أضواء البيان " (3/ 156) .

فمعنى قوله: {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} لن تبلغ أيها المتكبر بتكبرك وبطرك واستعلائك ـ في الطول وعظم الهيئة ـ الجبالَ، ولو شاء الله لخسف بك الأرض فسخت فيها، ففيم التطاول ؟
وليس المعنى: أنك لن تقدر على الوصول إلى أعالي الجبال، والصعود إليها؛ فما زال الناس يصعدون قمم الجبال من قديم، ولا عجب لهم في ذلك، ولا عجز لهم عنه؛ فمعنى الآية: لا علاقة له بذلك الأمر، لا من قريب، ولا من بعيد !!

ثانيا:
قال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان/ 34].
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}  هو العلم التام بالجنين قبل أن يُخَلَّق: في مقدار مدته في بطن أمه، وحياته، وعمله، ورزقه، وشقاوته أو سعادته، وكونه ذكراً أم أنثى ...إلخ .

أما بعد أن يخلق: فليس العلم بذكورته، أو أنوثته من علم الغيب المطلق؛ لأنه بتخليقه صار من علم الشهادة، إلا أنه مستتر في الظلمات الثلاثة، التي لو أزيلت لتبين أمره، ولذلك يمكن معرفة جنس الجنين عن طريق الأشعة التي تخترق هذه الظلمات.
 

فليس العلم بنوع الجنين بعد أن يخلق في بطن أمه من علم الغيب الذي اختص الله به .
والعلم الحديث الذي يستطيع أن يتعرف على نوع الجنين بعد أن خلق في بطن أمه، لا يستطيع أن يتعرف على غير ذلك من أمره كله، وحياته، ومماته، وعمله، ورزقه، وشقاوته أو سعادته .

 

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب

  • 7
  • 0
  • 2,077

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً