بسم الله الرحمن الرحيم إكرام ذي الشيبة المسلم تعظيم للخالق المنعم الخطبة ...

بسم الله الرحمن الرحيم

إكرام ذي الشيبة المسلم تعظيم للخالق المنعم



الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله العلي الكبير، اللطيف الخبير، خلق كل شيء فأحسن

التقدير، رفع الناس بعضهم فوق بعض درجات ليبلوهم، فهذا غني وذاك فقير، وخلق الخلائق فمنهم قوي وضعيف وصغير وكبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يخلق ما يشاء ويختار سبحانه هو العلي الكبير، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا ومعلمنا محمدا رسول الله أرشدنا وحثنا على تقدير وإكرام المسلم الكبير، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه
ومن سار على نهجه من يومنا هذا إلى يوم الدين إنك على كل شيء قدير.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب:70-71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة،
وكل بدعة ضلالة، أجارني الله وإياكم من البدع والضلالات.

معاشر المسلمين الموحدين:

من أراد تعظيم الخالق المنعم فليكرم ذا الشيبة المسلم؛ وقد جاء ذلك فيما رواه أبو داود بإسناد لا بأس به وصححه الألباني، قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى» أي من تعظيمه الذي يملك به الإنسان خير الدنيا والآخرة، «إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ».

النصر والرزق يناله ويستحقه من أحسن إلى الضعفاء من الرجال والولدان والنساء، حبيبنا ونبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- يوصينا برحمة الضعفاء، ففي سنن الترمذي بإسناد صحيح من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» أي اطلبوا الضعفاء، فأحسنوا إليهم، وبروهم، وتفقدوا أحوالهم، فمن أراد نصرا أو رزقا من الله، فليرحم الضعفاء.

أيها المسلمون الرحماء:

الجنة والدرجات العلى تُزف لأصحاب القلوب الرقيقة بكل ذي قربى ومسلم؛ روى مسلم في صحيحه من حديث عياض -رضي الله تعالى عنه-، قال: «أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ» أي صاحب ولاية، عادل، محسن، مسدد في قوله وعمله، ثم قال -صلى الله عليه وسلم- في بيان أصحاب الجنة الثلاثة قال: «وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ بِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ» ثم قال صلى الله عليه وسلم في ثالث أصحاب الجنة: «وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ» أي صاحب حاجة
وصاحب قلة ذات اليد، وله من يعول لكنه عفيف في نفسه عما يكون من المكاسب الرديئة، متعفف عن أن يسأل الناس.

هذا الأجر العظيم يناله من أحسن إلى المسلمين وذي القربى، فكيف بالإحسان إلى الوالدين، لا شك أن الأجور مضاعفة، فالسعادة والفوز في الدنيا والآخرة ينالها من أحسن إلى والديه وبر بهما خاصة عند الكِبر، والخسارة والخزي والعار لمن فرط في حق والديه؛ روى مسلم في صحيحه عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: «رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: مَن أدْرَكَ والديه عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ».

فبر الوالدين عند الكِبَر من أوجب الواجبات علينا جميعا، قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ ]الإسراء: 23، 24[.

رسولنا –صلى الله عليه وسلم- يضرب لنا أروع المثل في احترامه لكبير السن حين جاءه الرجل مسلما، ففي مسند الإمام أحمد أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه جاء بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم
الفتح، يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يسلم بين يديه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر الذي جاء بأبيه وقد كبرت سنه، ووهن عظمه، قال: «لو أقْرَرْتَ الشيخَ في بيتِه لأتَيناه» أي لو تركته في مكانه نحن نأتيه، ثم دعاه -صلى الله عليه وسلم- للإسلام فأسلم.

الله أكبر.. أمير المؤمنين هي لا تعرفه، لكن الله يعرفه.
عمر –رضي الله عنه- أمير المؤمنين يتعهد عجوزا عمياء في سواد الليل والناس نيام، لكن الله لا
ينام، عمر يتعهدها ويقوم بخدمتها وإصلاح الطعام لها ورعايتها، والاهتمام بشؤونها، وهي لا
تعرفه، لكن الله يعرفه.

قمة في إكرام ذي الشيبة المسلم، صاحبها أول المبشرين بالجنة، ففي (كتاب سير السلف لقوام
السنة) أبوبكر الصديق-رضي الله عنه- يتعهد امرأة مع ابنتها فيقوم بحلب شاتهما ليطعمهما، الأم
وابنتها تعرفان أن الذي يحلب شاتهما هو أبوبكر، فلما تولى الخلافة قالا من يحلب لنا الشاة بعد
أن تولى الخلافة، فقال -رضي الله تعالى عنه-: "بل لأحلبنها لكم وأرجو أن لا يغيرني ما دخلت
فيه". أي: لا يغيرني ما توليت من ولاية عظمى عن أن أقوم بشأنكم وأسير على ما كنت عليه من صالح العمل.
نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر
المؤمنين من كل ذنب، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد.. فيا أيها الأحباب الكرام في الله:
فهذا رجل كبير السن -كما في حديث عبد الله بن بسر- يأتي للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ! فأخبِرْني بشيء أتشبث به. وفي رواية: ولا تُكْثِرْ. فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يزالُ لسانك رطباً من ذكر الله تعالى" رواه الترمذي وصححه الأرناؤوط.
بل جعل الإسلام للشيب الذي يظهر على رأس المسلم ولحيته قيمة عظيمة، وأجراً كبيراً، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، وحَطَّ عنه بها خطيئة" أخرجه الدارمي وصححه الألباني.
فإذا كانت توجيهات هذا الدين نحو الكبار واحترامهم بهذا السمو، فأين هذه القيمة العظيمة في
حياتنا؟ وأين حقوقهم في مجتمعاتنا وفي سلوكنا وتعاملاتنا؟ فكم من أبوين كبيرين عقهما هجرهما
وأساء معاملتهما أبناؤهما! وكم من شيخ أو إنسانٍ كبير تطاول عليه الصغار والشباب وسخروا
من كلامه ورأيه، قد يلمزه بقلة علمه، أو بسبب لونه، أو بعدم نظافة ملبسه، أو بسبب فقره، أو أنه من بلد غير بلده.
ما أعظم هذا الدين يراعي حقوق الكبار والصغار:
أمر الإسلام بتخفيف الصلاة مراعاة لكبر سنهم؛ روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء".
بل إذا تساوى الأئمة في حفظهم لكتاب الله، يصلي بهم الأكبر سنا.
حتى في السلام الصغير يبدأ بالسلام على الكبير، روى البخاري من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير".
من لم يعرف حق الكبير فهو على خطر عظيم، قال –عليه الصلاة والسلام: "مَن لم يرحم
صغيرنا ويعرِفْ حقَّ كبيرنا، فليس منا" رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وصححه الألباني

خلاصة القول:
خلاصة القول: من أراد الخير في حياته ومماته، والبركة في رزقه وعمره، والنجاة من عذاب الله
ومقته وغضبه، فليحسن إلى أبيه وأمه، خاصة الأكابر منهم والمسلمين، بالدعاء لهم، وحسن الخطاب معهم، وتقديمهم في الكلام والسؤال، وبدئهم بالسلام...
أسال الله أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى، واسأله أن يجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب،

اللهم أصلحنا وأصلح شباب المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح بنات المسلمين اللهم أصلحنا وأصلح نساء المسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويهدى فيه أهل معصيتكم ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا رب العالمين، اللهم اجعل هذا البلد آمناً وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، اجعل لنا وللحاضرين من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ومن كل عسر يسراً ومن كل ظالم نجا ارزقنا جميعاً من حيث لا نحتسب، من أرادنا أو أراد بلدنا بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره ، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً، لا تخرجنا جميعاً من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعي مشكور وتجارة رابحة لا تبور.
عباد الله: صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين حيث أمركم فقال ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ الأحزاب: 56 .


إعداد/ ياسر عبد الله محمد الحوري
...المزيد

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الارض ويوم العرض عليك اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها واجرنا من خزي ...

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الارض ويوم العرض عليك اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها واجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة يا حنان يا منان ياذا الجلال والإكرام، اجعل فى قلوبنا نورا وفي قبورنا نورا وفي اسماعنا نورا وفي انفسنا نورا وفي أهلنا نورا ومن تحتنا نورا وفي ابائنا نورا وفي امهاتنا نورا وفي ازواجنا نورا وفي ذريتنا نورا، واعطنا نورا وأعظم لنا نورا وأجعل لنا نورا من نورك فأنت نور السماوات والأرض يارب العالمين ياارحم الراحمين 🌻💙 ...المزيد

قال ﷺ :- اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والفوز بالجنة والنجاة من النار..

قال ﷺ :-
اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والفوز بالجنة والنجاة من النار..

ولاية العراق كركوك بتوفيق الله تعالى، استهدف جنود الخلافة آلية للحشد العشائري المرتد في قرية ...

ولاية العراق
كركوك
بتوفيق الله تعالى، استهدف جنود الخلافة آلية للحشد العشائري المرتد في قرية (الدكشمان) أول أمس، بتفجير عبوة ناسفة، ما أدى لإعطابها، وإصابة 3 عناصر كانوا على متنها، نسأل الله أن يعجّل بهلاكهم. ...المزيد

‏على الإنسان أن يكثر من الصلاة على النبي ⁧ #ﷺ⁩ كل وقت لا سيما في يوم الجمعة؛ فإن من صلى عليه ﷺ مرة ...

‏على الإنسان أن يكثر من الصلاة على النبي ⁧ #ﷺ⁩ كل وقت لا سيما في يوم الجمعة؛ فإن من صلى عليه ﷺ مرة واحدة صلى الله بها عليه عشرا.
‏⁧ #ابن_عثيمين⁩
‏⁧ #الجمعة⁩
‏⁧

بسم الله الرحمن الرحيم الحب الصادق للوطن بماذا يكون؟ الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً, ...

بسم الله الرحمن الرحيم
الحب الصادق للوطن بماذا يكون؟
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً, وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، و هو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، اللهم لك الحمد خيراً مما نقول, وفوق ما نقول, ومثلما نقول, عزّ جاهك، وجلّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك, ولا إله إلا أنت, والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين, هدى الله به البشرية, وأنار به أفكار الإنسانية، وزعزع به كيان الوثنية ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..
أيها الأحبة الكرام في الله:
لقد فطر الإنسان على أمور عديدة، من تلك الأمور أن يحبّ المرء ماله وولده وأقاربه وأصدقاءه، ومن هذه الأمور كذلك حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، وهذا الأمر يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص، وحينَ يولَد إنسانٌ في أرض وينشأ فيها فيشرب ماءَها ويتنفّس هواءها ويحيا بين أهلها فإنَّ فطرته تربطه بها فيحبّها ويواليها، ويكفي لجَرح مشاعر إنسانٍ أن تشير بأنه لا وطنَ له.
ما أعظمها وما أروعها من كلمات!!
إنها كلمات قالها الحبيب المصطفى - عليه الصلاة والسلام – وهو يفارق وطنه الذي تربى وترعرع فيه، إنها كلمات تكشف مدى حب النبي -عليه الصلاة والسلام- لوطنه، إنها تكشف عن حبٍّ عميقٍ، وتعلقٍ كبيرٍ بوطنه، بمكة المكرمة، كلمات قالها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يفارق مكة، بحلِّها وحَرَمها، بجبالها ووديانها، برملها وصخورها، بمائها وهوائها، هواؤها عليل ولو كان محمَّلًا بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار، وتربتُها دواء ولو كانت قفارًا.
فلمَّا وصَل أطرافَ مكة خارجًا منها، التفَتَ إلى أرضه ووطنه فجاشَتْ نفسه وقال: ((والله، إنّكِ لخيرُ أرضِ الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منك ما خرجت)) رواه الترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان وإسناده صحيح.
قال العينيّ رحمه الله: "ابتلى الله تعالى نبيَّه بفراق الوطن"، أُخرج من وطنه، أَخرجه قومُه؛ كما قال – تعالى -: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]،
بِلاَدِي وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ عَزِيزَةٌ وَأَهْلِي وَإِنْ ضَنُّوا عَلَيَّ كِرَامُ
ولأهمية الوطن وترابه، فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول كما في الحديث عن عائشة – رضي الله عنها-: ((باسم الله، تُرْبَةُ أَرْضِنا، ورِيقَةُ بَعْضِنا، يَشْفَى سقيمُنا بإذن ربنا)) رواه البخاري ومسلم.
واستحقَّ الصحابة - رضِي الله عنهم - المدحَ والثَّناء؛ لأنهم ضحوا بأوطانهم في سبيل نصرة دين الله،
قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:8]
وقد حكى الله – سبحانه وتعالى – عن نبيِّه إبراهيمَ – عليه الصلاة والسلام – أنه دعا لمكة المكرمة بهذا الدعاء، قال الله – تعالى -: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126].
ودعاء إبراهيمَ – عليه الصلاة والسلام – يُظهِر ما يفيض به قلبُه، مِن حبٍّ لمستقر عبادته، وموطن أهله.
ولقد دعا لمكة بالأمن والرِّزق، وهما أهم عوامل البقاء، وإذا فُقِد أحدُهما أو كلاهما فُقِدت مقوماتُ السعادة، فتُهجَر الأوطانُ، وتَعُود الديارُ خاليةً من مظاهر الحياة؛ ولهذا نرى أن الله – سبحانه وتعالى – شدَّد في عقوبة مَن يُفسِد على الديارِ أمنَها؛ بل جعل عقوبتَه أشدَّ عقوبةً على الإطلاق؛ قال – تعالى -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]، فهل بعد هذه العقوبة من عقوبة؟!
ولذلك جعل التغريب عن الأوطان في شريعة الرحمن، جُزءًا من العقوبة على بني الإنسان، إذا وقَع في الزنا من غير إحصان، وتوعد قوم شعيب شعيبا-عليه السلام- ومن تبعه بأن يخرجوهم من أرضهم أو يعودوا في ملتهم، ولوط -عليه السلام- توعده قومه بأن يكون من المخرجين إن لم ينته عن نصحهم.
معاشر المسلمين الموحدين:
كم يتلذَّذ الإنسان بالبَقاء في وطنه، وكم يحنُّ إذا غاب عنه، وكم ترخص الأرواح، وتُبذَل المُهَجُ لأجله، فحبُّه ومحبَّته تجري في العُروق، وتخفق بها القلوب، كيف لا وقد قرَن المولى - سبحانه - حبَّ الأرض بحبِّ النفس؟ قال - تعالى -: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [ النساء: 66]
بصلة الأرحام تطيب الإقامة في الديار:
ومما يتجلى فيه حبُّ الأوطان، صلة الأرحام، فهم قرابته وأنسه، وبهم تطيب الإقامة في الديار؛ لذلك جعل الله صلةَ الأرحام من أعظم القُرُبات، وقطيعتَهم قرينَ الإفساد في الأرض.
قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 22 – 24].
أيها الأحبة الكرام في الله:
من هو المسلم الصادق؟
إن المسلم الصادق أصدقُ الناس حبًا لوطنه، ويعمل كل خير لبلده، ويتفانى في خدمته، ويضحي للدفاع عنه ؛ لأنه يريد لأهله سعادة الدنيا والآخرة بتطبيق الإسلام، قال تعالى حكايةً عن مؤمن آل فرعون أنه قال: { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا} [غافر:29] ؛ قال ذلك محذرًا لقومه وناصحًا لهم ومريدًا لهم الخير والصلاح والنجاة .
وإن المسلم الصادق يعمل للأمة، ويحزن لحزنها، ويفرح لفرحها، ويدافع عنها، ويسعى لوحدتها.
وإن المسلم الحق يقدِّم الأقرب فالأقرب، ولا ينسى من هو بعيد، وكل مسلم على ثغر، فلْيحذر أن يُؤتى وطنُه، أو تؤتى أُمتُه مِن قِبَله.
بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي
أيها المؤمنون الأوفياء:
الحب الصادق للوطن بماذا يكون؟
حب الوطن الصادق لا يكون إلا بالسعي فيما يُصلحها، ولا صلاح لها إلا في دين الله تبارك وتعالى، ولا قَوام لها إلا بشرعه ، وكل ما عارض الشريعة فليس بإصلاح ، بل هو من الإفساد وليس من حب الوطن في شيء .
حب الوطن لمن أراد الخير والأمن لبلده، يكون بالإيمان بالله والعمل الصالح؛ قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا } [النور:55] .
حب الوطن يكون بتحكيمِ الشريعةِ على أرضه وبين أهلِه وعمارةِ أرجائه بالإيمان وتقوى الرحمن؛ قال تعالى:
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } [الأعراف:96] .
حب الوطن يكون بإعلاءِ شأن الدّعوة إلى الله فيه وإقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال سبحانه وتعالى : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41] .
حب الوطن يكون بالابتعاد عن الذنوب والمعاصي، وإقصاء الفساد والإنحلال والرذيلة، فإنه دمارٌ للديار وهلاك لأهلها؛ قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41] .
حب الوطن - عباد الله - يكون بالبعد عن البطر وكفران النعم، قال جل و علا: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل:112] .
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم
واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد فيا عباد الله: -
خلاصة ما نقوله، أين يظهر الحب الحقيقي للوطن؟
حب الوطن يظهر في إخلاص العامل في مصنعه، والموظف في إدارته، والمعلم في مدرسته، حب الوطن يظهر في إخلاص أصحاب المناصب والمسؤولين فيما تحت أيديهم من مسؤوليات وأمانات، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمواله وثرواته، حب الوطن يظهر في تحقيق العدل ونشر الخير والقيام بمصالح العباد كلٌّ حسب مسؤوليته وموقعه، حب الوطن يظهر في المحافظة على أمنه واستقراره والدفاع عنه، حب الوطن يظهر بنشر القيم والأخلاق الفاضلة ونشر روح التسامح والمحبة والأخوة بين الجميع، وأن نحقق مبدأ الأخوة الإيمانية في نفوسنا، وأن ننبذ أسباب الفرقة والخلاف والتمزق، وأن نقيم شرع الله في واقع حياتنا وسلوكنا ومعاملاتنا، ففيه الضمان لحياة سعيدة وآخرة طيبة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". صحيح مسلم
عباد الله، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.....
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد. وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهمَّ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين . اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. اللهم آت نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم يا ربنا يا قوي يا عزيز يا ذا الجلال والإكرام انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان ، اللهم انصرهم في أرض الشام وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم، اللهم أصلح ذات بيننا ، وألِّف بين قلوبنا ، واهدنا سبل السلام ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا يا ذا الجلال والإكرام . اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ، وأن تجعل كل قضاءٍ قضيته لنا خيرا يا رب العالمين . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات .
جمع وإعداد/ ياسر عبد الله الحوري
...المزيد

مناجاة الحمد لله الذي لا يكشف الشدائد إلا هو. ولا يدفع المكائد إلا هو. وما مراد العابدين في ...

مناجاة
الحمد لله الذي لا يكشف الشدائد إلا هو.
ولا يدفع المكائد إلا هو.
وما مراد العابدين في الدارين إلا هو.
وما مطلوب الخاشعين في الكونين إلا هو.
لا حافظ، ولا ناصر، إلا هو.
(غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو).
موسى على الطور حين ناداه، قال: لا إله إلا هو.
يونس في بطن الحوت حين ناداه، قال: لا إله إلا هو.
ويوسف في قعر البئر حين ناداه، قال: لا إله إلا هو.
وإبراهيم في نار الحريق حين ناداه، قال: لا إله إلا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
...المزيد

الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله

الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

إن الروافض شر من وطئ الحصى ... من كل إنس ناطق أو جان مدحوا النبي وخونوا أصحابه ... ورموهم بالظلم ...

إن الروافض شر من وطئ الحصى ... من كل إنس ناطق أو جان

مدحوا النبي وخونوا أصحابه ... ورموهم بالظلم والعدوان

حبوا قرابته وسبوا صحبه ... جدلان عند الله منتقضان

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ ...

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)

تضمنت الآيات أركان الإيمان وقد ورد في فضلها ما رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((منْ قَرَأَ بالآيتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورةِ البقَرةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )) "متفقٌ عَلَيْهِ." وقد تضمنت ثلاثة مسائل كبرى في العقيدة :

المسألة الأولى في الإيمان : أن تؤمن بالله : أي توحده توحيد الربوبية ( وهو أن تؤمن بأن الله ربك ورب الخلق جميعا وخالقهم ورازقهم وحده لا شريك له وهو مدبر أمورهم) , وتوحيد الألوهية (وهو أن تعبد الله وحده لا شريك له ولا تعتقد الضر والنفع لأحد سواه ولا تتوسل إليه إلا بأسمائه وصفاته ولا تدعوا أحدا من دونه ولا تعتقد التصرف في الكون لأحد سواه ) وبالملائكة أي بوجودهم وأنهم مخلوقات نورانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ((لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))" التحريم , 6 " فهم مخلوقات خلقوا لعبادة الله وحده وتعظيمه وتقديسه ولكل منهم ما يؤمر به وينفذه بقدر الله من تصريف هذا الكون والله غني عنهم فهو المتصرف وحده في الكون حقيقة وحكما وبالرسل أنهم أرسلوا من عند الله جميعا فبلغوا وصدقوا لا نفرق بينهم في الإيمان وأن نقول (( سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)) : أي أن نكون سامعين لأوامر الله ونواهيه طائعين لها راضين بالعبودية والانقياد له مؤمنين بأن المصير إليه أي مؤمنين باليوم الأخر وقد دل على مضمون هذه المسألة حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ قال ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )) " الصحيحين "
المسألة الثانية أن الله لم يكلفنا فيما شرع لنا فوق طاقتنا وما هو ليس بوسعنا فأوامره ونواهيه التي شرع في طاقة البشر ووسعهم لذا يقول (( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا )) وهذه الآية تفسرها أية أخرى في سورة الحج ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) " الحج ,78 " : أي ما جعل عليكم في الدين ( وهو ما شرع ) من حرج : أي تضيق دليل على سماحة شرعة الله ((أَحَبُّ الدِّينِ إلى اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ )) " صحيح البخاري " .
المسألة الثالثة أن كل نفس لها ما كسبت من الخير وعليها ما اكتسبت من الشر فذلك قوله تعالى ((لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ )) وهذا التفسير يتوافق مع قوله تعالى ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ))
ثم تختم الآيتين بهذا الدعاء لندعوا به ((رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
((وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا )) : الإصر العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الخيرات
والثواب قال تعالى ((قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ))" أل عمران , 81" : أي عهدي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ، أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ)) " الصحيحين " .
...المزيد

ما هي مطالب وامنيات اهل النار بعد عذاب طويل لأهل النار في النار (والعياذ بالله) لا نعلم ...

ما هي مطالب وامنيات اهل النار
بعد عذاب طويل لأهل النار في النار (والعياذ بالله) لا نعلم مدته...
يطلب أهل النار أربع أماني ما هي..؟
(الأمنية الأولى) :-
يطلبونها من الله تعالى:-
(رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)
يريدون الخروج من النار.!!
فيرد الله عليهم :-
( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)...
بعد هذه الأمنية ييئسون من (روح الله) بعد ان يئسوا وعلموا ان أن لا خروج لهم منها.!!.... يطلبون الأمنية الثانية.!!
(الأمنية الثانية) :-
من ...من يطلبونها...من (مالك) خازن النار :-
(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)....يطلبون من
(مالك خازن النار) ان يشفع لهم عند الله...ليموتوا..!!! يريدون ان يموتوا ليرتاحوا من العذاب....
فيرد عليهم مالك :-
(قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ)....ماكثون في النار...
بعد ذلك..يتوجهون بأمنيتهم الثالثة إلى خزنة النار (الملائكة)
ويطلبون منهم....
(الامنية الثالثة) :-...
أمنية عجيبة تقشعر منها الابدان ماهي هذه الأمنية..:-.!!؟
(وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّار لِخَزَنَةِ جَهَنَّم اُدْعُوَا رَبّكُمْ يُخَفِّف عَنَّا يَوْمًا مِنْ الْعَذَاب } ..
..يالله..يريدون ان يرتاحوا..يوم...يوم فقط..من العذاب
فيأتيهم الرد من ملائكة خزنة جهنم :-
(أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات)...
(قالوا بلى)....
(قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال)
اي دعائكم غير مستجاب...
وبعد لك يطلبون امنيتهم الرابعة من ...من يطلبونها ..!!؟
من اصحاب الجنة..!!
( الأمنية الرابعة) :-...
ويا لها من أمنية بسيطة.....
(وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ) ... يتمنون شربة ماء..!!
أو...ماذا...!؟؟
(أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)..أو أي شيء...من رزق الله عليكم
فيردون عليهم :-.....
(قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
لماذا...ماذا كانوا يفعلون....!!؟
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا )
وماذا ايضا.....
(وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) ۚ
فما جزائهم بعد ذلك...
(فَالْيَوْمَ نَنسَاهُم)...ْ لماذا...؟؟؟
(كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ).
لو اتممت القراءة
انشرها ربما تكون سببا في انقاذ غافل
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
12 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً