خطبة بعنوان الرجال والرجولة في زمن قل فيه أخلاق الرجولة @ الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ...

خطبة بعنوان الرجال والرجولة في زمن قل فيه
أخلاق الرجولة @

الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهابُ المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه، صلاة تشرق إشراق البدور. عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلن وتمسكوا بما شرع الله لكم من الدين القويم، وأعلموا أن طاعة الله فيها السلامة والنجاة وفيها الرفعة والعزة، وإياكم والمعاصي فإنها توجب اليم العقاب ووبيل العذاب. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102]. {يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. سنقف وإياكم مع الرجال والرجولة. نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاءً كغثاء السيل. أو كما قال الشاعر: يثقلون الأرض من كثرتهم *** ثم لا يُغنون في أمر جلل نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ صدق فينا قول القائل: "يا له من دين لو كان معه رجال". نتكلم عن الرجال والرجولة، والأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم قوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23]. اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين. عباد الله: أختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم وتضييف الضيوف، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبيةً جهلاء، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت... لكن الرجولة بمفهومها الصحيح ومعناها الحقيقي هو ما ذكره الله تبارك وتعالى في ثنايا كتابه الذي:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]. عباد الله: لا بد أن نعلم أن هناك فرقٌ بين الرجل والذكر، فكل رجل ذكر، وليس كل ذكر رجل، ما أكثر الذكور لكن الرجال منهم قليل، ولقد جاءت كلمة (ذكر) في القرآن الكريم غالباً في المواطن الدنيوية التي يجتمع فيها الجميع، مثل الخلق وتوزيع الإرث وما أشبه ذلك، أما كلمة رجل فتأتي في المواطن الخاصة التي يحبها الله تعالى، ولذلك كان رسل الله إلى الناس كلهم رجال قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} [يوسف: 109]. عباد الله: الرجولة هي تحمُّلُ المسئولية في الذب عن التوحيد، والنصح في الله، والدفاع عن أولياء الله قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: 20]. ما جعله يأتي من أقاصي المدينة، وما جاء يمشي بل جاء يسعى لماذا؟ دفاعاً عن أولياء الله والدعاة إلى الله، إنها الرجولة الحقة بكل معانيها. الرجولة: قوةٌ في القول، وصدعٌ بالحق، كلمة حق عند سلطان جائر، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر:28]. الرجولة: صمودٌ أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات، حذراً من يوم عصيب يشيب فيه الولدان وتتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، قال الله تعالى: {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:37]. الرجولة: رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ، وتعاون وتضامن. الرجولة: ليست هي تطويل الشوارب ورفع الصوت والصياح وليست عرض للقوة والعضلات. عباد الله: إن الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والأخلاق الحسنة. الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال بيوت الله، في ظلال القران والسنة النبوية. الرجال هم الذين يَصدُقون في عهودهم، ويوفون بوعودهم، ويثبتون على الطريق، قال الله تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] الرجال: لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم فعن علي بن أبي طالب قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من دقّة ساقيه؟! إنّهما أثقل في الميزان من جبل أحد» (رواه أحمد وصححه ابن حبان). الرجال: هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]. عباد الله: عند الأزمات تشتد الحاجة لوجودالرجال الحقيقيين، عند الفتن نحتاج إلى رجال يثبتون على الحق ويدافعون عن الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. يقول الله تعالى: {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:23]. حاصر خالد بن الوليد (الحيرة) فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل! ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: "أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف: رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد". عباد الله: إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال. أيها المسلمون نحتاج إلى الرجال الذين يثبتون وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزماتوالفتن التي تجعل الحليم حيراناً، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجاليكونون قدوة للناس، إلى رجال يُثبِّتُون الناس على شرع الله. في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر بن الخطاب ا إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله. رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة. إنهم الرجال أقوياء الإيمان أقوياء العزائم فهم أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين. إن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح المعلم. عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده تعالى ونشكره ونثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أيها المسلمون: ميزان الرجال في شريعة الإسلام ليس المال وليس الجاه وليس المنصب إنما الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والإيمان القوي، مرّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«ما تقولون في هذا؟» قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال:«ما تقولون في هذا؟» قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا» (صحيح البخاري 6447). عنوان الرجولة تتجلى في محمد صلى الله عليه وسلم الذي علم الرجال وربى الرجال وهو الذي قال:«والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته» (سيرة ابن هشام 1/150). عباد الله: دعونا وإياكم نبحر ونغوص في كتاب الله عز وجل لنرى الرجولة في القرآن الكريم. لقد ذكر الله الرجولة في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعًا. - أول صفة من صفات الرجال وعلامة من علامات الرجولة في القرآن الطهارة بشقيها الظاهرة والباطنة قال تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108]. قول الله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108] أُسس على التقوى، أُسس على التوحيد، أسس على العقيدة الصحيحة لوجه الله {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] أحق أن تقوم فيه يا محمد من مسجد الضرار الذي بناه المنافقون. ما هي صفاته الأخرى؟ ما هي أهم صفة من صفاته؟ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. أين مكان أولئك الرجال؟! أين مكانهم؟! هل هم في الأندية أو في الحفلات؟! هل هم في الأسواق يمرحون ويسرحون؟! هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُفْرِغ الرجولة من معانيها؟! كلا أيها المسلمون {فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108] في هذا المسجد رجال. {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] يأتون إلى المسجد على طهارة، والله يحب هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة ظاهراً بالنظافة والنقاء والمحافظة على الوضوء والطهارة الباطنة من أدران المعاصي والحقد والحسد والبغضاء {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. فلنكن عباد الله: طاهرين في أقوالنا وأفعالنا. - الصفة الثانية من صفات الرجولة في القرآن: الصدق مع الله والثبات على المنهج الرباني: فمن صفات الرجال: أنهم يثبتون على المنهج الرباني الذي أنزله الله عزوجل قال الله عزوجل مادحاً صنفاً من أصناف الرجال:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، عاهدوا الله ثم صدقوا في الوعد، صدقوا ما عاهدوا الله على هذا المنهج، استمروا عليه، تشبثوا به، وساروا غير مضطربين ولا متحيرين، لا تعيقهم العوائق، ولا تقف أمامهم الصعوبات ولا الشهوات، ولا الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] ومات على هذا المنهج شهيداً عاملاً لمنهج الله عز وجل. {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23]ينتظر أن يتوفاه الله على حسن الختام؛ ليموت على هذا المنهاج غير مغيّر ولا مبدل. قال الله عز وجل:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ما بدلوا ولا غيروا ولا انحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهاج، ينتظرون أمر الله تعالىأن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب مستقيمون عليه، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم عز وجل. فالله الله في الصدق معه، فإنه بقدر صدقك يمنحك الله الثبات في الأقوال والأفعال والتصرفات، ويحرسك بعين رعايته. جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمن به واتبعه ثم قال:"أُهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن يعلموه"، فالذي أسلم حديثاً يلتقي بالقديم، الجديد مع القديم يأخذ معه ويتربى عنه، هناك تعليم واهتمام بالأفراد، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يهتم بأصحابه: "فلما كانت غزوةٌ، غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبياً، فقسم وقسم له -لهذا الأعرابي- أعطى أصحابه ما قسم له - يعني: أمرهم أن يوصلوا نصيبه إليه- فجاءوا به إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «قسمته لك»، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى بسهم هاهنا -وأشار إلى حلقه- فأموت وأدخل الجنة -لا غنائم، ولا أموال- فقال: «إن تصدق الله؛ يصدقك»، فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحمل وقد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أهو هو؟» قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: صدق الله فصدقه، ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبته ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: «اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً أنا شهيدٌ على ذلك» (رواه النسائي وهو حديث صحيح). قال صلى الله عليه وسلم:«من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه» (رواه مسلم). حج عمر رضي الله عنه وأرضاه في آخر حياته وقف في الأبطح ورفع يديه، وقال: "اللهم انتشرت رعيتي، ورق عظمي، ودنا أجلي، فاقبضني إليك غير مفرطٍ ولا مفتون، اللهم إني أسألك شهادةً في سبيلك وموتة في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم " ، فقال له الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور، فقال: " هكذا سألت واسأل الله أن يلبي لي ما سألت". فلمّا وصل إلى المدينة طُعن في صلاة الفجر، وفي أحسن وقت، وفي أجلَّ مقام، وفي أحسن مكان، طُعن بعدما صلَّى الركعة الأولى ودخل في الثانية بيدٍ غادرة فاجرة، فوقع يقول: "حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"، وعلم أنها الشهادة التي سألها اوأرضاه، فلما وضع في بيته، وضعوا رأسه على وسادة فقال لابنه: " انزع الوسادة من تحت رأسي وضع رأسي على التراب علَّ الله أن يرحمني". اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها، هذاوصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56]. اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين. أمير بن محمد المدري 49 973,166 ...المزيد

من نونية القحطاني . . . لا خير في صور المعازف كلها ... والرقص والإيقاع في القضبان إن التقي ...

من نونية القحطاني
.
.
.
لا خير في صور المعازف كلها ... والرقص والإيقاع في القضبان
إن التقي لربه متنزه ... عن صوت أوتار وسمع أغان
وتلاوة القرآن من أهل التقى ... سيما بحسن شجا وحسن بيان
أشهى وأوفى للنفوس حلاوة ... من صوت مزمار ونقر مثان
وحنينه في الليل أطيب مسمع ... من نغمة النايات والعيدان
أعرض عن الدنيا الدنية زاهدا ... فالزهد عند أولي النهى زهدان
...المزيد

حكمة سديدة

اعندما يكون الكذب سائداً..
فأن قول الحقيقة سيبدو عملا في منتهى الاستفزاز.

اللهم تقبل صلاتنا وسجودنا وركوعنا وقيامنا ودعائنا وتقبل يارب صيامنا

اللهم تقبل صلاتنا وسجودنا وركوعنا وقيامنا ودعائنا وتقبل يارب صيامنا

مكتوب على باب العلم: أَخُـو الْعِلْـمِ حيٌّ خَـــــالِدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ *** ...

مكتوب على باب العلم:
أَخُـو الْعِلْـمِ حيٌّ خَـــــالِدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ
*** وَأَوْصَـــــــــــــالُهُ تَحْتَ التُّـرَابِ رَمِيـمُ
وَذُو الْجَهْلِ مَيْتٌ وَهْوَ مَاشٍ عَلَى الثَّرَى
*** يُظًنُّ مِنَ الأَحْيَـــــــــــــاءِ وَهْوَ عَـدِيـمُ ...المزيد

رُحماك رَبي

ا

كتبها / همام نعمان العامري اليمن - تعز
لَمْ يُمْهِلُنِي الأَلَمْ
وَبِدُوُن مِعاد
أحْسَسْتُه يَختَلِس مِني الدّقائِقُ والثّوانِي
وأنا على قارِعه الطّرِيق
أسْرَعْتُ وأخَذْتُ وَرَقَة بَياض
أيقَنْتُ حِينَها أنه مَوْعِدُه
وأنا فِي طرِيقي
لَم تُمهِلُني دُمُوعي أن أصل إلى غُرْفَتي
وأنا أُخاطِبُ تِلكَ الوَرَقَة
تُرَى !! ما ذَنْبُك !! ولِماذا اخترتك أنتِ وحدك ؟!!
فَرَدّتْ عليّ بنَفس السّؤال
قُلْتُ لَها .. اليَوْمُ لِسْتُ عاشِقاً ..
لأكتُبُ عَلَيْكِ أحْرُفُ عِشْقي !
فَرَدت عَليّ .. لِستُ إلا وعاء للحُروف ..
فاكتُب ما تَشاء

تُرى هل أخبرها ؟!!
انتي الوسيط بين القُلُوب والأرواح .. والدول
هَلْ لَكِ اليَوم أن تُعيديني إلى أيام طُفولتي ؟!
فتَلعثَمَت ..ولم تجيب
وسألتها هَل لَكِ أن تَبْحَثِين عَنِّي ..
وَتَجْمَعِين شَتاتي ..
فقد تَبَعْثَرتُ وَلَم أَجِدُ نَفْسِي ؟!
فأنتي رَفيقي .. والرّفيق وقت الضيق؟!
فأجابت لا أستَطيِع .
حينَها اختنق القَلَمْ ورفض أن يَكتُب .. فأجْبَرْتُه
كَان سُؤالي الأخِير .. لو كَتَبْتُ الموتُ هُنا .. هل سيأتي ؟
فأبت أن تُجِيب !!

وإذا بِقَلَمي يَكْتُب دونَ شُعُور " رُحماك رَبّي "
إليْكَ أشْكُوا هَمّي .. وَغَمّي ..
فَرِّج كُرْبَتِي وآنِس وحدَتي
أنت الأول والآخِرُ والظاهِرُ والباطِنُ
وأنت على كُل شيٌ قَدير "
وهُنا سَقَطت دَمعَه حارة فغسلت كُل همومي
وكان الملجئ الأخير هو الله


...المزيد

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده وحبيبه المصطفى

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما عبده وحبيبه المصطفى

اللهــم إستخـدمـني ولا تستبـدلـنـي .. وعلى طاعـتـك أعـنّي .. ومن رضـاك لا تحرمني .. ولغـيــرك ...

اللهــم إستخـدمـني ولا تستبـدلـنـي .. وعلى طاعـتـك أعـنّي .. ومن رضـاك لا تحرمني .. ولغـيــرك يـــــــــــارب لا تكِلـنـي

يؤمِّل دنيا لتبقى له فوافى المنيَّة قبل الأمل ..حثيثاً يروي أصول الفسيل فعاش الفسيل ومات الرَّجل ...

يؤمِّل دنيا لتبقى له فوافى المنيَّة قبل الأمل ..حثيثاً يروي أصول الفسيل فعاش الفسيل ومات الرَّجل "سيبويه عندَ احتضاره"

السوفسطائية هم أتباع (بروتاجوراس) الفيلسوف اليوناني الذي قال بالشك على عهد سقراط، و السفسطة ضد ...

السوفسطائية هم أتباع (بروتاجوراس) الفيلسوف اليوناني الذي قال بالشك على عهد سقراط، و السفسطة ضد الثبات في المعاني؛ و مع النسبية،و هم قوم يُنسبون حقيقة إلى رجل يقال له (سوفسطا).
انقسمت هذه الفرقة إلى ثلاثة فِرق :
* العنادية : و هم الذين أنكروا حقائق الأشياء؛ و قالوا بأنها وهم لا حقيقة.
* اللا أدرية : و هم الذين يقولون بالشك المطلق؛ و أن الشيء ثابت و غير ثابت، و دواء هذا اللا أدري أن تضربه على رأسه فيتأوه فعندئذ يعلم بأنه لا وهم.
* العندية : و هم القائلون بالنسبية في المعاني، فالكذب حق عندي و باطل عندك، و هكذا حسبما تبرره الغاية.

هؤلاء زعموا أن الأشياء لا حقيقة لها، و أن ما يستبعده يجوز أن يكون على ما نشاهده، و يجوز أن يكون على غير ما نشاهده.

سؤال لهؤلاء :
لمقالتكم هذه حقيقة أم لا ؟!
١- فإن قلتم : لا حقيقة لها و جوزتم عليها البطلان؛ فكيف يجوز أن تدعو إلى ما لا حقيقة له؟!
فكأنما تقرون بهذا القول أنه لا يحل قبول قولكم.
٢- و إن قلتم : لها حقيقة، فقد تركتم مذهبكم.

رأيت كثيرا من المتكلمين قد غلطوا في أمر هؤلاء غلطا بينا؛ لأنهم ناظروهم و جادلوهم و راموا بالحِجاج و المناظرة الرد عليهم ،و هم لم يثبتوا حقيقة و لا أقروا بمشاهدة.
كيف تكلم من يقول : لا أدري أيُكلمني أم لا ؟!
و كيف تناظر من يزعم أنه لا يدري أموجود هو أم معدوم؟!
و كيف تخاطب من يدعي أن المخاطبة بمنزلة السكوت في الإبانة و أن الصحيح بمنزلة الفاسد ؟!
إنما يناظر من يقر بضرورة أو يعترف بأمر فيجعل ما يقر سببا إلى تصحيح ما يجحده، فأما من لا يقر بذلك فمجادلته مطروحة.

رد على كلامهم أبو الوفاء بن عقيل فقال :" إن أقواما قالوا : كيف نكلم هؤلاء و غاية ما يمكن المجادل أن يقرب المعقول إلى المحسوس؛ و يستشهد بالشاهد فيستدل به على الغائب ،و هؤلاء لا يقولون بالمحسوسات فبم يكلمون؟ قال : و هذا كلام ضيق العطن، و لا ينبغي أن يوئِس من معالجة هؤلاء؛ فإن ما اعتراهم ليس أكثر من الوسواس، و لا ينبغي أن يضيق عطننا عن معالجتهم، فإنهم قوم أخرجتهم عوارض انحراف مزاج؛ و ما مَثلنا و مثلهم إلا كرجل رُزق ولدا أحول فلا يزال يرى القمر بصورة قمرين، حتى إنه لم يشك أن في السماء قمرين، فقال له أبوه : القمر واحد، و إنما السوء في عينيك، غض عينك الحولاء و انظر، فلما فعل قال : أرى قمرا واحدا لأني عصبت إحدى عيني فغاب أحدهما؛ فجاء من هذا القول شبهة ثانية، فقال أبوه : إن كان ذلك كما ذكرت فغض الصحيحة ففعل فرأى قمرين؛ فعلم صحة ما قال أبوه ".

مات ابن لصالح بن عبد القدوس، فمضى إليه أبو الهُذيل و معه النّظام و هو غلام حدث كالمتوجع له، فرآه منحرفا فقال له أبو الهذيل : لا أعرف لجزعك وجها إذا كان الناس عندك كالزرع.
فقال له صالح : يا أبا الهذيل!! إنما أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك.
فقال له أبو الهذيل : و ما كتاب الشكوك؟!
قال : هو كتاب وضعتُه؛ من قرأه يشك فيما قد كان حتى يتوهم أنه لم يكن، و فيما لم يكن حتى يظن أنه قد كان.
فقال له النّظام : فشُكّ أنت في موت ابنك و اعمل على أنه لم يمت، و إن كان قد مات فشُك أيضا في أنه قد قرأ الكتاب و إن كان لم يقرأه.

حكى أبو القاسم البلخي أن رجلا من السوفسطائية كان يختلف إلى بعض المتكلمين فأتاه مرة فناظره، فأمر المتكلم بأخذ دابته، فلما خرج لم يرها ،فرجع فقال : سُرقت دابتي ،فقال : ويحك!! لعلك لم تأت راكبا، فقال : بلى ! قال : فكر ،قال : هذا أمر أتيقنه، فجعل يقول له تذكر، فقال : ويحك! ويحك! ما هذا موضع تذكر؛ أنا لا أشك أنني جئتُ راكبا، قال : فكيف تدعي أنه لا حقيقة لشيء؛ إن حال اليقظان كحال النائم؟!
فوجم السوفسطائي و رجع عن مذهبه.

و زعمت فرقة من المتجاهلين أنه ليس للأشياء حقيقة واحدة في نفسها، بل حقيقتها عند كل قوم على حسب ما يعتقد فيها، فإن العسل يجده صاحب المرة الصفراء مرا، و يجده غيره حلوا.
قالوا : و كذلك العالَم قديم عند من اعتقد قِدمه، محدَث عند من اعتقد حدوثه، و اللون جسم عند من اعتقده جسما، و عرض عند من اعتقده عرضا.
قالوا : فلو توهمنا عدم المعتقدين وقف الأمر على وجود من يعتقد.
و هؤلاء هم الفلاسفة من جنس السوفسطائية.

نقول لهم : أقولكم صحيح؟!
سيقولون : هو صحيح عندنا باطل عند خصمنا.
نقول لهم : دعواكم صحة قولكم مردودة؛ و إقراركم بأن مذهبكم عند خصمكم باطل شاهد عليكم، و من شهد على قولهم بالبطلان من وجه فقد كفى خصمه بتبيين فساد مذهبه.

نقول لهم : أتُثبتون للمشاهدة حقيقة؟!
١- فإن قالوا : لا! لحقوا بالأولين.
٢- و إن قالوا : حقيقتها على حسب الإعتقاد؛ فقد نفوا عنها الحقيقة في نفسها و صار الكلام معهم كالكلام مع الأولين.

منهم من قال : إن العالَم في ذوب و سيلان.
و منهم من قال : لا يمكن الإنسان أن يتفكر في الشيء الواحد مرتين لتغير الأشياء دائما.
قلتُ : كيف علم هذا و قد أنكرتم ثبوت ما يوجب العلم؟! و ربما كان أحدكم الذي يجيبه الآن غير الذي كلمه.

⛔ بعض المراجع للإستزادة :

١- الآراء و الديانات لأبي محمد الحسن بن موسى النوبختي.
٢- مدخل إلى دراسة علم الكلام للدكتور حسن الشافعي.
٣- التعريفات للجرجاني.
٤- تلبيس إبليس للإمام جمال الدين ابن الجوزي.
...المزيد

. أحكام السبي والاسترقاق السبي والاسترقاق هو ما يقع على الذين حاربوا الإسلام من الكفار من ...

.

أحكام السبي والاسترقاق
السبي والاسترقاق هو ما يقع على الذين حاربوا الإسلام من الكفار من أسرهم وأسر نساءهم وأطفالهم واسترقاقهم والحكمة من ذلك أنه يكون سببا في دخولهم الإسلام وإنقاذهم من غيابات الشرك والضلال والجهل إلى نور الإيمان والعلم وإنقاذهم من النار ودعوتهم للجنة ولذلك جاء في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : {{عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاَسِلِ }} " صحيح البخاري "
ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحيانا يقره ويفعله لحكمة جلية كما فعل مع أسرى بني قريظة وبني المصطلق عن أبي هريرة رضي الله عنه {{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }} قال خير الناس للناس يأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام }} " صحيح البخاري " فكان ذلك لمن وقع في السبي والاسترقاق من بني قريظة وبني المصطلق عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغارَ على بَنِي الْمُصْطَلِقِ وهُمْ غارُّونَ وأنْعامُهُمْ تُسْقى على الماءِ فقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وسباى ذَرَارِيَّهُمْ وأصابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ قَالَ حدَّثني بِهِ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ وكانَ فِي ذالِكَ الْجَيْشِ. " صحيح البخاري "
فقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ : يعني الذين قاتلوا ولم يفروا أو يستسلموا
وقد أحسن ر سول الله صلى الله عليه وسلم في معاملتهم فتزوج من ابنة سيدهم جويرية بنت الحارث فدخلت الإسلام وصارت من أمهات المؤمنين وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم السبايا والذراري منهم على الصحابة رضي الله عنهم فلما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بجويرية رضي الله عنها قال الصحابة أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقوهم ودخل كثير منهم في الإسلام .
وأحيانا لا يقره ولا يفعله لأجل حكمة بالغة أراها الله له كما فعل مع قريش لما فتح مكة واجتمعت قريش تنتظر الحكم فيها قال لهم ما تظنون أني فاعل بكم قالو أخ كريم وابن أخ كريم فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء فدخلوا الإسلام .
أما المسالمين منهم الذين لم يرفعوا السلاح ولم يحاربوا دين الإسلام فليس من السنة استرقاقهم ولا سبيهم لقوله سبحانه : {{ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }} " البقرة , 256 "
وقوله سبحانه : {{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }} " النساء , 94 " : فالأصل أن نبلغهم دين الله ونسالم المسالمين منهم لذلك نهى الله الصحابة في هذه الآية لما اعتدوا على من ألقى عليهم السلام : أي طلبه منهم وكان ذلك قبل نزول هذه الآية وفي فتح مكة أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم الأمان لمن أغلق عليه بابه أي لزم بيته ولم يحارب .
ويجوز التسري بالإماء اللاتي دخلن الإسلام منهم أو كن كتابيات وهو نكاح صحيح له ضوابط شرعية مثلما للزواج ضوابطه الشرعية فبه يلحق الولد بسيد الأمة التي تسرى بها ولا يجوز للسيد التسري بأمته المتزوجة , ولا يجوز لأحد التسري بأمة غيره .
ومن الحكمة فيه أن تحصل المودة بين السيد وأمته كما حصل لمارية القبطية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أمة له أهداها له المقوقس ملك الأقباط في مصر فكانت لها مودة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدت له ابنه إبراهيم الذي بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند موته .
فهل يجوز أن يكون للإماء المشركات ما كان لمارية القبطية وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتسرى بأمة مشركة فهل يجوز للمسلمين التسري بإمائهم المشركات ؟
اختلف السلف الصالح والخلف من بعدهم في هذه المسألة وكان لكل منهم أدلته فمنهم من ذهب إلى جواز ذلك ومنهم من ذهب إلى منعه كمالك والشافعي وأحمد ابن حنبل وهو الأولى والأرجح لأن التسري كما بينا نكاح صحيح يقوم على المودة والرحمة وهذا ما لم يجعله لله للمشركات في الزواج فحرم الزواج بهن وجعلهم دعاة إلى النار يقول سبحانه {{ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }} " البقرة , 221 " :
الآية تبين لنا سبب تحريم الزواج بالمشركات والمشركين وهو أنهم يدعون إلى النار وهذا متحقق في التسري بالإماء المشركات

ويقول سبحانه {{ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }} " الممتحنة , 10 " :
في الآية أمر للصحابة بطلاق زوجاتهم المشركات مما يدل على عظم تحريم لاستمتاع بالمشركات حتى لا تكون لهم تلك المودة .
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
14 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً