بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿١﴾ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ ...

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
﴿١﴾ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿٣﴾ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿٥﴾ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿٧﴾ ...المزيد

المفارز الأمنية اليد الطولى لجيش الخلافة تعدُّ المفارز الأمنيّة أحد أهم أركان العمل الجهاديّ في ...

المفارز الأمنية اليد الطولى لجيش الخلافة

تعدُّ المفارز الأمنيّة أحد أهم أركان العمل الجهاديّ في الدّولة الإسلاميّة، حيث تقوم هذه المجاميع الصّغيرة بوظائف كبيرةٍ تفوق أحياناً في ثمارها ما تحقّقه جيوشٌ من المقاتلين، وتأتي أهميّتها بشكل خاصّ كونها تعمل في المناطق الحيوية الآمنة للعدو، فتجبره على إنفاق كمٍّ كبيرٍ من إمكاناته الماديّة والماليّة والبشريّة على إعادة تحصينها، ومنع هذه المفارز من إعادة العمل فيها، كما أنّها بعمليّاتها مهما قلّ عددها أو صغر حجمها تزرع الرّعب في قلب العدو وأنصاره والمتعاملين معه، وتفقدهم الثّقة فيه وفي قدرته على تحقيق انتصار على جبهات القتال في الوقت الذي لا يستطيع تأمين ظهره من ضربات الدّولة الإسلاميّة.

وتتنوّع أهداف عمليّات هذه المفارز الأمنيّة تبعاً لطبيعة المعركة التي تخوضها الدّولة الإسلاميّة مع العدو، وسنتحدّث في هذا المقال عن أشهرها وهي (العمليّات الأمنيّة الهجوميّة المرافقة أو الممهّدة للعمليّات العسكريّة):

1- العمليّات الأمنيّة الهجوميّة: ويُقصد بها أن تعمل المفارز الأمنية بتنسيق مع جيش الخلافة خلف خطوط العدو، لتحقيق أهداف يستفيد منها جيش الخلافة في إضعاف وهزيمة الجيش المعادي له، وذلك لإشغاله بتحصين ظهره في حين تكون مقدّمة جيشه منشغلة بالاشتباك مع جيش الخلافة.

ويمكننا أن نضرب مثالاً على هذه الحالة، العمليّة الانغماسيّة التي أدارتها المفارز الأمنيّة العاملة داخل مدينة البركة أثناء هجوم جيش الخلافة على الفوج 46 المعروف بفوج (الميلبيّة) وذلك في (رمضان 1435 هـ)؛ ففي الوقت الذي كان النّظام النّصيريّ فيه مشغولاً بالتحضير لإرسال الإمدادات لمقاتليه الذين يتصدّون لجيش الخلافة، اقتحم الانغماسيّون مبنى قيادة (حزب البعث) في المدينة، الذي كان جزء منه مقرّاً لقيادة ميليشيا (الدّفاع الوطنيّ) الموالية للنّظام، وسيطروا على المبنى حتى انتهاء العمليّة بمقتل الانغماسيّين، وكان من نتيجة العملية فضلاً عن عشرات القتلى وتدمير المقرّ القياديّ، انشغال المئات من قوات النّظام داخل المدينة بتحرير المبنى، أو تأمين مقرّات أخرى، وتعزيز الحواجز في الطرقات خوفاً من وجود انغماسييّن آخرين، ثم انشغال النّظام بسدّ الثّغرات الأمنيّة داخل المدينة عموماً، في هذا الوقت كان جيش الخلافة يعمل بحريّة أكبر لإحكام الحصار على القوّة المدافعة عن الفوج التي أصابها اليأس في النّهاية من وصول إمدادات، وحُسمت المعركة كلّها خلال أيام قليلة بأقل الخسائر، وكان للعمليّة التي أدارتها المفارز الأمنيّة -بعد فضل الله- دور كبير في نجاحها.

والأسلوب ذاته نفّذه جيش الخلافة في المدينة نفسها بعد عام في (رمضان 1436 هـ) حيث استبقت المفارز الأمنيّة عمليّة الهجوم العسكريّ على المدينة، الذي تمكّنوا من خلاله من السّيطرة على أجزاء واسعة من المدينة حينها بسلسلةٍ من العمليّات النّوعيّة، فأدارت تنفيذ عمليتين استشهاديتين بسيارتين مفخختين ضد مقرات قياديّة لمرتدي PKK و(الدفاع الوطني) وعملية انغماسيّة على قيادة جيش النّظام في (ثكنة الهجّانة) ما أسفر عن تدمير المقرّين وقتل العشرات من المرتدّين فضلاً عن عددٍ من كبار قادة جيش النّظام، وبعد يوم من العمليّة دخل جيش الخلافة إلى ضواحي المدينة ليجد مقاومة ضعيفة من جيش النّظام خاصّة في الجهة التي تعرّضت لنسف مقرّ (الدّفاع الوطنيّ) فيها، وبقي جيش النّظام طوال فترة المعارك يسيّر دوريّات أمنيّة مكثّفة ويقوم بمداهمات في الأحياء السّكنيّة خوفاً من وجود انغماسييّن أو استشهادييّن يفاجئونه في مركز المدينة أثناء انشغال جيشه بصدّ جيش الخلافة في الضواحي.

فهذه العمليات التي نفّذها عناصر قليلون من الاستشهادييّن بإدارة المفارز الأمنيّة سببت خسائر كبيرة للنّظام النّصيريّ، وأشغلت المئات من عناصره في محاولة منع عمليات أخرى لم تكن موضوعةً ربّما على خطة العمل أصلاً، في حين تفرّغ جيش الخلافة للهجوم بكامل قوّته.

هذه العمليّات الأمنيّة تمثّل نموذجاً مناسباً على بعض أنواع العمليّات (التكتيكيّة) التي يمكن للمفارز الأمنيّة أن تقدّم فيها الدّعم المباشر للقوّة المهاجمة من جيش الخلافة فتربك فيها صفوف العدو باستهداف مراكز قيادته، فتدمّرها وتقتل من فيها من الرّؤوس، وتستنزف قسماً كبيراً من طاقة العدو في تأمين منطقة القيادة والتّحكم التي تدير المعارك على الجبهات وتنطلق منها الإمدادات إليها.

مقتطف من صحيفة النبأ - العدد 5
مقال:
المفارز الأمنية اليد الطولى لجيش الخلافة

المفارز الأمنية اليد الطولى لجيش الخلافة

وقد تكون العمليّات الهجوميّة للمفارز الأمنيّة من النّوع (الاستراتيجيّ)، وذلك أن يكون العدو من القوّة ومواقعه من التّحصين بحيث يصعب توجيه هجوم مباشر إليه من قبل جيش الخلافة، وبالتالي تقوم المفارز الأمنية بعمليّة استنزاف طويل الأمد له عن طريق ضرب مقرّاته القياديّة، وطرق مواصلاته وإمداده، وكلّ ما من شأنه أن يزيد من خسائره وتكاليف المعركة عليه، إلى حين إضعافه بشكلٍ يمكّن قوّة صغيرة العدد نسبيّاً من هزيمة هذا العدو بدون أن تقدّم خسائر كبيرة في معركتها معه، لأنّها ستقابل في هذه الحال قوّات منهارة ماديّاً ونفسيّاً، ضعيفة القيادة مخلخلة الصفوف.

ويمكننا أن نضرب مثالاً على هذا النّوع من العمليّات بسلسلة العمليّات النّاجحة التي نفّذها جنود الدّولة الإسلاميّة في مناطق مختلفة من الشّام في بداية دخولهم إلى ساحة الصّراع فيها ضدّ النّظام النّصيريّ، حيث تمكّنت المفارز الأمنيّة المختلفة الأحجام والقدرات والتي كانت تعمل حينها تحت اسم (جبهة النصرة) من توجيه ضربات موجعة لرأس النظام النصيري عبر استهداف مقرّات (قيادة المخابرات العامة، قيادة المخابرات العسكريّة (فرعي "المنطقة" و "فلسطين")، قيادة المخابرات الجويّة، قيادة أركان جيش النّظام، وزارة الداخليّة، فروع المخابرات في حلب وإدلب ومدينة الخير والقامشلي) وغير ذلك من العمليات الأمنيّة التي ساهمت كثيراً في إضعاف قبضة النظام النصيري وخلخلة صفوفه، ودفع الكثير من عناصره وضباطه إلى الانشقاق عنه، ما سهل كثيراً التّراجع الكبير في قدراته العسكريّة لاحقاً.

ولكن يبقى مثال (فتح الموصل) النموذج الأكبر على مثل هذا النّوع من العمل الأمنيّ (الاستراتيجيّ)، حيث انبهر العالم بهذه الغزوة التي تمكّن فيها جيشٌ صغيرٌ يتجاوز عديده 300 مجاهد بقليل من هزيمة عشرات الألوف من الجيش والقوى الأمنيّة الرافضيّة، ودفعهم إلى الهروب من المدينة وبالتالي سقوط المدينة بكاملها بعد معركة صغيرة الحجم مقارنةً بحجم النتائج.

ولكن ما لا يعرفه الكثيرون خارج العراق أن الدّولة الإسلاميّة خاضت بعشرات المفارز الأمنيّة العاملة في مدينة الموصل وأطرافها حرباً طويلة الأمد استنزفت طاقات الجيش الرافضيّ والأجهزة الأمنيّة، قتلاً للأفراد والضباط، واستنزافاً للأموال في التحصينات والإنشاءات المضادّة للعمليّات الاستشهاديّة، وتشتيتاً للقوّة البشريّة في مئات الحواجز المنشورة في قلب المدينة وأطرافها وعلى الطرق خارجها، التي استلزم تفعيلها الآلاف من الجنود، وخسائر في السّلاح والعتاد والآليات، تفوق طاقة الجيش الرافضيّ على الاستبدال أو التّجديد، بالإضافة إلى حالة الهلع والخوف الدّائم لدى الجنود، وضعف الارتباط بقيادتهم، وانعدام الثّقة بالمجتمع المحلّي الذي كانت الإجراءات الأمنية المشدّدة وكثرة الحواجز والسّيطرات تضغط عليه وتدفعه إلى كره الجيش الرافضيّ والقوى الأمنيّة، كلّ هذه العوامل حوّلت قوّة الرّافضة الكبيرة في المدينة إلى ما يشبه البالون الضّخم الذي يسهل تفجيره بدبّوسٍ صغيرٍ، وهو ما فعلته قوةٌ صغيرةٌ من جيش الخلافة حين اقتحمت المدينة، فانهارت كل الفرق العسكريّة والأجهزة الأمنيّة وهربت تاركة سلاحها وعتادها.

وهذه الأمثلة تغطي جزءاً من الجانب العملياتيّ للمفارز الأمنية المؤازرة لجيش الخلافة، في حين أنّ هناك أدواراً أخرى كثيرة يمكنها القيام به أثناء المعركة الهجوميّة، من قبيل:

- جمع المعلومات عن تحرّكات العدو وخسائره من النقاط الخلفيّة.
- توجيه وإرشاد سلاحي المدفعيّة والصواريخ في ضرب المراكز الحيويّة ونقاط التحشد وغيرها، عن طريق رصد الرمايات.
- القيام بعمليات التخريب لخطوط إمداد العدو واتصالاته ومنشآته الحيوية.
- نشر الشائعات والمساهمة في الحرب النفسيّة.
وغير ذلك من المهام الضروريّة لنجاح العمل العسكريّ الهجوميّ.

إن الجهد الهجوميّ للمفارز الأمنيّة يشكل أحياناً نصف المعركة الهجوميّة في الاستراتيجيّات العسكريّة للدّولة الإسلاميّة، وسنحاول في مقالات قادمة -بإذن الله- بيان أهمية عمل المفارز الأمنيّة في أنواع أخرى من العمليّات العسكريّة.

مقتطف من صحيفة النبأ - العدد 5
مقال:
المفارز الأمنية اليد الطولى لجيش الخلافة
...المزيد

آيات الحفظ في القرآن الكريم 1- ( وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) سورة ...

آيات الحفظ في القرآن الكريم
1- ( وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) سورة البقرة الآية رقم (255)
2- ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۖ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) سورة الأنعام (61)
3- ( إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) سورة هود (57)
4- ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) سورة يوسف (64).
5- ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) سورة الرعد (11)
6- ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) سورة الحجر (9)
7- ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ) سورة الحجر (١٧)
8- (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) سورة النور (٣٠)
9- ( وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ) سورة الأنبياء (٨٢)
10- ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ) سورة الصافات (٧)
11- ( وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) سورة سبأ (21)
12- ( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) سورة فصلت ( ١٢)
13- ( اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) سورة الشورى (6).
14- ( وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) سورة ق (4).
15- ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) سورة ق (32).
16- ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) سورة الانفطار (10).
17- ( إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) سورة الطارق (٤)
18- (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) سورة البروج (٢٢)
...المزيد

أسأل الله ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم و يعينكم على دوام الاستمرار في خدمة هذا الدين واهله

أسأل الله ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم و يعينكم على دوام الاستمرار في خدمة هذا الدين واهله

سيكون يقفز قفزة فيعجب الشبان ۔ ليس امره اليه مثل شيء يضطرك لشيء

سيكون
يقفز قفزة فيعجب الشبان ۔
ليس امره اليه مثل شيء يضطرك لشيء

. . .وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي ...


.
.
.وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91)
مطلب أكثر الموت من الأكل والشرب والحر والقر ومحبة الذكر الحسن:
ذلك لأن أكثر أسباب المرض وإن كانت في الحقيقة من الله، إلا أنها تحدث من التفريط في الأكل والشرب وعدم الوقاية من الحر والبرد، وفيه قيل:
فان الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
وقال بعض الحكماء لو قيل لأكثر الموتى ما سبب آجالكم، لقالوا من التخم، وكثير من الناس لا يرون المرض إلا مرض الموت ويكون أيضا ممّا ذكر إلا القتل أو التردي أو التسمم والحرق والغرق وشبهه، وكل ذلك بتقدير الله تعالى وإرادته ليقع قضاؤه حيث قدره، وقد راعى عليه السّلام حسن الأدب بهذا وبغيره، حتى أنه لم يقل أمرضني، ولا آدب من الأنبياء، لأن الذي نبأهم هذّبهم «فَهُوَ يَشْفِينِ» 80 لأن الشفاء نعمة منه والمنعم بكل النعم هو الله وحده، وهكذا الخلص ينسبون الخير الى الله والشرّ لأنفسهم، قال الخضر عليه السّلام (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) وقال (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما الآيتين) 80 و 81 من سورة الكهف في ج 2 ولهذا البحث صلة في تفسير الآية 78 من سورة النساء في ج 3 وكذلك مؤمنو الجن راعوا الأدب مع ربهم، راجع الآية 10 من سورة الجن المارة فما بعدها «وَالَّذِي يُمِيتُنِي» بانقضاء أجلي في الدنيا، ولا يرد إسناد الموت لله على ما قلنا، لأن الفرق ظاهر ولأن الموت قضاء محتم لا بد منه «ثُمَّ يُحْيِينِ» 81 في الآخرة وهذا تعليم لهم بالاعتراف بالبعث بعد الموت
«وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي» هي قوله لقومه حين أرادوه أن يذهب معهم الى بيت الأوثان (إِنِّي سَقِيمٌ) الآية 90 من الصافات في ج 2 وقوله حينما سألوه عمن كسر أصنامهم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) الآية 62 من الأنبياء في ج 2 وقوله للجبار حين سأله عن سارة (قال أختي) وأراد أخته في الدين وإلا فهي زوجته، وقد عدها خطايا بالنسبة لمقامه الشريف وقربه من ربه، وإلا فليست بخطايا وانما هي من معاريض الكلام لدى غير الأنبياء، وقد يعدها العارفون الكاملون خطايا أيضا بالنسبة لمقامهم، لأنهم على قدم الأنبياء، وعلى حد حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهؤلاء يسمون أمثالها خطايا تواضعا لربهم وتعظيما

.
.
.
.
.
.
.

.، وَأَمَّا الذَّنْبُ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعِبَادِ، فَمَا لَمْ تُرْضِهِمْ لَا تَنْفَعْكَ التَّوْبَةُ حَتَّى يُحَلِّلُوكَ.
* وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُذْنِبَ يُذْنِبُ فَلَا يَزَالُ نَادِمًا مُسْتَغْفِرًا حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ الشَّيْطَانُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوقِعْهُ فِيهِ.
*وَذُكِرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْوَاسِطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: التَّأَنِّي فِي كُلِّ شَيْءٍ حَسَنٌ إِلَّا فِي ثَلَاثِ خِصَالٍ: عِنْدَ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ، وَالتَّوْبَةِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ.
*وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِنَّمَا تُعْرَفُ تَوْبَةُ الرَّجُلِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا أَنْ يُمْسِكَ لِسَانَهُ مِنَ الْفُضُولِ وَالْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ.
وَالثَّانِي أَنْ لَا يَرَى لِأَحَدٍ فِي قَلْبِهِ حَسَدًا وَلَا عَدَاوَةً.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُفَارِقَ أَصْحَابَ السُّوءِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِدًّا لِلْمَوْتِ نَادِمًا مُسْتَغْفِرًا لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ مُجْتَهِدًا عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ.
*وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ هَلْ لِلتَّائِبِ مِنْ عَلَامَةٍ يَعْرِفُ أَنَّهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَامَتُهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَصْحَابِ السُّوءِ وَيُرِيهِمْ هَيْبَةً مِنْ نَفْسِهِ، وَيُخَالِطَ الصَّالِحِينَ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَمُقْبِلًا عَلَى جَمِيعِ الطَّاعَاتِ.
وَالثَّالِثُ أَنْ يَذْهَبَ فَرَجُ الدُّنْيَا كُلِّهَا مِنْ قَلْبِهِ، وَيَرَى حُزْنَ الْآخِرَةِ كُلَّهَا دَائِمًا فِي قَلْبِهِ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ فَارِغًا عَمَّا ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الرِّزْقِ، مُشْتَغِلًا بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَإِذَا وَجَدْتَ فِيهِ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ فَهُوَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّهِمْ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] ، وَوَجَبَ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا أَنْ يُحِبُّوهُ.
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَبَّهُ.
وَالثَّانِي أَنْ يَحْفَظُوهُ بِالدُّعَاءِ، عَلَى أَنْ يُثَبِّتَهُ اللَّهُ عَلَى التَّوْبَةِ.
وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُعِيرُوهُ بِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يُجَالِسُوهُ وَيُذَاكِرُوهُ وَيُعِينُوهُ.
وَيُكْرِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَرْبَعِ كَرَامَاتٍ؛ أَحَدُهَا أَنْ يُخْرِجَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الذُّنُوبِ كَأَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ قَطُّ.
وَالثَّانِي أَنْ يُحِبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ وَيَحْفَظَهُ مِنْهُ.
وَالرَّابِعُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ مِنَ الْخَوْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا، لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] .
*وَرُوِيَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا دَخَلَ التَّوَّابُونَ الْجَنَّةَ قَالُوا أَلَمْ يَعِدْنَا رَبُّنَا أَنْ نَرِدَ النَّارَ قَبْلَ أَنْ نَدْخُلَ الْجَنَّةَ.
قِيلَ لَهُمْ إِنَّكُمْ مَرَرْتُمْ بِهَا وَهِيَ خَامِدَةٌ.
...المزيد

يارب " ضاقت بي الدنيا, ولم أعد أرى مايسرني, الناس من حولي لاهين, والهموم تحاصرني من كل مكان, والألم ...

يارب " ضاقت بي الدنيا, ولم أعد أرى مايسرني, الناس من حولي لاهين, والهموم تحاصرني من كل مكان, والألم يسكن قلبي و وجداني "يارب" رفعت رأسي الى السماء متأمل عظمتك و قدرتك, لأجد أن شيئا من الأمل والنور قد تسلل إلى أعماقي اللهم لطفك بي في قضائك وقدرك
لطفآ يليق بكرمك ياأكرم الاكرمين
ياسميع الدعاء ياذا المن والعطاء
يامن لايعجزه شئ في الارض
ولافي السماء
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل (4) فوضى الفصائل المسلّحة في الشام لم يكن للقتال ضدّ النّظام النّصيريّ ...

معركة الجماعة والفصائل (4) فوضى الفصائل المسلّحة في الشام

لم يكن للقتال ضدّ النّظام النّصيريّ خطّة مسبقة أو استراتيجيّة موضوعة، وإنّما تصاعد تحت تأثير ردّ فعل الأهالي على هجمات النّظام في محاولته إخماد الثّورة التي خرجت ضدّه، فبعد المجازر التي ارتكبها ضدّ المتظاهرين في مناطق مختلفة من البلاد، صار النّظام يقوم بحملات مداهمة على الأحياء والقرى لاعتقال النّاشطين والمتظاهرين، ومنذ الأيّام الأولى وجد المتظاهرون القليل من السّلاح الخفيف، وخاصّة في المناطق ذات البعد العشائري، والمناطق الحدوديّة التي ينشط فيها المهرّبون، حيث بدأ الأهالي شيئاً فشيئاً يتصدّون للحملات الأمنيّة ببنادق الصيد وقليل من بنادق الكلاشنكوف، حتى وصل الأمر ببعض المناطق أن هوجمت حواجز النّظام ونقاطه الأمنيّة من قبل مجموعات من الشبّان المسلّحين الذين كانوا يرافقون المظاهرات لحمايتها من هجمات محتملة من أجهزة أمن النظام النّصيريّ، بل وبلغت هذه الهجمات حدّ إسقاط بعض القرى والبلدات البعيدة، وإخراج عناصر النظام منها، كلّ هذا تمّ دون أن تكون هناك تنظيمات حقيقيّة أو فصائل مسلّحة، بل اتّخذت تلك العمليّات العسكريّة شكلاً متطوّراً من عمل "التنسيقيّات" والمتظاهرين، حيث كانت المظاهرات هي الهدف الذي يسعون إلى الحفاظ عليه، في ظل انخداعهم بشعارات "السّلميّة" وتجربتَي "الثورة التونسيّة" و"الثورة المصريّة"، في حين كانت التّجربة اللّيبيّة التي لم تحسم حينئذ أمراً بعيداً عن تصوّراتهم.

تبلور العمل المسلّح ضد النّظام النّصيريّ شيئاً فشيئاً تحت تأثير عوامل متعدّدة أهمّها:

1- التطوّر الطبيعي للعمل المسلّح:

مع اشتداد ضربات النظام المتمثّلة بالهجوم على المظاهرات وساحات الاعتصام، وحملات المداهمة على الأحياء والقرى لاعتقال المتظاهرين، وازدياد أعداد المطلوبين أمنيّاً للنظام، بات التوجّه إلى حمل السّلاح يزداد وضوحاً، وبالتالي زادت الحاجة لتوفّر السّلاح، وتوفير الحدّ الأدنى من التنظيم للمقاتلين، فظهرت المجاميع في القرى والبلدات، وداخل أحياء بعض المدن، دون أن تكون لها أسماء أو هياكل حقيقيّة، وتزعَّمها في الغالب من استطاع تأمين بعض قطع السّلاح والذّخيرة، فاشتراها من ماله الخاص أو بأموال مجموعة من الأهالي، أو من تبرّعات التّجار والأثرياء، وهكذا ظهرت هذه "الكتائب الثّوريّة"، إلى جانب "تنسيقيّات الثّورة"، وظهر مصطلح "الثوّار" ليزاحم "المتظاهرين" على تصدّر المشهد الإعلاميّ.

2- ظاهرة المنشقّين عن جيش النظام وأجهزته الأمنيّة:

وقد بدأت هذه الظاهرة بشكلٍ فرديٍّ تطوّرت شيئاً فشيئاً إلى انشقاقات بالمئات من قبل العناصر الرّافضين للقتال في صفّ النّظام ضد الأهالي، أو الخائفين على أنفسهم من القتل في الاشتباكات. ومع تزايد أعداد المنشقّين بدأ ظهور الفصائل المسلّحة بشكلها البدائي، وأطلقت كلٌّ منها على نفسها اسم كتيبة، وأعلن كثير منها انضمامه إلى "الجيش الحر" الذي كان كياناً إعلاميّاً، أنشأه بعض الجنود المنشقّين، وجعلوا من العميد المنشق (رياض الأسعد) قائداً له، نظراً لرتبته، وتكاثرت الكتائب شيئاً فشيئاً، وكلّ من دخل هذا المشروع كان يؤمّل نفسه بأن تزداد الانشقاقات في جيش النّظام النّصيريّ حتى يصبح "الجيش الحر" مكافئاً لما تبقّى من الجيش النّصيريّ أو يحلّ محلّه، وكذلك يؤمّل نفسه بقوافل المساعدات العسكريّة، والجسور الجويّة، ودعم طائرات التّحالف الصّليبيّ، وكلّ ذلكم متوقف -بظنّهم- على تشكّل "الجيش الحر" واستلامه قيادة العمل المسلّح ضد النّظام النصيريّ، وهذا التحوّل الفكري نتج -وبلا شك- عن تطوّرات الأحداث في ليبيا، حيث تولّى طواغيت دول الخليج وطائرات التحالف الصليبيّ دعم "الثوار" وتوجيههم في حربهم على القذافي حتى تمكّنوا من إسقاطه.

عُيّن الضبّاط والعناصر المنشقون من جيش النظام، قادة للكتائب والفصائل التي كان لبعضها أسماء ترتبط بالإسلام، وتمّ اعتبارهم أبطالاً، دون أن يفكّر أحد في نوع التّغير الذي طرأ على هؤلاء، فلا هم تابوا من عقيدة البعث، ولا هم أعلنوا البراءة من النّظام النصيري وعقائده، بل ولا هم غيروا لباسهم العسكري الذي انشقوا به عن جيش النظام، وظلوا يفاخرون بالرّتب العسكريّة التي حصلوا عليها مكافأةً لخدمتهم في جيش الطاغوت.

مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (4)
فوضى الفصائل المسلّحة في الشام
معركة الجماعة والفصائل (4) فوضى الفصائل المسلّحة في الشام

3- إفراج النّظام النّصيريّ عن المئات من معتقلي سجن صيدنايا:

بعد عام من انطلاق المظاهرات ضدّه، أقدم النّظام النّصيريّ وفي خطوة مفاجئة على إطلاق سراح المئات من معتقلي صيدنايا، وكان ممن أُطلق سراحهم سجناء منتمون إلى المذاهب والتيّارات والأحزاب التي تصنّف على أنّها "إسلاميّة"، من "الإخوان المسلمين" و"السروريّة" و"السلفيّين" و"التحريريّين" و"الجهاديّين" وغيرهم.

كان في الإعلان عن إطلاق سراح هذه الدفعة الكبيرة من المعتقلين ذوي الأحكام القاسية غاية إعلاميّة في إظهار أنَّ النّظام يبدي ليونة تجاه مطالب الثّائرين عليه، ولكن حامت فيما بعد الكثير من الظّنون والمزاعم حول الغاية الحقيقيّة للنّظام من هذا "العفو"، خاصّة بسبب نوع من سيطلق سراحهم، فهم أولاً "إسلاميّون" وبالتّالي ممارستهم للعمل ضدّه خارج السّجن سيكون على هذا الأساس، ما سيحرم "الثّوار" من الأغطية العلمانيّة والسّلميّة التي تدثّروا بها أمام الغرب وطواغيت العرب، وهم ثانياً ممّن جرّب الخروج على النّظام وتحدّيه، وذلك في أحداث سجن صيدنايا حيث سيطر السجناء على السّجن لمدة 9 أشهر تقريباً نتيجة عصيانهم وانتفاضتهم داخل جدران السّجن، رغم أن معظمهم رفضوها أو دخلوا فيها كارهين بحكم استهداف النّظام لجميع المساجين، ومنع قادة الانتفاضة للسّجناء لاحقاً من الخروج من الزنازين وتسليم أنفسهم للنّظام، وبالتالي فإن إمكانية دخولهم إلى صفّ المسلّحين أمر شبه مؤكّد، وتسلّمهم قيادة العمل أمر محتمل بحكم أعمارهم وتجاربهم وسمعتهم التي اكتسبوها من سجنهم ومن كونهم معارضين للنّظام.

رغم أنّ هذه الظّنون يمكن ردّها بأنّ النظام أفرج في الوقت نفسه عن المئات من العلمانيين، من المرتدين المنتمين إلى حركات "المجتمع المدني"، ومرتدي PKK والحركة الشعبية لتحرير كردستان، ومن مرتدي البعث اليميني، بالإضافة إلى الكثير من المحكومين بقضايا التهريب، والتجسس وغيرها، وكان الجامع بين كل المفرج عنهم أنّهم كانوا قد أنهوا ثلاثة أرباع مدّة حكمهم.

وفعلاً خرج هؤلاء من السّجون على دفعات، ومع تصاعد العمل المسلّح ضدّ النّظام بدأ الشباب يتجمّعون حول قسم من هؤلاء المفرج عنهم، بحكم الصّداقة أو القرابة أو الجوار، بحكم الثقة والانجذاب إلى السّمعة الكبيرة التي نالها معتقلو صيدنايا من انتفاضتهم، وشكّل هؤلاء كتائب مستقلّة فكانوا قادتها، أو انضمّوا إلى كتائب وفصائل موجودة، ليشغلوا فيها مناصب قياديّة، وقد كان لبعض منهم والذين أطلق عليهم فيما بعد لقب "مجموعة صيدنايا" دورٌ كبيرٌ في زيادة تمزّق السّاحة وتكاثر الفصائل واستحكام العداوات بينها، وفضلاً عن انتماءاتهم المختلفة، فإن أحداث السجن الطويلة العصيبة، جعلتهم ينقسمون إلى مجموعات وتيّارات، وزرعت بينهم من الخلافات والعداوات ما أوصلهم أحياناً إلى تهديد بعضهم بالقتل، فلا مجال للتلاقي بينهم خارج السّجن.

4- دخول المهاجرين:

وبسبب الكمّ الكبير لهؤلاء المهاجرين، فقد دخل قسم منهم في الكتائب والفصائل الموجودة في السّاحة، وخاصّة ذات الصبغة "الإسلاميّة"، في حين اعتزل القسم الأكبر منهم هذه الفصائل مشكّلين بذلك العشرات من الكتائب والفصائل المستقلّة ذات الرايات الإسلاميّة، والتي أُسّس معظمها على أسس إقليمية، بل على أساس الدول التي جاؤوا منها، أو على أساس اللغة بالنسبة للمهاجرين العجم، وإن دخل فيها الكثير من الأنصار لاحقاً، وتركّزت هذه الظاهرة على وجه الخصوص في منطقة الشمال (حلب وإدلب والساحل).

وتحت تأثير هذه العوامل امتلأت ساحة الشام بالفصائل المتباينة، المختلفة عن بعضها شكلاً وحجماً ومنهجاً وتبعيّةً، حتى إنّ عدد هذه الفصائل بلغ بحسب بعض الإحصائيات أكثر من 2000 فصيل، ربما اشترك العشرات منها أحياناً بالاسم نفسه دون أن يكون بينها أي ارتباط، أمّا الألقاب فكانت عجيبة، فأعطت الفصائل لأنفسها ألقاب الألوية والجيوش والفرق رغم قلة عدد عناصر معظمها إلى حد يجعل المقارنة بين اسم الفصيل وحقيقة واقعه أمراً مثيراً للسخرية.

وفي ظل هذه الفوضى الكبيرة كان ينبغي على مجاهدي الدّولة الإسلاميّة أن يشقّوا طريقهم، ويحقّقوا الأهداف التي أوفدوا من أجلها إلى ساحة الشام.

مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (4)
فوضى الفصائل المسلّحة في الشام
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
14 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً