عادل بن عبد الله المجماج التميمي ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى ...

عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم


أرض القصيم، ودود ولود، نزعت عنها رداء الشرك من قرون، ونصر أهلها التوحيد، فكان منهم أجيال من الموحّدين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ولا ينقضي جيل إلا وقد غرس في الذي يليه عقيدة صافية، ونفوسا أبية.

ولم يختلف جيلنا المعاصر عن أسلافهم، فالألوف من شباب القصيم نفروا خلال العقود الماضية ليمدوا ساحات الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها، ولم تنفع كل محاولات الطواغيت من آل سلول في القضاء على دعوة التوحيد في هذه المنطقة، رغم التعسف والسجون، ورغم تلبيس الملبسين من السرورية والجامية وأشباههم.

فلا زال فيها بقية باقية من أهل الإيمان، يسيرون على خطى أسلافهم ممن نصر دعوة التوحيد عندما صدع بها الشيخ محمد بن عبد الوهّاب وإخوانه، ممّن لا يعرف إلا طريق العزة والشرف والرفعة، فجعل طريقها يبدأ من الصدع بملة إبراهيم، ويمر على سجون ومعتقلات المرتدين، إلى مناجزتهم بالسيف، ومن هذه الثلة المباركة بطلنا المجاهد أبو عبد الله التميمي (عادل بن عبد الله المجماج) تقبّله الله.

ولد أبو عبد الله في مدينة عنيزة من حواضر نجد عام 1410 هـ، وشب على حب العلم وأهله، وثنى ركبتيه على عدد من علماء مدينته وحفظ القرآن على أيديهم، وكان يتردد على مجالس العلم ليتعلم دين الله عز وجل، ويرفع الجهل عن نفسه.

دخل كلية الشريعة وكان الطالب المجتهد فيها، إلا أنها كانت مليئة بالمناهج الضالة، سواء من جهة كتبها المفروضة، أو من الأفكار التي يروجها المدرسون فيها، وكان -رحمه الله- كما ذكر عنه أحد أقرانه لا يسلّم لهم بما يطرحونه من أباطيل وضلالات، بل يناقشهم ويردّ على شبهاتهم، وكان منهم مدرس يشيع في محاضراته انحرافات في العقيدة، فلم تكن تمر محاضرة لهذا المدرس إلا ويناقشه أبو عبد الله ويرد على ضلاله، ولم يطل به الأمد وترك الكليّة مبكرا.

كان -رحمه الله- من الصادعين بالكفر بالطاغوت، لا يجلس مجلسا إلا ويبّصر الناس بحقيقة طواغيت آل سلول، وحكم عسكرهم، وشرطهم، وعلمائهم المرتدين.

ومن المعلوم من سنن الله الكونية أن الصراع بين الحق والباطل مستمر حتى قيام الساعة، ولذلك سعى طواغيت الجزيرة إلى محاربة الجهاد والمجاهدين في كل مكان، زاعمين أنهم سيوقفون أهل هذه الدعوة المباركة عن نشرها، وأنهم سيمنعون الرجال من القتال والجهاد، فملؤوا سجونهم بالشباب المجاهدين، وزجوا بالموحدين في معتقلاتهم، لا لذنب إلا أنهم صدعوا بالتوحيد، وحاربوا عباد الصليب وأذنابهم.

فكان لهذا الأمر تأثير بالغ على كثير من الشباب ومنهم فارسنا تقبله الله، فكان من أبرز المناصرين للأسرى والأسيرات في سجون الطواغيت، وأسر من أجل ذلك مرتين؛ إحداها حينما خرجت مسيرة نصرة للأسرى في سوق النخيل في مدينة بريدة، حيث قام جنود الطواغيت بالاعتداء على نساء المسلمين، فانبرى لهم الأسد، وتعارك مع جنود الطاغوت حتى يمنعهم من الوصول للنساء حتى اعتقلوه ومكث في السجن أكثر من سنة، حتى أفرج عنه، ثم خرج عزيزا شامخا ينصر دين الله.

وما لبث أن ذهب إلى سجن الطرفيّة مطالباً بفكاك الأسرى والأسيرات من سجون الطواغيت، ومعه أحد إخوانه فاعتقله الطواغيت مرة أخرى، ليزجوا به في معتقلاتهم لأكثر من ثلاث سنين، ثم أفرجوا عنه، بعد أن وضعوه في برنامج الطاغوت ابن نايف للمناصحة، وهو برنامج يضعون فيه الموحدين قبل الإفراج عنهم محاولين صرفهم عن التوحيد الذي دعوا إليه.

حينما خرج من سجونهم وضع الطواغيت في ساقه حلقة إلكترونية لتتبعه، ومعرفة مكانه في كل وقت، وظنوا أنهم بهذه الحلقة سيجعلون بطلنا ذليلا خانعا لهم، فلم يستسلم لهم -تقبله الله- بل تمكّن من الاتصال بالمجاهدين في ولاية نجد بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن، ولم يكن ما وضعوه له عائقا له من النفير، فقام بقصها رغم خطورة ذلك عليه، ولحق بالإخوة المجاهدين مبايعاً لخليفة المسلمين.

التحق بجنود الخلافة في جزيرة العرب، وقلبه يحترق على أخواته الأسيرات في سجون الطواغيت المرتدين، وعلى إخوة لهم أعدمهم الطاغوت بسبب نصرتهم للمجاهدين، وقتالهم للصليبيين وأذنابهم المرتدين، فلا يكاد يمر عليه يوم إلا ويذكر من خلّفهم وراءه من إخوانه الأسرى والأسيرات في سجون الكفر، كيف لا وهو اعتقل مرتين نصرة لهم.

انضمّ -رحمه الله- إلى إحدى السرايا، التي قامت بتنفيذ عدد من العمليات التي أرعبت الطواغيت وجنودهم، وكان له خبرة في مجال التقنية وأمن المعلومات، فلم يبخل على إخوانه بإعطائهم الدروس والتعليمات في هذا الأمر المهم لهم.

وما كان لهذه النفس بعد هذا الجهد والنصب والتعب إلا أن تستريح من هذه الدنيا الفانية، فقد قام المرتدون في يوم الخميس (27 رجب 1437 هـ) بمحاصرة مكان السرية في ولاية الحجاز بين الطائف ومكة، ومطالبة الإخوة الموجودين بتسليم أنفسهم للطواغيت، وأنى لهذه الأسود أن تسلم نفسها وقد ذاقت في الجهاد طعم العز.

فاشتبك معهم الإخوة بالأسلحة الخفيفة، وجلب الطواغيت كعادتهم عشرات المدرعات، والمئات من الجنود رغم معرفتهم أن الإخوة قلة قليلة لا يملكون إلا أسلحة خفيفة.

وانغمس أخونا أبو عبد الله على سيارة لقوات الطوارئ المرتدة بحزامه الناسف وفجره فيهم، ليرسل لأعداء الله رسالة أن الأسود لا تسلم نفسها للكلاب، وأن القتل في سبيل الله منية المجاهدين، وأنهم ما خرجوا إلا من أجل نصرة هذا الدين، وإقامة شرع الله المغيَّب، ولكي يبذلوا دماءهم لأجل هذا الهدف، وأن المجاهدين لن يكونوا لقمة سهلة للطواغيت، بل دون الوصول لهم دماء وأشلاء، وأن جنود الخلافة قد رووا بدمائهم أرض جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

فليبشر طواغيت الجزيرة بما يسوؤهم، فخلف هذا الرجل رجال، لم يلقوا أسلحتهم بعد، ولن يلقوها أبدا حتى يكون الدين كله لله، في جزيرة العرب، وفي أرض الله كلها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

قصة شهيد:
عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/2] هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟ في حديث عائشة -رضي ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/2]

هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟

في حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق روايتان؛ هما رواية: «كان يصوم شعبان كله»، ورواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلا»، وبالجمع بين الروايتين، يظهر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم أكثر أيام شهر شعبان، قال النووي: «وقولها كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلا، الثاني تفسير للأول، وبيان أن قولها كله: أي غالبه» [شرح صحيح مسلم]، وقال القاضي عياض: «وكذلك يفسر قوله: (كان يصوم شعبان كله) (كان يصوم شعبان إلا قليلا)، والكلام الثاني تفسير للأول، وعبّر بالكل عن الغالب والأكثر» [إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم]، ويقوّي هذا الرأي ما رواه مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «ما صام النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرا كاملا قط غير رمضان»، قال النووي: «قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان لئلا يُظن وجوبه» [المنهاج].

الفصل بين صيام شعبان وصيام رمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صومه، فليَصُم ذلك اليوم) [متفق عليه]، وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» [حديث حسن، رواه أبو داود وغيره].

قال الصنعاني: «واعلمْ أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغَيْم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه» [سبل السلام]، وعن عطاء قال: كنت عند ابن عباس قبل رمضان بيوم أو يومين فقرّب غداءه فقال: «أفطروا أيها الصِّيَّام! لا تواصلوا رمضان بشيء وافْصِلوا» [رواه عبد الرزاق في مصنفه].

قال ابن عبد البر: «استحب ابن عباس وجماعة من السلف رحمهم الله أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة بكلام أو قيام أو مشي أو تقدم أو تأخر من المكان» [الاستذكار].

إحصاء هلال شعبان لرمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) [حديث حسن، رواه الترمذي وغيره]، قال المباركفوري: «(أحصوا) بقطع الهمزة أمر من الإحصاء وهو في الأصل العد بالحصا أي عدّوا (هلال شعبان) أي أيامه (لرمضان) أي لأجل رمضان أو للمحافظة على صوم رمضان... وقال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء» [تحفة الأحوذي].

بدع النصف من شعبان:

مما أحدث الناس في دين الله مؤخّرا تخصيصهم ليلة النصف من شعبان (ليلة الخامس عشر) بالقيام، أو تخصيصهم نهاره بصيام، أو قراءة سُوَر معينة في ذلك اليوم، أو الصلاة المسماة عندهم «الصلاة الألفية» والأخرى المسماة «صلاة براءة»، أو إيقاد المصابيح وتوزيع الحلوى... وغيرها مما هو معروف هذه الأيام، وما له مستند سوى أحاديث موضوعة أو ضعيفة جدا، وفيما يلي بعض أقوال أهل العلم في ذلك:

- قال القرطبي: «ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّل عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها» [الجامع لأحكام القرآن].

- قال أبو بكر الطرطوشي المغربي: «روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على سواها» [الحوادث والبدع].

- قال ابن القيم: «ومن الأحاديث الموضوعة: أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان» [المنار المنيف في الصحيح والضعيف].

- قال ابن دحية: «قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح، فتحفَظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثا يسوقه في معرض الخير، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صح أنه كَذِبٌ خرج من المشروعية، وكان مستعمله من خَدَم الشيطان لاستعماله حديثاً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يُنزل الله به من سلطان» [الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة المقدسي].

- قال الشوكاني: «قال المجد في المختصر: حديث صلاة ليلة النصف من شعبان باطل، وهكذا قال غيرُه من أئمة هذا الشأن» [تحفة الذاكرين].

- قال النووي: «وهاتان الصلاتان -يقصد صلاة الرغائب وصلاة نصف شعبان- بدعتان مذمومتان منكرتان قبيحتان» [المجموع، شرح المهذب].

فهذا شهر شعبان قد أهلكم أيها المسلمون، فاغتنموه بالطاعات، وروّضوا النفوس لاستقبال شهر رمضان، بالصيام والقيام والقرآن، واطلبوا بذلك الأجر من الكريم الرحمن.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/1] شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/1]

شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن القبائل كانت تتشعب فيه، أي تتفرق فيه للقتال، بعد قعودها عنه في شهر رجب المحرّم، ولهذا الشهر فضائل كثيرة وردت في أحاديث السنة الصحيحة، ما يغني عن غيرها من الضعيف والموضوع، مما شاع بين الناس عن فضائل ينسبونها لبدع من الدين ما أنزل الله بها من سلطان.

كما إن للصيام في هذا الشهر أحكاما خاصة، لفضله، ولالتصاقه بشهر الصوم رمضان، نذكر أهمها في هذه المقالة المختصرة.

فضل الصيام في شهر شعبان:

للصيام في شعبان فضل ليس كفضل غيره من الشهور، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثر من الصيام فيه، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله» وفي رواية: «كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا» [متفق عليه]، كما أن صوم يوم من شعبان يعدل يومين من غيره، روى الشيخان عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له: (أصمت من سَرَرِ شعبان شيئا؟) قال: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أفطرت، فَصُمْ يومين مكانه)، قال الحافظ ابن حجر: قال القرطبي: «وفيه إشارة إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره، أخذا من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوَّتَه من صيام شعبان» [فتح الباري].

الحكمة من إكثار الصيام في شعبان:

سأل أسامة بن زيد -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، لَمْ أَرَكَ تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: (ذلك شهر يغفُل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِب أن يرفع عملي وأنا صائم) [حديث حسن، رواه النسائي]، ومن هنا يتبين أن الإكثار من صيام شعبان له أسباب، منها:

غفلة الناس: والعبادة في أوقات الغفلة لها شأن عظيم، ولنا على ذلك عدة أمثلة ذكرها ابن رجب الحنبلي في كتاب (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف)، منها: ما رتّبه الله تعالى من الأجر الجزيل لمن يذكره سبحانه في الأسواق (دعاء دخول السوق)، لأن السوق مكان غفلة! يكثر فيه الكذب والغش والنظر للمحرمات... لذا كتب الله سبحانه لمن قال دعاء دخول السوق ألفَ ألفِ حسنة، وحطَ عنه ألفَ ألفِ سيئة، ورفع له ألفَ ألفِ درجة [حديث صحيح، رواه النسائي وغيره]، ومنها: عن سلمان -رضي الله عنه- أنه قال: «إذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل: منهم من عليه ولا له، ومنهم من له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه... وَمَنْ له ولا عليه؛ فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي، فذلك له ولا عليه...» [رواه الطبراني]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهَرْجِ كهجرة إليّ) [رواه مسلم]، قال النووي: «المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد».

السبب الثاني: أن شعبان شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، كما هو مبيّن في الحديث السابق الذكر: (وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين).

السبب الثالث: في الحديث أيضا إشارة منه -صلى الله عليه وسلم- إلى مزيَّة أخرى لشهر شعبان، وهي أنه متوسط بين شهري رجب المحرّم ورمضان المعظّم، فترى الناس يجتهدون في العبادة في رجب، ما لا يجتهدون في شعبان!

قال الحافظ ابن حجر: «فهذا فيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان، لذلك كان يصومه صلى الله عليه وسلم»، ثم أورد أثرا بسنده عن أم أزهر بن سعيد، أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها، فذكرتْ لها أنها تصوم رجب، فقالت لها عائشة: «صومي شعبان، فإن فيه الفضل»، وأما حديثها رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر صياما منه في شعبان» فظاهره فضيلة الصوم في شعبان على غيره [تبيين العجب بما ورد في شهر رجب].

السبب الرابع: ومن حِكَم صيام شعبان أيضا التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: «وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط» [لطائف المعارف].


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

*[ استجابات الأمراء لاستغاثات النساء ]* للمرأة في الإسلام خصوصاً وعند العرب وغيرهم من الأحرار ...

*[ استجابات الأمراء لاستغاثات النساء ]*

للمرأة في الإسلام خصوصاً وعند العرب وغيرهم من الأحرار عموماً، مكانة لا توازيها مكانة، فهي الدرة المصونة، والجوهرة المكنونة، فلِمَسّ كرامتها تغلي القلوب، وتشتعل الحروب، فلأجلها قامت غزوة بني قينقاع، فشتتهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في النواحي والبقاع، وحين أراد الخليفة العبيدي أن يستغيث بالصارم المنكي، السلطان نور الدين محمود زنكي، ليدفع عنه زحف الروم، أرسل له كتابا مكلوم، يحوي قصات شعر النساء والبنات، ليستثير فيه الحمية والنخوة والمكرمات، فلبى نداءه، وصدّ أعداءه، وقد جمعت هنا قطوفاً مستلذات، وصفحات نيرات، وشواهد بينات، لا يجد قارئها بداً من الاعتراف، على عظم السادة الأسلاف، فأبدأ مستعيناً بالله، متبرئاً من كل معبود سواه.


*1 – الحجاج بن يوسف الثقفي (ت: 95 هـ)*
رغم ما يُروى عن الحجاج من شدة وسفكٍ للدماء، إلا أن له محاسناً لم يبلغ بعضها الكثير ممن جاء بعده، وقد ذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء، فغضب، وقال: إنما تذكرون المساوئ، أو ما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام، وأول من اتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت بالهند فنادت يا ‌حجاجاه! فاتصل به ذلك، فجعل يقول: لبيك، لبيك، وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى افتتح الهند، واستنقذ المرأة، وأحسن إليها، واتخذ المناظر بينه وبين قزوين، وكان إذا دخن أهل قزوين دخنت المناظر إن كان نهارا، إن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرد الخيل إليهم، فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط، وكان قزوين ثغرا حينئذ.
[معجم البلدان: 5/350، والبلدان لابن الفقيه: 267]
فهذه المرأة كانت سبباً في فتح بلاد الهند ودخول الإسلام إليها، قال الحميري في كتابه الروض المعطار في خبر الأقطار ص 596: أرض الهند فتحها محمد بن القاسم الثقفي سنة أربع وتسعين، وكان السبب في ذلك أن امرأة مسلمة ممن سباها أهل الهند أرادوها على نفسها، فصرخت: وا ‌حجاجاه، فجهز الجنود إلى أرض الهند مع محمد بن القاسم، وكان معسكره بشيراز، فاتخذه الولاة منزلاً إلى الآن.

*2 – الحكم بن هشام الأموي الأندلسي. (ت: 206هـ)*
في سنة (194هـ)، غزا الحَكَم إلى أرض الشرك، وكان السبب في هذه الغزاة أن عباس بن ناصح الشاعر كان بمدينة الفرج (وهي وادي الحجارة). وكان العدو، بسبب اشتغال الحَكَم بماردة وتوجيه الصوائف إليها مدة من سبعة أعوام، قد عظمت شوكته، وقوي أمره. فشن الغارات في أطراف الثغور، يسبي ويقتل، وسمع عباس بن ناصح امرأة في ناحية وادي الحجارة، وهي تقول: (واغوثاه يا حكم! ‌قد ‌ضيعتنا ‌وأسلمتنا ‌واشتغلت ‌عنا، حتى استأسد العدو علينا!). فلما وفد عباس على الحكم، رفع إليه شعرا يستصرخه فيه، ويذكر قول المرأة واستصراخها به؛ وأنهى إليه عباس ما هو عليه الثغر من الوهن والتياث الحال. فرثى الحكم للمسلمين، وحمى لنصر الدين، وأمر بالاستعداد للجهاد، وخرج غازيا إلى أرض الشرك؛ فأوغل في بلادهم، وافتتح الحصون، وهدم المنازل، وقتل كثيرا، وأسر كذلك، وقفل على الناحية التي كانت فيها المرأة، وأمر لأهل تلك الناحية بمال من الغنائم، يصلحون به أحوالهم ويفدون سباياهم؛ وخص المرأة وآثرها، وأعطاهم عددا من الأسرى عونا. وأمر بضرب رقاب باقيهم، وقال لأهل تلك الناحية وللمرأة: (هل أغاثكم الحكم؟) قالوا: (شفا والله الصدور، ونكى في العدو، وما غفل عنا إذ بلغه أمرنا! فأغاثه الله وأعز نصره!).
[البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب: 2/73].

*3 – المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباسي (ت: 227 هـ)*
وقصة فتحه لمدينة عمّورية مشهورة جدّاً، والسبب أن ملك الروم قتل وسبى وأسر من المسلمين، وكان بين السبي امرأة هاشمية، فصاحت: وا معتصماه!، فسمعها رجل مسلم، حملته الحمية فرحل من عمّورية -أنقرة حالياً- إلى دار الخلافة بغداد فدخل على خليفة المسلمين المعتصم بالله، وأخبره الخبر، فحملته النخوة والغيرة والمسؤولية على تلبية ندائها، فأجابها وهو جالس على سريره: لبيكِ لبيكِ! ونهض من ساعته، وصاح في قصره: النفير النفير، ثم ركب دابته، واستحث الجيوش، وقاد الجيش بنفسه، ففتح عمّوريّة سنة (223هـ)، وأطلق المرأة وأكرمها.
[يُنظر على سبيل المثال: الكامل في التاريخ: 6/38، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة: 1/221]

*4 – الصلت بن مالك الخروصي (ت: 275 هـ)*
في عهده هجم الأحباش الصليبيون على جزيرة سقطرى والتي كانت تتبع سلطان عمان في حينها الصلت بن مالك الخروصي، فاحتلوها، وقتلوا واليها، وعاثوا فيها فساداً، فدمروها وأحرقوا مساجدها واستباحوا نساءها وقتلوا رجالها.
فاستغاثت فاطمة بنت حمد بن خلفان بن حميد الجهضمية -والتي تُعرف بلقب الزهراء السقطرية لارتباط اسمها بقصة تحرير جزيرة سقطرى- بالإمام الصلت بن مالك الخروصي تستنهضه ليغيث الجزيرة وأهلها من بطش الأحباش الذين نقضوا العهد، فأرسلت له قصيدة مكلومة تقول فيها:
قــل للإمـام الذي ترجى فضائله * * ابن الكــرام وابن السـادة النجبِ
وابن الجحاجحة الشــــم الذين هم * * كانوا سناها وكانـوا ســادة العربِ
أمست سقطـرى من الإسلام مقفرة * * بعـد الشرائـع والفرقـان والكتبِ
وبـعـد حـي حـلال صـار مـغتبطـا * * في ظل دولتهم بالمال والحسبِ
لم تُبقِ فيها سنـون المـحل ناضـرةً * * من الغصـون ولا عـوداً من الرُطَبِ
واستبدلت بالهـدى كفـراً ومعصيةً * * وبـالأذان نواقـيساً مـن الـخشبِ
وبالذراري رجـالاً لا خَــلاَقَ لـهم * * من اللئـام علـوا بالقهـر والغـلبِ
جارَ النصارى علـى واليـكَ وانتهبوا * * من الحريـم ولـم يألـوا من السلبِ
إذ غادروا قاسمـاً فـي فتيـةٍ نُجُـبِ * * عقوى مسامعهم فـي سبسبٍ خـربِ
مُجـدّلين سِراعـاً لا وسـاد لـهم * * للعـاديـات لسبـعٍ ضـارئ كـلبِ
وأخرجـوا حُـرم الإسـلام قـاطبة * * يهتفـن بالويـل والأعـوال والكُربِ
قـل للإمـام الذي تُرجـى فضائله * * بـأن يـغيث بنـات الدين والـحسب
كـم مـن مُنعـمةً بـكرٍ وثـيبـةٍ * * مـن آل بيـتٍ كريـم الجد والنسب
تـدعو أبـاها إذا ما العِلـجُ همّ بها * * وقـد تلقّـف منهـا موضـع اللبـب
وباشر العِلـجُ ما كـانت تَضُـنُ به * * على الحلال بوافـي الـمهر والقـهب
وحـلّ كـلَ عـراءٍ من مُـلمتـها * * عن سـوءةٍ لـم تزل في حوزةِ الحُجُبِ
وعن فخـوذٍ وسيقـانٍ مـدملجـةٍ * * وأجعـدٍ كعنـاقيــدٍ مـن العـنب
قهراً بغيـر صـداقٍ لا ولا خُطِبت * * إلا بضـرب العوالـي السُمرِ والقُضُبِ
أقولُ للعيـن والأجفـان تسعدنـي * * يا عين جودي على الأحبـاب وانسكب
ما بال صلـتٍ ينـام الليـلَ مُغتبطاً * * وفـي سقطـرى حريـم عُرضة النهب
يـا للرجـال أغيثـوا كـل مسلمةٍ * * ولو حبوتـم علـى الأذقـانٍ والرُكبِ
حتـى يعـودَ نصـاب الدين منتصباً * * ويهـلك الله أهـل الـجور والـريب
وثم يصبح دعـى الزهراء صــادقة * * بعد الفســـوق وتحيى سنـة الكتب
ثم الصلاة علـى الـمختـار سيـدنا * * خيـر البـريـة مـأمـونٍ ومنتـخبِ

فلبى الإمام نداءها، وأرسل أسطولاً يتكون من مائة سفينة محملة بالجند، فكسروا شوكة الأحباش، ورفعوا راية الإسلام على الجزيرة من جديد.
[ينظر لتفصيل ذلك: "عمان عبر التاريخ" لحمود السيابي، وكتاب "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان" لنور الدين عبد الله بن حميد السالمي].

*5 – المنصور ابن أبي عامر (ت: 392 هـ)*
مر معنا في بعض المواضيع سيرة الأمير المنصور محمد بن أبي عامر المعافري الأندلسي، وأنه كان يغوز بلاد الفرنجة مرتين في السنة واحد في الشتاء وأخرى في الصيف، فغزاهم نيفاً وخمسين غزوة لم تسقط له راية.
ومن مفاخر المنصور: أنه قدم من غزوة، فتعرضت له امرأة عند القصر، فقالت: يا منصور! يفرح الناس وأبكي؟ إن ابني أسير في بلاد الروم.
فثنى عنانه وأمر الناس بغزو الجهة التي فيها ابنها.
[سير أعلام النبلاء: 17/125-126]

ومن ذلك أيضاً ما حكاه ابن عذاري المراكشي قائلاً: ومن أوضح الأمور هنالك، وأفصح الأخبار في ذلك، أن أحد رسله -أي المنصور- كان كثير الانتياب، لذلك الجناب، فسار في بعض مسيراته إلى غرسية (ت 390هـ / 1000م) صاحب البشكنس (ممكلة نبره أو نافار النصرانية) فوالى في إكرامه، وتناهى في برِّه واحترامه، فطالت مدَّته فلا متنزَّه إلا مرَّ عليه متفرِّجا، ولا منزل إلا سار عليه معرِّجا، فحلَّ في ذلك، أكثر الكنائس هنالك، فبينا هو يجول في ساحتها، ويجيل العين في مساحتها، إذ عرضت له امرأة قديمة الأسر، قويمة على طول الكسر، فكلمته، وعرَّفته بنفسها وأعلمته، وقالت له: أيرضى المنصور أن ينسى بتنعمه بوسها، ويتمتَّع بلبوس العافية وقد نضت لبوسها، وزعمت أن لها عدة سنين بتلك الكنيسة محبسة، وبكل ذل وصغار ملبسة، وناشدته الله في إنهاء قصتها، وإبراء غصَّتها، واستحلفته بأغلظ الأيمان، وأخذت عليه في ذلك أوكد مواثيق الرحمن. فلمَّا وصل إلى المنصور عرَّفه بما يجب تعريفه به وإعلامه، وهو مصغٍ إليه حتى تم كلامه، فلما فرغ قال له المنصور: هل وقفت هناك على أمر أنكرته، أم لم تقف على غير ما ذكرته؟ فأعلمه بقصة المرأة وما خرجت عنه إليه، وبالمواثيق التي أخذت عليه. فعتبه ولامه، على أن لم يبدأ بها كلامه، ثم أخذ للجهاد من فوره، وعرض من من الأجناد في نجده وغوره، وأصبح غازيًا على سرجه، مباهيًا مروان يوم مرجه، حتى وافى ابن شانجة في جمعه، فأخذت مهابته ببصره وسمعه، فبادر بالكتاب إليه يتعرف ما الجليَّة، ويحلف له بأعظم أليَّة، أنه ما جنى ذنبًا، ولا جفا عن مضجع الطاعة جنبًا، فعنف أرساله، وقال لهم -أي المنصور: كان قد عاقدني أن لا يبقى ببلاده مأسورةٌ ولا مأسور، ولو حملته في حواصلها النسور، وقد بلغني بعد بقاء فلانة المسلمة في تلك الكنيسة، ووالله لا أنتهي عن أرضه حتى أكتسحها. فأرسل إليه المرأة في اثنتين معها، وأقسم أنه ما أبصرهنَّ ولا سمع بهنَّ، وأعلمه أن الكنيسة التي أشار بعلمها، قد بالغ في هدمها، تحقيقًا لقوله، وتضرع إليه في الأخذ في بطوله، فاستحيا منه، وصرف الجيش عنه، وأوصل المرأة إلى نفسه، وألحف توحشها بأنسه، وغيَّر من حالها، وعاد بسواكب نعماه على جدبها وإمحالها، وحملها إلى قومها، وكحلها بما كان شرد من نومها.
[البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب: 2/297]

*6 – بيبرس البندقداري المملوكي. (ت: 676 هـ)*
للسلطان الظاهر بيبرس مواقف محمودة في التصدي للتتار ومحاربة الفرنج، ومما يتعلق بموضوعنا هنا أنه لما كان السلطان بيبرس بالشام، فى سنة (667هـ)، وقفت له امرأة ذكرت أنها كانت أسيرة في صور، وأنها اشترت نفسها، ثم قطعت على بنت لها قطيعة، وحصلت من أوقاف دمشق مبلغاً اشترتها به من صور بمكاتبة عليها خط الفرنج، ولما خرجت بها إلى قرب بلاد صفد سير خلفها جماعة من صور أخذوا البنت منها ونصّروها.
فلما سمع السلطان كلامها غضب لله تعالى، وكتب يطلب هذه البنت، فاعتذروا بأنها تنصرت، وكان بالنواقير من جهة صفد جماعة من المسلمين سيّر صاحب صور أمسكهم، وقتل منهم نفرين، واعتقل الباقين، وطلبهم السلطان فأصروا على منعهم، فركب السلطان في العشرين من شهر رمضان، وساق بنفسه ومن معه من العسكر الخفيف، وتوجه الأمير جمال الدين المحمدي من جهة، والأتابك من جهة، ووصلوا إلى صور، فأمسكوا جماعة من الرجال والنساء والصغار، وهرب في ذلك الوقت مملوك للأمير جمال الدين أقوش الرومي فنصّره صاحب صور لوقته، وطلب منه فدافع عنه، وأمسك السلطان عن إتلاف زرعه، ورد الحريم والأطفال وكانوا جملة كبيرة، ورجع السلطان إلى المخيم، وأمهل عليه مدة، فلما استمر على منع البنت والمملوك، جرد السلطان جماعة لاستغلال بلاده، وقطع الميرة عنها.
[الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر: 347، و نهاية الأرب في فنون الأدب: 30/320]


*7 – كنكا منسى موسى امبراطور مالي (1373 هـ)*
ومما يمكن ذكره هنا ما ذكره صاحب كتاب "ما أخفاه التاريخ: قصص منسية لبطولات أسطورية" قال: كان الملك المسلم كنكا موسى يسترد قرية اغتصبها النصارى في الحبشة وأخذ جيشه وحرر القرية واخرج كل جيش النصارى في ساحة القرية أسرى بما فيهم قائد جيشهم وكبير القساوسة وزوجة قائد جيش النصارى وأمه وأولاده فجاء طفل صغير للملك كنكا موسى وهو راكب على فرسه فمسكه الطفل من قدمه وقال له يا سيدي يا سيد فرد عليه الملك وقال للطفل : هل أنت مسلم يا غلام ؟
قال : نعم يا سيدي .
فقال له الملك كنكا ناظرا بعينه لقائد النصارى والقس : لبيك يا شبل الإسلام .
فانهار القس مطروحا على الأرض من الغيظ .
فقال له الطفل : يا سيدي لقد خطف قائد جيش النصارى أمي واختي .
فقال الملك للجنود : آتوني بقائد الجيش والقس والطفل إلى خيمتي .
وقال لقائد الجيش : اين أم الغلام وأخته ؟ .
قال له بعد تردد : ذهبت بهما إلى دير القديسة هيلانا تخدم في حظيرة خاصة بالدير .
فقال لهم الملك : أرسل من يأتي بهما في موكب من 70 فرس و70 جمل و 1000 من العبيد والجنود يحوطون بالموكب وسوف تبقى أنت والقس تعملون خدما في حظيرة المسلمون تخدمون دوابهم حتى تعود المسلمة وابنتها.
فقال قائد النصارى : إن كانوا أحياء حتى اليوم سنأتي بهم وإن كانوا غير ذلك يمكن إن تدفع البرتغال وبريطانيا المال والذهب فداء لهما .
فقال لهم الملك كنكا بغيظ والشرر يطير من عينيه : اسمعا ما اقول ( والله الذي لا إله إلا هو لو جعلتم بريطانيا حذاء في يميني والبرتغال حذاء في شمالي لن اقبل لهما دية اقل من رأس ملك مقابل البنت وراس ملك مقال أمها ) .
فأرسل قائد الجيش والقس برسائل مع رسل منهم وأتو بالأم وابنتها وكانتا على قيد الحياة من تقدير الله الحليم العظيم .
وكان ما امر ملك المسلمين .
وقال الملك كنكا: ستبقى المعركة قائمة ولن نعلن النصر إلا بعد أن يصل نساء المسلمين إلى بيوتهم .
وأرسل قساوسة الدير الأم وبنتها في الموكب كما طلب ملك المسلمين بالضبط .
فقال الملك للأم وبنتها معتذرا عن ما حدث : هل تسامحونا فيما حدث لكما؟
فقالت الأم : نسامحك وبكل فخر يا سيدي !
فقال كنكا : وأنا والله لن اسامح نفسي أن تبيت مسلمة أسيرة خارج بيتها ولو ليلة واحدة وبكى وبكت المرأة وبنتها والغلام وبكى الجميع لبكاء ملك المسلمين .
هذا يوم أن كنا عظماء .
وما دام الإسلام ديننا فسنبقى عظماء مهما أكل علينا الدهر أو شرب .
وسيأتي اليوم الذي يرفع أذان المسلمين من فوق برج روما خمس مرات في اليوم والليلة فأبشروا وبشروا من تعرفون بأن عز الإسلام باق ما بقيت الدنيا.
[ما أخفاه التاريخ: قصص منسية لبطولات أسطورية: 39، نقلاً عن "وثائق غرائب الأمصار" للمؤرخ يعقوب فرح].
والحمد لله رب العالمين

وكتبه: محمد علي حميسان غفر الله له ولوالديه وأهله ومشايخه وأحبابه والمسلمين.. اللهم آمين.
...المزيد

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على ...

ألا فلتصونوا هذهِ الأمانة الثقيلة، ألا فلتحمِلوا هذهِ الراية بقوة، اسقوها بدمائكم، وارفعوها على أشلائِكم، وموتوا تحتها، حتى تُسلِموها إن شاء الله لعيسى ابن مريم عليه السلام

الشيخ أبي محمد العدناني تقبله الله ...المزيد

تعلموا أمر دينكم • صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ: ➊ - اعتقاد بطلانها. ➋ - تركها والتبرؤ منها. ➌ ...

تعلموا أمر دينكم

• صفة الكفر بالطاغوت تكون بـ:
➊ - اعتقاد بطلانها.
➋ - تركها والتبرؤ منها.
➌ - بغضها وعداوتها.
➍ - تكفير أهلها.
➎ - معاداتهم في الله.

والدليل قوله تعالى: { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [الممتحنة: ٤]

إذاً فمن لم يحقق هذه الصفة لم يكن مؤمناً بالله كافرا بالطاغوت، بل العكس، لأن الإيمان بالطاغوت والإيمان بالله ضدان لا يجتمعان في قلب إنسان أبدا، إذ لا يمكن أن يوصف الشخص بأنه مشرك وموحد في نفس الوقت، بل لا بد له من أحد الوصفين لا محالة، إذ لا ثالث لهما، لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ } وقوله: { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا }

فهذا الطاغوت الذي أمرنا أن نكفر به ونجتنبه، وهذه عبادته التي نهينا عنها وأمرنا بتركها وتكفير أهلها ومعاداتهم.

- كتاب تعلموا أمر دينكم صادر عن ديوان الدعوة والمساجد / سلسلة (4)
...المزيد

أبواق الطواغيت • من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون ...

أبواق الطواغيت

• من الناحية الشرعية، فإن العاملين في وسائل الإعلام النصيرية كفار مرتدون محاربون يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحررين والمصورين و "الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإن تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإن حكم الإسلام فيهم هو القتل ردةً جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

مقتبس من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 472
...المزيد

عادل بن عبد الله المجماج التميمي ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى ...

عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم


أرض القصيم، ودود ولود، نزعت عنها رداء الشرك من قرون، ونصر أهلها التوحيد، فكان منهم أجيال من الموحّدين المجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ولا ينقضي جيل إلا وقد غرس في الذي يليه عقيدة صافية، ونفوسا أبية.

ولم يختلف جيلنا المعاصر عن أسلافهم، فالألوف من شباب القصيم نفروا خلال العقود الماضية ليمدوا ساحات الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها، ولم تنفع كل محاولات الطواغيت من آل سلول في القضاء على دعوة التوحيد في هذه المنطقة، رغم التعسف والسجون، ورغم تلبيس الملبسين من السرورية والجامية وأشباههم.

فلا زال فيها بقية باقية من أهل الإيمان، يسيرون على خطى أسلافهم ممن نصر دعوة التوحيد عندما صدع بها الشيخ محمد بن عبد الوهّاب وإخوانه، ممّن لا يعرف إلا طريق العزة والشرف والرفعة، فجعل طريقها يبدأ من الصدع بملة إبراهيم، ويمر على سجون ومعتقلات المرتدين، إلى مناجزتهم بالسيف، ومن هذه الثلة المباركة بطلنا المجاهد أبو عبد الله التميمي (عادل بن عبد الله المجماج) تقبّله الله.

ولد أبو عبد الله في مدينة عنيزة من حواضر نجد عام 1410 هـ، وشب على حب العلم وأهله، وثنى ركبتيه على عدد من علماء مدينته وحفظ القرآن على أيديهم، وكان يتردد على مجالس العلم ليتعلم دين الله عز وجل، ويرفع الجهل عن نفسه.

دخل كلية الشريعة وكان الطالب المجتهد فيها، إلا أنها كانت مليئة بالمناهج الضالة، سواء من جهة كتبها المفروضة، أو من الأفكار التي يروجها المدرسون فيها، وكان -رحمه الله- كما ذكر عنه أحد أقرانه لا يسلّم لهم بما يطرحونه من أباطيل وضلالات، بل يناقشهم ويردّ على شبهاتهم، وكان منهم مدرس يشيع في محاضراته انحرافات في العقيدة، فلم تكن تمر محاضرة لهذا المدرس إلا ويناقشه أبو عبد الله ويرد على ضلاله، ولم يطل به الأمد وترك الكليّة مبكرا.

كان -رحمه الله- من الصادعين بالكفر بالطاغوت، لا يجلس مجلسا إلا ويبّصر الناس بحقيقة طواغيت آل سلول، وحكم عسكرهم، وشرطهم، وعلمائهم المرتدين.

ومن المعلوم من سنن الله الكونية أن الصراع بين الحق والباطل مستمر حتى قيام الساعة، ولذلك سعى طواغيت الجزيرة إلى محاربة الجهاد والمجاهدين في كل مكان، زاعمين أنهم سيوقفون أهل هذه الدعوة المباركة عن نشرها، وأنهم سيمنعون الرجال من القتال والجهاد، فملؤوا سجونهم بالشباب المجاهدين، وزجوا بالموحدين في معتقلاتهم، لا لذنب إلا أنهم صدعوا بالتوحيد، وحاربوا عباد الصليب وأذنابهم.

فكان لهذا الأمر تأثير بالغ على كثير من الشباب ومنهم فارسنا تقبله الله، فكان من أبرز المناصرين للأسرى والأسيرات في سجون الطواغيت، وأسر من أجل ذلك مرتين؛ إحداها حينما خرجت مسيرة نصرة للأسرى في سوق النخيل في مدينة بريدة، حيث قام جنود الطواغيت بالاعتداء على نساء المسلمين، فانبرى لهم الأسد، وتعارك مع جنود الطاغوت حتى يمنعهم من الوصول للنساء حتى اعتقلوه ومكث في السجن أكثر من سنة، حتى أفرج عنه، ثم خرج عزيزا شامخا ينصر دين الله.

وما لبث أن ذهب إلى سجن الطرفيّة مطالباً بفكاك الأسرى والأسيرات من سجون الطواغيت، ومعه أحد إخوانه فاعتقله الطواغيت مرة أخرى، ليزجوا به في معتقلاتهم لأكثر من ثلاث سنين، ثم أفرجوا عنه، بعد أن وضعوه في برنامج الطاغوت ابن نايف للمناصحة، وهو برنامج يضعون فيه الموحدين قبل الإفراج عنهم محاولين صرفهم عن التوحيد الذي دعوا إليه.

حينما خرج من سجونهم وضع الطواغيت في ساقه حلقة إلكترونية لتتبعه، ومعرفة مكانه في كل وقت، وظنوا أنهم بهذه الحلقة سيجعلون بطلنا ذليلا خانعا لهم، فلم يستسلم لهم -تقبله الله- بل تمكّن من الاتصال بالمجاهدين في ولاية نجد بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن، ولم يكن ما وضعوه له عائقا له من النفير، فقام بقصها رغم خطورة ذلك عليه، ولحق بالإخوة المجاهدين مبايعاً لخليفة المسلمين.

التحق بجنود الخلافة في جزيرة العرب، وقلبه يحترق على أخواته الأسيرات في سجون الطواغيت المرتدين، وعلى إخوة لهم أعدمهم الطاغوت بسبب نصرتهم للمجاهدين، وقتالهم للصليبيين وأذنابهم المرتدين، فلا يكاد يمر عليه يوم إلا ويذكر من خلّفهم وراءه من إخوانه الأسرى والأسيرات في سجون الكفر، كيف لا وهو اعتقل مرتين نصرة لهم.

انضمّ -رحمه الله- إلى إحدى السرايا، التي قامت بتنفيذ عدد من العمليات التي أرعبت الطواغيت وجنودهم، وكان له خبرة في مجال التقنية وأمن المعلومات، فلم يبخل على إخوانه بإعطائهم الدروس والتعليمات في هذا الأمر المهم لهم.

وما كان لهذه النفس بعد هذا الجهد والنصب والتعب إلا أن تستريح من هذه الدنيا الفانية، فقد قام المرتدون في يوم الخميس (27 رجب 1437 هـ) بمحاصرة مكان السرية في ولاية الحجاز بين الطائف ومكة، ومطالبة الإخوة الموجودين بتسليم أنفسهم للطواغيت، وأنى لهذه الأسود أن تسلم نفسها وقد ذاقت في الجهاد طعم العز.
...المزيد

فاشتبك معهم الإخوة بالأسلحة الخفيفة، وجلب الطواغيت كعادتهم عشرات المدرعات، والمئات من الجنود رغم ...

فاشتبك معهم الإخوة بالأسلحة الخفيفة، وجلب الطواغيت كعادتهم عشرات المدرعات، والمئات من الجنود رغم معرفتهم أن الإخوة قلة قليلة لا يملكون إلا أسلحة خفيفة.

وانغمس أخونا أبو عبد الله على سيارة لقوات الطوارئ المرتدة بحزامه الناسف وفجره فيهم، ليرسل لأعداء الله رسالة أن الأسود لا تسلم نفسها للكلاب، وأن القتل في سبيل الله منية المجاهدين، وأنهم ما خرجوا إلا من أجل نصرة هذا الدين، وإقامة شرع الله المغيَّب، ولكي يبذلوا دماءهم لأجل هذا الهدف، وأن المجاهدين لن يكونوا لقمة سهلة للطواغيت، بل دون الوصول لهم دماء وأشلاء، وأن جنود الخلافة قد رووا بدمائهم أرض جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم.

فليبشر طواغيت الجزيرة بما يسوؤهم، فخلف هذا الرجل رجال، لم يلقوا أسلحتهم بعد، ولن يلقوها أبدا حتى يكون الدين كله لله، في جزيرة العرب، وفي أرض الله كلها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

قصة شهيد:
عادل بن عبد الله المجماج التميمي
ناصَر الأسرى في جزيرة العرب، وجاوَرهم... ثم قُتل وهو يسعى إلى فكاك أسرهم
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/2] هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟ في حديث عائشة -رضي ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/2]

هل يُشرع صيام شهر شعبان كله أم بعضه؟

في حديث عائشة -رضي الله عنها- السابق روايتان؛ هما رواية: «كان يصوم شعبان كله»، ورواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلا»، وبالجمع بين الروايتين، يظهر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم أكثر أيام شهر شعبان، قال النووي: «وقولها كان يصوم شعبان كله، كان يصومه إلا قليلا، الثاني تفسير للأول، وبيان أن قولها كله: أي غالبه» [شرح صحيح مسلم]، وقال القاضي عياض: «وكذلك يفسر قوله: (كان يصوم شعبان كله) (كان يصوم شعبان إلا قليلا)، والكلام الثاني تفسير للأول، وعبّر بالكل عن الغالب والأكثر» [إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم]، ويقوّي هذا الرأي ما رواه مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: «ما صام النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرا كاملا قط غير رمضان»، قال النووي: «قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان لئلا يُظن وجوبه» [المنهاج].

الفصل بين صيام شعبان وصيام رمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صومه، فليَصُم ذلك اليوم) [متفق عليه]، وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» [حديث حسن، رواه أبو داود وغيره].

قال الصنعاني: «واعلمْ أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغَيْم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه» [سبل السلام]، وعن عطاء قال: كنت عند ابن عباس قبل رمضان بيوم أو يومين فقرّب غداءه فقال: «أفطروا أيها الصِّيَّام! لا تواصلوا رمضان بشيء وافْصِلوا» [رواه عبد الرزاق في مصنفه].

قال ابن عبد البر: «استحب ابن عباس وجماعة من السلف رحمهم الله أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة بكلام أو قيام أو مشي أو تقدم أو تأخر من المكان» [الاستذكار].

إحصاء هلال شعبان لرمضان:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) [حديث حسن، رواه الترمذي وغيره]، قال المباركفوري: «(أحصوا) بقطع الهمزة أمر من الإحصاء وهو في الأصل العد بالحصا أي عدّوا (هلال شعبان) أي أيامه (لرمضان) أي لأجل رمضان أو للمحافظة على صوم رمضان... وقال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء» [تحفة الأحوذي].

بدع النصف من شعبان:

مما أحدث الناس في دين الله مؤخّرا تخصيصهم ليلة النصف من شعبان (ليلة الخامس عشر) بالقيام، أو تخصيصهم نهاره بصيام، أو قراءة سُوَر معينة في ذلك اليوم، أو الصلاة المسماة عندهم «الصلاة الألفية» والأخرى المسماة «صلاة براءة»، أو إيقاد المصابيح وتوزيع الحلوى... وغيرها مما هو معروف هذه الأيام، وما له مستند سوى أحاديث موضوعة أو ضعيفة جدا، وفيما يلي بعض أقوال أهل العلم في ذلك:

- قال القرطبي: «ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يُعوَّل عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها» [الجامع لأحكام القرآن].

- قال أبو بكر الطرطوشي المغربي: «روى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على سواها» [الحوادث والبدع].

- قال ابن القيم: «ومن الأحاديث الموضوعة: أحاديث صلاة ليلة النصف من شعبان» [المنار المنيف في الصحيح والضعيف].

- قال ابن دحية: «قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديث يصح، فتحفَظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثا يسوقه في معرض الخير، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صح أنه كَذِبٌ خرج من المشروعية، وكان مستعمله من خَدَم الشيطان لاستعماله حديثاً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يُنزل الله به من سلطان» [الباعث على إنكار البدع والحوادث، لأبي شامة المقدسي].

- قال الشوكاني: «قال المجد في المختصر: حديث صلاة ليلة النصف من شعبان باطل، وهكذا قال غيرُه من أئمة هذا الشأن» [تحفة الذاكرين].

- قال النووي: «وهاتان الصلاتان -يقصد صلاة الرغائب وصلاة نصف شعبان- بدعتان مذمومتان منكرتان قبيحتان» [المجموع، شرح المهذب].

فهذا شهر شعبان قد أهلكم أيها المسلمون، فاغتنموه بالطاعات، وروّضوا النفوس لاستقبال شهر رمضان، بالصيام والقيام والقرآن، واطلبوا بذلك الأجر من الكريم الرحمن.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

شهر شعبان بين السنة والبدعة [2/1] شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن ...

شهر شعبان بين السنة والبدعة
[2/1]

شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة، وسمّي بهذا الاسم لأن القبائل كانت تتشعب فيه، أي تتفرق فيه للقتال، بعد قعودها عنه في شهر رجب المحرّم، ولهذا الشهر فضائل كثيرة وردت في أحاديث السنة الصحيحة، ما يغني عن غيرها من الضعيف والموضوع، مما شاع بين الناس عن فضائل ينسبونها لبدع من الدين ما أنزل الله بها من سلطان.

كما إن للصيام في هذا الشهر أحكاما خاصة، لفضله، ولالتصاقه بشهر الصوم رمضان، نذكر أهمها في هذه المقالة المختصرة.

فضل الصيام في شهر شعبان:

للصيام في شعبان فضل ليس كفضل غيره من الشهور، لذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثر من الصيام فيه، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله» وفي رواية: «كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا» [متفق عليه]، كما أن صوم يوم من شعبان يعدل يومين من غيره، روى الشيخان عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له: (أصمت من سَرَرِ شعبان شيئا؟) قال: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أفطرت، فَصُمْ يومين مكانه)، قال الحافظ ابن حجر: قال القرطبي: «وفيه إشارة إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره، أخذا من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوَّتَه من صيام شعبان» [فتح الباري].

الحكمة من إكثار الصيام في شعبان:

سأل أسامة بن زيد -رضي الله عنه- النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، لَمْ أَرَكَ تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلا: (ذلك شهر يغفُل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِب أن يرفع عملي وأنا صائم) [حديث حسن، رواه النسائي]، ومن هنا يتبين أن الإكثار من صيام شعبان له أسباب، منها:

غفلة الناس: والعبادة في أوقات الغفلة لها شأن عظيم، ولنا على ذلك عدة أمثلة ذكرها ابن رجب الحنبلي في كتاب (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف)، منها: ما رتّبه الله تعالى من الأجر الجزيل لمن يذكره سبحانه في الأسواق (دعاء دخول السوق)، لأن السوق مكان غفلة! يكثر فيه الكذب والغش والنظر للمحرمات... لذا كتب الله سبحانه لمن قال دعاء دخول السوق ألفَ ألفِ حسنة، وحطَ عنه ألفَ ألفِ سيئة، ورفع له ألفَ ألفِ درجة [حديث صحيح، رواه النسائي وغيره]، ومنها: عن سلمان -رضي الله عنه- أنه قال: «إذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل: منهم من عليه ولا له، ومنهم من له ولا عليه، ومنهم من لا له ولا عليه... وَمَنْ له ولا عليه؛ فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي، فذلك له ولا عليه...» [رواه الطبراني]، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهَرْجِ كهجرة إليّ) [رواه مسلم]، قال النووي: «المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد».

السبب الثاني: أن شعبان شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، كما هو مبيّن في الحديث السابق الذكر: (وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين).

السبب الثالث: في الحديث أيضا إشارة منه -صلى الله عليه وسلم- إلى مزيَّة أخرى لشهر شعبان، وهي أنه متوسط بين شهري رجب المحرّم ورمضان المعظّم، فترى الناس يجتهدون في العبادة في رجب، ما لا يجتهدون في شعبان!

قال الحافظ ابن حجر: «فهذا فيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان، وأن الناس يشتغلون من العبادة بما يشتغلون به في رمضان، ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان، لذلك كان يصومه صلى الله عليه وسلم»، ثم أورد أثرا بسنده عن أم أزهر بن سعيد، أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها، فذكرتْ لها أنها تصوم رجب، فقالت لها عائشة: «صومي شعبان، فإن فيه الفضل»، وأما حديثها رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر صياما منه في شعبان» فظاهره فضيلة الصوم في شعبان على غيره [تبيين العجب بما ورد في شهر رجب].

السبب الرابع: ومن حِكَم صيام شعبان أيضا التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: «وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط» [لطائف المعارف].


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
شهر شعبان بين السنة والبدعة
...المزيد

طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وجعل بعضهم لبعض أزواجا، وجعل ...

طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة


خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وجعل بعضهم لبعض أزواجا، وجعل بينهم مودة ورحمة، وجعل للرجال منهم القوامة على النساء، كما في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ}، وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.

وأوصى الرجال بما أعطاهم من القوامة أن يحسنوا عشرة زوجاتهم ويصبروا على ما يكرهون منهن كما في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وما جاء في الحديثِ: (ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإِنما هنّ عوانٌ عندكم) [رواه الترمذي]، ومعنى قوله: عوانٌ عندكم، أي: أسرى في أيديكم، بل وجعل الله ذلك أحد مقاييس التفاضل بين الرجال كما في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [حديث صحيح، رواه الترمذي وابن حبّان].

كما جعل الله للرجل على زوجته حقوقا يجب عليها أن تؤديها له، وقرن أداءها لحقوق زوجها بأدائها لحقوق الله عليها، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: (المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها كلّه، حتى لو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها) [حديث صحيح، رواه الطبراني]، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) [رواه أحمد والطبراني]، وفي الحديث المرفوع: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) [رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم].

فطاعة المرأة المسلمة لزوجها عبادة تتقرّب بها إلى الله كسائر العبادات، ولا يعقل من مسلمة تخاف الله واليوم الآخر أن تزعم أن صلاتها وصيامها وصدقتها وهجرتها تغنيها عن أداء حق زوجها عليها، فتتكبر عليه، أو ترى نفسها ندا له، أو تعصيه فيما أمرها من غير معصية الله، أو تعتدي عليه بالكلام أو ما سواه، ويكفيها ما سبق من الأدلّة على افتقارها إلى أداء حقوق زوجها وطاعته لتنال رضا الله وتدخل جنته، وتكون بذلك من الصالحات، اللواتي وصفَهن الله عز وجل بقوله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: «وقوله: {فَالصَّالِحَاتُ} أي: من النساء {قانِتَاتٌ}، قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن».

فكيف تسوّغ بعض النساء لأنفسهن الخروج من منازلهن بغير إذن أزواجهن، بل معصيتهم إن منعوهن من ذلك؟ وكيف يبرّرن معصيتهن لأزواجهن فيما أباح الله لهم أن يتأمّروا فيه، فضلا أن يكون أمرهم هو واجبا شرعيا من التزام بالحجاب، وتجنّب للاختلاط، وقرار في البيوت؟

وكيف تجرؤ امرأة أن تنافس الزوج وتزاحمه فيما أعطاه الله إياه من حقوق القوامة عليها، وولايته لأمرها وأمر أولاده، كما في قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، وقوله {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وقول نبيه عليه الصلاة والسلام (والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته) [رواه البخاري ومسلم].

وكيف تنسى امرأة تقرأ كتاب الله قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}، فأعطى الله بذلك للزوج الحق في ضرب الزوجة ضربا غير مبرّح إن أبت إعطاء ما عليها من حق الطاعة، ولم تستجب للموعظة وعقوبة الهجر، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}، قال: «تلك المرأة تنشز، وتستخف بحق زوجها، ولا تطيع أمره» [رواه الطبري والبيهقي]، وقال الطبري، رحمه الله: «وأما قوله: {نُشُوزَهُنَّ}، فإنه يعني استعلاءهن على أزواجهن، وارتفاعهن عن فُرُشهم بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهنّ طاعتهم فيه، بغضاً منهن وإعراضاً عنهم».

فليذكر الرجال أزواجهم بما لهم عليهن من حق الطاعة، وليخوفوهن بالله من معصيتهم في المعروف، وليذكّر الآباء بناتهم بذلك، ولتذكّر المرأة أختها بذلك، فإنّ الأمر عظيم، وإن معصية الزوج وعدم أداء حقوقه إنما هو من كبائر الذنوب، نعوذ بالله أن تقع فيه نساء المسلمين، إنه الهادي إلى سواء السبيل.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 30
السنة السابعة - الثلاثاء 3 شعبان 1437 هـ

مقال:
طاعة المرأة لزوجها عبادة واجبة
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
26 شعبان 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً