عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء

من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا في غيهم وضلالهم أرسل لهم من يجدد لهم أمر دينهم، فتطيعه طائفة من الناس ويزيغ عنه أكثرهم، ويُظهر الموحدون البراءة ممن خالف منهج الله -عز وجل- ويجالدونهم بالسيف حتى يُظهر الله دينه ويكون الدين كله له، من هؤلاء المجددين كان الداعية العالم المجاهد عبد الله بن ياسين.

بدأت قصته بقرار اتخذه شيخ قبيلة كدالة القاطنة في صحراء المغرب يحيى بن إبراهيم، وهو أن يبصّر قومه بشرائع الله ويعرفهم حدوده، وكان رجلا خيِّرا محبا للدين، وقد استمر بحثه عمن يخرج مغه داعبا لقومه فرفض كثير من الدعاة الخروج معه إلى الصحراء لما في ذلك من المشقة إلا الداعية المجاهد عبد الله بن ياسين، فإنه قَبِل المهمة واستعان بالله عليها.

قال السلاوي: «فانتدب لذلك رجل منهم يقال له عبد الله بن ياسين الجزولي، وكان من حذاق الطلبة ومن أهل الفضل والدين والورع والسياسة، مشاركا في العلوم، فخرج مع يحيى بن إبراهيم إلى الصحراء»، وهكذا تحمّل ابن ياسين الغربة والمسير في قلب الصحراء ليحمل الدين إلى قوم تاهوا عنه.

ولمّا وصل عبد الله بن ياسين إلى مضارب قبيلة لمتونة وسألوه عما جاء به، أخبرهم بشرائع الإسلام التي جاء يعلمهم إياها ويطبق حدودها، قال ابن الأثير: «وقالوا: تذكر لنا شريعة الإسلام، فعرفهم عقائد الإسلام وفرائضه، فقالوا: أمّا ما ذكرت من الصلاة والزكاة، فهو قريب، وأما قولك: من قتل يُقتل، ومن سرق يُقطع، ومن زنى يُجلد أو يُرجم، فأمر لا نلتزمه، اذهب إلى غيرنا! فرحلا عنهم»، وهكذا امتنعت هذه القبيلة في بداية أمرها عن التزام الشريعة، فلم يقبل ابن ياسين بالبقاء بينهم دون التزام كامل بها.

ويمضي ابن ياسين إلى قبيلة كدالة بصحبة شيخها، قال ابن الأثير: «فدعاهم عبد الله بن ياسين والقبائل الذين يجاورونهم إلى حكم الشريعة، فمنهم من أطاع، ومنهم من أعرض وعصى»، ثم ألجؤوه بعد ذلك إلى الخروج عنهم لمّا ضاقوا ذرعا بأحكام الشريعة فلم يرضوا بتطبيقها، ولما لم يكن عند ابن ياسين قوة حينها لمحاربتهم أراد الخروج إلى السودان ليدعوهم، لكن شيخ كدالة أشار عليه بالمكوث في مدرسة مشهورة (يقال أنها قرب نهر السنغال). قال ابن خلدون: «فنبذوا عن الناس في ربوة يحيط بحر النيل من جهاتها ضحضاحا في المصيف وغمرا في الشتاء، فتعود جزرا منقطعة. فدخلوا في غياضها منفردين للعبادة».

من الدعوة إلى الجهاد

ويشاء الله أن يكون هذا الداعية نواة طيبة لإقامة دولة إسلامية، قال ابن خلدون: «وتسامع بهم من في قلبه مثقال حبة من خير، فتسايلوا إليهم ودخلوا في دينهم وغيضتهم، ولمّا كمل معهم ألف من الرجالات، قال لهم شيخهم عبد الله بن ياسين: إن ألفا لن تُغلب من قلّة، وقد تعيّن علينا القيام بالحق والدعاء إليه وحمل الكافة عليه، فاخرجوا بنا لذلك، فخرجوا وقتلوا من استعصى عليهم من قبائل لمتونة وكدالة»، فخرج ابن ياسين مجاهدا في سبيل الله القبائل المرتدة الممتنعة عن التزام الشرائع.

ويروي ابن الأثير ذلك فيقول: «فقال ابن ياسين للذين أطاعوا: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق، وأنكروا شرائع الإسلام، واستعدوا لقتالكم، فأقيموا لكم راية، وقدموا عليكم أميرا»، وبتلك الفئة المؤمنة القليلة أخضع المرابطون الصحراء لحكم الله تعالى، قال السلاوي: «وجعل يغزو القبائل حتى ملك جميع بلاد الصحراء وذلل قبائلها... فاشتهر أمره في جميع بلاد الصحراء وما والاها من بلاد السودان وبلاد القبلة وبلاد المصامدة وسائر أقطار المغرب، وأنه قام رجل بكدالة يدعو إلى الله تعالى وإلى الصراط المستقيم ويحكم بما أنزل الله، وأنه متواضع زاهد في الدنيا، وطار له ذكر في العالم وتمكن ناموسه من القلوب وأحبته الناس»، فلما أرضى اللهَ بسخط الناس في بادئ أمره، أرضى الله عنه الناس بعد ذلك، فأحبوه ودخلوا في طاعته.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء (٢/٢) • الحكم بالشريعة ولما توفي شيخ ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء
(٢/٢)
• الحكم بالشريعة

ولما توفي شيخ كدالة قدم ابن ياسين أمير قبيلة لمتونة لتولي القيادة العسكرية، قال السلاوي: «فجمع عبد الله بن ياسين رؤوس القبائل من صنهاجة وولى عليهم يحيى بن عمر اللمتوني وعبد الله بن ياسين هو الأمير... فكان يحيى بن عمر يتولى النظر في أمر الحرب، وعبد الله بن ياسين ينظر في أمر الدين وأحكام الشرع ويأخذ الزكوات والأعشار».

واستمر المرابطون خلف أميرهم العسكري الجديد بتوجيه من فقيههم عبد الله بن ياسين يجددون للناس دينهم.

ففي سنة (446 هـ) -كما يذكر البكري- غزا ابن ياسين أودغست (جنوب موريتانيا اليوم) التي كانت منزل ملك غانة قبل دخول الإسلام، قال البكري: «وقتل فيها عبد الله بن ياسين رجلا من العرب المولّدين من أهل القيروان معلوما بالورع والصلاح وتلاوة القرآن وحجّ البيت يسمّى زباقرة، وإنّما نقموا عليهم أنّهم كانوا تحت طاعة صاحب غانة [الوثني] وحكمه» [المسالك والممالك].

وفي سنة (447 هـ) دخل المرابطون سجلماسة (جنوب المغرب اليوم) وأزاحوا ما بها من ظلم، قال السلاوي: «وغيّر ما وجد بها من المنكرات، وقَطَع المزامير وآلة اللهو، وأَحرق الدور التي كانت تباع بها الخمور، وأزال المكوس وأسقط المغارم المخزنية، ومحا ما أوجب الكتاب والسنة محوه، واستعمل على سجلماسة عاملا من لمتونة وانصرف إلى الصحراء».

وفي نهاية هذه السنة (447 هـ) قُتل الأمير يحيى بن عمر اللمتوني فقدّم الشيخ ابن ياسين أخاه (أبا بكر بن عمر) في المحرم سنة (448 هـ)، فسار تحت إمرة الفقيه كما سار أخوه من قبله، مواصلين الجهاد في سبيل الله، قال السلاوي: «ودخل المرابطون مدينة أغمات [شرق مراكش] سنة تسع وأربعين وأربعمائة، فأقام بها عبد الله بن ياسين نحو الشهرين ريثما استراح الجند، ثم خرج إلى تادلا ففتحها وقتل من وجد بها من بني يفرن ملوكها وظفر بلقوط المغراوي فقتله... ثم تقدم عبد الله بن ياسين إلى بلاد تامسنا ففتحها واستولى عليها».

وكان ابن ياسين -رحمه الله- يثخن في أعداء الله قتلا وسبيا حتى وصلت الأخبار إلى الفقيه الذي أرسله الجاهل بواقع المجاهدين، قال الذهبي: «وبلغت الأخبار إلى الفقيه بما فعل عبد الله بن ياسين فعظم ذلك عليه وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي، فأجابه: أما إنكارك علي ما فعلت وندامتك على إرسالي، فإنك أرسلتني إلى أمة كانوا جاهلية، يخرج أحدهم ابنه وابنته لرعي السوام، فتأتي البنت حاملا من أخيها، فلا ينكرون ذلك، وما دأبهم إلا إغارة بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضا، ففعلت وفعلت وما تجاوزت حكم الله، والسلام» [تاريخ الإسلام]، وهكذا رد ابن ياسين على من يُنَظِّر له جهاده وهو بعيد عن واقعه مصدقا ما يتناقله الناس من أخبار.

وبعد كل هذه الفتوحات عزم المرابطون بتوجيهٍ من شيخهم وفقيههم على غزو قبائل (برغواطة) وهي قبائل أشبه بالمجوسية، قال السلاوي: «وقيل له إن برغواطة قبائل كثيرة وأخلاط شتى اجتمعوا في أول أمرهم على صالح بن طريف المتنبئ الكذاب، واستمر حالهم على الضلالة والكفر إلى الآن، فلما سمع عبد الله بن ياسين بحال برغواطة وما هم عليه من الكفر رأى أن الواجب تقديم جهادهم على جهاد غيرهم فسار إليهم في جيوش المرابطين»، ويقدر الله تعالى أن يصاب ابن ياسين في ذروة ملاحمه مع هؤلاء المجوس (451 هـ) فينال الشهادة، قال صاحب «الاغتباط» في حقه: «دوّخ المغرب إلى أن صار يدين بتعاليم الإسلام بعد أن كاد يتقلص منه».

وصية ابن ياسين

قال السلاوي: «ولما حضرته الوفاة قال لهم: يا معشر المرابطين، إني ميت من يومي هذا لا محالة وإنكم في بلاد عدوكم، فإياكم أن تجبنوا أو تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا أعوانا على الحق وإخوانا في ذات الله، وإياكم والتحاسد على الرياسة فإن الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه ويستخلف في أرضه من أراد من عباده».

مضى ابن ياسين بعد أن بنى نواة دولة إسلامية انطلقت من نهر السنغال جنوبا لتصل إلى جوار مراكش شمالا، ثم توسعت بعد ذلك لتصل إلى الأندلس على حدود فرنسا شمالا على يد تلميذه يوسف بن تاشفين، وإلى أعماق أدغال إفريقية جنوبا على يد تلميذه أبي بكر بن عمر، لقد مضى بعد أن ترك جيلا من المجاهدين يكمل المسيرة من بعده، بعد أن أقام بهم ومعهم دولة الإسلام، فرحم الله ابن ياسين، وبارك في جنود الخلافة اليوم الذين يقارعون كل ممتنع عن تحكيم الشريعة، ولا ينفكون عن ذلك مهما بذلوا من تضحيات حتى يكون الدين كله لله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء (٢/٢) • الحكم بالشريعة ولما توفي شيخ ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء
(٢/٢)
• الحكم بالشريعة

ولما توفي شيخ كدالة قدم ابن ياسين أمير قبيلة لمتونة لتولي القيادة العسكرية، قال السلاوي: «فجمع عبد الله بن ياسين رؤوس القبائل من صنهاجة وولى عليهم يحيى بن عمر اللمتوني وعبد الله بن ياسين هو الأمير... فكان يحيى بن عمر يتولى النظر في أمر الحرب، وعبد الله بن ياسين ينظر في أمر الدين وأحكام الشرع ويأخذ الزكوات والأعشار».

واستمر المرابطون خلف أميرهم العسكري الجديد بتوجيه من فقيههم عبد الله بن ياسين يجددون للناس دينهم.

ففي سنة (446 هـ) -كما يذكر البكري- غزا ابن ياسين أودغست (جنوب موريتانيا اليوم) التي كانت منزل ملك غانة قبل دخول الإسلام، قال البكري: «وقتل فيها عبد الله بن ياسين رجلا من العرب المولّدين من أهل القيروان معلوما بالورع والصلاح وتلاوة القرآن وحجّ البيت يسمّى زباقرة، وإنّما نقموا عليهم أنّهم كانوا تحت طاعة صاحب غانة [الوثني] وحكمه» [المسالك والممالك].

وفي سنة (447 هـ) دخل المرابطون سجلماسة (جنوب المغرب اليوم) وأزاحوا ما بها من ظلم، قال السلاوي: «وغيّر ما وجد بها من المنكرات، وقَطَع المزامير وآلة اللهو، وأَحرق الدور التي كانت تباع بها الخمور، وأزال المكوس وأسقط المغارم المخزنية، ومحا ما أوجب الكتاب والسنة محوه، واستعمل على سجلماسة عاملا من لمتونة وانصرف إلى الصحراء».

وفي نهاية هذه السنة (447 هـ) قُتل الأمير يحيى بن عمر اللمتوني فقدّم الشيخ ابن ياسين أخاه (أبا بكر بن عمر) في المحرم سنة (448 هـ)، فسار تحت إمرة الفقيه كما سار أخوه من قبله، مواصلين الجهاد في سبيل الله، قال السلاوي: «ودخل المرابطون مدينة أغمات [شرق مراكش] سنة تسع وأربعين وأربعمائة، فأقام بها عبد الله بن ياسين نحو الشهرين ريثما استراح الجند، ثم خرج إلى تادلا ففتحها وقتل من وجد بها من بني يفرن ملوكها وظفر بلقوط المغراوي فقتله... ثم تقدم عبد الله بن ياسين إلى بلاد تامسنا ففتحها واستولى عليها».

وكان ابن ياسين -رحمه الله- يثخن في أعداء الله قتلا وسبيا حتى وصلت الأخبار إلى الفقيه الذي أرسله الجاهل بواقع المجاهدين، قال الذهبي: «وبلغت الأخبار إلى الفقيه بما فعل عبد الله بن ياسين فعظم ذلك عليه وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي، فأجابه: أما إنكارك علي ما فعلت وندامتك على إرسالي، فإنك أرسلتني إلى أمة كانوا جاهلية، يخرج أحدهم ابنه وابنته لرعي السوام، فتأتي البنت حاملا من أخيها، فلا ينكرون ذلك، وما دأبهم إلا إغارة بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضا، ففعلت وفعلت وما تجاوزت حكم الله، والسلام» [تاريخ الإسلام]، وهكذا رد ابن ياسين على من يُنَظِّر له جهاده وهو بعيد عن واقعه مصدقا ما يتناقله الناس من أخبار.

وبعد كل هذه الفتوحات عزم المرابطون بتوجيهٍ من شيخهم وفقيههم على غزو قبائل (برغواطة) وهي قبائل أشبه بالمجوسية، قال السلاوي: «وقيل له إن برغواطة قبائل كثيرة وأخلاط شتى اجتمعوا في أول أمرهم على صالح بن طريف المتنبئ الكذاب، واستمر حالهم على الضلالة والكفر إلى الآن، فلما سمع عبد الله بن ياسين بحال برغواطة وما هم عليه من الكفر رأى أن الواجب تقديم جهادهم على جهاد غيرهم فسار إليهم في جيوش المرابطين»، ويقدر الله تعالى أن يصاب ابن ياسين في ذروة ملاحمه مع هؤلاء المجوس (451 هـ) فينال الشهادة، قال صاحب «الاغتباط» في حقه: «دوّخ المغرب إلى أن صار يدين بتعاليم الإسلام بعد أن كاد يتقلص منه».

وصية ابن ياسين

قال السلاوي: «ولما حضرته الوفاة قال لهم: يا معشر المرابطين، إني ميت من يومي هذا لا محالة وإنكم في بلاد عدوكم، فإياكم أن تجبنوا أو تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا أعوانا على الحق وإخوانا في ذات الله، وإياكم والتحاسد على الرياسة فإن الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه ويستخلف في أرضه من أراد من عباده».

مضى ابن ياسين بعد أن بنى نواة دولة إسلامية انطلقت من نهر السنغال جنوبا لتصل إلى جوار مراكش شمالا، ثم توسعت بعد ذلك لتصل إلى الأندلس على حدود فرنسا شمالا على يد تلميذه يوسف بن تاشفين، وإلى أعماق أدغال إفريقية جنوبا على يد تلميذه أبي بكر بن عمر، لقد مضى بعد أن ترك جيلا من المجاهدين يكمل المسيرة من بعده، بعد أن أقام بهم ومعهم دولة الإسلام، فرحم الله ابن ياسين، وبارك في جنود الخلافة اليوم الذين يقارعون كل ممتنع عن تحكيم الشريعة، ولا ينفكون عن ذلك مهما بذلوا من تضحيات حتى يكون الدين كله لله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الهاتف الجوال... المعصية المستعصية فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي ...

الهاتف الجوال...
المعصية المستعصية


فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي كالتالي:

أولاً: تحديد الهدف

عندما تدخل شبكة الإنترنت، يبدأ تشخيصك والتعرف عليك، فإذا دخلت من الموصل -مثلا- في أي حساب لبرنامج تواصل مثل «واتس أب» أو «تيليغرام» أو غيرهما، وتواصلت مع أي شخص مرصود الاتصالات، مثل أغلب أهالي المجاهدين المهاجرين، أو الذين لديهم سوابق جهادية، أو إذا تكلمت مع أي فرد داخل الدولة الإسلامية، فهذه المعلومة بالنسبة للصليبيين تصلح لبدء التفكير بك وبمن حولك، وبهذا يتم تحديد الهدف، وتبدأ حسابات المخابرات الخاصة بدرجة أهميتك، ومدى اتساع دائرة اتصالاتك، وهل يمكن الوصول إلى إخوة آخرين من خلالك، أو تحديد مواقع المقرات من تتبع هاتفك، وما هو مستوى دقة وصحة المعلومات التي يحصلون عليها من هاتفك إذا عملوا على اختراقه، وغير ذلك من الحسابات التي تفضي إلى تحديد كيفية الاستفادة منك في إيذاء المجاهدين.

وإذا تمكن العدو من اختراق هاتفك عن طريق برمجيات التواصل التجسسية مثل «سكايب» و«فايبر» و«واتس أب» و«تيليغرام» وغيرها كثير، فهنا يمكن أن يحصل على أسماء وأرقام الذين تتصل بهم إن كانوا مسجَّلين في «جهات الاتصال»، ومن خلال اختراق برنامج مثل «تيليغرام» يمكن الوصول إلى كل شيء في الهاتف، بما في ذلك سجلات «واتس أب» والملاحظات والصور والفيديو، وكل شيء، كل شيء بلا استثناء...

ثانياً: جمع معلومات عن الهدف

إذا كان هاتفك قد اتصل بالإنترنت وتم تحديد شخصك من خلال الاتصال بالإنترنت، فيحتاج العدو إلى الرجوع لقاعدة بيانات أرقام الهواتف المصنوعة، فيحصل على رقم الـ IMEI الخاص بهاتفك من خلال الـ MAC الخاص بك، وهناك قاعدة بيانات خاصة لمصانع الهاتف والحكومات والشُّرط والمخابرات على الإنترنت، ولا تحتاج المؤسسات الأمنية الكافرة إلى مراسلات رسمية لاستخدامها، أما إذا كنت معروفا سابقا لأجهزة المخابرات قبل هجرتك، ونقلت هاتفك معك، فإن تحديد شخصك بمجرد دخولك الإنترنت في أراضي الدولة الإسلامية أمر مفروغ منه لدى الصليبيين والمرتدين.

فإذا عُرف رقم هاتفك (IMEI) فهنا يأتي دور الطائرات المسيّرة التي تحمل برج اتصالات وهمي يسمى IMSI Catcher، وقد استُخدم في الحرب الإلكترونية الأولى ضد الدولة الإسلامية بكثافة في عامي 1429 هـ و1430 هـ، وأقل قليلا بعد ذلك، وهو يستخدم للبحث عن الهواتف التي تحمل بطاقات المشتركين ذوي الأرقام الهاتفية المطلوبة للصليبيين أو المرتدين، ومن المهم أن نلاحظ أن البحث عن رقم هاتفي معين وعن شريحة هاتفية معينة يتطلب وجود شريحة في هاتف المجاهد، لكن الأهم هو أن نعلم أن خطوات عمل الجهاز تبدأ بتحديد رقم الهاتف (IMEI) وهويته قبل إتمام عملية التعقب والوصول إلى رقم شريحة المستخدم، ومن نافلة القول في أمن الهواتف أن جهاز البرج الوهمي IMSI Catcher الذي تحمله الطائرات المسيرّة يستطيع انتزاع رقم هاتفك الـ IMEI بلا جهد، وذلك أن الهواتف صُنعت بحيث تستجيب فورا لأي استفسار عن هذا الرقم من أي برج اتصال على الإطلاق، وأن الهواتف التي تستطيع الاتصال بشبكات GSM لا تعمل إلا هكذا: البرج الوهمي أو الحقيقي يسأل الهاتف الذي دخل في تغطيته: من أنت؟ فيجيب الهاتف برقم هويته (IMEI)، وبعد هذا يبدأ التفاوض بين الهاتف والبرج على بقية مسائل الاتصال، وإذا كان الهاتف مشترِكا في الشبكة أم لا وغير ذلك.

ولمن أراد الاستزادة فإنه يستطيع البحث على شبكة الإنترنت عن أجهزة الأبراج الوهمية ليتعلم أكثر عن انعدام الأمن في الهواتف، وكيف أن الهواتف الأكثر ذكاء هي الأكثر خطورة. وننصح بسؤال الإخوة القدماء عن حجم الضرر الذي وقع لبعض المجاهدين نتيجة استخدامهم الهواتف المحمولة، وكيف أن جهاز التقاط الصوت «الميكروفون» الذي لا نحسب له حسابا، يمكن أن يسبب ضررا أكثر من «الكاميرا»، وقد تتسبب «الكاميرا» بضرر أكثر من «الجي بي أس».


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء

من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا في غيهم وضلالهم أرسل لهم من يجدد لهم أمر دينهم، فتطيعه طائفة من الناس ويزيغ عنه أكثرهم، ويُظهر الموحدون البراءة ممن خالف منهج الله -عز وجل- ويجالدونهم بالسيف حتى يُظهر الله دينه ويكون الدين كله له، من هؤلاء المجددين كان الداعية العالم المجاهد عبد الله بن ياسين.

بدأت قصته بقرار اتخذه شيخ قبيلة كدالة القاطنة في صحراء المغرب يحيى بن إبراهيم، وهو أن يبصّر قومه بشرائع الله ويعرفهم حدوده، وكان رجلا خيِّرا محبا للدين، وقد استمر بحثه عمن يخرج مغه داعبا لقومه فرفض كثير من الدعاة الخروج معه إلى الصحراء لما في ذلك من المشقة إلا الداعية المجاهد عبد الله بن ياسين، فإنه قَبِل المهمة واستعان بالله عليها.

قال السلاوي: «فانتدب لذلك رجل منهم يقال له عبد الله بن ياسين الجزولي، وكان من حذاق الطلبة ومن أهل الفضل والدين والورع والسياسة، مشاركا في العلوم، فخرج مع يحيى بن إبراهيم إلى الصحراء»، وهكذا تحمّل ابن ياسين الغربة والمسير في قلب الصحراء ليحمل الدين إلى قوم تاهوا عنه.

ولمّا وصل عبد الله بن ياسين إلى مضارب قبيلة لمتونة وسألوه عما جاء به، أخبرهم بشرائع الإسلام التي جاء يعلمهم إياها ويطبق حدودها، قال ابن الأثير: «وقالوا: تذكر لنا شريعة الإسلام، فعرفهم عقائد الإسلام وفرائضه، فقالوا: أمّا ما ذكرت من الصلاة والزكاة، فهو قريب، وأما قولك: من قتل يُقتل، ومن سرق يُقطع، ومن زنى يُجلد أو يُرجم، فأمر لا نلتزمه، اذهب إلى غيرنا! فرحلا عنهم»، وهكذا امتنعت هذه القبيلة في بداية أمرها عن التزام الشريعة، فلم يقبل ابن ياسين بالبقاء بينهم دون التزام كامل بها.

ويمضي ابن ياسين إلى قبيلة كدالة بصحبة شيخها، قال ابن الأثير: «فدعاهم عبد الله بن ياسين والقبائل الذين يجاورونهم إلى حكم الشريعة، فمنهم من أطاع، ومنهم من أعرض وعصى»، ثم ألجؤوه بعد ذلك إلى الخروج عنهم لمّا ضاقوا ذرعا بأحكام الشريعة فلم يرضوا بتطبيقها، ولما لم يكن عند ابن ياسين قوة حينها لمحاربتهم أراد الخروج إلى السودان ليدعوهم، لكن شيخ كدالة أشار عليه بالمكوث في مدرسة مشهورة (يقال أنها قرب نهر السنغال). قال ابن خلدون: «فنبذوا عن الناس في ربوة يحيط بحر النيل من جهاتها ضحضاحا في المصيف وغمرا في الشتاء، فتعود جزرا منقطعة. فدخلوا في غياضها منفردين للعبادة».

من الدعوة إلى الجهاد

ويشاء الله أن يكون هذا الداعية نواة طيبة لإقامة دولة إسلامية، قال ابن خلدون: «وتسامع بهم من في قلبه مثقال حبة من خير، فتسايلوا إليهم ودخلوا في دينهم وغيضتهم، ولمّا كمل معهم ألف من الرجالات، قال لهم شيخهم عبد الله بن ياسين: إن ألفا لن تُغلب من قلّة، وقد تعيّن علينا القيام بالحق والدعاء إليه وحمل الكافة عليه، فاخرجوا بنا لذلك، فخرجوا وقتلوا من استعصى عليهم من قبائل لمتونة وكدالة»، فخرج ابن ياسين مجاهدا في سبيل الله القبائل المرتدة الممتنعة عن التزام الشرائع.

ويروي ابن الأثير ذلك فيقول: «فقال ابن ياسين للذين أطاعوا: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق، وأنكروا شرائع الإسلام، واستعدوا لقتالكم، فأقيموا لكم راية، وقدموا عليكم أميرا»، وبتلك الفئة المؤمنة القليلة أخضع المرابطون الصحراء لحكم الله تعالى، قال السلاوي: «وجعل يغزو القبائل حتى ملك جميع بلاد الصحراء وذلل قبائلها... فاشتهر أمره في جميع بلاد الصحراء وما والاها من بلاد السودان وبلاد القبلة وبلاد المصامدة وسائر أقطار المغرب، وأنه قام رجل بكدالة يدعو إلى الله تعالى وإلى الصراط المستقيم ويحكم بما أنزل الله، وأنه متواضع زاهد في الدنيا، وطار له ذكر في العالم وتمكن ناموسه من القلوب وأحبته الناس»، فلما أرضى اللهَ بسخط الناس في بادئ أمره، أرضى الله عنه الناس بعد ذلك، فأحبوه ودخلوا في طاعته.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

رفقاً بالقوارير (٢/٢) إذا كره منها خلقا رضي آخر أوبعد كل هذه النصوص الناهية الآمرة، المرغّبة ...

رفقاً بالقوارير
(٢/٢)

إذا كره منها خلقا رضي آخر

أوبعد كل هذه النصوص الناهية الآمرة، المرغّبة الزاجرة، يغلِّظ بعض الأزواج لزوجاتهم؟ ويتعدى آخرون ويظلمون؟ ويسيئون ويشدون؟ وعلامَ أوّل الحلول وآخرها عند بعضهم الطلاق؟ ويكأن الزوجة من بشرٍ خطائين، والزوج من مَلكٍ معصومين، إنهن القوارير أيها الرجل فحنانيك!

عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في بعض أسفاره، وغلام أسود يقال له: أَنْجَشَة يحدو، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يا أنجشة، رويدك، سوقا بالقوارير) [رواه مسلم]، قال النووي في شرحه: «قال العلماء: سمي النساء قوارير لضعف عزائمهن، تشبيها بقارورة الزجاج، لضعفها وإسراع الانكسار إليها».

والزوج قد يكره من زوجته خُلُقا ما، ولكنه قد يرضى منها آخر، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقا رضي منها آخر) أو قال: (غيره) [رواه مسلم عن أبي هريرة]، والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء: البغض، قال النووي: «أي ينبغي أن لا يبغضها لأنه إن وجد فيها خُلُقا يُكره وجد فيها خُلُقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك».

وقال الشوكاني: «فيه [أي الحديث] الإرشاد إلى حسن العشرة والنهي عن البغض للزوجة بمجرد كراهة خلق من أخلاقها، فإنها لا تخلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها، وإذا كانت مشتملة على المحبوب والمكروه فلا ينبغي ترجيح مقتضى الكراهة على مقتضى المحبة» [نيل الأوطار].

ثم إن الله تعالى قد يجعل في صبر الزوج على زوجته وإن كرهها خيرا كثيرا، والدليل قوله عز وجل: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرًا} [النساء: 19].

قال ابن الجوزي: «قوله تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً} قال ابن عباس: ربما رَزَق الله منهما ولدا، فجعل الله في ولدها خيرا كثيرا، وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح، فرب مكروه عاد محمودا، ومحمود عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يُحب» [زاد المسير].

وليس الذكر كالأنثى

وعن الضحاك -رحمه الله- قال: «إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام، فلا يعجل بطلاقها وليتأن بها، وليصبر، فلعل الله سيريه منها ما يحب» [رواه ابن المنذر].

ثم هل كلُّ الرجال كُمّل؟ لا، وكذلك النساء، غير أن الرجال قد فُضّلوا عليهن درجة، وهذه الدرجة فيها من رجاحة العقل، والرصانة، والحكمة، والحلم، والأناة، والمروءة، وسعة الصدر والصبر ما لا تملكه النساء، فهن ناقصات العقل والدين، وإن كان ذلك ليس نقيصة فيهن ولا معرّة، إلا أنهن يفتقدن كثيرا مما أوتي الرجال.

وكم من بيت قائم على الحب ولكنه خاوٍ كالطبل متصدع البنيان، وكم من بيت قائم على الألفة والرحمة وطيب المعشر ثابت كالوتد، دائم وصاله قوية أواصره.

وعلى من ابتلي بامرأة سيئة الخلق أن لا يبرح باب ربه سائلا صلاحها، قال تعالى عن زوج زكريا، عليه السلام: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]؛ «قال ابن عباس وعطاء: كانت سيئة الخُلُق، طويلة اللسان، فأصلحها الله تعالى فجعلها حسنة الخُلُق» [القرطبي: الجامع لأحكام القرآن].

هذا ونذكّر كل زوجة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر بشوق الحور لأزواجهن من أهل الدنيا ودعائهن على زوجته المؤذية له، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا!) [رواه أحمد وابن ماجه والترمذي عن معاذ].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

رفقاً بالقوارير (١/٢) إن من أجلِّ نعم الله تعالى وأعظمها على عباده نعمة الزواج، التي جعل منها ...

رفقاً بالقوارير

(١/٢)
إن من أجلِّ نعم الله تعالى وأعظمها على عباده نعمة الزواج، التي جعل منها سبحانه آية من آياته، إذ يقول عز من قائل: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، وإن صلاح هذه الأمة يبدأ بصلاح الأُسَرِ، فمتى ما صلحت العائلة المسلمة كان لذلك كبير الأثر والتأثير في صلاح الأمة، ولأجل ذلك جاء ديننا الحنيف زاخرا بالنصوص الضابطة للعلاقة بين الزوجين في جميع تفاصيلها.

ومن تلكم التفاصيل عشرة النساء، التي صُنّفت فيها المصنفات، وأُلِّفت المؤلفات، وبوّب عليها كثير من أهل العلم، قصد بيان حقّ الزوجة على زوجها ووضع النقاط على حروفِ العشرة بينهما، والمتأمل في آي الكتاب المحكمات، يرى أن عماد معاملة الزوجة وأسّها إنما هو المعروف في الرضا والغضب، والمعروف كما جاء في «تهذيب اللغة» هو: «كل ما تعرفه النفس من الخير وتبسأ به وتطمئن إليه».

قال الله، عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقال أيضا: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231]، وقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
قال القرطبي في تفسير قوله {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}: «أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة، والخطاب للجميع، إذ لكل أحد عِشْرة، زوجا كان أو وليّا، ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 229]، وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبِس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون مُنطلِقا في القول لا فَظّا ولا غليظا ولا مُظهرا ميلا إلى غيرها».

استوصوا بالنساء خيرا

ولضعف المرأةِ وانكسارها، فقد أكثر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الاستيصاء بها خيرا، فعن عمر بن الأحوص -رضي الله عنه- في حجة الوداع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال: (استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) [رواه ابن ماجه والترمذي]، وعوان أي أسيرات، فانظر كيف شبّه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أوتي جوامع الكلم الزوجة بالأسير الذي لا يملك من أمره شيئا وذلك لتحكم الرجل بها، عن عروة بن الزبير، قال: «قالت لنا أسماء بنت أبي بكر: يا بنيّ وبني بنيّ، إن هذا النكاح رقّ، فلينظر أحدكم عند من يُرق كريمته» [رواه سعيد بن منصور].

وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنّي أُحرِّج حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة) [رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان عن أبي هريرة]، وأحرّج حق الضعيفين أي أضيّقه على من ظلمهما.

وقال صلى الله عليه وسلم: (المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عوج) [رواه البخاري عن أبي هريرة]، قال ابن حجر: «في الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها».

وفي لفظ عند مسلم في صحيحه: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيّمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا).

قال الشوكاني: «فيه الإرشاد إلى ملاطفة النساء، والصبر على ما لا يستقيم من أخلاقهن، والتنبيه على أنهن خلقن على تلك الصفة التي لا يفيد معها التأديب أو ينجح عندها النصح، فلم يبق إلا الصبر والمحاسنة وترك التأنيب والمخاشنة» [نيل الأوطار].

هي الضلع العوجاء لست تقيمها
ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها
تجمع ضعفا واقتدارا على الفتى
أليس عجيبا ضعفها واقتدارها؟


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الهاتف الجوال... المعصية المستعصية فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي ...

الهاتف الجوال...
المعصية المستعصية


فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي كالتالي:

ثالثاً: متابعة الهدف

وباستخدام برج اتصالات وهمي محمول على طائرة، يمكن للعدو أن يصل إلى أي هاتف في منطقة تغطية هذا البرج الوهمي، وحينما تجد الطائرة الهدف فإنه يمكنها ببساطة تحديد مكانه باستخدام أجهزة التتبع اللاسلكي بأنواعها المختلفة سواء البسيطة التي تعمل بأسلوب الحسابات المثلثية وقوة الإشارة المحسوسة RSSI، أو الأكثر تعقيدا التي تعتمد على Doppler Direction Finder - DDF، أو الأكثر دقة التي تعتمد على توقيت وصول الموجات للمستقبل Time of Arrival - TOA، وقد تزوّد الجيش الأمريكي بهذه الأجهزة منذ زمن، وهي جزء من تجهيزات الأرتال العسكرية الأمريكية.

وهنا نريد أن نزيل معلومة خاطئة شاعت بين كثير من الناس، وهي أن تحديد موقع الهاتف النقال مرتبط فقط بالأبراج التي يتصل بها الهاتف، فهناك من يظن أنه إذا تم تأمين أبراج الاتصالات الخليوية فلن يمكن تحديد موقع هواتف المشتركين إطلاقا، وهذه المعلومة ناتجة عن نقص في العلم بأساليب مراقبة وتتبع الإشارات اللاسلكية، فتحديد الموقع لأي أداة إرسال لاسلكية له أساليب عدة واستخدام أبراج الاتصالات هو الأسلوب الأرخص ولكنه ليس الأفضل، لا من حيث الدقة ولا من حيث مرونة الاستخدام في المناطق ذات الأبراج القليلة، والعدو الأمريكي كان دائما يعتمد في شوارع العراق على أجهزة تحديد موقع محمولة في مركبة «همفي» خاصة للتعقب اللاسلكي، وهي التي كانت تسمى بين الإخوة بـ «الهندسية» لأن طاقمها هو كادر فني، ولتوفر هذه الأجهزة بيد الصليبيين، لم يكونوا بحاجة لاستخدام أبراج الاتصال في التعقب. وباستخدام الأجهزة المذكورة يكون العدو قد أنجز الخطوة التالية وهي الوصول إلى الهدف.

والآن يبقى على العدو خطوة مهمة، ألا وهي مراقبة الهدف وهي خطوة يشترك فيها الطيران النهاري والليلي مع الجواسيس الأرضيين، وهنا يأتي دور الحذر في استخدام السيارة، وعدم الخروج المتكرر من البيت والمقر في أوقات منتظمة كل يوم، ويأتي هنا دور فهم إمكانيات التصوير الحديث المستخدم في الطائرات، وما هي إمكانياته وحدوده، وكيف يُستخدم مع تقنيات وبرمجيات التتبع في رصد المجاهدين وتحركاتهم داخل المدن وخارجها.

رابعاً: ضرب الهدف

وأما عن ضرب الهدف فهذا يتم بعد معرفة معلومة دقيقة عن موقع يتردد عليه الأخ المراقَب، وذلك من خلال تحديد موقع الهاتف ثم من خلال جاسوس أرضي يؤكد شخصية الهدف، فإنّ العدو يحتاج إلى تأكيد شخصية الأخ المطلوب من خلال جاسوس أرضي، وذلك أن اغتيال شخص غير الشخص المطلوب سيؤدي إلى اتخاذ احترازات أمنية من قبل العاملين معه وحوله، وهو ما يضيّع على الكفار فرصة الوصول إلى الأخ مرة أخرى.

دفع المفاسد مقدم على جلب المنافع

أخي المجاهد، أنت في غنى عن هذه السلسلة من الخطوات، ادفع قليلا من عاداتك ثمنا لأمنك وأمن الإخوة الذين تعمل معهم، وكن حريصا على أن لا يؤتى الإخوة من قِبَلك، واعلم أن كثيرا من الإخوة الذين يخشون أن يقابلوا ربهم وهم على معصية قد توقفوا عن استخدام الهاتف كُليّا منذ سنين، وهم يعيشون حياة طبيعية، وفي أسوأ الحالات وأندرها، عندما تكون مضطرا لاستخدام وسائل الاتصالات الحديثة، ولا يمكنك ذلك إلا من الهاتف، فعليك عندها أن لا تستخدم البرمجيات المشهورة للتواصل، وعليك أن تسأل الإخوة ذوي الاختصاص عن البرمجيات التي توفر تشفيرا جيدا، ولا تربطُ بين حساب اتصالك وهاتفك المحمول، مثل استخدام برنامج Conversations مع تشفير OMEMO، ومثل استخدام البريد الإلكتروني المشفر إذا استطعت، وفي كل الحالات فيجب عليك أن لا تشغّل الهاتف بعد الانتهاء من الاتصال أبدا، واحذر من المعصية الأكبر وهي تشغيل هاتفك في أحد المقرات، فإن هانت عليك نفسك فاتق الله في إخوتك المجاهدين، فإن الهاتف يتجسس عليكم جميعا طالما في داراته شحن ينبض.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الهاتف الجوال... المعصية المستعصية فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي ...

الهاتف الجوال...
المعصية المستعصية


فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي كالتالي:

أولاً: تحديد الهدف

عندما تدخل شبكة الإنترنت، يبدأ تشخيصك والتعرف عليك، فإذا دخلت من الموصل -مثلا- في أي حساب لبرنامج تواصل مثل «واتس أب» أو «تيليغرام» أو غيرهما، وتواصلت مع أي شخص مرصود الاتصالات، مثل أغلب أهالي المجاهدين المهاجرين، أو الذين لديهم سوابق جهادية، أو إذا تكلمت مع أي فرد داخل الدولة الإسلامية، فهذه المعلومة بالنسبة للصليبيين تصلح لبدء التفكير بك وبمن حولك، وبهذا يتم تحديد الهدف، وتبدأ حسابات المخابرات الخاصة بدرجة أهميتك، ومدى اتساع دائرة اتصالاتك، وهل يمكن الوصول إلى إخوة آخرين من خلالك، أو تحديد مواقع المقرات من تتبع هاتفك، وما هو مستوى دقة وصحة المعلومات التي يحصلون عليها من هاتفك إذا عملوا على اختراقه، وغير ذلك من الحسابات التي تفضي إلى تحديد كيفية الاستفادة منك في إيذاء المجاهدين.

وإذا تمكن العدو من اختراق هاتفك عن طريق برمجيات التواصل التجسسية مثل «سكايب» و«فايبر» و«واتس أب» و«تيليغرام» وغيرها كثير، فهنا يمكن أن يحصل على أسماء وأرقام الذين تتصل بهم إن كانوا مسجَّلين في «جهات الاتصال»، ومن خلال اختراق برنامج مثل «تيليغرام» يمكن الوصول إلى كل شيء في الهاتف، بما في ذلك سجلات «واتس أب» والملاحظات والصور والفيديو، وكل شيء، كل شيء بلا استثناء...

ثانياً: جمع معلومات عن الهدف

إذا كان هاتفك قد اتصل بالإنترنت وتم تحديد شخصك من خلال الاتصال بالإنترنت، فيحتاج العدو إلى الرجوع لقاعدة بيانات أرقام الهواتف المصنوعة، فيحصل على رقم الـ IMEI الخاص بهاتفك من خلال الـ MAC الخاص بك، وهناك قاعدة بيانات خاصة لمصانع الهاتف والحكومات والشُّرط والمخابرات على الإنترنت، ولا تحتاج المؤسسات الأمنية الكافرة إلى مراسلات رسمية لاستخدامها، أما إذا كنت معروفا سابقا لأجهزة المخابرات قبل هجرتك، ونقلت هاتفك معك، فإن تحديد شخصك بمجرد دخولك الإنترنت في أراضي الدولة الإسلامية أمر مفروغ منه لدى الصليبيين والمرتدين.

فإذا عُرف رقم هاتفك (IMEI) فهنا يأتي دور الطائرات المسيّرة التي تحمل برج اتصالات وهمي يسمى IMSI Catcher، وقد استُخدم في الحرب الإلكترونية الأولى ضد الدولة الإسلامية بكثافة في عامي 1429 هـ و1430 هـ، وأقل قليلا بعد ذلك، وهو يستخدم للبحث عن الهواتف التي تحمل بطاقات المشتركين ذوي الأرقام الهاتفية المطلوبة للصليبيين أو المرتدين، ومن المهم أن نلاحظ أن البحث عن رقم هاتفي معين وعن شريحة هاتفية معينة يتطلب وجود شريحة في هاتف المجاهد، لكن الأهم هو أن نعلم أن خطوات عمل الجهاز تبدأ بتحديد رقم الهاتف (IMEI) وهويته قبل إتمام عملية التعقب والوصول إلى رقم شريحة المستخدم، ومن نافلة القول في أمن الهواتف أن جهاز البرج الوهمي IMSI Catcher الذي تحمله الطائرات المسيرّة يستطيع انتزاع رقم هاتفك الـ IMEI بلا جهد، وذلك أن الهواتف صُنعت بحيث تستجيب فورا لأي استفسار عن هذا الرقم من أي برج اتصال على الإطلاق، وأن الهواتف التي تستطيع الاتصال بشبكات GSM لا تعمل إلا هكذا: البرج الوهمي أو الحقيقي يسأل الهاتف الذي دخل في تغطيته: من أنت؟ فيجيب الهاتف برقم هويته (IMEI)، وبعد هذا يبدأ التفاوض بين الهاتف والبرج على بقية مسائل الاتصال، وإذا كان الهاتف مشترِكا في الشبكة أم لا وغير ذلك.

ولمن أراد الاستزادة فإنه يستطيع البحث على شبكة الإنترنت عن أجهزة الأبراج الوهمية ليتعلم أكثر عن انعدام الأمن في الهواتف، وكيف أن الهواتف الأكثر ذكاء هي الأكثر خطورة. وننصح بسؤال الإخوة القدماء عن حجم الضرر الذي وقع لبعض المجاهدين نتيجة استخدامهم الهواتف المحمولة، وكيف أن جهاز التقاط الصوت «الميكروفون» الذي لا نحسب له حسابا، يمكن أن يسبب ضررا أكثر من «الكاميرا»، وقد تتسبب «الكاميرا» بضرر أكثر من «الجي بي أس».


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الهاتف الجوال... المعصية المستعصية قبل عشرة أعوام تقريبا صدر عن إعلام الدولة الإسلامية منشور ...

الهاتف الجوال...
المعصية المستعصية

قبل عشرة أعوام تقريبا صدر عن إعلام الدولة الإسلامية منشور يوضّح أخطار الهاتف الجوال على المجاهدين، ويأمرهم بتركه، وكان عنوان المادة المنشورة هو «المعصية المستعصية»، واليوم، وبعد تكرار الأوامر في هذا الشأن نعيد استخدام العنوان الأول، لنؤكد على أن الذين حافظوا على دولتهم أولا، وعلى إخوانهم وأنفسهم ثانيا، هم أولئك الذين التزموا بهذا النوع من الأوامر التي يصدرها ولاة الأمر بعد شورى أهل الاختصاص، ثم ينفذها البقية سمعا وطاعة رغم عدم دراستهم للتفاصيل الفنية لهذا النوع من الأوامر، ذلك أن فهم بعض الأوامر، خصوصا التي تخص التقنيات الهندسية المتقدمة، قد لا يكون يسيرا على كثير من الناس.

ونريد في مقالتنا هذه أن نوضح شيئا من طرق استخدام العدو لهواتف المجاهدين في الوصول إلى أفراد مطلوبين لدى أمم الكفر، وكيفية عمل التقنيات الحديثة ضد من يستعمل الهاتف المحمول، ونعتقد أن الفهم السليم لآلية عمل الهاتف المحمول يسهّل على الأخ المجاهد اتخاذ قرار -لا رجعة فيه- بترك الهاتف، حتى لا يورد نفسه وإخوانه المهالك، ولا يُؤتى الإخوة المجاهدون من قِبَله.

وقبل كل شيء فعلينا أن نذكر أن من أهم أساليب التحالف الصليبي في حرب المجاهدين، إخفاء الطرق التي يستخدمونها في الوصول إليهم واغتيالهم، وذلك لأن حل المشاكل في كثير من الحالات يَسهُل عند تشخيصها، ومن المشاهد أن الصليبيين يحافظون على جواسيسهم الإلكترونيين أكثر بكثير مما يحافظون على جواسيسهم من البشر.

كيف يُستخدم هاتفك في قتلك؟

إن من الأسئلة الأكثر تكرارا بين المجاهدين اليوم: كيف يمكن أن يُستخدم هاتفي في قتلي أو قتل إخوتي المجاهدين الذين يعملون معي في نفس مكان عملي؟

تتكون كل عمليات الاغتيال من خطوات تقليدية: تحديد الهدف، ثم جمع معلومات عنه، ثم الوصول إليه، ثم مراقبته، ثم ضربه، ولسنا هنا معنيين بذكر الانسحاب أو إخفاء الأثر.

وللعدو أدوات يستخدمها في أداء خطوات عمله وأهمها: الإنترنت، والطائرات المسيّرة، والأجهزة المركّبة في هذه المسيّرات؛ من كاميرات ليلية ونهارية، وأجهزة للاتصالات وللتجسس على الاتصالات، وكذلك المنافقون داخل أراضي دولة الإسلام والمرتدون خارجها.

هاتفك هويتك المميّزة

عندما يحاول هاتفك الدخول إلى شبكة الإنترنت للتواصل مع أي جهة كانت، وسواء سلكيا أو لاسلكيا، فإنه يعطي قبل بدء الاتصال بالإنترنت معلومات معينة، فهو يعطي لجهاز «الراوتر» الموجود بجانبك رقم الهاتف المسمى MAC، وهو رقم يُخزَّن في الهاتف عند صناعته، وهو رقم فريد لا يتكرر بين هاتفين ولا بين حاسبتين، والأصل في الأمور ألا يَستخدم الهاتفُ هذا الرقمَ إلا للتخاطب مع «الراوتر» القريب منه الذي يزوده بالإنترنت، وألا يرسل «الراوتر» هذا الرقم إلى الإنترنت، ولكن من المشهور أن المخابرات العالمية قد طوّرت طرقا وبوابات خلفية للوصول إلى هذا الرقم المهم بطرق شتى، وكإجراء أمني مضاد فقد صنع المبرمجون أيضا برمجيات لتغيير رقم الـ MAC بشكل مستمر في الحاسبات، أما في الهواتف فإن هذه البرمجيات ما زالت قليلة.

وكما أن مُصنِّع الهاتف يخزّن فيه رقم الـ MAC الذي يميز الهاتف عند اتصاله بالإنترنت، فهو أيضا يخزن فيه رقما مميزا آخر اسمه IMEI، وهو لا يتكرر بين هاتفين أبدا، وهو هوية الهاتف عند اتصاله بالشبكة الخلوية GSM، ولا علاقة لهذا الرقم بشريحة المستخدم SIM Card أو رقم الهاتف المخزون في الشريحة، وهذا الرقم موجود في الهاتف سواء اتصل بالشبكة الخليوية أم لم يتصل، والشبكات الخليوية التجارية تحصل على هذا الرقم من أي هاتف يدخل في نطاق تغطيتها، سواء كان هذا الهاتف مشترِكا معها أم لم يكن، ويستخدم رقم الـ IMEI عالميا في مطاردة واسترداد الهواتف المسروقة، ومن هنا تعلم أنه صُنع أصلا لكي تتمكن الشركات من تعقب الهاتف، فإذا سُرق هاتف أيِّ شخص، فيمكنه تبليغ شركة الاتصالات عن الهاتف المسروق، وهي تحتفظ بسجلات كاملة عن هاتفه المسروق، وحينما يتصل الهاتف بأحد أبراج الاتصالات فإنه يعطي رقمه المميز IMEI، وبهذا يمكن لشركة الاتصالات ملاحقة الهاتف المسروق وتحديد موقعه الجغرافي عن طريق الحسابات المثلثية بين أبراج الاتصالات.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
1 رمضان 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً