إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(3/4)

- تدعيم الأصل الفاسد بالبدع وضلالات جديدة:

وبناء على أصلهم الفاسد بأن الأرض لا يجوز أن تخلو من معصوم يقوم مقام سلفه، وزعمهم بالنص على هذا المعصوم في حياة الإمام السابق، بل واشتراطهم عليه أن يخلِّف من ورائه معصوما من أولاده، فقد اصطدم الرافضة بعدة عقبات، أجبرت بعضهم على الرجوع عن ذلك الأصل الفاسد، ودفعت آخرين إلى انحراف أكبر، حفاظا على هذا الأصل الذي بات عندهم أصلا للدين كلِّه لا لمسألة الإمامة فحسب، ويمكننا أن نذكر على ذلك بعض الأمثلة.

فقد زعموا في حياة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أن الوصي من بعده هو ابنه إسماعيل، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه، وقع تناقض بين أصلهم في وجوب تحقُّق الوصية، وبين وفاة المُوصى إليه، فانكشفت بذلك الخدعة لفئة من الناس علمت كذب هذه النظرية، وأنه لا يُعقل أن يَنصَّ الله –تعالى- على رجل بأنه هو الإمام ثم يميته قبل أن يوليه الإمامة، فيما تمسك آخرون بذلك الأصل الفاسد ليبنوا عليه مبانِيَ أشد فسادا.

فخرج قوم منهم بالقول باستمرار إمامة إسماعيل بن محمد، وإنكارهم لمسألة وفاته، أو زعمهم برجوعه للحياة بعد موته، وتكذيبهم لإمامهم جعفر (الذي يسمونه الصادق)، لمَّا أبلغهم بخبر وفاته، وزعموا أنه اخترع قصة وفاته تقيّةً، ليحفظه من أعدائه، وأنه غائب عن الناس، ومنهم نشأت فرقة الإسماعيلية الباطنية التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، والذين أكملوا سلسلة الإمامة المزعومة في نسل إسماعيل بن محمد، ومن هنا نشأت بدعة الإيمان بالغيبة، والحياة الدائمة، والرجعة لأئمتهم.

وخرج قوم آخرون ليكذبوا على الله تعالى، ويجيزوا عليه أن يغيّر قوله بالنص على إمام جديد بعد أن أوجبوا عليه من قبل أن ينص على الإمام الأول، وسمّوا هذه الفرية على الله، والبدعة في الدين، بعقيدة "البداء" ومعناه أن الله -سبحانه- قد بدى له أن ينقل الإمامة من شخص إلى آخر، قاتلهم الله أنى يؤفكون، وقام هؤلاء (وهم الموسوية) بنقل النص من إسماعيل بن جعفر (المتوفى) إلى أخيه موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم)، وذلك ليحفظوا نظريتهم من الاندثار، ويحفظوا أصلهم من النقض.

- تثبيت النظرية بالأكاذيب:

ولما مات جعفر بن محمد رحمهما الله، وقع غلاة الرافضة في حرج جديد، لعدم وجود النص على الإمام من بعده، فقالوا بإمامة ولده الأكبر عبد الله بن جعفر (الذي يسمونه الأفطح)، ثم أنكر قسم منهم إمامته لما وجدوه يقول بخلاف قولهم، واتهموه بالفسق، وعادوا ليلحقوا بمن قال بإمامة أخيه موسى بن جعفر.

وأما من استمر في القول بإمامة عبد الله بن جعفر فقد أُسقط في أيديهم بوفاته من غير أن يعقب، فلم يكن له ولد يؤمِّمونه من بعده، فرجع قسم منهم عن خرافة النص، وازداد آخرون في ضلالهم، بأن كذبوا على إمامه وزعموا له ولدا لم ينجبه، وادعوا أنه غائب عن الأنظار، فكرروا بذلك ما قاله الغلاة في إسماعيل بن جعفر، وترسخت فيهم عقيدة (الغيبة)، بل وزاد هؤلاء انحرافا بالبيعة لغائب لم يولد يوما، ولم يظهر في الأرض ساعة، وظهر فيهم اختراع الأئمة المعدومين.

وأما من قال بإمامة موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم) فقد وقع في حرج جديد، بوفاة الإمام في السجن دون وصية لأحد من بعده، فعادوا حفاظا على الأصل الفاسد والنظرية الباطلة إلى اختراع الأكاذيب، فمن نفى وفاته وقال باستمرار حياته وغيبته بقي على القول بإمامته وسُمّوا بالواقفية، ومن اضطر للتصديق بوفاته، قالوا بإمامة ابنه علي بن موسى (الذي يسمونه الرضا)، وقد أظهر الواقفية العداء لعلي بن موسى، واتهموه بالكذب فيما أعلنه من خبر وفاة أبيه.

- أئمتهم ينقضون أصل النظرية:

أما من قال بإمامته فقد أوقعهم هو في تناقض كبير مع أصولهم الفاسدة، وذلك ببيعته للمأمون بن هارون الرشيد، وقبول تولي ولاية العهد منه، وقدَّم بذلك دليلا جديدا على كذب نظريات الوصية والنص والعصمة وغيرها، إذ لا يعقل أن يبايع الإمام المعصوم المنصوص عليه رجلا غاصبا للسلطة، غير مُزكى في دينه وعلمه، فإما أن يطيعوا إمامهم الذين يزعمون عصمته فيما ذهب إليه، فينقُضوا أصل النص في الإمامة، أو يخالفوه ويخرجوا عليه فينسفوا دينهم كلَّه من أصله فيخطِّئوا إمامهم وينكروا عصمته، ويعودوا عن القول بالوصية بالإمامة إليه والنص عليه، ولا يبقى لديهم إلا القول بالبداء أو التقية كما هو دأبهم في كل فرية يفترونها وكذبة يكذبونها.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(3/4)

- تدعيم الأصل الفاسد بالبدع وضلالات جديدة:

وبناء على أصلهم الفاسد بأن الأرض لا يجوز أن تخلو من معصوم يقوم مقام سلفه، وزعمهم بالنص على هذا المعصوم في حياة الإمام السابق، بل واشتراطهم عليه أن يخلِّف من ورائه معصوما من أولاده، فقد اصطدم الرافضة بعدة عقبات، أجبرت بعضهم على الرجوع عن ذلك الأصل الفاسد، ودفعت آخرين إلى انحراف أكبر، حفاظا على هذا الأصل الذي بات عندهم أصلا للدين كلِّه لا لمسألة الإمامة فحسب، ويمكننا أن نذكر على ذلك بعض الأمثلة.

فقد زعموا في حياة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أن الوصي من بعده هو ابنه إسماعيل، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه، وقع تناقض بين أصلهم في وجوب تحقُّق الوصية، وبين وفاة المُوصى إليه، فانكشفت بذلك الخدعة لفئة من الناس علمت كذب هذه النظرية، وأنه لا يُعقل أن يَنصَّ الله –تعالى- على رجل بأنه هو الإمام ثم يميته قبل أن يوليه الإمامة، فيما تمسك آخرون بذلك الأصل الفاسد ليبنوا عليه مبانِيَ أشد فسادا.

فخرج قوم منهم بالقول باستمرار إمامة إسماعيل بن محمد، وإنكارهم لمسألة وفاته، أو زعمهم برجوعه للحياة بعد موته، وتكذيبهم لإمامهم جعفر (الذي يسمونه الصادق)، لمَّا أبلغهم بخبر وفاته، وزعموا أنه اخترع قصة وفاته تقيّةً، ليحفظه من أعدائه، وأنه غائب عن الناس، ومنهم نشأت فرقة الإسماعيلية الباطنية التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، والذين أكملوا سلسلة الإمامة المزعومة في نسل إسماعيل بن محمد، ومن هنا نشأت بدعة الإيمان بالغيبة، والحياة الدائمة، والرجعة لأئمتهم.

وخرج قوم آخرون ليكذبوا على الله تعالى، ويجيزوا عليه أن يغيّر قوله بالنص على إمام جديد بعد أن أوجبوا عليه من قبل أن ينص على الإمام الأول، وسمّوا هذه الفرية على الله، والبدعة في الدين، بعقيدة "البداء" ومعناه أن الله -سبحانه- قد بدى له أن ينقل الإمامة من شخص إلى آخر، قاتلهم الله أنى يؤفكون، وقام هؤلاء (وهم الموسوية) بنقل النص من إسماعيل بن جعفر (المتوفى) إلى أخيه موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم)، وذلك ليحفظوا نظريتهم من الاندثار، ويحفظوا أصلهم من النقض.

- تثبيت النظرية بالأكاذيب:

ولما مات جعفر بن محمد رحمهما الله، وقع غلاة الرافضة في حرج جديد، لعدم وجود النص على الإمام من بعده، فقالوا بإمامة ولده الأكبر عبد الله بن جعفر (الذي يسمونه الأفطح)، ثم أنكر قسم منهم إمامته لما وجدوه يقول بخلاف قولهم، واتهموه بالفسق، وعادوا ليلحقوا بمن قال بإمامة أخيه موسى بن جعفر.

وأما من استمر في القول بإمامة عبد الله بن جعفر فقد أُسقط في أيديهم بوفاته من غير أن يعقب، فلم يكن له ولد يؤمِّمونه من بعده، فرجع قسم منهم عن خرافة النص، وازداد آخرون في ضلالهم، بأن كذبوا على إمامه وزعموا له ولدا لم ينجبه، وادعوا أنه غائب عن الأنظار، فكرروا بذلك ما قاله الغلاة في إسماعيل بن جعفر، وترسخت فيهم عقيدة (الغيبة)، بل وزاد هؤلاء انحرافا بالبيعة لغائب لم يولد يوما، ولم يظهر في الأرض ساعة، وظهر فيهم اختراع الأئمة المعدومين.

وأما من قال بإمامة موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم) فقد وقع في حرج جديد، بوفاة الإمام في السجن دون وصية لأحد من بعده، فعادوا حفاظا على الأصل الفاسد والنظرية الباطلة إلى اختراع الأكاذيب، فمن نفى وفاته وقال باستمرار حياته وغيبته بقي على القول بإمامته وسُمّوا بالواقفية، ومن اضطر للتصديق بوفاته، قالوا بإمامة ابنه علي بن موسى (الذي يسمونه الرضا)، وقد أظهر الواقفية العداء لعلي بن موسى، واتهموه بالكذب فيما أعلنه من خبر وفاة أبيه.

- أئمتهم ينقضون أصل النظرية:

أما من قال بإمامته فقد أوقعهم هو في تناقض كبير مع أصولهم الفاسدة، وذلك ببيعته للمأمون بن هارون الرشيد، وقبول تولي ولاية العهد منه، وقدَّم بذلك دليلا جديدا على كذب نظريات الوصية والنص والعصمة وغيرها، إذ لا يعقل أن يبايع الإمام المعصوم المنصوص عليه رجلا غاصبا للسلطة، غير مُزكى في دينه وعلمه، فإما أن يطيعوا إمامهم الذين يزعمون عصمته فيما ذهب إليه، فينقُضوا أصل النص في الإمامة، أو يخالفوه ويخرجوا عليه فينسفوا دينهم كلَّه من أصله فيخطِّئوا إمامهم وينكروا عصمته، ويعودوا عن القول بالوصية بالإمامة إليه والنص عليه، ولا يبقى لديهم إلا القول بالبداء أو التقية كما هو دأبهم في كل فرية يفترونها وكذبة يكذبونها.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(2/4)

- أصل ضلال الرافضة.. ادعاء عصمة الأئمة:

ويمكننا أن نلخِّص الأصل الذي قام عليه دين الرافضة والذي بنوا عليه كل ضلالاتهم وانحرافاتهم حتى يومنا هذا، باعتقادهم أن الدولة الإسلامية لا يجوز أن تقوم، إلا أن يقوم عليها إمام اشترطوا له شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، أهمها أن يكون معصوما من كل ما يقدح في عدالته الظاهرة والباطنة، عالما بكل شيء ومنه الغيب، منصوصا عليه بأمرٍ من الله سبحانه، وأن دين الناس لا يستقيم بغير هذا الإمام، وأن الناس إن آمنوا بأئمتهم، وصفاتهم، وأطاعوهم في كل ما أمروا، فإن أمورهم ستستقيم، وإن دولتهم ستكون على منهاج النبوة.

ولا يكفي عندهم أن يحوز الإمام تلك الصفات، بل لا بد أن يكون متفرّدا بها من بين البشر، لا شبيه له بينهم، ولا ندّ له منهم، ومن نازعه في شيء من ذلك فهو طاغوت، ومن أعطى المنازع للإمام ما يجب للإمام فقد أشرك بالله سبحانه.
ومرجع هذا الأصل الفاسد لديهم هو القول بأن الإمام يجب أن يطاع ويُتبَّع كطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- واتّباعه، ولذلك لا يمكن أن يكون من عامة المسلمين ممن يجوز عليه الجهل والخطأ والنسيان والهوى، بل لا بد أن يكون عالما بكل شيء يريد أن يعلمه، منزَّها عمَّا يعتري البشر من خطأ وسهو وميل لهوى، لكي لا يُطاع في معصية، ولا يُتّبع على ضلالة، ولا يوجد له ندٌّ فينازعه الملك وتحصل الفتنة، ولا ند له في العلم فيخالفه الرأي ويحدث الافتراق.

ولما كانت الصفات التي اشترطوها من الخفيَّات التي لا يمكن الاطلاع عليها، وجب عندهم أن يجري اختيار هذا الإمام من الله تعالى، كما يُختار الأنبياء، لأنه وحده العالم بالخفايا، بل وتعدوا في الأمر إلى أن يوجبوا على الله -تعالى- هذا الأمر، لأنه إن لم يختر لهم هذا الإمام يكون ظالما لهم إن عذبهم، إذ لا حجة له عليهم بغياب الإمام الذي يقوم مقام الرسول، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولذلك فإنهم يصفون من يرونه إماما بأنه "حُجَّة" أي تقوم به الحجة على الناس، ليستحق من يعصيه العذاب من الله سبحانه، ويكون هذا الاختيار بالنص الذي يزعمونه لعلي -رضي الله عنه- وأبنائه من بعده.

- توحيد الطاعة ينقض نظرية العصمة:

ويأتي فساد أصلهم في طلب العصمة للأئمة من ضلالهم في مسألة طاعة الإمام، فالله -عز وجل- جعل طاعة الأئمة والأمراء تَبَعا لطاعة الله ورسوله، لا مساوية لها، فمتى ما كان أمر الأمير في المعروف، فإن طاعته هي طاعة لله سبحانه، ومتى ما تعارضت طاعة الأمير مع طاعة الله وجبت معصية الأمير، وإفراد الله -سبحانه- بالطاعة.

وقد أوجب -جل جلاله- طاعة أولي الأمر، ولكنه أمر حين التنازع بالردّ إلى الله ورسوله، أي الكتاب والسنة، للتأكيد على أن طاعة أولي الأمر هي طاعة لله، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) [رواه مسلم]، ولا يُعقل أن تكون طاعة الأمير الذي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته بطاعته فيما يناقض أوامره، كما إنه لم يشترط لهذا الإمام الذي وجبت طاعته بالنص أن يكون معصوما، وقال أيضا: (لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف) [رواه البخاري ومسلم].

وبذلك تنتفي الحاجة إلى عصمة الإمام، ما دامت الطاعة لهذا الإمام واتّباعه مقيَّدان بطاعة الله -جل جلاله- واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة الذي لا يزالون عليه منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، بوجوب الطاعة لولاة أمور المسلمين في المعروف، ما داموا على الإسلام، وأن ظلمهم وفجورهم -إن ظلموا وفجروا- لا يمنعهم حقَّهم من الطاعة فيما لا معصية لله فيه.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(2/4)

- أصل ضلال الرافضة.. ادعاء عصمة الأئمة:

ويمكننا أن نلخِّص الأصل الذي قام عليه دين الرافضة والذي بنوا عليه كل ضلالاتهم وانحرافاتهم حتى يومنا هذا، باعتقادهم أن الدولة الإسلامية لا يجوز أن تقوم، إلا أن يقوم عليها إمام اشترطوا له شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، أهمها أن يكون معصوما من كل ما يقدح في عدالته الظاهرة والباطنة، عالما بكل شيء ومنه الغيب، منصوصا عليه بأمرٍ من الله سبحانه، وأن دين الناس لا يستقيم بغير هذا الإمام، وأن الناس إن آمنوا بأئمتهم، وصفاتهم، وأطاعوهم في كل ما أمروا، فإن أمورهم ستستقيم، وإن دولتهم ستكون على منهاج النبوة.

ولا يكفي عندهم أن يحوز الإمام تلك الصفات، بل لا بد أن يكون متفرّدا بها من بين البشر، لا شبيه له بينهم، ولا ندّ له منهم، ومن نازعه في شيء من ذلك فهو طاغوت، ومن أعطى المنازع للإمام ما يجب للإمام فقد أشرك بالله سبحانه.
ومرجع هذا الأصل الفاسد لديهم هو القول بأن الإمام يجب أن يطاع ويُتبَّع كطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- واتّباعه، ولذلك لا يمكن أن يكون من عامة المسلمين ممن يجوز عليه الجهل والخطأ والنسيان والهوى، بل لا بد أن يكون عالما بكل شيء يريد أن يعلمه، منزَّها عمَّا يعتري البشر من خطأ وسهو وميل لهوى، لكي لا يُطاع في معصية، ولا يُتّبع على ضلالة، ولا يوجد له ندٌّ فينازعه الملك وتحصل الفتنة، ولا ند له في العلم فيخالفه الرأي ويحدث الافتراق.

ولما كانت الصفات التي اشترطوها من الخفيَّات التي لا يمكن الاطلاع عليها، وجب عندهم أن يجري اختيار هذا الإمام من الله تعالى، كما يُختار الأنبياء، لأنه وحده العالم بالخفايا، بل وتعدوا في الأمر إلى أن يوجبوا على الله -تعالى- هذا الأمر، لأنه إن لم يختر لهم هذا الإمام يكون ظالما لهم إن عذبهم، إذ لا حجة له عليهم بغياب الإمام الذي يقوم مقام الرسول، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولذلك فإنهم يصفون من يرونه إماما بأنه "حُجَّة" أي تقوم به الحجة على الناس، ليستحق من يعصيه العذاب من الله سبحانه، ويكون هذا الاختيار بالنص الذي يزعمونه لعلي -رضي الله عنه- وأبنائه من بعده.

- توحيد الطاعة ينقض نظرية العصمة:

ويأتي فساد أصلهم في طلب العصمة للأئمة من ضلالهم في مسألة طاعة الإمام، فالله -عز وجل- جعل طاعة الأئمة والأمراء تَبَعا لطاعة الله ورسوله، لا مساوية لها، فمتى ما كان أمر الأمير في المعروف، فإن طاعته هي طاعة لله سبحانه، ومتى ما تعارضت طاعة الأمير مع طاعة الله وجبت معصية الأمير، وإفراد الله -سبحانه- بالطاعة.

وقد أوجب -جل جلاله- طاعة أولي الأمر، ولكنه أمر حين التنازع بالردّ إلى الله ورسوله، أي الكتاب والسنة، للتأكيد على أن طاعة أولي الأمر هي طاعة لله، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) [رواه مسلم]، ولا يُعقل أن تكون طاعة الأمير الذي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته بطاعته فيما يناقض أوامره، كما إنه لم يشترط لهذا الإمام الذي وجبت طاعته بالنص أن يكون معصوما، وقال أيضا: (لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف) [رواه البخاري ومسلم].

وبذلك تنتفي الحاجة إلى عصمة الإمام، ما دامت الطاعة لهذا الإمام واتّباعه مقيَّدان بطاعة الله -جل جلاله- واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة الذي لا يزالون عليه منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، بوجوب الطاعة لولاة أمور المسلمين في المعروف، ما داموا على الإسلام، وأن ظلمهم وفجورهم -إن ظلموا وفجروا- لا يمنعهم حقَّهم من الطاعة فيما لا معصية لله فيه.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(1/4)

يضع أصحاب الدعوات الباطلة لأنفسهم أصولا فاسدة ليبنوا عليها نظرياتهم وعقائدهم، فلا يمضي بهم زمن إلا وقد اكتشفوا بأنفسهم أن نظرياتهم لا تستقر على أصولهم فيلجؤون إلى تعزيز تلك الأصول بمزيد من البدع والضلالات، لتقوى على حمل ما علاها، وكذلك يعمدون إلى ما بنوه فوقها فيعيدون ترتيبه ليحققوا لبنائهم بعض التوازن.

هكذا يستمرون في بنيانهم إلى أن يصلوا إلى مرحلة يعجزون فيها عن تعزيز الأصول، أو تثبيت البنيان، فينهار بهم، ويخسروا بذلك الدنيا بعد أن خسروا الآخرة، قال جل جلاله: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 109-110].

وهكذا هي غالب النظريات التي وضعها بعض المنتسبين للإسلام الزاعمين الصدق في السعي لإقامة الدولة الإسلامية، من الذين جعلوا لمساعيهم أصولا فاسدة، ثم بنوا عليها أفعالهم وتوجُّهاتهم واجتهاداتهم الخاطئة، التي لا تلبث نتائجها إلا وتنقض أصولها، فلا يكون أمام أولئك الضالين من خيار غير تدعيم أصولهم المنتقضة بالمزيد من دعائم الباطل، فيزدادون بها ضلالا، ويزداد بنيانهم خرابا، حتى لا يبقى من الإسلام فيه شيء.

وفي مبحثنا حول مناهج إقامة الدولة الإسلامية بين أتباع المنهج النبوي وأتباع سبل الضلالة، نجد أنفسنا مضطرين للوقوف مطولا أمام تجربة الروافض الاثني عشرية التي وصلت بهم إلى أن يضعوا بأيديهم وألسنتهم دينا جديدا، لا صلة له بالإسلام إلا كصلة أديان اليهود والنصارى بدين إبراهيم عليه السلام، والتقديم بدراسة هذه التجربة التي امتدت لأكثر من 11 قرنا، فهي بذلك من أطول التجارب، وأكثرها وضوحا في بيان مدى الانحراف الذي سبَّبه البناء على أصل فاسد في العمل على ضلالة لإقامة الدولة الإسلامية، والادِّعاء الكاذب بالسعي لحفظ الإسلام من البدع والانحرافات.

- مبدأ دعوتهم.. نصٌ بالإمامة مزعوم:

يزعم الروافض المشركون أن مبدأ دعوتهم كان في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، بوصيَّته ونصِّه بالخلافة والإمامة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأولاده من بعده، ولا دليل لديهم على هذه الوصية، سوى ما يختلقون من تأويلات باطلة لنصوص الكتاب والسنة، بل الأدلة الثابتة تنقض ما يدّعون.

ومنها قول عمر، رضي الله عنه: "إني لئن لا أَستخلِف فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلِف، وإن أَستخلِف فإن أبا بكر قد استخلَف" [رواه مسلم]، ففيه دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف عليَّا ولا غيره من صحابته رضي الله عنهم، وما رواه البخاري عن الأسود أنه قال: ذكروا عند عائشة أن علياً -رضي الله عنهما- كان وصيا، فقالت: "متى أوصى إليه، وقد كنت مسندته إلى صدري، أو قالت: حجري، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري، فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه؟"، وكذلك فإن إجماع الصحابة على البيعة لأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- لم يخرج عنه من يزعمون الوصية لهم، وهم علي بن أبي طالب وابناه الحسن والحسين رضي الله عنهم، وغير ذلك من الأدلة التي تهدم كذبة الوصية كثير.

ومما ينقض ثبوت الوصية أيضا، التنازع الذي حصل بين من يزعمها من الروافض وغيرهم ممن يزعم النصرة لآل البيت، فكلٌّ منهم يزعمها لواحد من آل البيت، وخاصة بعد مقتل علي رضي الله عنه، بين من يزعمها في عقب العباس بن عبد المطلب، أو الحسن بن علي، أو الحسين بن علي، أو محمد بن علي (ابن الحنفية) رضي الله عنهم، بل ولأبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يمت واحد ممن يدَّعون له الإمامة إلا زادتهم الأهواء والشبهات تفرقا، وكلٌّ منهم يزعم الوصية لمن يهواه، فلو كان لأيٍّ منهم نص أو وصية لأثبت بها الحق لإمامه، ولكنهم في كثير من الحوادث لم يجدوا ما يستشهدون به على منافسيهم سوى معجزات مزعومة وخوارق مكذوبة، كما استدل الروافض على إمامة علي بن الحسين، ورفض إمامة أخيه زيد بن الحسين، بأن الأول ثبتت بيعته على لسان الحجر والشجر!


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(1/4)

يضع أصحاب الدعوات الباطلة لأنفسهم أصولا فاسدة ليبنوا عليها نظرياتهم وعقائدهم، فلا يمضي بهم زمن إلا وقد اكتشفوا بأنفسهم أن نظرياتهم لا تستقر على أصولهم فيلجؤون إلى تعزيز تلك الأصول بمزيد من البدع والضلالات، لتقوى على حمل ما علاها، وكذلك يعمدون إلى ما بنوه فوقها فيعيدون ترتيبه ليحققوا لبنائهم بعض التوازن.

هكذا يستمرون في بنيانهم إلى أن يصلوا إلى مرحلة يعجزون فيها عن تعزيز الأصول، أو تثبيت البنيان، فينهار بهم، ويخسروا بذلك الدنيا بعد أن خسروا الآخرة، قال جل جلاله: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 109-110].

وهكذا هي غالب النظريات التي وضعها بعض المنتسبين للإسلام الزاعمين الصدق في السعي لإقامة الدولة الإسلامية، من الذين جعلوا لمساعيهم أصولا فاسدة، ثم بنوا عليها أفعالهم وتوجُّهاتهم واجتهاداتهم الخاطئة، التي لا تلبث نتائجها إلا وتنقض أصولها، فلا يكون أمام أولئك الضالين من خيار غير تدعيم أصولهم المنتقضة بالمزيد من دعائم الباطل، فيزدادون بها ضلالا، ويزداد بنيانهم خرابا، حتى لا يبقى من الإسلام فيه شيء.

وفي مبحثنا حول مناهج إقامة الدولة الإسلامية بين أتباع المنهج النبوي وأتباع سبل الضلالة، نجد أنفسنا مضطرين للوقوف مطولا أمام تجربة الروافض الاثني عشرية التي وصلت بهم إلى أن يضعوا بأيديهم وألسنتهم دينا جديدا، لا صلة له بالإسلام إلا كصلة أديان اليهود والنصارى بدين إبراهيم عليه السلام، والتقديم بدراسة هذه التجربة التي امتدت لأكثر من 11 قرنا، فهي بذلك من أطول التجارب، وأكثرها وضوحا في بيان مدى الانحراف الذي سبَّبه البناء على أصل فاسد في العمل على ضلالة لإقامة الدولة الإسلامية، والادِّعاء الكاذب بالسعي لحفظ الإسلام من البدع والانحرافات.

- مبدأ دعوتهم.. نصٌ بالإمامة مزعوم:

يزعم الروافض المشركون أن مبدأ دعوتهم كان في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، بوصيَّته ونصِّه بالخلافة والإمامة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأولاده من بعده، ولا دليل لديهم على هذه الوصية، سوى ما يختلقون من تأويلات باطلة لنصوص الكتاب والسنة، بل الأدلة الثابتة تنقض ما يدّعون.

ومنها قول عمر، رضي الله عنه: "إني لئن لا أَستخلِف فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلِف، وإن أَستخلِف فإن أبا بكر قد استخلَف" [رواه مسلم]، ففيه دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف عليَّا ولا غيره من صحابته رضي الله عنهم، وما رواه البخاري عن الأسود أنه قال: ذكروا عند عائشة أن علياً -رضي الله عنهما- كان وصيا، فقالت: "متى أوصى إليه، وقد كنت مسندته إلى صدري، أو قالت: حجري، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري، فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه؟"، وكذلك فإن إجماع الصحابة على البيعة لأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- لم يخرج عنه من يزعمون الوصية لهم، وهم علي بن أبي طالب وابناه الحسن والحسين رضي الله عنهم، وغير ذلك من الأدلة التي تهدم كذبة الوصية كثير.

ومما ينقض ثبوت الوصية أيضا، التنازع الذي حصل بين من يزعمها من الروافض وغيرهم ممن يزعم النصرة لآل البيت، فكلٌّ منهم يزعمها لواحد من آل البيت، وخاصة بعد مقتل علي رضي الله عنه، بين من يزعمها في عقب العباس بن عبد المطلب، أو الحسن بن علي، أو الحسين بن علي، أو محمد بن علي (ابن الحنفية) رضي الله عنهم، بل ولأبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يمت واحد ممن يدَّعون له الإمامة إلا زادتهم الأهواء والشبهات تفرقا، وكلٌّ منهم يزعم الوصية لمن يهواه، فلو كان لأيٍّ منهم نص أو وصية لأثبت بها الحق لإمامه، ولكنهم في كثير من الحوادث لم يجدوا ما يستشهدون به على منافسيهم سوى معجزات مزعومة وخوارق مكذوبة، كما استدل الروافض على إمامة علي بن الحسين، ورفض إمامة أخيه زيد بن الحسين، بأن الأول ثبتت بيعته على لسان الحجر والشجر!


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية [2/2] - الاستشفاء بالصدقة: إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد ...

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية
[2/2]

- الاستشفاء بالصدقة:

إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد والمآل الحسن في الدنيا والآخرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة) [رواه البيهقي في سننه، وهو حديث حسن]، ولسنا هنا بمعرض الحديث عن ثواب الصدقة فهو باب طويل وثوابه مضاعف أضعافا كثيرة، ولكن في هذا الحديث تصريح بأن الصدقة دواء للمريض، فإن من الأمراض والبلاء ما يكون بسبب الذنوب والمعاصي التي تُغضِب الله تعالى، وإن الصدقة تطفئ غضبه سبحانه، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء) [رواه البيهقي في شعب الإيمان].

- الاستشفاء من الهم والغم والحزن بالاستغفار:

وهذه الأدواء تعامَل معها الطب المعاصر بماديَّة بحتة، وتاهَ في الوصفات المختلفة التي بعضها يعتمد على تخدير العقل لينسى المريض همومَه وغمومَه، ولو علموا أصلها لسهل علاجها، فإنها تنشأ في الغالب بسبب الإعراض عن دين الله، جل وعلا، فالكفر هو أعظم أسباب الأمراض النفسية وهموم القلوب، قال الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]، وتنشأ هذه الأمراض أيضا بسبب الذنوب والمعاصي والتقصير في الطاعات الواجبة، التي تترك النفس في همّ وحزن، وقد تكون أسبابها فقرا أو دَينا أو مشكلة من مشاكل الحياة، ولكن هذه الوصفات الحسية لم تكن العلاج النافع، فالدواء الناجع هو الوصفة النبوية، فالاستغفار يدفع الهم والحزن لأنه يجلو القلب من ظُلَم المعاصي وضيق الصدر، فحين يتوجَّه المستغفر بقلبٍ مُعرضٍ عن كَبَد الحياة وهمومها إلى كرمِ الخالق ولطفِه وطلبِ ما عنده، فسيجد الراحة والسكينة وانشراح الصدر، قال ابن القيم، رحمه الله: "وأما تأثير الاستغفار في دفع الهمِّ والغم والضيق، فمِمَّا اشترك في العلم به أهلُ الملل وعقلاءُ كل أمة أن المعاصي والفساد تُوجب الهم والغم، والخوف والحزن، وضيق الصدر، وأمراض القلب، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم، وسئمتها نفوسهم، ارتكبوها دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهمِّ والغم، كما قال شيخ الفسوق:

وكأسٍ شَرِبت على لَذةٍ
وأخرى تداويت منها بها

وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب، فلا دواء لها إلا التوبة والاستغفار" [زاد المعاد].

- الاستشفاء من الهم والغم والحَزن بالجِهاد:

عندما يُترك العدو الصائل يستبيح الدين والأرض والعرض فإن ذلك يجلب الهم والغم والحزن، ودواء ذلك هو دفعه وقتالُه وكسر شوكته وهذا يؤدي لانشراح الصدر وشفائه، قال الله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14]، ففي قتال الكفار والمرتدين تحصيل الأجور وشفاء الصدور، وفي السنة النبوية، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يُذهب الله به الهم والغم) [رواه أحمد].

- الشرك بالله لا يكون شفاء:

فهذه جملة من الأدوية غير الحسية التي وردت فيها أدلة شرعية من كتاب وسنة، وفي الوقت نفسه فقد وردت الأدلة في نفي الاستشفاء ببعض الأدوية غير الحسية التي ابتدعها أهل الضلال، ودلّوا الناس عليها، ليعلقوا قلوبهم بغير الله تعالى، ويوقعوهم في الشرك بالله، ومنها السحر، والتمائم، ودعاء غير الله، وغيرها من الأدوية التي بيّن الله العظيم ورسوله الكريم، كذب من قال بنفعها، وتسببها بخسارة الإنسان لدينه، دون أن تنفعه في دنياه.

فقال سبحانه في نفي فائدة الدعاء لغير الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يعلقون التمائم والأحراز ليتقوا بها الأمراض ويستشفوا بها: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) [رواه أحمد]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يتعاطى السحر لأي سبب كان ومنه الاستشفاء من الأمراض: (اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر) [رواه البخاري].

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111ar
...المزيد

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية [2/2] - الاستشفاء بالصدقة: إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد ...

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية
[2/2]

- الاستشفاء بالصدقة:

إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد والمآل الحسن في الدنيا والآخرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة) [رواه البيهقي في سننه، وهو حديث حسن]، ولسنا هنا بمعرض الحديث عن ثواب الصدقة فهو باب طويل وثوابه مضاعف أضعافا كثيرة، ولكن في هذا الحديث تصريح بأن الصدقة دواء للمريض، فإن من الأمراض والبلاء ما يكون بسبب الذنوب والمعاصي التي تُغضِب الله تعالى، وإن الصدقة تطفئ غضبه سبحانه، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء) [رواه البيهقي في شعب الإيمان].

- الاستشفاء من الهم والغم والحزن بالاستغفار:

وهذه الأدواء تعامَل معها الطب المعاصر بماديَّة بحتة، وتاهَ في الوصفات المختلفة التي بعضها يعتمد على تخدير العقل لينسى المريض همومَه وغمومَه، ولو علموا أصلها لسهل علاجها، فإنها تنشأ في الغالب بسبب الإعراض عن دين الله، جل وعلا، فالكفر هو أعظم أسباب الأمراض النفسية وهموم القلوب، قال الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]، وتنشأ هذه الأمراض أيضا بسبب الذنوب والمعاصي والتقصير في الطاعات الواجبة، التي تترك النفس في همّ وحزن، وقد تكون أسبابها فقرا أو دَينا أو مشكلة من مشاكل الحياة، ولكن هذه الوصفات الحسية لم تكن العلاج النافع، فالدواء الناجع هو الوصفة النبوية، فالاستغفار يدفع الهم والحزن لأنه يجلو القلب من ظُلَم المعاصي وضيق الصدر، فحين يتوجَّه المستغفر بقلبٍ مُعرضٍ عن كَبَد الحياة وهمومها إلى كرمِ الخالق ولطفِه وطلبِ ما عنده، فسيجد الراحة والسكينة وانشراح الصدر، قال ابن القيم، رحمه الله: "وأما تأثير الاستغفار في دفع الهمِّ والغم والضيق، فمِمَّا اشترك في العلم به أهلُ الملل وعقلاءُ كل أمة أن المعاصي والفساد تُوجب الهم والغم، والخوف والحزن، وضيق الصدر، وأمراض القلب، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم، وسئمتها نفوسهم، ارتكبوها دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهمِّ والغم، كما قال شيخ الفسوق:

وكأسٍ شَرِبت على لَذةٍ
وأخرى تداويت منها بها

وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب، فلا دواء لها إلا التوبة والاستغفار" [زاد المعاد].

- الاستشفاء من الهم والغم والحَزن بالجِهاد:

عندما يُترك العدو الصائل يستبيح الدين والأرض والعرض فإن ذلك يجلب الهم والغم والحزن، ودواء ذلك هو دفعه وقتالُه وكسر شوكته وهذا يؤدي لانشراح الصدر وشفائه، قال الله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14]، ففي قتال الكفار والمرتدين تحصيل الأجور وشفاء الصدور، وفي السنة النبوية، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يُذهب الله به الهم والغم) [رواه أحمد].

- الشرك بالله لا يكون شفاء:

فهذه جملة من الأدوية غير الحسية التي وردت فيها أدلة شرعية من كتاب وسنة، وفي الوقت نفسه فقد وردت الأدلة في نفي الاستشفاء ببعض الأدوية غير الحسية التي ابتدعها أهل الضلال، ودلّوا الناس عليها، ليعلقوا قلوبهم بغير الله تعالى، ويوقعوهم في الشرك بالله، ومنها السحر، والتمائم، ودعاء غير الله، وغيرها من الأدوية التي بيّن الله العظيم ورسوله الكريم، كذب من قال بنفعها، وتسببها بخسارة الإنسان لدينه، دون أن تنفعه في دنياه.

فقال سبحانه في نفي فائدة الدعاء لغير الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يعلقون التمائم والأحراز ليتقوا بها الأمراض ويستشفوا بها: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) [رواه أحمد]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يتعاطى السحر لأي سبب كان ومنه الاستشفاء من الأمراض: (اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر) [رواه البخاري].

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111ar
...المزيد

...

1

https://b.top4top.io/p_3388o12770.png

2
https://c.top4top.io/p_3388xrbdi1.png

3
https://d.top4top.io/p_3388a33xt2.png

4
https://e.top4top.io/p_3388t9x683.png

5
https://f.top4top.io/p_3388n8lmf4.png
.
6
https://g.top4top.io/p_338896yuv5.png

7
https://l.top4top.io/p_3388fibla5.png
...المزيد

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية الحمد لله خالق الداء والدواء، ينفع من يشاء، وينزل بمن يشاء البلاء، ...

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية

الحمد لله خالق الداء والدواء، ينفع من يشاء، وينزل بمن يشاء البلاء، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ماحي الشرك والشقاء، وعلى آله الأنقياء وصحبه الأصفياء، أما بعد:

فقد ذكرنا فيما سبق مشروعية التداوي ومنهج الشريعة فيه، ولا بد أن يُعرف أن في التداوي ما يكون بالأدوية الحسية وغير الحسية، فغيرُ الحسية المشروعة كالرقية والدعاء هي أعظم الأدوية وأجلها وأشرفها وأحمدها عواقبا، فالله -سبحانه وتعالى- قال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، قال ابن القيم رحمه الله: "وإن الأدوية القلبية، والروحانية، وقوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جرَّبتها الأمم على اختلاف أديانها ومِللها، فوجدوا لها من التأثير في الشِّفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء، ولا تجربته، ولا قياسه، وقد جرَّبنا نحن وغيرنا من هذا أمورا كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية" [زاد المعاد].

- الاستشفاء بالقرآن:

إن أعظم ما يُتداوى به هو كلام الله المجيد، فهو نجاة الحيران، وطب القلوب وعافية الأبدان، وشفاء العلل وجلاء الأدران، قال الماوردي في قوله، عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ]الإسراء: 82[: "يحتمل ثلاثة أوجه، أحدها: شفاء من الضلال, لما فيه من الهدى. الثاني: شفاء من السَّقم, لما فيه من البركة. الثالث: شفاء من الفرائض والأحكام, لما فيه من البيان".

وجاء في صحيح البخاري عن معمر عن الزهري عن عروة عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينفثُ على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوِّذات، فلما ثقُل كنت أنفثُ عليه بهن، وأمسح بيد نفسِهِ لبركتها"، وجاء في الحديث: "فسألت الزهري [والسائل هو معمر]: كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه".

أمَّا صحابته الكرام -رضي الله عنهم- فحالهم مع الاستشفاء بالقرآن ما رواه الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن ناسا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أتوا على حيٍّ من أحياء العرب فلم يُقروهم [أي لم يضيِّفوهم]، فبينما هم كذلك، إذ لُدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تُقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلا، فجعلوا لهم قطيعا من الشاء، فجعل يقرأ بأمِّ القرآن [أي الفاتحة]، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك، وقال: (وما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي بسهم).

فهذا الرجل الملدوغ مرضه حسّيّ ظاهر، ولكنّ دواءه غير حسّيّ، وهو سورة الفاتحة التي من أسمائها الشافية.

- الاستشفاء بالدعاء:

لقد علَّمنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن (الدعاء هو العبادة) وحثنا على طلب كل شيء من الله -سبحانه- حتى لو كان أصغر حاجة، ففي الحديث الصحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدُكم ربَّه حاجته كلَّها حتى يسأله شِسع نعله إذا انقطع) [التبريزي في مشكاة المصابيح]، وبهذا التنبيه النبوي فعلى كل مسلم أن يسأل ربه –سبحانه- كل حاجاته، فهو الرب الحليم الكريم، والودود الرحيم، والسميع القريب، قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقد يكفيك الله –تعالى- بالدعاء قبل المباشرة بالأسباب الحسية، فالدعاء هو السبب الأجلّ، وطب الآفات والعلل، كيف لا وهو من أعظم العبادات، والصلة الوثيقة بين العبد ورب الأرض والسماوات، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ينقطع دعاؤه في الليل والنهار، وسنَّ لنا أذكار اليوم والليلة للحماية من مجهول الآفات، وعلَّم أصحابه الدعاء طلبا للشفاء من الأمراض.

روى البخاري بسنده عن عبد العزيز، قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا أبا حمزة، اشتكيت، فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: (اللهم ربَّ الناس، مُذهِب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما)، وجاء عند مسلم عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقاه جبريل، قال: "باسم الله يُبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شرِّ حاسد إذا حسد، وشر كلِّ ذي عين"، فهذه هي من مفردات الرقية بالدعاء التي وردت، شفاء من كل داء ومن شرور الحسد ومن العين أي النظرة.

فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي يكشف السوء ويشفي المريض ويبتلي عباده وهو على ما يشاء قدير، ولذلك من اعتصم بالدعاء فقد استمسك بعظيم.


لقراءة المقال كاملا، تيلجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية الحمد لله خالق الداء والدواء، ينفع من يشاء، وينزل بمن يشاء البلاء، ...

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية

الحمد لله خالق الداء والدواء، ينفع من يشاء، وينزل بمن يشاء البلاء، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ماحي الشرك والشقاء، وعلى آله الأنقياء وصحبه الأصفياء، أما بعد:

فقد ذكرنا فيما سبق مشروعية التداوي ومنهج الشريعة فيه، ولا بد أن يُعرف أن في التداوي ما يكون بالأدوية الحسية وغير الحسية، فغيرُ الحسية المشروعة كالرقية والدعاء هي أعظم الأدوية وأجلها وأشرفها وأحمدها عواقبا، فالله -سبحانه وتعالى- قال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]، قال ابن القيم رحمه الله: "وإن الأدوية القلبية، والروحانية، وقوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جرَّبتها الأمم على اختلاف أديانها ومِللها، فوجدوا لها من التأثير في الشِّفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء، ولا تجربته، ولا قياسه، وقد جرَّبنا نحن وغيرنا من هذا أمورا كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية" [زاد المعاد].

- الاستشفاء بالقرآن:

إن أعظم ما يُتداوى به هو كلام الله المجيد، فهو نجاة الحيران، وطب القلوب وعافية الأبدان، وشفاء العلل وجلاء الأدران، قال الماوردي في قوله، عز وجل: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ]الإسراء: 82[: "يحتمل ثلاثة أوجه، أحدها: شفاء من الضلال, لما فيه من الهدى. الثاني: شفاء من السَّقم, لما فيه من البركة. الثالث: شفاء من الفرائض والأحكام, لما فيه من البيان".

وجاء في صحيح البخاري عن معمر عن الزهري عن عروة عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينفثُ على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوِّذات، فلما ثقُل كنت أنفثُ عليه بهن، وأمسح بيد نفسِهِ لبركتها"، وجاء في الحديث: "فسألت الزهري [والسائل هو معمر]: كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه".

أمَّا صحابته الكرام -رضي الله عنهم- فحالهم مع الاستشفاء بالقرآن ما رواه الإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن ناسا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أتوا على حيٍّ من أحياء العرب فلم يُقروهم [أي لم يضيِّفوهم]، فبينما هم كذلك، إذ لُدغ سيد أولئك، فقالوا: هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تُقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلا، فجعلوا لهم قطيعا من الشاء، فجعل يقرأ بأمِّ القرآن [أي الفاتحة]، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك، وقال: (وما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي بسهم).

فهذا الرجل الملدوغ مرضه حسّيّ ظاهر، ولكنّ دواءه غير حسّيّ، وهو سورة الفاتحة التي من أسمائها الشافية.

- الاستشفاء بالدعاء:

لقد علَّمنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن (الدعاء هو العبادة) وحثنا على طلب كل شيء من الله -سبحانه- حتى لو كان أصغر حاجة، ففي الحديث الصحيح عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدُكم ربَّه حاجته كلَّها حتى يسأله شِسع نعله إذا انقطع) [التبريزي في مشكاة المصابيح]، وبهذا التنبيه النبوي فعلى كل مسلم أن يسأل ربه –سبحانه- كل حاجاته، فهو الرب الحليم الكريم، والودود الرحيم، والسميع القريب، قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]، وقد يكفيك الله –تعالى- بالدعاء قبل المباشرة بالأسباب الحسية، فالدعاء هو السبب الأجلّ، وطب الآفات والعلل، كيف لا وهو من أعظم العبادات، والصلة الوثيقة بين العبد ورب الأرض والسماوات، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ينقطع دعاؤه في الليل والنهار، وسنَّ لنا أذكار اليوم والليلة للحماية من مجهول الآفات، وعلَّم أصحابه الدعاء طلبا للشفاء من الأمراض.

روى البخاري بسنده عن عبد العزيز، قال: دخلت أنا وثابت على أنس بن مالك، فقال ثابت: يا أبا حمزة، اشتكيت، فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: (اللهم ربَّ الناس، مُذهِب الباس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما)، وجاء عند مسلم عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقاه جبريل، قال: "باسم الله يُبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شرِّ حاسد إذا حسد، وشر كلِّ ذي عين"، فهذه هي من مفردات الرقية بالدعاء التي وردت، شفاء من كل داء ومن شرور الحسد ومن العين أي النظرة.

فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي يكشف السوء ويشفي المريض ويبتلي عباده وهو على ما يشاء قدير، ولذلك من اعتصم بالدعاء فقد استمسك بعظيم.


لقراءة المقال كاملا، تيلجرام:
@wmc11ar
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
5 رجب 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً