إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(3/4)

- تدعيم الأصل الفاسد بالبدع وضلالات جديدة:

وبناء على أصلهم الفاسد بأن الأرض لا يجوز أن تخلو من معصوم يقوم مقام سلفه، وزعمهم بالنص على هذا المعصوم في حياة الإمام السابق، بل واشتراطهم عليه أن يخلِّف من ورائه معصوما من أولاده، فقد اصطدم الرافضة بعدة عقبات، أجبرت بعضهم على الرجوع عن ذلك الأصل الفاسد، ودفعت آخرين إلى انحراف أكبر، حفاظا على هذا الأصل الذي بات عندهم أصلا للدين كلِّه لا لمسألة الإمامة فحسب، ويمكننا أن نذكر على ذلك بعض الأمثلة.

فقد زعموا في حياة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أن الوصي من بعده هو ابنه إسماعيل، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه، وقع تناقض بين أصلهم في وجوب تحقُّق الوصية، وبين وفاة المُوصى إليه، فانكشفت بذلك الخدعة لفئة من الناس علمت كذب هذه النظرية، وأنه لا يُعقل أن يَنصَّ الله –تعالى- على رجل بأنه هو الإمام ثم يميته قبل أن يوليه الإمامة، فيما تمسك آخرون بذلك الأصل الفاسد ليبنوا عليه مبانِيَ أشد فسادا.

فخرج قوم منهم بالقول باستمرار إمامة إسماعيل بن محمد، وإنكارهم لمسألة وفاته، أو زعمهم برجوعه للحياة بعد موته، وتكذيبهم لإمامهم جعفر (الذي يسمونه الصادق)، لمَّا أبلغهم بخبر وفاته، وزعموا أنه اخترع قصة وفاته تقيّةً، ليحفظه من أعدائه، وأنه غائب عن الناس، ومنهم نشأت فرقة الإسماعيلية الباطنية التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، والذين أكملوا سلسلة الإمامة المزعومة في نسل إسماعيل بن محمد، ومن هنا نشأت بدعة الإيمان بالغيبة، والحياة الدائمة، والرجعة لأئمتهم.

وخرج قوم آخرون ليكذبوا على الله تعالى، ويجيزوا عليه أن يغيّر قوله بالنص على إمام جديد بعد أن أوجبوا عليه من قبل أن ينص على الإمام الأول، وسمّوا هذه الفرية على الله، والبدعة في الدين، بعقيدة "البداء" ومعناه أن الله -سبحانه- قد بدى له أن ينقل الإمامة من شخص إلى آخر، قاتلهم الله أنى يؤفكون، وقام هؤلاء (وهم الموسوية) بنقل النص من إسماعيل بن جعفر (المتوفى) إلى أخيه موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم)، وذلك ليحفظوا نظريتهم من الاندثار، ويحفظوا أصلهم من النقض.

- تثبيت النظرية بالأكاذيب:

ولما مات جعفر بن محمد رحمهما الله، وقع غلاة الرافضة في حرج جديد، لعدم وجود النص على الإمام من بعده، فقالوا بإمامة ولده الأكبر عبد الله بن جعفر (الذي يسمونه الأفطح)، ثم أنكر قسم منهم إمامته لما وجدوه يقول بخلاف قولهم، واتهموه بالفسق، وعادوا ليلحقوا بمن قال بإمامة أخيه موسى بن جعفر.

وأما من استمر في القول بإمامة عبد الله بن جعفر فقد أُسقط في أيديهم بوفاته من غير أن يعقب، فلم يكن له ولد يؤمِّمونه من بعده، فرجع قسم منهم عن خرافة النص، وازداد آخرون في ضلالهم، بأن كذبوا على إمامه وزعموا له ولدا لم ينجبه، وادعوا أنه غائب عن الأنظار، فكرروا بذلك ما قاله الغلاة في إسماعيل بن جعفر، وترسخت فيهم عقيدة (الغيبة)، بل وزاد هؤلاء انحرافا بالبيعة لغائب لم يولد يوما، ولم يظهر في الأرض ساعة، وظهر فيهم اختراع الأئمة المعدومين.

وأما من قال بإمامة موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم) فقد وقع في حرج جديد، بوفاة الإمام في السجن دون وصية لأحد من بعده، فعادوا حفاظا على الأصل الفاسد والنظرية الباطلة إلى اختراع الأكاذيب، فمن نفى وفاته وقال باستمرار حياته وغيبته بقي على القول بإمامته وسُمّوا بالواقفية، ومن اضطر للتصديق بوفاته، قالوا بإمامة ابنه علي بن موسى (الذي يسمونه الرضا)، وقد أظهر الواقفية العداء لعلي بن موسى، واتهموه بالكذب فيما أعلنه من خبر وفاة أبيه.

- أئمتهم ينقضون أصل النظرية:

أما من قال بإمامته فقد أوقعهم هو في تناقض كبير مع أصولهم الفاسدة، وذلك ببيعته للمأمون بن هارون الرشيد، وقبول تولي ولاية العهد منه، وقدَّم بذلك دليلا جديدا على كذب نظريات الوصية والنص والعصمة وغيرها، إذ لا يعقل أن يبايع الإمام المعصوم المنصوص عليه رجلا غاصبا للسلطة، غير مُزكى في دينه وعلمه، فإما أن يطيعوا إمامهم الذين يزعمون عصمته فيما ذهب إليه، فينقُضوا أصل النص في الإمامة، أو يخالفوه ويخرجوا عليه فينسفوا دينهم كلَّه من أصله فيخطِّئوا إمامهم وينكروا عصمته، ويعودوا عن القول بالوصية بالإمامة إليه والنص عليه، ولا يبقى لديهم إلا القول بالبداء أو التقية كما هو دأبهم في كل فرية يفترونها وكذبة يكذبونها.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(4/4)

- تجويز إمامة الصبيان والمعدومين:

ولم يلبث هؤلاء أن حلّت بهم مصيبة جديدة، بوفاة علي بن موسى، فاضطر الرافضة إنفاذا لنظريتهم إلى القول بإمامة الصبيان، كمحمد بن علي بن موسى (الذي يسمونه الجواد)، إذ مات أبوه علي بن موسى (الرضا) في خراسان وهو ابن سبع سنين، في حين انفض عنه قسم من الرافضة اتجهوا لبيعة عمه أحمد بن موسى، وقسم رجع إلى نقض إمامة الرضا لأنه لم يترك إماما من خلفه، ولم يغسِّله بعد وفاته إمام، وفرقة بايعت محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين، وأخرى بايعت (الجواد) واستدلوا على إمامته بادِّعاء علمه الغيب، ونسبوا إليه الذهاب من المدينة إلى خراسان وتغسيل والده والعودة في لحظات، وغير ذلك من المعجزات المزعومة، وتكرر الأمر بوفاة محمد (الجواد) شابا في الخامسة والعشرين من عمره، مخلِّفا ولدين صبيَّين هما علي (الهادي) وموسى، وتعيينه وصيا على أموالهما لحين بلوغهما، ما دفع الرافضة إلى التفكير في كيفية تولية الصبي على أمر الأمة في حين أن أباه "المعصوم" لم يأتمنه حتى على ماله الخاص.

ثم عاد قسم من هؤلاء للخروج على علي (الهادي) بن محمد (الجواد)، لما مات ولده الذي أوصى له في حياته (محمد) فأوصى لابنه الآخر الحسن (العسكري)، فأصر قسم من الرافضة على استمرار إمامة محمد بن علي (الهادي) منكرين موته، حفاظا على عقيدة الوصية التي يشترطونها لانتقال الإمامة، فيما بايع آخرون الحسن (العسكري) على أساس عقيدة البداء المعروفة عندهم.

ثم كانت الضربة القاصمة لهم بوفاة الحسن (العسكري) بن علي (الهادي) من غير أن يعقب، فما كان من الغلاة إلا أن لجؤوا إلى إخوانهم (الأفطحية) لينسبوا للحسن ولدا لم يولد ويسموه محمد (المهدي)، ليكمل الرافضة الاثنا عشرية بذلك 12 إماما لهم، ويزعموا أنه غاب في سرداب بسامراء وهو طفل خوفا من أعدائه، وأنه سيظهر عندما يزول عنه الخطر، ومنذ هذا الغياب المزعوم قبل 1200 عام تقريبا، والروافض ينتظرون خروج هذا الإمام المختلق ليقيم الدولة الإسلامية على أساس أصلهم الفاسد، وهو إمامة المعصوم.

- دين موضوع على أصل فاسد:

من خلال تتبع مسيرة هؤلاء الضالين الذين شتت الله شملهم، بعد خروجهم عن جماعة المسلمين، فانقسموا إلى عشرات الفرق، كل منها تلعن الأخرى وتكفِّرها، نجد أنهم جعلوا أصلهم الفاسد ونظريتهم الباطلة ليبرروا رفضهم خلفاء المسلمين وأمراء المؤمنين من زمن أبي بكر الصديق وإلى أن تقوم الساعة، إذ لا يمكن لأحد أن يحقق الشروط التي يشترطونها عليهم من عصمة ونص ومعجزات، إلا ما يعطونه هم من ذلك بأكاذيبهم، ثم لا يقبلوا إماما إلا من يرضي أهواءهم، ولذلك رأينا أنهم خرجوا مرارا على من قالوا بإمامتهم، لما خالفوهم بأحكامهم، أو جرى عليهم من الأقدار ما يناقض أصولهم، ووجدنا أن من يزعمون نسبة النظرية لهم قد نقضوها مرارا في حياتهم، وخالفوها بأقوالهم وأفعالهم.

كما أنهم اضطروا مرارا إلى الزيادة على دينهم، ووضع أصول جديدة لهم ليستقيم بنيانهم المتداعي، فأضافوا عقائد الوصية والنص والبداء وغيرها، بل ورجعوا إلى الكتاب والسنة فحرفوهما، وأنكروا كل ما خالف أصولهم منهما، واضطروا لإطلاق الخرافات والتبرير لها مهما كانت درجة سخافتها، كالغيبة لمئات السنين، والرجعة بعد الغيبة، واختلاق الأولاد، وإمامة الصبيان، وغيرها.

وسنجد -بإذن الله- في الحلقة القادمة من هذه السلسلة كيف أن الرافضة وضعوا معظم دينهم خلال فترة الغيبة التي تلت وفاة الحسن (العسكري) وزعمهم بغيبة ولده المختلق محمد (المهدي)، وكيف زادوا في دينهم ونقصوا خلال هذه القرون الطويلة، وصولا إلى دولتهم الطاغوتية التي أقاموها في إيران اليوم، ويسعون لامتدادها لتشمل العالم كله حسب زعمهم تمهيدا لرجعة مهديهم وظهوره بعد اختفاء أسباب غيبته من وجود الأعداء، وضعف الأنصار.




المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

لباس المسلمة أمام النساء لطالما كان الحياء حلية المؤمنات، وزينة التقيات، وسلعة الصالحات، إلى ...

لباس المسلمة أمام النساء


لطالما كان الحياء حلية المؤمنات، وزينة التقيات، وسلعة الصالحات، إلى أن سقطت ديار المسلمين بيد الطغاة والكافرين، فميَّعوا الدين، ووجهوا سهامهم نحو ربات الخدور، فحاربوا الحجاب وشجعوا السفور، واتبعت نساؤنا نساءهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، إلا من عصم الله وهن قليلات، وكان مما عمت به البلوى بين المسلمات، لباس الكافرات الماجنات، فقل الحياء بين النساء، وأصبحت المجالس عروضا للأزياء، أزياء ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ترضاها إلا رقيقة دين وإيمان.

- المرأة عورة:

بادئ ذي بدء لتعلمْ كل مسلمة أن الأصل في الأشياء كالمأكل والملبس والمشرب الحِل ما لم يرد نص أو دليل على تحريمها، أو تخالف أصلا أو قاعدة من قواعد الشرع، ومعاذ الله أن نحرِّم ما أحله الله -تعالى- لعباده من زينة أو طيبات وهو القائل: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ} ]الأعراف: 32[، غير أننا نسعى للنصح والإصلاح ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والله من وراء القصد.

وإن كثيرا من النساء اليوم إذا ما عوتبت على لباسها الفاضح بين المسلمات ردَّت بأن هذا الأمر جائز، لكون عورة المرأة أمام المرأة من السُّرة إلى الركبة، وهذا القول استند إلى حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.

قال الله، عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) [رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان]، وفي هذا دليل على أن الأصل في المرأة أنها عورة، فلا يجوز إظهار شيء منها إلا ما ورد دليل باستثنائه وإباحة إظهاره.

وعموم الأدلة والأقوال الواردة عن الصحابة -رضوان الله عنهم- دلَّت على ما اعتاد نساء ذاك الزمان على إظهاره كالرأس والعنق والذراعين، وأما ما عدا ذلك وما اعتادت نساء زماننا هذا إبداءه فليس فيه دليل.

- حكم الملابس الضيِّقة أمام المحارم والنساء:

عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُبطِية كثيفة كانت مما أهداها دِحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما لك لم تلبس القُبطِية؟) قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي. فقال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (مُرها فلتجعل تحتها غِلالة، إني أخاف أن تصف حجم عظامها) [أخرجه أحمد، والغِلالة: شعار يلبس تحت الدِّثار؛ مثل القميص تحت الثياب الظاهرة، والجمع: غلائل].

ففي عموم هذا الحديث دليل على عدم جواز لبس الضيِّق أمام المحارم -غير الزوج- والنساء.

وقال جرير بن عبد اللَّه -رضي الله عنه- في حق الرجل (والمرأة من باب أولى): "إِن الرجل ليلبس وهو عارٍ، يعنِي الثياب الرِّقَاق" [رواه الطبراني].
فبعض النساء -أصلحهن الله- تلبس ألبسة ضيِّقة وتقول هي ساترة وطويلة ولا تشفّ عن شيء من جسمي عدا مواضع الوضوء! هداك الله أختنا، هي لا تشفّ ولكنها تصف جميع مفاتنك فاحذري أن يُلبِّس عليك الشيطان.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يَضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مُميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يَدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مسلم]، وعلى من يقول بأن المعنيَّات بهذا الحديث هنَّ الكاسيات العاريات خارج بيوتهن فقط، أن يأتي بدليل صحيح صريح على ذلك.

ثم إن حب الزينة الذي جُبلت عليه المرأة إن لم يصاحبه خوف من الله، قد يجعلها تتعلق بلباس الكافرات تعلُّقا مذموما يُخشى على عقيدتها منه، كما يُخشى عليها أن يكون ذلك من التشبه بالكافرين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من تشبَّه بقوم فهو منهم) [رواه أحمد وأبو داود]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى: "أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تُورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة" [مجموع الفتاوى].
...المزيد

- الحياء زينة: وبعيدا عن هذا وذاك، وهل هو جائز أو غير جائز لتسأل المسلمة نفسها: أَوَ هكذا كان ...

- الحياء زينة:

وبعيدا عن هذا وذاك، وهل هو جائز أو غير جائز لتسأل المسلمة نفسها: أَوَ هكذا كان لباس أمهات المؤمنين والسلف الصالح؟ حاشاهن حاشاهن، بل والله إنا نعلم أنهن عفيفات ورعات حيِّيات حتى في خلواتهن.

فيا أمة الله إن الحياء صفة من صفات الله -تعالى- وشعبة من شعب الإيمان، والمرأة حيِّية بطبعها فكيف تخالف إحدانا فطرتها وتُولي الحياء ظهرها؟
واعلم أيها الرجل المسلم المسؤول عن رعيتك أباً كنت أو أخاً أو زوجاً أو أيّاً كنت من الأولياء، اعلم أنك ستُسأل عن تساهلك مع محارمك وعدم مبالاتك، فكم من زوج يرى زوجته وقد أعتدت لصويحباتها في بيته مجلسا، وتزيَّنت ولبست العاري الفاضح، ثم لا يجد في ذلك بأسا ولا ينهاها بحجة أنهن نساء، والله المستعان، فالنساء لسن جميعهن على قدر واحد من الإيمان والتقوى، وقد تحضُر المجالس من تجهل أمر دينها فتذهب لتحدِّث وتصف من جالست من نساء للأجانب، فاحفظ عرضك يا مسلم من أن تلوكه ألسنة الجاهلين!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

للمزيد من المقالات النافعة والمقائق المخفية..
تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

أليس هذا حال العساكر؟ • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من ...

أليس هذا حال العساكر؟

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من والاه، ويُعادي من عاداه، كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، بل هؤلاء من عساكر الشيطان" أنتهى.

• أليس هذا هو حالكم؟ حيث توالون وتعادون في أشخاص الطواغيت الحكام، توالون من والوهم وتعادون من عادوهم، بغض النظر عن شرعية تلك الموالاة أو المعاداة، تنتهك حرمات الأمة ويُعتدى على مقدساتها، ويُقتل الأطفال والنساء، ويشتم الله ورسوله، فكل هذا وغيره لا يستدعي موقفاً منكم ولا من حكامكم!

الشيخ فارس آل شويل/نصيحة إلى العساكر

اعرف حقيقة الجيوش
...المزيد

- الحياء زينة: وبعيدا عن هذا وذاك، وهل هو جائز أو غير جائز لتسأل المسلمة نفسها: أَوَ هكذا كان ...

- الحياء زينة:

وبعيدا عن هذا وذاك، وهل هو جائز أو غير جائز لتسأل المسلمة نفسها: أَوَ هكذا كان لباس أمهات المؤمنين والسلف الصالح؟ حاشاهن حاشاهن، بل والله إنا نعلم أنهن عفيفات ورعات حيِّيات حتى في خلواتهن.

فيا أمة الله إن الحياء صفة من صفات الله -تعالى- وشعبة من شعب الإيمان، والمرأة حيِّية بطبعها فكيف تخالف إحدانا فطرتها وتُولي الحياء ظهرها؟
واعلم أيها الرجل المسلم المسؤول عن رعيتك أباً كنت أو أخاً أو زوجاً أو أيّاً كنت من الأولياء، اعلم أنك ستُسأل عن تساهلك مع محارمك وعدم مبالاتك، فكم من زوج يرى زوجته وقد أعتدت لصويحباتها في بيته مجلسا، وتزيَّنت ولبست العاري الفاضح، ثم لا يجد في ذلك بأسا ولا ينهاها بحجة أنهن نساء، والله المستعان، فالنساء لسن جميعهن على قدر واحد من الإيمان والتقوى، وقد تحضُر المجالس من تجهل أمر دينها فتذهب لتحدِّث وتصف من جالست من نساء للأجانب، فاحفظ عرضك يا مسلم من أن تلوكه ألسنة الجاهلين!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيد الأنبياء والمرسلين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

للمزيد من المقالات النافعة والمقائق المخفية..
تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

لباس المسلمة أمام النساء لطالما كان الحياء حلية المؤمنات، وزينة التقيات، وسلعة الصالحات، إلى ...

لباس المسلمة أمام النساء


لطالما كان الحياء حلية المؤمنات، وزينة التقيات، وسلعة الصالحات، إلى أن سقطت ديار المسلمين بيد الطغاة والكافرين، فميَّعوا الدين، ووجهوا سهامهم نحو ربات الخدور، فحاربوا الحجاب وشجعوا السفور، واتبعت نساؤنا نساءهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، إلا من عصم الله وهن قليلات، وكان مما عمت به البلوى بين المسلمات، لباس الكافرات الماجنات، فقل الحياء بين النساء، وأصبحت المجالس عروضا للأزياء، أزياء ما أنزل الله بها من سلطان، ولا ترضاها إلا رقيقة دين وإيمان.

- المرأة عورة:

بادئ ذي بدء لتعلمْ كل مسلمة أن الأصل في الأشياء كالمأكل والملبس والمشرب الحِل ما لم يرد نص أو دليل على تحريمها، أو تخالف أصلا أو قاعدة من قواعد الشرع، ومعاذ الله أن نحرِّم ما أحله الله -تعالى- لعباده من زينة أو طيبات وهو القائل: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ} ]الأعراف: 32[، غير أننا نسعى للنصح والإصلاح ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، والله من وراء القصد.

وإن كثيرا من النساء اليوم إذا ما عوتبت على لباسها الفاضح بين المسلمات ردَّت بأن هذا الأمر جائز، لكون عورة المرأة أمام المرأة من السُّرة إلى الركبة، وهذا القول استند إلى حديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.

قال الله، عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) [رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان]، وفي هذا دليل على أن الأصل في المرأة أنها عورة، فلا يجوز إظهار شيء منها إلا ما ورد دليل باستثنائه وإباحة إظهاره.

وعموم الأدلة والأقوال الواردة عن الصحابة -رضوان الله عنهم- دلَّت على ما اعتاد نساء ذاك الزمان على إظهاره كالرأس والعنق والذراعين، وأما ما عدا ذلك وما اعتادت نساء زماننا هذا إبداءه فليس فيه دليل.

- حكم الملابس الضيِّقة أمام المحارم والنساء:

عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قُبطِية كثيفة كانت مما أهداها دِحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما لك لم تلبس القُبطِية؟) قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي. فقال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (مُرها فلتجعل تحتها غِلالة، إني أخاف أن تصف حجم عظامها) [أخرجه أحمد، والغِلالة: شعار يلبس تحت الدِّثار؛ مثل القميص تحت الثياب الظاهرة، والجمع: غلائل].

ففي عموم هذا الحديث دليل على عدم جواز لبس الضيِّق أمام المحارم -غير الزوج- والنساء.

وقال جرير بن عبد اللَّه -رضي الله عنه- في حق الرجل (والمرأة من باب أولى): "إِن الرجل ليلبس وهو عارٍ، يعنِي الثياب الرِّقَاق" [رواه الطبراني].
فبعض النساء -أصلحهن الله- تلبس ألبسة ضيِّقة وتقول هي ساترة وطويلة ولا تشفّ عن شيء من جسمي عدا مواضع الوضوء! هداك الله أختنا، هي لا تشفّ ولكنها تصف جميع مفاتنك فاحذري أن يُلبِّس عليك الشيطان.

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يَضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مُميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يَدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مسلم]، وعلى من يقول بأن المعنيَّات بهذا الحديث هنَّ الكاسيات العاريات خارج بيوتهن فقط، أن يأتي بدليل صحيح صريح على ذلك.

ثم إن حب الزينة الذي جُبلت عليه المرأة إن لم يصاحبه خوف من الله، قد يجعلها تتعلق بلباس الكافرات تعلُّقا مذموما يُخشى على عقيدتها منه، كما يُخشى عليها أن يكون ذلك من التشبه بالكافرين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من تشبَّه بقوم فهو منهم) [رواه أحمد وأبو داود]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى: "أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تُورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة" [مجموع الفتاوى].
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(4/4)

- تجويز إمامة الصبيان والمعدومين:

ولم يلبث هؤلاء أن حلّت بهم مصيبة جديدة، بوفاة علي بن موسى، فاضطر الرافضة إنفاذا لنظريتهم إلى القول بإمامة الصبيان، كمحمد بن علي بن موسى (الذي يسمونه الجواد)، إذ مات أبوه علي بن موسى (الرضا) في خراسان وهو ابن سبع سنين، في حين انفض عنه قسم من الرافضة اتجهوا لبيعة عمه أحمد بن موسى، وقسم رجع إلى نقض إمامة الرضا لأنه لم يترك إماما من خلفه، ولم يغسِّله بعد وفاته إمام، وفرقة بايعت محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين، وأخرى بايعت (الجواد) واستدلوا على إمامته بادِّعاء علمه الغيب، ونسبوا إليه الذهاب من المدينة إلى خراسان وتغسيل والده والعودة في لحظات، وغير ذلك من المعجزات المزعومة، وتكرر الأمر بوفاة محمد (الجواد) شابا في الخامسة والعشرين من عمره، مخلِّفا ولدين صبيَّين هما علي (الهادي) وموسى، وتعيينه وصيا على أموالهما لحين بلوغهما، ما دفع الرافضة إلى التفكير في كيفية تولية الصبي على أمر الأمة في حين أن أباه "المعصوم" لم يأتمنه حتى على ماله الخاص.

ثم عاد قسم من هؤلاء للخروج على علي (الهادي) بن محمد (الجواد)، لما مات ولده الذي أوصى له في حياته (محمد) فأوصى لابنه الآخر الحسن (العسكري)، فأصر قسم من الرافضة على استمرار إمامة محمد بن علي (الهادي) منكرين موته، حفاظا على عقيدة الوصية التي يشترطونها لانتقال الإمامة، فيما بايع آخرون الحسن (العسكري) على أساس عقيدة البداء المعروفة عندهم.

ثم كانت الضربة القاصمة لهم بوفاة الحسن (العسكري) بن علي (الهادي) من غير أن يعقب، فما كان من الغلاة إلا أن لجؤوا إلى إخوانهم (الأفطحية) لينسبوا للحسن ولدا لم يولد ويسموه محمد (المهدي)، ليكمل الرافضة الاثنا عشرية بذلك 12 إماما لهم، ويزعموا أنه غاب في سرداب بسامراء وهو طفل خوفا من أعدائه، وأنه سيظهر عندما يزول عنه الخطر، ومنذ هذا الغياب المزعوم قبل 1200 عام تقريبا، والروافض ينتظرون خروج هذا الإمام المختلق ليقيم الدولة الإسلامية على أساس أصلهم الفاسد، وهو إمامة المعصوم.

- دين موضوع على أصل فاسد:

من خلال تتبع مسيرة هؤلاء الضالين الذين شتت الله شملهم، بعد خروجهم عن جماعة المسلمين، فانقسموا إلى عشرات الفرق، كل منها تلعن الأخرى وتكفِّرها، نجد أنهم جعلوا أصلهم الفاسد ونظريتهم الباطلة ليبرروا رفضهم خلفاء المسلمين وأمراء المؤمنين من زمن أبي بكر الصديق وإلى أن تقوم الساعة، إذ لا يمكن لأحد أن يحقق الشروط التي يشترطونها عليهم من عصمة ونص ومعجزات، إلا ما يعطونه هم من ذلك بأكاذيبهم، ثم لا يقبلوا إماما إلا من يرضي أهواءهم، ولذلك رأينا أنهم خرجوا مرارا على من قالوا بإمامتهم، لما خالفوهم بأحكامهم، أو جرى عليهم من الأقدار ما يناقض أصولهم، ووجدنا أن من يزعمون نسبة النظرية لهم قد نقضوها مرارا في حياتهم، وخالفوها بأقوالهم وأفعالهم.

كما أنهم اضطروا مرارا إلى الزيادة على دينهم، ووضع أصول جديدة لهم ليستقيم بنيانهم المتداعي، فأضافوا عقائد الوصية والنص والبداء وغيرها، بل ورجعوا إلى الكتاب والسنة فحرفوهما، وأنكروا كل ما خالف أصولهم منهما، واضطروا لإطلاق الخرافات والتبرير لها مهما كانت درجة سخافتها، كالغيبة لمئات السنين، والرجعة بعد الغيبة، واختلاق الأولاد، وإمامة الصبيان، وغيرها.

وسنجد -بإذن الله- في الحلقة القادمة من هذه السلسلة كيف أن الرافضة وضعوا معظم دينهم خلال فترة الغيبة التي تلت وفاة الحسن (العسكري) وزعمهم بغيبة ولده المختلق محمد (المهدي)، وكيف زادوا في دينهم ونقصوا خلال هذه القرون الطويلة، وصولا إلى دولتهم الطاغوتية التي أقاموها في إيران اليوم، ويسعون لامتدادها لتشمل العالم كله حسب زعمهم تمهيدا لرجعة مهديهم وظهوره بعد اختفاء أسباب غيبته من وجود الأعداء، وضعف الأنصار.




المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(3/4)

- تدعيم الأصل الفاسد بالبدع وضلالات جديدة:

وبناء على أصلهم الفاسد بأن الأرض لا يجوز أن تخلو من معصوم يقوم مقام سلفه، وزعمهم بالنص على هذا المعصوم في حياة الإمام السابق، بل واشتراطهم عليه أن يخلِّف من ورائه معصوما من أولاده، فقد اصطدم الرافضة بعدة عقبات، أجبرت بعضهم على الرجوع عن ذلك الأصل الفاسد، ودفعت آخرين إلى انحراف أكبر، حفاظا على هذا الأصل الذي بات عندهم أصلا للدين كلِّه لا لمسألة الإمامة فحسب، ويمكننا أن نذكر على ذلك بعض الأمثلة.

فقد زعموا في حياة جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أن الوصي من بعده هو ابنه إسماعيل، فلما مات إسماعيل في حياة أبيه، وقع تناقض بين أصلهم في وجوب تحقُّق الوصية، وبين وفاة المُوصى إليه، فانكشفت بذلك الخدعة لفئة من الناس علمت كذب هذه النظرية، وأنه لا يُعقل أن يَنصَّ الله –تعالى- على رجل بأنه هو الإمام ثم يميته قبل أن يوليه الإمامة، فيما تمسك آخرون بذلك الأصل الفاسد ليبنوا عليه مبانِيَ أشد فسادا.

فخرج قوم منهم بالقول باستمرار إمامة إسماعيل بن محمد، وإنكارهم لمسألة وفاته، أو زعمهم برجوعه للحياة بعد موته، وتكذيبهم لإمامهم جعفر (الذي يسمونه الصادق)، لمَّا أبلغهم بخبر وفاته، وزعموا أنه اخترع قصة وفاته تقيّةً، ليحفظه من أعدائه، وأنه غائب عن الناس، ومنهم نشأت فرقة الإسماعيلية الباطنية التي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا، والذين أكملوا سلسلة الإمامة المزعومة في نسل إسماعيل بن محمد، ومن هنا نشأت بدعة الإيمان بالغيبة، والحياة الدائمة، والرجعة لأئمتهم.

وخرج قوم آخرون ليكذبوا على الله تعالى، ويجيزوا عليه أن يغيّر قوله بالنص على إمام جديد بعد أن أوجبوا عليه من قبل أن ينص على الإمام الأول، وسمّوا هذه الفرية على الله، والبدعة في الدين، بعقيدة "البداء" ومعناه أن الله -سبحانه- قد بدى له أن ينقل الإمامة من شخص إلى آخر، قاتلهم الله أنى يؤفكون، وقام هؤلاء (وهم الموسوية) بنقل النص من إسماعيل بن جعفر (المتوفى) إلى أخيه موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم)، وذلك ليحفظوا نظريتهم من الاندثار، ويحفظوا أصلهم من النقض.

- تثبيت النظرية بالأكاذيب:

ولما مات جعفر بن محمد رحمهما الله، وقع غلاة الرافضة في حرج جديد، لعدم وجود النص على الإمام من بعده، فقالوا بإمامة ولده الأكبر عبد الله بن جعفر (الذي يسمونه الأفطح)، ثم أنكر قسم منهم إمامته لما وجدوه يقول بخلاف قولهم، واتهموه بالفسق، وعادوا ليلحقوا بمن قال بإمامة أخيه موسى بن جعفر.

وأما من استمر في القول بإمامة عبد الله بن جعفر فقد أُسقط في أيديهم بوفاته من غير أن يعقب، فلم يكن له ولد يؤمِّمونه من بعده، فرجع قسم منهم عن خرافة النص، وازداد آخرون في ضلالهم، بأن كذبوا على إمامه وزعموا له ولدا لم ينجبه، وادعوا أنه غائب عن الأنظار، فكرروا بذلك ما قاله الغلاة في إسماعيل بن جعفر، وترسخت فيهم عقيدة (الغيبة)، بل وزاد هؤلاء انحرافا بالبيعة لغائب لم يولد يوما، ولم يظهر في الأرض ساعة، وظهر فيهم اختراع الأئمة المعدومين.

وأما من قال بإمامة موسى بن جعفر (الذي يسمونه الكاظم) فقد وقع في حرج جديد، بوفاة الإمام في السجن دون وصية لأحد من بعده، فعادوا حفاظا على الأصل الفاسد والنظرية الباطلة إلى اختراع الأكاذيب، فمن نفى وفاته وقال باستمرار حياته وغيبته بقي على القول بإمامته وسُمّوا بالواقفية، ومن اضطر للتصديق بوفاته، قالوا بإمامة ابنه علي بن موسى (الذي يسمونه الرضا)، وقد أظهر الواقفية العداء لعلي بن موسى، واتهموه بالكذب فيما أعلنه من خبر وفاة أبيه.

- أئمتهم ينقضون أصل النظرية:

أما من قال بإمامته فقد أوقعهم هو في تناقض كبير مع أصولهم الفاسدة، وذلك ببيعته للمأمون بن هارون الرشيد، وقبول تولي ولاية العهد منه، وقدَّم بذلك دليلا جديدا على كذب نظريات الوصية والنص والعصمة وغيرها، إذ لا يعقل أن يبايع الإمام المعصوم المنصوص عليه رجلا غاصبا للسلطة، غير مُزكى في دينه وعلمه، فإما أن يطيعوا إمامهم الذين يزعمون عصمته فيما ذهب إليه، فينقُضوا أصل النص في الإمامة، أو يخالفوه ويخرجوا عليه فينسفوا دينهم كلَّه من أصله فيخطِّئوا إمامهم وينكروا عصمته، ويعودوا عن القول بالوصية بالإمامة إليه والنص عليه، ولا يبقى لديهم إلا القول بالبداء أو التقية كما هو دأبهم في كل فرية يفترونها وكذبة يكذبونها.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(2/4)

- أصل ضلال الرافضة.. ادعاء عصمة الأئمة:

ويمكننا أن نلخِّص الأصل الذي قام عليه دين الرافضة والذي بنوا عليه كل ضلالاتهم وانحرافاتهم حتى يومنا هذا، باعتقادهم أن الدولة الإسلامية لا يجوز أن تقوم، إلا أن يقوم عليها إمام اشترطوا له شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، أهمها أن يكون معصوما من كل ما يقدح في عدالته الظاهرة والباطنة، عالما بكل شيء ومنه الغيب، منصوصا عليه بأمرٍ من الله سبحانه، وأن دين الناس لا يستقيم بغير هذا الإمام، وأن الناس إن آمنوا بأئمتهم، وصفاتهم، وأطاعوهم في كل ما أمروا، فإن أمورهم ستستقيم، وإن دولتهم ستكون على منهاج النبوة.

ولا يكفي عندهم أن يحوز الإمام تلك الصفات، بل لا بد أن يكون متفرّدا بها من بين البشر، لا شبيه له بينهم، ولا ندّ له منهم، ومن نازعه في شيء من ذلك فهو طاغوت، ومن أعطى المنازع للإمام ما يجب للإمام فقد أشرك بالله سبحانه.
ومرجع هذا الأصل الفاسد لديهم هو القول بأن الإمام يجب أن يطاع ويُتبَّع كطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- واتّباعه، ولذلك لا يمكن أن يكون من عامة المسلمين ممن يجوز عليه الجهل والخطأ والنسيان والهوى، بل لا بد أن يكون عالما بكل شيء يريد أن يعلمه، منزَّها عمَّا يعتري البشر من خطأ وسهو وميل لهوى، لكي لا يُطاع في معصية، ولا يُتّبع على ضلالة، ولا يوجد له ندٌّ فينازعه الملك وتحصل الفتنة، ولا ند له في العلم فيخالفه الرأي ويحدث الافتراق.

ولما كانت الصفات التي اشترطوها من الخفيَّات التي لا يمكن الاطلاع عليها، وجب عندهم أن يجري اختيار هذا الإمام من الله تعالى، كما يُختار الأنبياء، لأنه وحده العالم بالخفايا، بل وتعدوا في الأمر إلى أن يوجبوا على الله -تعالى- هذا الأمر، لأنه إن لم يختر لهم هذا الإمام يكون ظالما لهم إن عذبهم، إذ لا حجة له عليهم بغياب الإمام الذي يقوم مقام الرسول، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولذلك فإنهم يصفون من يرونه إماما بأنه "حُجَّة" أي تقوم به الحجة على الناس، ليستحق من يعصيه العذاب من الله سبحانه، ويكون هذا الاختيار بالنص الذي يزعمونه لعلي -رضي الله عنه- وأبنائه من بعده.

- توحيد الطاعة ينقض نظرية العصمة:

ويأتي فساد أصلهم في طلب العصمة للأئمة من ضلالهم في مسألة طاعة الإمام، فالله -عز وجل- جعل طاعة الأئمة والأمراء تَبَعا لطاعة الله ورسوله، لا مساوية لها، فمتى ما كان أمر الأمير في المعروف، فإن طاعته هي طاعة لله سبحانه، ومتى ما تعارضت طاعة الأمير مع طاعة الله وجبت معصية الأمير، وإفراد الله -سبحانه- بالطاعة.

وقد أوجب -جل جلاله- طاعة أولي الأمر، ولكنه أمر حين التنازع بالردّ إلى الله ورسوله، أي الكتاب والسنة، للتأكيد على أن طاعة أولي الأمر هي طاعة لله، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني) [رواه مسلم]، ولا يُعقل أن تكون طاعة الأمير الذي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته بطاعته فيما يناقض أوامره، كما إنه لم يشترط لهذا الإمام الذي وجبت طاعته بالنص أن يكون معصوما، وقال أيضا: (لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف) [رواه البخاري ومسلم].

وبذلك تنتفي الحاجة إلى عصمة الإمام، ما دامت الطاعة لهذا الإمام واتّباعه مقيَّدان بطاعة الله -جل جلاله- واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام، وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة الذي لا يزالون عليه منذ زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، بوجوب الطاعة لولاة أمور المسلمين في المعروف، ما داموا على الإسلام، وأن ظلمهم وفجورهم -إن ظلموا وفجروا- لا يمنعهم حقَّهم من الطاعة فيما لا معصية لله فيه.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3) الرافضة الاثنا عشرية من النص ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (3)

الرافضة الاثنا عشرية
من النص المزعوم.. إلى الإمام المعدوم

(1/4)

يضع أصحاب الدعوات الباطلة لأنفسهم أصولا فاسدة ليبنوا عليها نظرياتهم وعقائدهم، فلا يمضي بهم زمن إلا وقد اكتشفوا بأنفسهم أن نظرياتهم لا تستقر على أصولهم فيلجؤون إلى تعزيز تلك الأصول بمزيد من البدع والضلالات، لتقوى على حمل ما علاها، وكذلك يعمدون إلى ما بنوه فوقها فيعيدون ترتيبه ليحققوا لبنائهم بعض التوازن.

هكذا يستمرون في بنيانهم إلى أن يصلوا إلى مرحلة يعجزون فيها عن تعزيز الأصول، أو تثبيت البنيان، فينهار بهم، ويخسروا بذلك الدنيا بعد أن خسروا الآخرة، قال جل جلاله: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 109-110].

وهكذا هي غالب النظريات التي وضعها بعض المنتسبين للإسلام الزاعمين الصدق في السعي لإقامة الدولة الإسلامية، من الذين جعلوا لمساعيهم أصولا فاسدة، ثم بنوا عليها أفعالهم وتوجُّهاتهم واجتهاداتهم الخاطئة، التي لا تلبث نتائجها إلا وتنقض أصولها، فلا يكون أمام أولئك الضالين من خيار غير تدعيم أصولهم المنتقضة بالمزيد من دعائم الباطل، فيزدادون بها ضلالا، ويزداد بنيانهم خرابا، حتى لا يبقى من الإسلام فيه شيء.

وفي مبحثنا حول مناهج إقامة الدولة الإسلامية بين أتباع المنهج النبوي وأتباع سبل الضلالة، نجد أنفسنا مضطرين للوقوف مطولا أمام تجربة الروافض الاثني عشرية التي وصلت بهم إلى أن يضعوا بأيديهم وألسنتهم دينا جديدا، لا صلة له بالإسلام إلا كصلة أديان اليهود والنصارى بدين إبراهيم عليه السلام، والتقديم بدراسة هذه التجربة التي امتدت لأكثر من 11 قرنا، فهي بذلك من أطول التجارب، وأكثرها وضوحا في بيان مدى الانحراف الذي سبَّبه البناء على أصل فاسد في العمل على ضلالة لإقامة الدولة الإسلامية، والادِّعاء الكاذب بالسعي لحفظ الإسلام من البدع والانحرافات.

- مبدأ دعوتهم.. نصٌ بالإمامة مزعوم:

يزعم الروافض المشركون أن مبدأ دعوتهم كان في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، بوصيَّته ونصِّه بالخلافة والإمامة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأولاده من بعده، ولا دليل لديهم على هذه الوصية، سوى ما يختلقون من تأويلات باطلة لنصوص الكتاب والسنة، بل الأدلة الثابتة تنقض ما يدّعون.

ومنها قول عمر، رضي الله عنه: "إني لئن لا أَستخلِف فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلِف، وإن أَستخلِف فإن أبا بكر قد استخلَف" [رواه مسلم]، ففيه دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف عليَّا ولا غيره من صحابته رضي الله عنهم، وما رواه البخاري عن الأسود أنه قال: ذكروا عند عائشة أن علياً -رضي الله عنهما- كان وصيا، فقالت: "متى أوصى إليه، وقد كنت مسندته إلى صدري، أو قالت: حجري، فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري، فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه؟"، وكذلك فإن إجماع الصحابة على البيعة لأبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- لم يخرج عنه من يزعمون الوصية لهم، وهم علي بن أبي طالب وابناه الحسن والحسين رضي الله عنهم، وغير ذلك من الأدلة التي تهدم كذبة الوصية كثير.

ومما ينقض ثبوت الوصية أيضا، التنازع الذي حصل بين من يزعمها من الروافض وغيرهم ممن يزعم النصرة لآل البيت، فكلٌّ منهم يزعمها لواحد من آل البيت، وخاصة بعد مقتل علي رضي الله عنه، بين من يزعمها في عقب العباس بن عبد المطلب، أو الحسن بن علي، أو الحسين بن علي، أو محمد بن علي (ابن الحنفية) رضي الله عنهم، بل ولأبناء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يمت واحد ممن يدَّعون له الإمامة إلا زادتهم الأهواء والشبهات تفرقا، وكلٌّ منهم يزعم الوصية لمن يهواه، فلو كان لأيٍّ منهم نص أو وصية لأثبت بها الحق لإمامه، ولكنهم في كثير من الحوادث لم يجدوا ما يستشهدون به على منافسيهم سوى معجزات مزعومة وخوارق مكذوبة، كما استدل الروافض على إمامة علي بن الحسين، ورفض إمامة أخيه زيد بن الحسين، بأن الأول ثبتت بيعته على لسان الحجر والشجر!


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية [2/2] - الاستشفاء بالصدقة: إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد ...

الاستشفاء بالأدوية غير الحسية
[2/2]

- الاستشفاء بالصدقة:

إن من العبادات ما فيه الأثر الحميد والمآل الحسن في الدنيا والآخرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة) [رواه البيهقي في سننه، وهو حديث حسن]، ولسنا هنا بمعرض الحديث عن ثواب الصدقة فهو باب طويل وثوابه مضاعف أضعافا كثيرة، ولكن في هذا الحديث تصريح بأن الصدقة دواء للمريض، فإن من الأمراض والبلاء ما يكون بسبب الذنوب والمعاصي التي تُغضِب الله تعالى، وإن الصدقة تطفئ غضبه سبحانه، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء) [رواه البيهقي في شعب الإيمان].

- الاستشفاء من الهم والغم والحزن بالاستغفار:

وهذه الأدواء تعامَل معها الطب المعاصر بماديَّة بحتة، وتاهَ في الوصفات المختلفة التي بعضها يعتمد على تخدير العقل لينسى المريض همومَه وغمومَه، ولو علموا أصلها لسهل علاجها، فإنها تنشأ في الغالب بسبب الإعراض عن دين الله، جل وعلا، فالكفر هو أعظم أسباب الأمراض النفسية وهموم القلوب، قال الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]، وتنشأ هذه الأمراض أيضا بسبب الذنوب والمعاصي والتقصير في الطاعات الواجبة، التي تترك النفس في همّ وحزن، وقد تكون أسبابها فقرا أو دَينا أو مشكلة من مشاكل الحياة، ولكن هذه الوصفات الحسية لم تكن العلاج النافع، فالدواء الناجع هو الوصفة النبوية، فالاستغفار يدفع الهم والحزن لأنه يجلو القلب من ظُلَم المعاصي وضيق الصدر، فحين يتوجَّه المستغفر بقلبٍ مُعرضٍ عن كَبَد الحياة وهمومها إلى كرمِ الخالق ولطفِه وطلبِ ما عنده، فسيجد الراحة والسكينة وانشراح الصدر، قال ابن القيم، رحمه الله: "وأما تأثير الاستغفار في دفع الهمِّ والغم والضيق، فمِمَّا اشترك في العلم به أهلُ الملل وعقلاءُ كل أمة أن المعاصي والفساد تُوجب الهم والغم، والخوف والحزن، وضيق الصدر، وأمراض القلب، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم، وسئمتها نفوسهم، ارتكبوها دفعا لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهمِّ والغم، كما قال شيخ الفسوق:

وكأسٍ شَرِبت على لَذةٍ
وأخرى تداويت منها بها

وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب، فلا دواء لها إلا التوبة والاستغفار" [زاد المعاد].

- الاستشفاء من الهم والغم والحَزن بالجِهاد:

عندما يُترك العدو الصائل يستبيح الدين والأرض والعرض فإن ذلك يجلب الهم والغم والحزن، ودواء ذلك هو دفعه وقتالُه وكسر شوكته وهذا يؤدي لانشراح الصدر وشفائه، قال الله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14]، ففي قتال الكفار والمرتدين تحصيل الأجور وشفاء الصدور، وفي السنة النبوية، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يُذهب الله به الهم والغم) [رواه أحمد].

- الشرك بالله لا يكون شفاء:

فهذه جملة من الأدوية غير الحسية التي وردت فيها أدلة شرعية من كتاب وسنة، وفي الوقت نفسه فقد وردت الأدلة في نفي الاستشفاء ببعض الأدوية غير الحسية التي ابتدعها أهل الضلال، ودلّوا الناس عليها، ليعلقوا قلوبهم بغير الله تعالى، ويوقعوهم في الشرك بالله، ومنها السحر، والتمائم، ودعاء غير الله، وغيرها من الأدوية التي بيّن الله العظيم ورسوله الكريم، كذب من قال بنفعها، وتسببها بخسارة الإنسان لدينه، دون أن تنفعه في دنياه.

فقال سبحانه في نفي فائدة الدعاء لغير الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يعلقون التمائم والأحراز ليتقوا بها الأمراض ويستشفوا بها: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) [رواه أحمد]، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن يتعاطى السحر لأي سبب كان ومنه الاستشفاء من الأمراض: (اجتنبوا الموبقات الشرك بالله والسحر) [رواه البخاري].

هذا والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 71
الخميس 10 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111ar
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
5 رجب 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً