نصيحة: في بداية رمضان كي تستفيد منه، وتسعد بانصرامه لما حققت فيه من الإنجاز: اجعل لك خطة رمضانية ...

نصيحة: في بداية رمضان كي تستفيد منه، وتسعد بانصرامه لما حققت فيه من الإنجاز: اجعل لك خطة رمضانية محكمة شاملة لجوانب حياتك الدينية، والأخروية، والدنيوية، وأهدافًا مكتوبة محددة، ولا تفرط في ذلك مهما كانت الظروف، وابدأ العمل بها من الآن، واجعلها في مخيلتك حتى ينتهي رمضان.

#نصائح_ثمينة
#شهر_رمضان_فضائل_وأحكام
#همسات_رمضانية
...المزيد

وأهل هذا الأصل: هم أهل الجماعة كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة.." انتهى.، واعلم أنّ الاجتماع ...

وأهل هذا الأصل: هم أهل الجماعة كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة.." انتهى.، واعلم أنّ الاجتماع والوحدة في حق المجاهدين أولى؛ ﻷن الجهاد عبادة جماعية لا يمكن بحال من الأحوال أن تؤتي أكلها الطيب بالتفرق؛ ففيه ذهاب ريح المؤمنين وتسلط الكافرين وتأخر النّصر وضياع طاقات المجاهدين وتشتت جهدهم، قال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:46].

وكذلك فإنّ الجهاد باب عظيم من أبواب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فلابد له من شوكة وقوّة وتكاتف واجتماع، كما أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لابد له من تعاضد ونصرة وقوّة وإمارة حتى يتم كما يحبّ الله ويرضى، وإن لم يكن كذلك فلن تقوم للمسلمين قائمة.

واعلم أنّ خصومات المجاهدين ونزاعاتهم وفرقتهم واختلافهم مما يفرح أعداء الله، فحري بكل مجاهد أن يكون غيظاً لأعداء الله لا يفرحهم بشيء، ويكون لبنة في بناء صرح الخلافة القائم وأداة للمِّ الشّمل ووحدة الصّف أينما أقام، وليعلم أنّ ما يكره في الجماعة خير مما يحب في الفرقة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر به، وإنّ ما تكرهون في الجماعة والطّاعة خير مما تحبون في الفرقة"، وقال قتادة رحمه الله: "إنّ الله عزّ وجلّ قد كره لكم الفرقة وقدّم إليكم فيها وحذّركموها ونهاكم عنها، ورضي لكم السّمع والطّاعة والألفة و الجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم".

ولهذا يجب على المسلم أن يمتثل أمر الله "عزّ وجلّ" ورسوله صلّى الله عليه وسلّم بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم فإنّ في ذلك الحصول على خيري الدّنيا والآخرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله": (إذا تفرّق القوم فسدوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا فإنّ الجماعة رحمة والفرقة عذاب)..

نسأل الله تعالى أن يجعلنا بحبله متمسّكين، وعلى الحقّ أعوانا مؤتلفين، وللفرقة والتّشتت مجتنبين، ويصلح حال من استزله الشّيطان وفارق الجماعة لغضبة غضبها أو عصبية جاهلية اتبعها، أو تضليل من مفتٍ مضلٍّ منعه من الالتحاق بركبها أو ركون إلى الدّنيا الفانية شغله عنها..

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 162
الخميس 20 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

والزم جماعة المسلمين وإمامهم الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه، والصلاة والسلام على حبيبه ...

والزم جماعة المسلمين وإمامهم

الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه، والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

إنّ المتبصّر في كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم يدرك أنّ الشّارع عظّم أمر اجتماع كلمة المسلمين وحذّر من اختلاف كلمتهم؛ لما يترتّب على اجتماع كلمتهم من فوائد جليلة ومصالح عظيمة لجملة المسلمين، ولما يترتب على افتراقهم واختلاف كلمتهم من العواقب الوخيمة والمفاسد الكبيرة.

قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ..} [آل عمران:103]، قال الطّبري "رحمه الله": "يعني وتعلّقوا بأسباب الله جميعا، يريد بذلك تعالى ذكره، وتمسكوا بدين الله الّذي أمركم به وعهده الذي عهده إليكم في كتابه من الألفة والاجتماع على كلمة الحقّ والتّسليم ﻷمر الله"، وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: {ولا تفرقوا..}:
"أمرهم بالجماعة ونهاهم عن التفرقة"، وعن ابن مسعود "رضي الله عنه" أنه قال في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً..}: (قال: الجماعة)، ورحم الله ابن المبارك حيث قال:

إنّ الجماعة حبل الله فاعتصموا
منه بعروته الوثقى لمن دانا

وقال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[آل عمران:105]، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: (أمر الله جل ثناؤه المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله)، وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4]، قال أهل التفسير في قوله تعالى: {كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}: أي ملتصق بعضه ببعض، قال قتادة "رحمه الله": (ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه، فكذلك الله عز وجل لا يحب أن يختلف أمره، وأن الله وصف المؤمنين في قتالهم وَصْفَهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله فإنّه عصمة لمن أخذ به)، وعن أكثم بن صيفي قال:(أقلّوا الخلاف على أمرائكم).

ولقد ذكر هذا الأمر أي الأمر باجتماع كلمة المسلمين والنهي عن تفرقهم واختلافهم متواترا في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صحيح مسلم "رحمه الله" عن أبي هريرة "رضي الله عنه": أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، وأن تناصحوا من ولى الله أمركم، ويسخط لكم: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)، قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث: (وهذا أمر بلزوم جماعة المسلمين وتألف بعضهم ببعض، وهذه إحدى قواعد الإسلام)، وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) [رواه الترمذي]، فتأمل أخي الحبيب، كيف أن الاجتماع هو مخالفة للشيطان، وكيف بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لزم جماعة المسلمين بالجنة.

وجاء في حديث العرباض بن سارية "رضي الله عنه وأرضاه" حيث قال: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ.) [رواه الترمذي]

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: (كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة واتباع السنة وعمارة المسجد وتلاوة القرآن والجهاد في سبيل الله)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله": (وَتَعْلَمُونَ أَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِمَاعِ الدِّينِ: تَأْلِيفَ الْقُلُوبِ وَاجْتِمَاعَ الْكَلِمَةِ وَصَلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[الأنفال:1] وَيَقُولُ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران:103] ويقول: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105]. وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف وتنهى عن الفرقة والاختلاف.
...المزيد

ومنها أن كرامة الإنسان إنّما تحصل بتقواه لربّه، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ ...

ومنها أن كرامة الإنسان إنّما تحصل بتقواه لربّه، كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].
قال الإمام الطّبري رحمه الله: " يقول تعالى ذكره: إن أكرمكم أيها النّاس عند ربكم، أشدّكم اتّقاء له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، لا أعظمكم بيتا ولا أكثركم عشيرة" ا. هـ
وقال ابن كثير رحمه الله:" أَيْ: إِنَّمَا تَتَفَاضَلُونَ عِنْدَ اللَّهِ بِالتَّقْوَى لَا بِالْأَحْسَابِ" ا. هـ
وقد وردت الأحاديث الدالة على هذا المعنى ومنها ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم؟ قال: «أكرمهم عند الله أتقاهم» قالوا: ليس عن هذا نسألك قال: «فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله، ابن نبي الله ابن خليل الله»، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: «فعن معادن العرب تسألوني» قالوا: نعم، قال: «فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا»
وروى مسلم بسنده عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»

أفلا تتفكر يا عبد الله! عَلَامَ تتفاخر بنسبك وهو ليس من كسبك؟
ولِمَ تتكبّر بصورتك وليست من صنَعَك؟
ولماذا تترفّع على النّاس بمالِك والله قد وهبه لك؟

وكما قيل:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم
وحبك للدنيا هو الذل والعدم

صاحب التقوى يرزقه الله من حيث لم يحتسب
ومنها الخروج من الغمّ والمحنة وحصول الرّزق، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3].
قال الطّبري رحمه الله: " يقول تعالى ذكره: من يخفِ الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجًا بأن يعرّفه بأنّ ما قضى لا بدّ من أن يكون، وذلك أنّ المطلِّق إذا طلَّق، كما ندبه الله إليه للعدّة، ولم يراجعها في عدّتها حتى انقضت ثم تتبعها نفسه، جعل الله له مخرجًا فيما تتبعها نفسه، بأن جعل له السّبيل إلى خطبتها ونكاحها، ولو طلّقها ثلاثًا لم يكن له إلى ذلك سبيل.

وقوله: (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) يقول: ويسبب له أسباب الرّزق من حيث لا يشعر، ولا يعلم" ا. هـ
وقال ابن كثير رحمه الله: " ويرزقه من حيث لا يحتسب، أي: من جهة لا تخطر بباله" ا. هـ
ومنها تسهيل الله أمور المتّقين، كما قال تعالى {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق:4]
قال ابن كثير رحمه الله: " أي: يسهل له أمره، وييسره عليه، ويجعل له فرجا قريبا ومخرجا عاجلا" ا. هـ

فإذا كانت هذه فوائد التّقوى وثمارها فشمّر لها يا عبد الله واجتهد في أن تكون من الأتقياء.

واستجب لوصيّة ربّك ونبيّك صلّى الله عليه وسلّم بلزوم التّقوى فإنّه الفوز في الدّنيا والأخرى.
والحمد لله ربّ العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 162
الخميس 20 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

نصيحة: استغل بداية رمضان بأكبر قدر وجهد ممكن من الطاعات؛ لأن النفس لا زالت متشوقة، ومستعدة، ثم ...

نصيحة: استغل بداية رمضان بأكبر قدر وجهد ممكن من الطاعات؛ لأن النفس لا زالت متشوقة، ومستعدة، ثم قطعًا سيأتي الخمول والكسل، وتصبح أيام رمضان عادية كغيرها، ولهذا صح عنه ﷺ قوله: *"لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ -شوق ورغبة- وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ".*

#شهر_رمضان_فضائل_وأحكام
#همسات_رمضانية
#نصائح_ثمينة
...المزيد

فوائد التقوى في الدنيا والآخرة (2) الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ...

فوائد التقوى في الدنيا والآخرة (2)

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

ذكرنا في العدد الماضي بعض فوائد التّقوى التي ذكرها الله في كتابه، ونكمل هنا بقيّة الفوائد:
ومنها محبة الله للمتّقين، قال تعالى {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4].

قال الإمام الطبري رحمه الله:" إنّ الله يحبّ من اتقاه بطاعته، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه". ا.هـ

ومنها أن المتّقين المؤمنين هم أولياء الله المبشَّرين في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:63،62].

وقد اختلف أهل العلم في "البشرى"، التي بشّر الله بها المتّقين في الدّنيا على أقوال، والصّحيح أنها عامّة كما قال الإمام الطّبري رحمه الله:" وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ الله تعالى ذكره أخبر أنّ لأوليائه المتّقين البشرى في الحياة الدّنيا، ومن البشارة في الحياة الدّنيا الرؤيا الصّالحة يراها المسلم أو تُرى له ومنها بشرى الملائكة إيّاه عند خروج نفسه برحمة الله... ومنها: بشرى الله إيّاه ما وعده في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم من الثّواب الجزيل، كما قال جلّ ثناؤه: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} الآية، [البقرة:25].

وكلّ هذه المعاني من بشرى الله إيّاه في الحياة الدّنيا بشّره بها، ولم يخصّص الله من ذلك معنى دون معنى، فذلك ممّا عمّه جلّ ثناؤه: أنّ {لهم البشرى في الحياة الدنيا}، وأما في الآخرة فالجنّة". ا. هـ


معية الله ونصرته لأهل التقوى

ومنها حصول معيّة الله ونصره وتأييده وَمَعُونَتِهِ لأهل التّقوى، قال تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:128،127]، قال الطّبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره {إِنَّ اللَّهَ} يا محمّد {مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} الله في محارمه فاجتنبوها، وخافوا عقابه عليها، فأحجموا عن التّقدّم عليها {وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} يقول: وهو مع الذين يحسنون رعاية فرائضه، والقيام بحقوقه، ولزوم طاعته فيما أمرهم به ونهاهم عنه". ا.هـ.
وقال ابن كثير رحمه الله: " أَيْ: مَعَهُمْ بِتَأْيِيدِهِ وَنَصْرِهِ وَمَعُونَتِهِ" ا. هـ
وقال تعالى {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية:19].
قال الطّبري رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: والله يلي من اتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه بكفايته، ودفاع من أراده بسوء، يقول جلّ ثناؤه لنبيّه عليه الصّلاة والسّلام فكن من المتقين، يكفِكَ الله ما بغاك وكادك به هؤلاء المشركون، فإنه وليّ من اتّقاه، ولا يعظم عليك خلاف من خالف أمره وإن كثر عددهم، لأنّهم لن يضرّوك ما كان الله وليك وناصرك" ا. هـ

واشدد يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد فِي عواقبه
ويكفه شَرّ من عزّوا وَمن هانوا
من استعان بغير الله في طلب
فإن ناصره عجز وخذلان


إن الله ينجي المؤمنين من النار بتقواهم

ومنها النّجاة مما أعدّ الله تبارك وتعالى لأعدائه من العذاب والعقوبة، قال تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا} [مريم: 72].

قال ابن كثير رحمه الله: " أي: إذا مر الخلائق كلهم على النار، وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي، بحسبهم، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا" ا. هـ
وقال تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر:61]
قال الطّبري رحمه الله: " يقول تعالى ذكره: وينجّي الله من جهنّم وعذابها، الذين اتّقوه بأداء فرائضه، واجتناب معاصِيه في الدّنيا، بمفازتهم: يعني بفوزهم" ا. هـ
وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان:51].
قال ابن كثير رحمه الله: "{إِنَّ الْمُتَّقِينَ} أَيْ: لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} أي: في الآخرة وهو الجنة، قد أمنوا فيها من الموت والخروج، ومن كل هم وحزن وجزع وتعب ونصب، ومن الشيطان وكيده، وسائر الآفات والمصائب". ا. هـ
...المزيد

ولا يلقاها إلا الصابرون إن أعظم تجارة في الدنيا وأكبر صفقة يتعامل بها المرء هي بيع النفس لله ...

ولا يلقاها إلا الصابرون


إن أعظم تجارة في الدنيا وأكبر صفقة يتعامل بها المرء هي بيع النفس لله عز وجل، فيبيع المسلم نفسه برضى الله والجنة، فاشترى منك الكريم ما تفضل عليك به وكان الفارق بين الثمن المبذول والجزاء الذي ستجزى به أكبر من أن يقاس بمقياس ولا يستطيع الإنسان حسبته، قال تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108]، فأي فضل وكرم من رب العزة والجلال وأي صفقة بيع رابحة هذه.

إلاّ أنّ الله يصطفي من عباده ويبتليهم ويختبرهم بالسرّاء والضرّاء حتى يعلم الصادقين من الكاذبين، وإن وعد الله للمؤمنين بالابتلاء قد سبق وعده بالنصر ولذلك قال الصحابة رضوان الله عليهم في غزوة الأحزاب: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22]، فعلى المسلم أن يستعين بالصبر لإتمام صفقة البيع مع الله، ومن وعى وعلم صِغرَ الثمن وعِظَم الجزاء، كان حقاً عليه أن يستحيي من الله بأن يجزع عندما يحل به البلاء.

وقد كان من سنن الله في عباده بأن تتنوع مصادر البلاء وتختلف من رجل لآخر، فرجل يبتلى بأخيه وآخر يبتلى بنفسه أو بعدوه أو بشيء من مشاق الدنيا من برد أو جوع ونصب أو من كسر وبتر وكذلك قد يحل البلاء باختلاف وتنازع أو بخطأ من أحد إخوانك عليك، فذلك هو سبيل الأنبياء والصالحين، فمن يريد جنة الخلد والنعيم المقيم لا يتشرط على الله ولا يختار نوع البلاء الذي يحل به، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص: 80]

وإن المؤمن المتيقن بوعد الله ليستبشر بكل ما يلاقيه في سبيله، فهو يعلم أن مجرد صبره عمل صالح، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].

ومن فضل الله وَجودهِ أن جعل العاقبة بقدر الصبر فلا يضيع عنده شيء سبحانه، فلما صبر نوح عليه السلام على دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، كان انتصار الله له من قومه الذين كذّبوه وعادوه وآذوه، أكبر من أي نصر آخر، فقد أباد الله أهل الأرض جميعا إلا من آمن معه وصدق برسالته.
وإنّ ما حل بجماعة المسلمين اليوم من ضيق وكرب وشدّة، له ما بعده، فإن نصر الله القادم بإذن الله سيكون أكبر من أي نصر سبقه وذلك بقدر البلاء والمحنة التي حلت بالمجاهدين وبقدر صبرهم وثباتهم مع ضعف حيلتهم وهوانهم على الناس، فوعد الله أصدق من كل شيء، فهو الذي وعد رسوله بالنصر والتمكين وقد خرج بعدها طريدا من مكة يلاحقه الكفار ليس له من الدنيا حيلة غير حفظ الله له فلم تمض بضع سنين حتى جاء نصر الله وفتحه ودخل الناس بجزيرة العرب في دين الله أفواجا.

فلا يستسلم المؤمن ولا ييأس من نصر الله مهما أظهرت له الحوادث والوقائع ومهما بلغ بينه وبين عدوه فارق القوى، فنصر الله يأتي حينما يشاء هو وحده سبحانه وبالكيفية التي يختارها، فأي أمل أكبر من أن يعدك ربك المدبّر للكون بالنّصر وأي قوة مهما بلغت عند الكافرين توازي شيئاً من جبروته، ومن تدبّر في أحوال من سبقه وكيف جاءهم نصر الله من حيث لم يحتسبوا وفي الوقت الذي ظنوا بأنهم قد هلكوا، حسن ظنّه بربّه وزاد من عزمه ويقينه.

قال الشيخ أبو مصعب الزرقاوي تقبله الله: "قد يتأخّر نصر الله، وقد تكون هزائم وجراحات في صفوفكم، وليس هذا بغريب، إذ تلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، قال هرقل لأبي سفيان: (سألتك كيف كان قتالكم إياه -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- فزعمت أن الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة)، إن أعظم ما تمتحنون به في قتالكم هو الصبر واليقين، اليقين بأن الله منجزٌ وعده، وناصرٌ جنده وحزبه ولو بعد حين، والصبر عند الشدائد فإن النصر مع الصّبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا، سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله، أيّما أفضل للرجل: أن يُـمكن أو يـُـبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُـمكن حتى يُـبتلى".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 162
الخميس 20 ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ...

وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ...} [البقرة: 212].

قال ابن كثير رحمه الله: "أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رضوا بها واطمأنوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها مما يرضي الله عنهم، وسخروا من الذين آمنوا الذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم، وبذلوا ابتغاء وجه الله؛ فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم، ومسيرهم ومأواهم، فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين، وخلد أولئك في الدركات في أسفل السافلين". ا. هـ

وقال تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} [آل عمران:15]. قال ابن كثير رحمه الله:" أي: قل يا محمد للناس: أأخبركم بخير مما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من زهرتها ونعيمها، الذي هو زائل لا محالة. ثم أخبر عن ذلك، فقال: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أي: تنخرق بين جوانبها وأرجائها الأنهار، من أنواع الأشربة؛ من العسل واللبن والخمر والماء وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
{خالدين فيها} أي: ماكثين فيها أبد الآباد، لا يبغون عنها حولا.
{وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} أي: من الدنس، والخبث، والأذى، والحيض، والنفاس، وغير ذلك مما يعتري نساء الدنيا.
{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: يَحِلُّ عَلَيْهِمْ رِضْوَانُهُ، فَلَا يَسْخَط عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ أَبَدًا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي بَرَاءَةٌ: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التَّوْبَةِ:72] أَيْ: أَعْظَمُ مِمَّا أَعْطَاهُمْ من النّعيم المقيم "ا.هـ

ومن فوائد التّقوى وثمارها التّوفيق للعلم والفهم، {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ} [البقرة:282]
قال القرطبي رحمه الله:" وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه، أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا، أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل" ا.هـ.
ومنها قبول الأعمال، قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة :27].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" أي من اتقاه في ذلك العمل؛ بأن يكون عملا صالحا خالصا لوجه الله تعالى وأن يكون موافقا للسنة. كما قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]. وكان عمر بن الخطاب يقول في دعائه: اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا". ا. هـ

ومنها توفيق الله للمتقين بمعرفة الحق من الباطل وتكفير الذنوب وغفرانها، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم}[الأنفال:29].

قال ابن كثير رحمه الله:" فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وفق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة، وتكفير ذنوبه -وهو محوها -وغفرها: سترها عن الناس - سببا لنيل ثواب الله الجزيل" ا.ه.

ومنها الحصول على رحمة الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:156]،
قال ابن كثير رحمه الله:" وقوله: {للذين يتقون} أي: سأجعلها للمتصفين بهذه الصفات، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يتقون، أي: الشرك والعظائم من الذنوب".

والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 161
الخميس ١٣ ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

فوائد التقوى في الدنيا والآخرة الحمد لله الذي بشّر عباده المتّقين في كتابه ببشاراتٍ عديدة وجعل ...

فوائد التقوى في الدنيا والآخرة

الحمد لله الذي بشّر عباده المتّقين في كتابه ببشاراتٍ عديدة وجعل للتّقوى ثمرات وفوائد جليلة، والصّلاة والسّلام على إمام المتّقين وسيّد المرسلين وقدوة عباد الله الصّالحين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنّ الله سبحانه وتعالى بمنّه وكرمه على عباده، أرشدهم ودلّهم على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فدلّهم على طريق الخير المقرّب إلى رضوانه وجنّاته وحذّرهم من مسالك الشّر المؤدية إلى غضبه وعقابه.

قال تعالى: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:2]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:55]،
قال الإمام الطبري رحمه الله: "يعني تعالى ذكره بقوله: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} وكما فصّلنا لك في هذه السّورة من ابتدائها وفاتحتها، يا محمّد، إلى هذا الموضع حجّتَنا على المشركين من عبدة الأوثان وأدلّتَنا، وميَّزناها لك وبيَّناها، كذلك نفصِّل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حقّ ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم، فنبيّنها لك، حتى تبين حقه من باطله، وصحيحهُ من سقيمه" ا.هـ.

وقد أمرنا الله بالتّقوى فيما يزيد على التّسعين موضعًا في كتابه، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:197]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] وقوله: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنعام:72]،
وغير ذلك من الآيات.

وبيّن لنا أنّ لباس التّقوى خير لباس كما قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف:26]،
قال الإمام الطبري رحمه الله: " وأولى الأقوال بالصّحة في تأويل قوله: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}، استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عما نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله، والسمت الحسن، لأن من اتقى الله كان به مؤمنا، وبما أمره به عاملا ومنه خائفا، وله مراقبا، ومن أن يرى عند ما يكرهه من عباده مستحييا، ومن كان كذلك ظهرت آثار الخير فيه، فحسن سمته وهديه، ورئيت عليه بهجة الإيمان ونوره" ا. هـ

وكما قيل:
إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير فيمن كان لله عاصيا

والتقوى فيها جماع الخير كله، وهي خير ما يستفيده الإنسان. وهي وصية الله للأولين والآخرين، كما قال رب العالمين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ} [النساء:131]. ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لما بعثه إلى اليمن فقال: " يا معاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه الترمذي وهو صحيح.
والتقوى كما قال طلق بن حبيب رحمه الله: هي العمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.

وقد تكلم السلف رحمهم الله عن التقوى وحقيقتها، ومن ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في مدارجه حيث قال: "وقال بعض السلف: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس".

وقال: "وقال إبراهيم بن شيبان: الشرف في التواضع. والعز في التقوى. والحرية في القناعة".

وقد ذكر الله لنا في كتابه المبين فوائد كثيرة وثمرات عديدة للتقوى، منها الفلاح والفوز ومضاعفة الثواب، والخلود في الجنان. قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189].

قال ابن كثير رحمه الله:" أَيِ: اتَّقَوُا اللَّهَ فَافْعَلُوا مَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَاتْرُكُوا مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} غَدًا إِذَا وَقَفْتُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ عَلَى التَّمَامِ، وَالْكَمَالِ". ا.هـ.
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقال: التطبيع إن من الرزايا التي ابتلي بها الناس في زماننا بعد تيسّر ...

الدولة الإسلامية - مقال: التطبيع


إن من الرزايا التي ابتلي بها الناس في زماننا بعد تيسّر التواصل وتداخل الثقافات، تبديل كثير من المصطلحات الشرعية في دين الإسلام، ونتيجة لذلك اختلطت المفاهيم لدى الناس وأثّرت على فهمهم لمقصود الشرع في هذا المسمى فلحق تغييره تبديل أحكام الشرع فيه، والتي تبنى على الفهم الخاطئ لهذا الاسم الجديد، عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) [رواه أحمد]، وظهر مع تلك الأسماء تبعات لزمتها حيث أن فهم الناس، يقام على ما هو شائع اليوم عن هذا الاسم.

ومع كون بعض الأسماء تبدلت مع مرور الزمان من غير قصد إلا أننا اليوم صرنا أمام تبديل جارف، محاولة للتناغم مع العالم عرباً كانوا أم أعاجم ومسلمين كانوا أم كفار، فسمي الجهاد حصرا بالمقاومة أو النضال والكفاح، وتولي الكفار حسناً للجوار وسمي النصارى شركاء الوطن، واستبدلت الأسماء الشرعية للطواغيت والكفار والمرتدين بأسماء وأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان مما يضلل المسلمين عن حقيقة حكمهم الذي جاء صريحاً في القرآن والسنة.

فكان هذا التبديل سببا لانتشار الضلالات، وانحراف الجماعات وتغيير الحقائق، ولعلم الطواغيت بذلك فقد حرصوا عليه منذ زمن طويل فروجوا لتلك الأسماء الجديدة والمصطلحات الحادثة عن طريق وسائل إعلامهم ومناهج مدارسهم وغير ذلك، فكان مما زرع في عقول المسلمين مصطلح أطلقوا عليه (التطبيع) والمقصود منه تحويل الأمر إلى شيء طبيعي، ولا يستخدم هذا المصطلح عادةً إلا في العلاقة مع دولة اليهود، فمن أراد من الطواغيت إقامة علاقة معها بشكل علني وتحويل التعامل معهم إلى شكل طبيعي رمي بـ(التطبيع) والذي حرّف من مسماه الأصلي وهو الموالاة.

والإشكال هنا ليس في تغيير الاسم فقط إنما حُصر تجريم الموالاة على التعامل مع دولة اليهود فقط، أما غيرها من دول الكفار من يهود ونصارى ومجوس ومشركين، فلا إشكال في موالاتهم وإقامة العلاقة والتعاون معهم، بالرغم من طغيانهم على المسلمين وبلدانهم أكثر من اليهود واحتلوا ديارهم ودمروها وعاثوا فيها فسادا، كأميركا باحتلالها لأفغانستان والعراق والشام وكروسيا التي أرسلت جيوشها لدعم الطاغوت بشار وإيران التي تسعى لحرب أهل السنة في كثير من البلدان والصين التي أبادت المسلمين على أرضها وأجبرتهم على الكفر بالله بالحديد والنار.

فنتج عن ذلك أن زيارة لفريق رياضة أو غيره من دولة يهود إلى أحد دول الطواغيت جريمة لا تغتفر بينما فتح القواعد للصليبين لقصف المسلمين ودعمهم بمئات الملايين علناً لا مشكلة فيه، ولا منكر له إلا نزر يسير من الناس.

ونتيجة لمرور عدة عقود على تداول هذا المصطلح مع كل تبعاته، فقد تأصل في نفوس الناس، حتى ندُر من يعي فساده، ويدرك حجم تبعاته التي أثرت حتى على من سلك طريق القتال، فصار بعضهم يربط كل شيء في قتاله وحركاته وسكناته بقتال اليهود، بل صار حتى قتال النصارى فقط لكونهم يدعمون اليهود لا لمجرد كفرهم وحربهم للمسلمين المباشرة، فكانت توجيهاتهم بحصر القتال على فئة معينة قناعةً بهذا المفهوم أو رغبة في كسب ود العامة ممن تم إقناعهم مسبقا فيه وعقدوا عليه الولاء والبراء فخالفوا بذلك أمر الله القائل في كتابه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123] والحال أسوأ عند بقية التيارات التي لم تحمل السلاح كالإخوان المرتدين وغيرهم، ممن يتوددون للنصارى والمشركين وينشدون قربهم ويسعون لرضاهم منسلخين بذلك عن دينهم.

وقد يقال لما الإنكار على من يجرم (التطبيع) ما دام يصب في ذات المصلحة المقصودة وهي تجريم موالاة اليهود، فالمشكلة ليست لمجرد التسمية التي لا ضابط لها فقط إنما في التبعات الملازمة لها، فحصر (التطبيع) مع اليهود فقط فيه مفارقة كبيرة فمجرد اعتقاد ذلك هو (تطبيع) بحد ذاته مع الكفار من غير اليهود والذين ساوى شرع الله في موالاتهم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].

ولا يصلح حال هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، فالتمسك بالكتاب والسنة في كل شيء وعدم تغيير الأسماء ذات الدلائل الشرعية هو ما يجنّب المسلم طريق الضلال ويقي الأجيال من الانحراف، ويحفظهم من التباس المفاهيم وتضييع الأحكام، فليحذر المرء من تضليل الناس وتحريف دين الله لمحاولة كسب رضى الناس وتجنب ما يكرهون.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 161
الخميس ١٣ ربيع الثاني 1440 هـ
...المزيد

عشاق النزال وإلى آساد الخلافة في ولاية الصومال، رجال الحرب عشاق النزال، لله دركم، فلقد شفيتم ...

عشاق النزال

وإلى آساد الخلافة في ولاية الصومال، رجال الحرب عشاق النزال، لله دركم، فلقد شفيتم صدور المؤمنين بعملياتكم المباركة وتصفية رؤوس الردة من الشرط وأفراد الجيش والأحزاب المرتدة، فواصلوا غاراتكم ولا تتركوهم يلتقطون الأنفاس، واجعلوهم عبرة لغيرهم من الأنجاس، فإن القادم -بإذن الله تعالى- أدهى وأمر.


• الشيخ أبو حمزة القرشي (تقبله الله تعالى)
من الكلمة الصوتية ( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )
...المزيد

سلسلة سؤال وجواب (4) • حكم دعاء غير الله تعالى؟ دعاء غير الله تعالى له عدة أقسام: • القسم ...

سلسلة سؤال وجواب (4)

• حكم دعاء غير الله تعالى؟

دعاء غير الله تعالى له عدة أقسام:

• القسم الأول: دعاء المخلوق في أمر لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، مثل أن يطلب من المخلوق أن ينزل غيثًا، وهذا شرك أكبر.

• القسم الثاني: أن يسأل غير الله تعالى بكمال الذل والخضوع والحب، فهذا شرك أكبر؛ لأن كمال الذل والخضوع لا يكون إلا لله تعالى.

• القسم الثالث: أن يدعو غائبًا عنه، وهذا شرك أكبر بالإجماع؛ لأن اتساع السمع لجميع المخلوقات والبعيد من خصائص الله تعالى.

• القسم الرابع: دعاء الأموات بتفريج الكربات وقضاء الحاجات، وهذا شرك أكبر.
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
26 ربيع الآخر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً