أحوال السائرين في الجهاد لقد رأينا للسائرين على درب الجهاد أحوالا عدة: فمنهم مَن يسير قليلا، ...

أحوال السائرين في الجهاد

لقد رأينا للسائرين على درب الجهاد أحوالا عدة: فمنهم مَن يسير قليلا، فما يلبث أن ينثني في بداية الطريق، فيقعد مع أول المحن، ومنهم مَن يسير إلى منتصف الطريق ثم لا يطيق تحمُّل الأذى واحتمال الشدائد فيمكث ويخرج، ومنهم مَن يصل إلى أواخر الدرب، فيفقد الصبر فيرتكس، وإنّ هؤلاء جميعًا حكمهم حكم مَن لم يسر في هذا الطريق خطوة، ومنهم مَن يغويه الشيطان بشهوة أو بشبهة، فينحرف ويضل سعيه، ويحسب أنه يحسن صنعًا، ومنهم مَن يضله الله على علم، وقليل مَن يسير على درب الجهاد فيصبر ويصابر، حتى يلقى الله صادقًا ما عاهد الله عليه، تقيًا؛ لم يغيّر ولم يبدّل.

- مقتطفات نفيسة (57)
من كلام الشيخ المجاهد أبي محمد العدناني -تقبله الله تعالى-


• المصدر:
إنفوغرافيك صحيفة النبأ – العدد 523
السنة السابعة عشرة - الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 هـ
...المزيد

التوبة من الشرك الشرك من الذنوب التي لا يغفرها الله -عز وجل- البتة، قال تبارك وتعالى: { إِنَّ ...

التوبة من الشرك

الشرك من الذنوب التي لا يغفرها الله -عز وجل- البتة، قال تبارك وتعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ } [ النساء: 48 ]، فالشرك من الذنوب الغير القابلة للتوبة بأي حال من الأحوال، فإذا علمت ذلك فعليك أن تتقصى وأن تبحث حتى لا نذهب إلى الله -عز وجل- وفي سجلنا شيءٌ من الشرك، وأعني به الشرك الأكبر المخرج من الملة، وإلا فإن الشرك الأصغر لا ينجو منه أحد.


• اقتباسات من سلسلة البراعة في تبيان شرك الطاعة
...المزيد

رسالة إلى أهل الشام المباركة ولا أنسى أن أُثني على أهلنا في أرض الشام المباركة الحبيبة؛ الذين ...

رسالة إلى أهل الشام المباركة


ولا أنسى أن أُثني على أهلنا في أرض الشام المباركة الحبيبة؛ الذين أطلقوا رصاصة الرحمة على الخوف الجاثم منذ عقود على صدر هذه الأمَّة، وهَبُّوا ينفضون عن جبين عزِّها غبار الذلِّ بأشلائهم، ويغسلون عن ثوب كرامتها وَصَمَات العار بدمائهم، لقد لقَّنتم العالم دروسًا في الشجاعة والجهاد والصبر، ولقد علَّمتم الأمَّة وأثبتُّم لها بالدليل القاطع والحجَّة الدامغة أنَّ الظلم لا يُرفع إلا بالقوَّة والبأس، ولا يُمحى الهوان إلا ببذل النفوس والمهج، ونضح الدم، وبعثرة الأشلاء والجماجم، والشهداء والجرحى على طول الطريق، لقد أقَضَّيتم مضاجع الكفَّار فوقف مجلس خوفهم وجامعة أممهم وكلُّ رؤوسهم يراقبون عاصفتكم؛ مذهولين، عاجزين، مرعوبين، حائرين.

مذهولين؛ من جهادكم وصمودكم.
عاجزين؛ عن قمعكم وإخضاعكم.
مرعوبين؛ من مستقبل بركانكم.
حائرين؛ في حلٍّ يُخمد جهادكم.

فامضوا بارك الله فيكم، وإيَّاكم أن ترضوا بحكم أو دستور غير حكم الله وشريعته المطهَّرة فتضيِّعوا ثورتكم المباركة؛ التي لن تُؤتِيَ أُكُلها إلا إذا تُوِّجت بتحكيم الشريعة، وتوحيد الأمَّة بهدم حدود سايكس بيكو، ووأد القومية النتنة والوطنية المقيتة، وإعادة الدولة الإسلامية التي لا تعترف بالحدود المصطنعة ولا بجنسيةٍ غير الإسلام، ولا تظنُّوا أبدًا أنَّ الحقَّ والعدل والخير في دستور أو قانون أو نظام غير شريعتنا المطهَّرة، فقد جعل الله عقيدة هذا الدين ومنهجه وأساليب تمكينه من عنده جلَّ وعلا، وليس للمسلم المؤمن إلا السير ضمن هذا المخطَّط الربانيِّ المرسوم له، واجتناب كل الحركات والأنظمة البشرية الأرضية الباطلة الزائفة، التي مبناها على الهوى والتخبُّط، وتحاول تنظيم الحياة بمنأى عن الدين وبغير هدًى من الله، فالثبات الثبات يا أهل الشام فإنَّ العاقبة للمتَّقين.


• الخليفة أبو بكر البغدادي (تقبله الله تعالى)
من كلمة صوتية بعنوان: { ويأبى الله إلا أن يتم نوره }
...المزيد

ألا إنَّ نصر الله قريب بيّن ربُّنا تبارك وتعالى أن ابتلاء المؤمنين بالشدائد سنّة في كل أتباع ...

ألا إنَّ نصر الله قريب


بيّن ربُّنا تبارك وتعالى أن ابتلاء المؤمنين بالشدائد سنّة في كل أتباع المرسلين، فيصيبهم بما يشاء من الابتلاءات قبل أن يمنَّ عليهم بالنصر في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة، قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].

وإن كان وعد الله تعالى لعباده المؤمنين بالنصر القريب متحققاً ولا شك، فإن هذا النصر الموعود يناله العباد بعد صبر وتحمل منهم لمشاق الطريق، وبعد بذل كثيرٍ من العرق والدماء في سبيل التمكين لدين الله تعالى في أرضه، وليس النصر لمن يزعمون استحقاقهم له وهم يعصون الله تعالى؛ فلا يصبرون على الأذى في سبيله، ويمتنعون عن الجهاد لإقامة دينه، وإزالة الشرك من أرضه، فهؤلاء مستحقون للعذاب في الدنيا والآخرة جزاء لمعصيتهم ربهم، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

فقد توعّد ربُّنا تبارك وتعالى مَن يرتدون عن دينه ولم يصبروا على فتنة المشركين لهم في سبيله بالعذاب المقيم في النار، ولم يستحقوا بسبب كفرانهم نصر الله تعالى لهم، قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].

وقد عذّب ربُّنا جل في علاه مَن امتنعوا عن طاعته بجهاد أعدائه، بعد أن وعدهم بالتمكين في أرضه، فلما تولّوا عن طاعته، لم ينلهم وعده، قال تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 24 - 26]،
وقال جل جلاله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة: 38 ، 39].

وإن كان رسولنا عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام هم أوضح مثال على نصر الله تعالى لعباده المؤمنين بعد الذلة والاستضعاف، فإن ذلك التمكين في الأرض لم يكن وليد اعتقادٍ قلبي بالله تعالى ودينه فحسب، بل كان بإيمانٍ بهذا الدين اعتقادا وقولا وعملا، فهم قد صبروا على أذى المشركين في مكة سنين، ثم تحملوا المشاق في هجراتهم عن بلدانهم وأهليهم فرارا بدينهم سنين، ثم جاهدوا أعداء الله المشركين بما استطاعوا سنين، حتى فتح الله تعالى عليهم البلاد وقلوب العباد فتحا مبينا، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، فهو ينصر عباده المؤمنين ولو خذلهم الناس وتولوا عن نصرتهم، كما قال تعالى: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].

فهذه أسباب النصر التي قام بها المسلمون الأوائل من هذه الأمة حتى استحقوا نصر الله تعالى وتمكينه لهم في الأرض، ولو أنهم امتنعوا عن طاعة الله تعالى وتولوا عن أداء واجبات هذا الدين لخُذلوا ولم ينالوا النصر، ولن تجد لسنة الله تحويلا.
وأما من ترك ما عليه من واجبات، بل وزاد عليها بفعل المحرمات ثم تمنّى على الله تعالى الأماني فهذا ليس له إلا الخيبة والندامة في الدنيا والآخرة، وأشد منهم من قعدوا عن الجهاد مخافة الموت والابتلاء وانشغلوا بالطعن في المجاهدين في سبيل الله تعالى، وهم يزعمون أنهم ينتظرون نصر الله تعالى!، فهؤلاء أفعالهم من أفعال المنافقين الذين قال الله تعالى فيهم: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ * الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 167 - 168].

فالواجب على المسلمين أن يؤمنوا بالله تعالى، فينصروا دينه ويجاهدوا في سبيله ويسألوه سبحانه الإعانة والتوفيق والسداد في ذلك، ويرتقبوا نصر الله العظيم لهم، وهو قريب كما وعد جل جلاله، ما يؤخره عنهم إلا مشيئته سبحانه وذنوبهم، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 276
الخميس 20 رجب 1442 هـ
...المزيد

ألا لَا تَرَاءَى نَارَهُمَا كثيرة هي الأكاذيب والتهم التي يلفّقها أهل الضلال ضد الدولة ...

ألا لَا تَرَاءَى نَارَهُمَا


كثيرة هي الأكاذيب والتهم التي يلفّقها أهل الضلال ضد الدولة الإسلامية وجنودها، ويصدّقها بعض الناس ثم يُرددونها دون تدقيق أو تحقيق، حتى تصبح مع التكرار وطول الأمد أشبه بالحقائق المتواترة التي لا تقبل التشكيك في صدقها فضلاً عن تكذيبها واتهام مَن أطلقها بالكذب.

وفي ظلّ انشغال الدولة الإسلامية بقتال المشركين والمرتدين مِن مختلف الطوائف فإنه لا يمكنها التفرغ للرد على كل هذه الأكاذيب التي يُطلقها أعداؤها ضدها، لكثرتها من جهة كثرة هؤلاء الأعداء، ولسرعة استبدالهم لها بأكاذيب جديدة كلما انفضحت أكاذيبهم السابقة.

وأيضاً لأن اتّباع سياسة الرد المتواصل يؤدي أحياناً إلى تثبيت بعض الأكاذيب، إذْ سيزعم الأعداء أنّ أيّ شيء لم تنفهِ الدولة الإسلامية فهو واقع لأن سكوتها عنه إقرار به، رغم أن السكوت عن الردّ ليس بالضرورة إقرارا بالقول، وإنما قد يكون سببه عدم بلوغ ما قيل فلم يُسمع، أو تجاهله كما يتجاهل العظيم الحليم مِن القوم أقوال السفهاء، أو للانشغال بأمر هو أعظم شأناً وأكثر خطراً، بل قد يكون هناك رد أو ردود قديمة على نفس الموضوع، فلا يجب في هذه الحالة تكرار الرد عليه في كل مرة، ومِن تحميل النفس ما لا يطاق أن نتفرغ لتتبع كل ما قيل والرد عليه، أيّاً كان القول وأيّاً كان قائله ومهما تكرر منه أو مِن غيره هذا القول. ومن الأكاذيب المتجددة التي يروجها أهل الضلال عن الدولة الإسلامية ويكررونها هذه الأيام بكثرة، قولهم إنها تكفّر المقيمين في دار الكفر بالعموم فلا تحكم بإسلام أحد ما لم تتحقق مِن إسلامه!، وإلا فالأصل فيهم جميعاً الكفر أو الردة! فتباح دماؤهم وأموالهم بالجملة! وتحرم ذبائحهم ويبطل نكاحهم!.

ورغم أن الدولة الإسلامية كذّبت هذه الفرية في مواطن عديدة بالقول والفعل؛ ومع ذلك لا زال مطلقو هذه الأكاذيب ينقّبون عن متشابهات الأقوال والأفعال ليجدوا فيها ما يخدعون به السذج والأغرار بكذب دعواهم مِن خلال التأويلات الخاطئة، ويتركون المحكم من الأقوال والأفعال التي تأويلها ظاهرها، لكونها تفضح كذب تلك الدعاوي وتبيّن زيفها للناس أجمعين.

فقد بيّنت الدولة الإسلامية مراراً بلسان القول أنها تحكم بإسلام كل مَن ظهر منه الإسلام فوق كل أرض وتحت كل سماء، وأنها لا تكفّر إلا مَن ظهر منه الكفر المقطوع بكونه كفراً، المقطوع بحدوثه مِن فاعله عاقلاً مختاراً، سواء كان المحكوم عليه مقيماً في دار الكفر أم في دار الإسلام، وأنها تميّز بين دور الكفر في الحكم على المقيمين فيها، كما فصّلت هذا الأمر مِن خلال ما نُشر قبل سنوات في "السلسلة المنهجية" التي كان فيها بيان لبعض المشتبهات، ورد على بعض الشبهات، ولكن البيان الأوضح والأجلى والذي لا يقبل التشكيك أو التأويل هو التطبيق العملي لأحكامها على الناس، سواء منهم المقيم في دار الكفر أو في دار الإسلام.

إذْ يعلم الناس كلهم أن الدولة الإسلامية تمكّنت في مواطن كثيرة من الأرض، كانت دار كفر تُحكم بشريعة الكافرين، فلما أزال جنود الخلافة حكم الكفر عنها صارت دار إسلام تعلوها شريعته وحدها دون غيرها من الشرائع الجاهلية، وكان الحكم الواضح بمعاملة كل سكان تلك المناطق المنتسبين إلى الإسلام معاملة المسلمين، على ظواهرهم، وأعدادهم بالملايين، كما حدث في العراق والشام، ولم تحكم إلا بردة مَن ظهر منه الكفر واضحاً، كالمنتسبين إلى طوائف الكفر والردة والمظاهرين للمشركين على المسلمين وأمثالهم من المرتدين.

وكذلك فإن جنودها لا يزالون يقاتلون أعداء الله تعالى في دار الكفر بمختلف المناطق، وأكثرها ممن ينتسب سكانها إلى الإسلام، فيستهدفون فيها الكفار والمرتدين وجيوشهم وشرطهم وأولياءهم، ممن يصرّحون بتكفيرهم والتحريض على قتالهم علنا، وفي الوقت نفسه فإنهم يتجنبون قدر إمكانهم أن يُصاب أحدٌ من الساكنين في تلك المناطق بأذى مِن تأثير هجماتهم، لكون المسلمين مِن سكانها مختلطين بالمرتدين في كثير من الأحيان ويصعب التمييز بينهم، ولذلك فإن المجاهدين يتّقون أن يُصاب أي مسلم بأذى مِن قِبلهم ولو عن غير قصد، ويؤخّرون كثيراً من الهجمات بل قد يلغونها بسبب ذلك، رغم أنه سبق منهم تحذير المسلمين مِن الاقتراب مِن الأماكن التي يستهدفها المجاهدون.
وإن الحكم بالبراءة من المسلم الذي يقيم بين ظهور الكافرين، هي البراءة مِن دمه وما يصيبه مِن أذى، لا منه، إذْ كانت صعوبة التمييز بينه وبين مَن يختلط بهم مِن الكافرين سبباً في تعرضه للأذى أو القتل، كما ورد عن جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ بِالسُّجُودِ فَأَسْرَعَ فِيهِمُ القَتْلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ العَقْلِ، وَقَالَ: (أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِمَ؟ قَالَ: (لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا)
]رواه النسائي[، فكان اختلاطهم بالمشركين مانعاً مِن استحقاقهم تمام الدية في أنفسهم.

وكذلك فإنه قد بات مشهوراً عن الدولة الإسلامية البينونة بينها وبين الطوائف التي كانت في صفّها ثم شقّت ذلك الصف وفارقت جماعة المسلمين لمّا وجد بعض مَن كانوا ينتسبون لها؛ أنها لا توافقهم في ضلالاتهم وانحرافاتهم مثل حكمهم بتكفير عامة مَن يحكمهم الكافرون!، واستباحة دمائهم وأموالهم بناء على ذلك، بل ما زال جنود الخلافة يقاتلون تلك الطوائف المنحرفة في بعض المناطق ويردون عاديتهم عن المسلمين، ويستهدفونهم بالقتال ويتتبعونهم بالقتل، حتى يتوبوا مِن بدعتهم ويتحللوا مِن مظالمهم.

فهذا لسان الحال أطلق وأصدق مِن لسان المقال، فمن استبين فقد بلغه البيان، ومَن استفسر فقد وصله التفسير، وأما الذين في قلوبهم زيغٌ فهم يتتبعون ما تشابه، والله لا يهدي القوم الظالمين، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 278
الخميس 4 شعبان 1442 هـ
...المزيد

النكباتُ الرافضية لا يكاد يمر أسبوع أو أقل على الرافضة المشركين في العراق إلا وتصيبهم بما ...

النكباتُ الرافضية


لا يكاد يمر أسبوع أو أقل على الرافضة المشركين في العراق إلا وتصيبهم بما أشركوا وظلموا قوارعُ العذاب المختلفة التي يصبُّها الله تعالى عليهم صبّا وتقرعهم قرعا، فأفنى اللهُ بها خلْقاً كثيرا منهم ومزّقهم شرّ ممزق، فصاروا أحاديث لكل العالم، حتى أننا لم نجد حاجة لأنْ نسهب في الحديث عن ما آلت إليه أوضاع الرافضة في العراق مؤخرا مِن تتابع الأزمات وتوالي النكبات عليهم، لاشتهارها في وسائل الإعلام وانتشارها انتشار النار في "الجنوب"!

وكان مِن آخرها وأشدّها عليهم الحرائق التي شوت أجساد المئات منهم في موطن كان الأصل فيه أن يكون موطن أملٍ وشفاء فانقلب عليهم ألما وعناء، وهذا هو القرع الذي يدهم الكافرين دهْما فيفجؤهم ويفجعهم به، نكالا من الله تعالى لما أشركوا معه سبحانه من الأنداد والآلهة الباطلة، وحاربوا آولياءه وطغوا وبغوا وأفسدوا في الأرض إفسادا كبيرا، والجزاء من جنس العمل.

فما يجري على الرافضة اليوم هو نظير ما جرى على الأمم والأقوام الكافرة قبلهم، وهو نظير قوله تعالى: { وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}[الرعد: 31].

فهذا وعد ووعيد دائم ومستمر من الله تعالى لكل الكافرين في الأرض أيّا كانوا وأينما ومتى كانوا، بأنه تعالى سيرسل عليهم من القوارع والدواهي والنقم وألوان العذاب المختلفة، وهم -ما لم يتوبوا ويؤمنوا- فإنهم غارقون باقون في هذا العذاب الدنيوي حتى يأتي وعد الله تعالى، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

قال الإمام القرطبي رحمه الله: "أي ما يزال الكافرون تصيبهم داهية مهلكة تفجؤهم بكفرهم وعتوهم، من صاعقة، أو من قتل أو من أسر أو جدب، أو غير ذلك من العذاب والبلاء، وقال عكرمة عن ابن عباس: "القارعة النكبة". وقال الإمام الطبري رحمه الله: "هي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنِّقم، بالقتل أحياناً، وبالحروب أحياناً، والقحط أحياناً، (أو تحل) أو تنزل أنت يا محمد (قريبًا من دارهم) بجيشك وأصحابك (حتى يأتي وعدُ الله) الذي وعَدك فيهم، وذلك ظهورُك عليهم وفتحُك أرضَهمْ، وقهرْك إياهم بالسيف (إن الله لا يخلف الميعاد) ". وقال الإمام البغوي رحمه الله: "(حتى يأتي وعد الله) قيل: يوم القيامة، وقيل: الفتح والنصر".

والمتأمل يجد أن الله تعالى يسلط على الكافرين نوعين من العذاب: الأول أن يرسل سبحانه عذابه ونقمته على الكافرين بأيدي جند مِن جنده، {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، قال ابن كثير رحمه الله: "أي: ما يعلم عددهم وكثرتهم إلا هو تعالى" وذلك كالنار والإعصار والطوفان وغيرها مما عذّب الله به الكافرين قديما وحديثا، والثاني: أن يسلط الله عباده المؤمنين على الكافرين بالقتل والأسر والقهر بالسيف والجهاد.

نكبات يعقب بعضها بعضا تتوالى على الرافضة المشركين ليس فقط في العراق، بل حتى في إيران المجوسية والتي تداهمها هي الأخرى قوارع العذاب والكوارث بين الفينة والأخرى، مع ما تعانيه من أزمة اقتصادية انعكست على أتباعها وميليشياتها في العراق فصاروا يلعنونها سرا وجهرا.

وبينما يحاول الرافضة المشركون أن يُعلّقوا السبب في كل هذه النكبات على شمّاعة "الميليشيات، والفساد الحكومي، والخلل البنيوي في الهيكلية الإدارية..."؛ إلا أنّ المؤمنين يرون فيما يحلّ بالرافضة وغيرهم من الكافرين آية من الله تعالى وتهيئة وتمهيدا لتحقيق وعده الإلهي بهزيمة الكافرين وسيادة المسلمين في الأرض، ليحكموها بالشريعة الإسلامية المهيمنة على كل ما سواها من الشرائع، فلا دين غير الإسلام يحكم في الأرض، وهي الغاية التي لأجلها قامت دولة الإسلام وعنها لن تحيد بإذن الله.

إن الأزمة الرافضية في حقيقتها، ليست أزمة كهرباء أو ماء أو حريق أو وباء، إنها أزمة مزمنة مهلكة سببها شركهم بالله تعالى وحربهم على المسلمين، وعبادتهم مع الله آلهة أخرى، وقد رأيناهم عند كل داهية أو نازلة تنزل بهم يسارعون ويلوذون بآلهتهم من دون الله تعالى، يستنجدون بالبشر ويطلبون غوثهم ومددهم ورحمتهم!

وهنا لا بد للمجاهدين أن يُبقوا هذه التأملات حاضرة في قلوبهم وعقولهم وهم يقاتلون ويصاولون الرافضة في طول العراق وعرضه؛ أن الرافضة مخذولون ولو استعانوا بكل طواغيت الروم والفرس، مهزومون ولو معهم كل جيوش الأرض!

وفي ذلك يقول الشيخ أبو محمد العدناني -رحمه الله- موجّها ومذكّرا: "يا جنود الدولة؛ تذكروا دائماً أنكم تقاتلون أمة مخذولة، إن استعانوا فبعلي، وإن استغاثوا فبالحسين، وإن استجاروا فبالعباس، وإن استنصروا فبفاطمة، رضي الله عنهم وعنها، يتوكلون على البشر ويعبدون الأوثان، فحاشا لله أن ينصرهم عليكم!، فاجعلوا عدتكم عقيدتكم، وقوتكم تقواكم، وكونوا على يقين بنصر الله، فأنتم جنود الله، تقاتلون في سبيل الله، والروافض جنود الشيطان، يقاتلون في سبيل الطاغوت".
فالمجاهد في طريقه إلى الله تعالى عليه أن يتأمل ويتدبر هذه الحقائق ليقوى بها يقينه وتكون دافعا إضافيا له في ميدان القتال فينقضّ على هؤلاء المشركين الحقراء كالأسد لا يلفت وجهه، وهو يعلم أنه منصور في كل حال، فالظفر والقتل كلاهما عند الله فوز.

وبرغم غرق الرافضة في نكباتهم المتلاحقة إلا أنهم لم يتوقفوا عن التحذير من "خطر تصاعد الإرهاب" وأن هذه الأزمات تصبّ في صالح المجاهدين، وهو ما تقدّم ذكره مِن أنّ ذلك كله من تدبير الله تعالى لعباده ومعيته لهم وتهيئتهم للوعد الحق.

وقد يقول قائل: إن هذه النكبات والمصائب قد تصيب أيضاً بعض المسلمين المستضعفين المتخفّين في تلك البلاد، فنقول وبالله التوفيق: شتّان شتّان بين المآلين والعاقبتين، فهل يستوي عذاب الله تعالى للكافرين، وتمحيصه -سبحانه- ورفعه درجات المؤمنين الصابرين؟!، إنه الفرق بين المحق والتمحيص وهو لا يخفى، قال تعالى: { وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}[آل عمران: 141]، فالتمحيص رفعة للمؤمنين، والمحق تدمير ومهلكة للكافرين، ولا يظلم ربك أحدا.

يضاف إلى كل ذلك، حالة الفُرقة التي اجتاحت صفوف الرافضة في العراق، فخالف الله بين قلوبهم وتفرّقوا شذر مذر، حتى أصبحت الحكومة تيارات! والحزب الواحد أحزاب، وانظر إلى حالهم في "الجنوب المحترق"، يُغنيك عن طويل بيان.

اللهم أنجِ المستضعفين من المسلمين في العراق وكل مكان، اللهم اشدد وطأتك على الرافضة وحلفائهم وخالف بين قلوبهم، اللهم اجعلها سنين كسِنِين يوسف، اللهم استجب.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 295
الخميس 5 ذو الحجة 1442 هـ
...المزيد

أنظمة فاسدة ولقد ضرب الله تعالى لنا مثلا لفوضى النظام الشركي الذي يخسر المشاركون فيه وتتنازعهم ...

أنظمة فاسدة


ولقد ضرب الله تعالى لنا مثلا لفوضى النظام الشركي الذي يخسر المشاركون فيه وتتنازعهم فيه آلهة وطواغيت شتى، مقارنة بنظام التوحيد الذي يفوز فيه المؤمنون الذين يُسْلمون وجوههم لله وحده دون شريك في الحكم أو العبادة، فقال سبحانه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}، قال ابن القيم: "هذا مَثَل ضربه الله -سبحانه- للمشرك والموحد، فالمشرك بمنزلة عبدٍ تملكه جماعة متنازعون، مشتركون في خدمته لا يمكنه رضاهم أجمعين!، والموحد لمّا كان يعبد الله وحده؛ فمثله كمثل عبدِ رجلٍ واحدٍ، قد سلم له وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه، بل هو سالم لمالكه من غير منازع فيه، مع رأفة مالكه به ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه بمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان؟ وهذا منه أبلغ الأمثال، فإن الخالص لمالك واحد يستحق من معونته وإحسانه والتفاته إليه وقيامه بمصالحه؛ ما لا يستحقه صاحب الشركاء المتشاكسين". [الأمثال في القرآن].

تغيب هذه الحقائق الإيمانية عن سائر المجتمعات الجاهلية بنخبها وكوادرها التي تؤمن بالديمقراطية نظام حكم؛ تمنحه أصواتها وثمرة فؤادها وتضحيات أبنائها فيحترقون بها في الدنيا قبل الآخرة، فأي خسارة تفوق هذه الخسارة؟!


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد [522]
"الفائزون والخاسرون"
...المزيد

منطقة بلد فلاني في اومن جليد 24سا بلغ انتاجه كذا طن صوف سنويا

منطقة بلد فلاني في اومن جليد 24سا
بلغ انتاجه كذا طن صوف سنويا
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
21 جمادى الآخرة 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً