المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
- مصر
- ar.islamway.net
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (77)- يقظتنا ويقظتهم (4)
وعلى عادة المستشرقين التي حدثتك عنها، وهو حملة هموم المسيحية الشمالية، والذادة عنها وحماتها المستبسلون، هبوا هبة الفزع من هذه اليقظة، فتسارعوا ينقلون كل صغيرة وكبيرة مما هو جار تحت أعينهم في دار الإسلام. ووضعوه بينًا جليًا، مشفوعًا بمخاوفهم وملاحظتهم ونصحهم وإرشادهم، تحت أبصار ملوك المسيحية الشمالية وأمرائها ورؤسائها وقادتها وساستها ورهبانها، وبصروهم بالعواقب الوخيمة المخوفة من هذه اليقظة الوليدة التي بدأت تنساح في أرجاء دار الإسلام. وتناجوا بينهم نجوى طويلة، يقلبون النظر في أهدافهم ووسائلهم، وتبينوا الخطر الداهم الذي جاء يتهددهم، إذا ما تمت هذه اليقظة واشتد عودها، واستقامت خطواتها على الطريق اللاحب.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (76)- يقظتنا ويقظتهم (3)
كان المستشرقون منذ نأنأة الاستشراق وإلى هذا اليوم يجوبون دار الإسلام من أطرافها إلى قلبها، يلاقون الخاصة من العلماء، ويخالطون عامة المثقفين والدهماء، وفي قلوبهم حمية الحقد المكتم، وفي النفوس العزيمة المصممة، وفي العيون اليقظة، وفي العقول التنبه، وفي الوجوه البشر والبراءة، وفي الألسنة الحلاوة والتملق، ولبسوا لجمهرة المسلمين كل زي، وتوغلوا يستخرجون كل مخبوء، وكانت بلادهم يومئذ قريبة عهد بعصر النهضة وعصر اليقظة وعصر الإحياء، فهم على أتم معرفة بأسرار اليقظة كيف تبدأ وإلى أين تنتهى، فأدركوا إدراكًا واضحًا لا لجاجة فيه أن ما كان يجري في دار الإسلام منذ منتصف القرن الـ 11 الهجري، إلى منتصف القرن الـ 12 الهجري، إنما هو يقظة حقيقية، ونهضة كاملة، وإحياء صحيح، منبثق كله من ينبوع صافٍ عتيقٍ، طمست معالمه كر الدهور والقرون، هو جميعه في حوزة دار الإسلام، وهم في يقظتهم هذه يومئذ عالة عليه، ولا يستقون إلا من ثماده بعد جهد جهيد، فوجفت قلوبهم ورجفت من هول ما هم مقبلون عليه، إذا تمت لدار الإسلام اليقظة، واستوت وبلغت أشدها، واستقامت خطواتها على سنن الطريق!
ابن قيم الجوزية
الفوائد (36)- دافع الخطرة
دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة. فدافع الفكرة، فان لم نفعل صارت شهوة. فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة، فإن لم تدافعها صارت فعلًا، فإن لم تتداركها بضدّه صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (35)- العلم والعمل والإخلاص
لو نفع العلم بلا عمل، لما ذم الله سبحانه أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص، لما ذم المنافقين.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (34)- الأُنس به
المخلوق إذا خِفْتَه استوحشت منه وهربت منه، والرب تعالى إذا خفته أنست به وقربت إليه.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (75)- يقظتنا ويقظتهم (2)
وكل الفرق بين اليقظتين يومئذ هو أن يقظتنا كانت هادئة سليمة الطوية منبعثة من داخلها، ليس لها هدف إلا استعادة شبابها ونصرتها في حدود الإسلام، وإن كانت يومئذ يقظة متباعدة الديار،غير متماسكة الأوصال، ولكنها كانت قريبة التواصل، وشيكة الالتئام، أم يقظتهم فكانت متفجرة بحقد قديم مكظوم شيمته السطو الخفي، وشملها مجتمع بالضغينة المتقادمة، وهدفها إعداد العدة لاختراق دار الإسلام بالدهاء والخداع والمكر، أي هما يقظتان كانتا في زمن واحد، إحداهما من طبيعتها الرفق المهذب، والأخرى من طبيعتها العدوان الفاجر، فانظر الآن ماذا كان بعد ذلك، لأمر أراد الله أن يكون. ودع عنك ما تقوله اليوم حياتنا هذه الأدبية الفاسدة.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (74)- يقظتنا ويقظتهم!
دوت أسماء هؤلاء الخمسة في أرجاء دار الإسلام، وأشتات غيرهم، مؤذنة بيقظة جديدة، وإحياء لعلم الأمة ولغتها وثقافتها، واستعادة لسيطرة الأمة على أسباب حضارتها الزاهرة القديمة، وإرادة لبعثها بعثًا جديدًا، دون شعور واضح أو علم مستبين، بالذي كان يجري في ديار المسيحية الشمالية من يقظة ونهضة وبعث جديد. ونصيحة وتنبيه، لا تنظر إلى الفرق الهائل الكائن اليوم بين الشمال المسيحي والجنوب الإسلامي، فإنك إن فعلت ضللت عن الحقيقة. والحقيقة يومئذ أن الفرق بيننا وبينهم كان خطوة واحدة تستدرك بالهمة والصبر والدأب والتصميم لا أكثر، بل أكبر من ذلك، فإن اليقظة الأوربية كانت بعد في أول الطريق وتتكئ اتكاءً شديدَا على ما كان عندنا من العلم المسطور في كتبنا برموزه التي تحتاج إلى استبانة وفهم، وعلى العلم الحي الذي عند أهل دار الإسلام.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (33)- يخرج العارف من الدنيا
يخرج العارف من الدنيا ولم يقضي وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربّه.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (32)- شهوة ساعة
كيف يكون عاقلًا من باع الجنّة بما فيها شهوة ساعة.
ابن قيم الجوزية
الفوائد (31)- أعظم الربح
أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها.
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (73)- الجبرتي الكبير والإفرنج
يقول ابنه عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ: "وحضر إلىه طلاب من الإفرنج، وقرأوا عليه علم الهندسة، وذلك في سنة 59 (1159هـ)، وأهدوا إليه من صنائعهم وآلاتهم أشياء نفسية، وذهبوا إلى بلادهم ونشروا بها العلم من ذلك الوقت وأخرجوه من القوة إلى الفعل، واستخرجوا به الصنائع البديعة مثل طواحين الهواء، وجر الأثقال، واستنباط المياه، وغير ذلك". وهؤلاء الإفرنج هم المستشرقون، والجبرتي الكبير رحمه الله، كان على خلق أهل الإسلام، فلم يضن على أحد من هؤلاء الإفرنج بشيء من علمه، ولا أساء بهم الظن، بل عمل بما أدبه به نبيه صلى الله عليه وسلم « » (رواه أحمد في المسند [7561]). ولو علم الجبرتي بخبيئة أنفسهم وهم يتملقونه ويتخشعون بين يديه، فلا أدري ماذا كان يفعل، وهو الفقيه المفتي رحمه الله؟
محمود محمد شاكر
رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (72)- خمسة من الأعلام
هبَّ البغدادي في منتصف القرن 11 الهجري، فألف ما ألف ليرد على الأمة قدرتها على التذوق، تذوق اللغة والشعر والأدب وعلوم العربية، وهبَّ ابن عبد الوهاب يكافح البدع والعقائد التي تخالف ما كان عليه سلف الأمة من صفاء عقيدة التوحيد، وهي أركان الإسلام الأكبر، ولم يقنع بتأليف الكتب بل نزل إلى عامة الناس في بلاد جزيرة العرب وأحدث رجة هائلة في قلب دار الإسلام، وهبَّ المرتضى الزبيدي يبعث التراث اللغوي والديني وعلوم العربية وعلوم الإسلام، ويحيي ما كاد يخفى على الناس بمؤلفاته ومجالسه، وهبَّ الشوكاني محييًا عقيدة السلف، وحرم التقليد في الدين، وحطم الفرقة والتنابذ الذي أدى إلى اختلاف الفرق بالعصبية، أما خامسهم، وهو الجبرتي الكبير، فكان فقيهًا حنفيًا كبيرًا، عالمًا باللغة وعلم الكلام، ولكنه في سنة 1144هـ ولى شطر العلوم التي كانت تراثًا مستغلقًا على أهل زمانه، فجمع كتبها من كل مكان، وحرص على لقاء من يعلم سر ألفاظها ورموزها، حتى ملك ناصية كل الرموز.