رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (45)- التفوق الحاسم

ينبغي أن يكون بينًا لك أن أوربة عند استواء يقظتها، أدركت إدراكًا واضحًا أن الذي بلغته قد تضمن لها التفوق الحاسم، وأنها مقبلة على زحف شامل يخترق قلب دار الإسلام، لا بقعقعة السلاح، بل بوسائل أخر أمضى من وقع السلاح، أدرك ذلك ساستها ورهبانها وعامة جماهيرها المثقفة. وهذا الزحف الصامت المصمم الخفي الوطء، سوف يضم ألوفًا مؤلفة من أشتات الناس، والنية أن تتكون من هؤلاء الأشتات جاليات كبيرة تقيم في دار الإسلام، تعاشر المسلمين فتطول عشرتهم أو تقصر، ولكل امريء منهم اتجاه أو هوى أو أسلوب أو فهم. فأمر مخوف أن يخالطوا عالمًا له دين وحضارة باقية الآثار، كان له الغلبة والتفوق والسيادة من قبل قرونًا طوالًا، كما جربوا وعلموا، أمر مخوف أن يخالطوه دون أن يكون لهذا العالم عند أكثرهم صورة مستقرة في أنفسهم تحميهم، فصار حتمًا أن يكون في متناول هؤلاء صورة للإسلام وحضارته مكتوبة بدقة ومهارة ومقنعة، يصورها لهم خبير ثقة مأمون عندهم. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (42)- تنحية السلاح قاعدة!

فمن يومئذ صارت القاعدة الراسخة في سياسة أوربة هي اجتناب استثارة هذا العالم الضخم المبهم الذي كان الترك هم طلائعه المظفرة الناشبة أظافيرها في صميم المسيحية الشمالية في قلب أوربة، ثم العمل الدائب البصير الصامت الذي يتيح لهم يومًا ما تقليم هذه الأظافر وخلعها من جذورها، حتى يأتي عليه يوم لا يملك فيه إلا أن يستكين ويستسلم، وليكن كل ذلك وراء الغفلة، وبالدهاء والرفق تارة، وبالتنمر والتكشير عن الأنياب تارة أخرى.. وكذلك كان ما كان، وما هو كائن إلى هذه الساعة، ولله الأمر من قبل ومن بعد. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (32)- سلاح العقل والعلم

وهذه الترك، وهم المسلمون، طلائع عالم إسلامي زاخر هائل مخيف غير معروف لهم ما في جوفه، مسيطر على رقعة متراحبة ممتدة من الأندلس إلى أطراف تحيط بأرض روسيا إلى جوف قارة آسية إلى جوف قارة أفريقية. وهم يعلمون الآن علمًا ليس بالظن أن السلاح، في هذه المرحلة الرابعة، ليس يغني غناءً حاسمًا، فقد وعظتهم المراحل الثلاث الأول، فنحوا أمره جانبًا إلى أن يحين حينه ويصبح قادرًا وحاسمًا. لم يهم، إذا إلا سلاح العقل والعلم والتفوق واليقظة والفهم وحسن التدبير، ثم المكر والدهاء واللين والمداهنة وترك الاستثارة، استثارة عالم ضخم مجهول ما في جوفه، ولا قبل لهم بتدفق أمواجه الزاخرة، والتي كان الترك الظافرون طلائعها الظاهرة لهم عيانًا في قلب أوربة. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (19)- جهاد الدولة البيزنطية

جاهدت الدولة البيزنطية في الشمال أن تسترد ما ضاع، وظلت 4 قرون تحاول أن تعود فتخترق هذا العالم الإسلامي من طرفه الشمالي عند الشام، وذهب جهدها هدرًا، ولم يغن عنهم السلاح شيئًا، وكل يوم يمر، يزداد رعايا الرهبان والمملوك انبهاًرا بالإسلام وخلقه وثقافته وحضارته، ولم ينج من هذا الانبهار لا الملوك ولا الرهبان أنفسهم. 

اجتمع على الشام

اجتمع على الشام عدوّان طاغية ظالم وبرد شديد، يدفع الأول بالسلاح، والثاني باللباس، فأعينوهم، قال عمر بن الخطاب: "الشتاء عدو فتأهبوا له أهبته".

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً