التعجيل بالحج
ينبغي للمؤمن أن يَغْتَنِمَ الفرصة لأداء مناسك الحجِّ؛ فإنه لا يَدْرِي ما يَعْرِض له من موانعَ تَشْغَلُه أو تَعُوقُه، وقد وردت الأحاديث تحثُّ على التعجيل بالحجِّ.

ينبغي للمؤمن أن يَغْتَنِمَ الفرصة لأداء مناسك الحجِّ؛ فإنه لا يَدْرِي ما يَعْرِض له من موانعَ تَشْغَلُه أو تَعُوقُه، وقد وردت الأحاديث تحثُّ على التعجيل بالحجِّ.
فمن ذلك:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «تعجَّلوا إلى الحجِّ؛ فإن أحدَكم لا يدري ما يَعْرِض له»[1].
وعن الفضل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن أراد الحجَّ، فليَتَعجَّل؛ فإنه قد يَمْرَض المريض، وتَضِلُّ الضالَّة، وتَعْرِض الحاجة»[2].
تنبيه:
نَرَى كثيرًا من الناس يُهْمِلون أمْر الحج، فيدَّخِرون الأموالَ لملذَّاتهم وشهواتهم، والذَّهاب إلى الأندية، وشواطئ البحار؛ لقضاء العُطلات، ولم يؤدُّوا ما أمرهم اللهُ به من الحج والعمرة وغيرهما، وتلك بَليَّةٌ ينبغي أن يُنَبَّه إليها هؤلاء الغارقون في غَفَلاتهم؛ عسى الله أن يَهْدِيَنا جميعًا.
هل الحج على الفور أم على التراخي؟
ذَهَب فريق من العلماء، منهم: الشافعي، والثَّوري، والأَوْزَاعي - إلى أن الحجَّ واجبٌ على التَّراخي، لا يَأْثَم بتأخيره، وله أن يؤدِّيَه في أيِّ وقت من العمر.
وحُجَّة هؤلاء أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخَّر الحجَّ إلى سنة عشْرٍ من الهجرة على حين أنه فُرِض سنة ستٍّ.
وذَهَب فريق آخر، منهم: مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، وبعض أصحاب الشافعية - إلى أن الحجَّ واجبٌ على الفور.
وحُجَّة هؤلاء ما تقدَّم من الأمر بالتعجيل بالحج، وكذلك قولُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لقد هَمَمتُ أن أَبْعَث رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كلَّ مَن كان له جدةٌ ولم يَحُجَّ، فيضربوا عليهم الجِزْيَة، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين"[3].
و"الجدة": السَّعَة والقدرة.
والصحيح: قولُ مَن يقول: إنه واجبٌ على الفور، وأما الاحتجاج بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تأخَّر حجُّه إلى سنة عشْرٍ؛ فقد قال الشوكاني في نيل الأوطار: "أُجِيب بأنه قد اختُلِف في الوقت الذي فُرِض فيه الحج، ومن جملة الأقوال: أنه فُرض في سنة عشر، فلا تأخير، وإن سُلِّم أنه فُرِض قبل العاشرة فتراخيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنما كان لكراهة الاختلاط في الحج بأهل الشرك؛ لأنهم كانوا يَحُجُّون ويطوفون بالبيت عُرَاةً، فلمَّا طهَّر اللهُ البيت الحرام منهم، حَجَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتراخيه لعذرٍ، ومَحلُّ النزاع التراخي مع عدمه" [4].
[1] رواه أحمد (1/313)، والحاكم (1/448)، وهو حديث حسن بشواهده، انظر كتابي: "هداية المستنير بتخريج أحاديث ابن كثير" (1028).
[2] حسن: رواه ابن ماجه (2883)، وأحمد (1/214، 323، 355)، وغيرهما.
[3] رواه سعيد بن منصور، والبيهقي في السنن (4/334)، والفاكهي في أخبار مكة (1/382) نحوه، وله طُرق وألفاظ كثيرة تدلُّ على ثبوت ذلك عن عمر رضي الله عنه، ورواه ابن أبي شيبة (2/206).
[4] نيل الأوطار (5/9).
_____________________________________________
الكاتب: الشيخ عادل يوسف العزازي
- التصنيف:
- المصدر: