هل جهنم وعاء أم بناء؟
إذا كانت جهنمُ بناءً خطياً أو رأسياً كالسجون والمعتقلات؛ فحينئذٍ قد يستقيم في الأذهان أن يكون لها سبعةُ أبواب. لكن أن يصبح لكل مجرمٍ جزء من الباب [لها سبعة أبواب؛ لكل باب منهم جزء مقسوم] فهذا يتطلب في التصور أن تكون هذه الأبواب عظيمةَ العرض، ومِنْ ثَمّ يُصبح البناء عملاقاً؛ ولا مستحيل على الله.
أمّا لو تصورناها وعاءً أقرب للكرة فإن الأبوابَ حينئذ يمكن تصورها دائريةً علوية وجانبية، وبالتالي يمكن لها أن تسع عدداً أكبر من المجرمين. فوجود فوهة أو ثغر علوي واحد أو أكثر لها يُصادق الأخبارَ التي تصف إلقاءَ المجرمين بها [ألقيا في جهنم]؛ فالإلقاء هو الرمي والدفع بقوة من علٍ. ولعلّ ما قد يُؤيد فرضيتنا هذه أحاديثُ وصفها أنها ذات أزمّة -جمع زمام والزمام هو ما يُربط به الشيء ويُشد- وتجرها الملائكة، كذا انتصاب الصراط والجسر فوقها ومرور الناس على ظهرها، وأيضا قصة قعر جهنم وسقوط الحجر في واديها والإيقاد عليها، وتنفّسها، وزفرتها، ووضع الرب الجليل قدمه فيها؛ كل هذا يجعلها مثل الوعاء أو القدر الذي يغلي ويفور.
والملء في العادة لا يكون إلا للإناء والحوض؛ فكما يُقال ملأ بطنه أو امتلأت معدته وهما ذواتا الجوف فكذا يستقيم الأمر لوعاء النار [يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد].
والوعاء هو الإناء يُجمعُ الشيءُ فيه، وهو الحاويةُ يُحفظُ الشيء فيها ويُحمل بواسطتها. فالتنور والبركان والكانون كلها أوعية ذات جوف ومحيط.
والوعاء والقدر والإناء قد يكون لكل منهم غطاء؛ فكون النار وعاءً يستلزم أن تكون ذات جُدر عالية منحنية، وذات سقف يحفظ عليها حرارتها ولهيبها ودخانها. ولعلها صارت مؤصدةً ومغلقة بوجود أعمدة فيها تمتد من أدناها لأعلاها وبين أقصى طرفيها كلأوتار المشدودة داخل دولاب أو ساقية.
وكما أن للنار سبعة أبواب فإن لها سبعة دركات أو طبقات. ولعل هذا التماثل في العدد هو الذي دفع بعض المفسرين إلى القول بأن المقصود بالأبواب الطبقات. لكن تصورنا الوعائي للنار لا يَمنع من وجود طبقات داخلية بعضها فوق بعض.
هل هذا التصور لحقيقة النار علمٌ يُفيد أم لغو يُغوي ويضل؟
جاء الخبر موقوفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ تفكروا في كل شيء ، ولا تفكروا في ذات الله] ومرسلا: [تفكروا في خلقه ولا تفكروا في الخالق ، لا تقدرون قدره]
والنار خلق من خلق الله؛ والتفكر فيها وفي جنة الخلد كلاهما مشروع.
التفكر في ماهية النار وكيفيتها يبعث على تصديق الأخبار الواردة عنها بعد الجمع بينها كلها لبناء صورة واضحة وكاملة. كذلك فإن إدراك خلق ذلك البناء يدفع بالمرء إلى الخضوع لعظمة الخالق الذي أبدع مخلوق النار العظيم.
وكما أن الجنة وُصف عرضها كعرض السماء والأرض ولم يوصف لنا طولها مما يدل على اتساعها ولربما تمددها اللانهائي كتمدد الكون المعاين [وإنا لموسعون]؛ فالنار وصفت لنا كما أبنّا من قبل كذلك. فما بين تصور سعة الجنة وتمددها اللانهائي وبين تصور وعائية النار وانغلاقها وضيقها؛ يستعيذ المرء من الثانية ويفر من استوجابها، ويرجو الأولى ويحفد في استحقاق ولوجها.
https://raqshwanaqsh.blogspot.com/2025/08/blog-post_10.html ...المزيد
Hany Mohammad
التدوينات
منذ 2025-09-12
هل جهنم وعاء أم بناء؟ إذا كانت جهنمُ بناءً خطياً أو رأسياً كالسجون والمعتقلات؛ فحينئذٍ قد يستقيم ...
هل جهنم وعاء أم بناء؟
إذا كانت جهنمُ بناءً خطياً أو رأسياً كالسجون والمعتقلات؛ فحينئذٍ قد يستقيم في الأذهان أن يكون لها سبعةُ أبواب. لكن أن يصبح لكل مجرمٍ جزء من الباب [لها سبعة أبواب؛ لكل باب منهم ...المزيد
إذا كانت جهنمُ بناءً خطياً أو رأسياً كالسجون والمعتقلات؛ فحينئذٍ قد يستقيم في الأذهان أن يكون لها سبعةُ أبواب. لكن أن يصبح لكل مجرمٍ جزء من الباب [لها سبعة أبواب؛ لكل باب منهم ...المزيد
Hany Mohammad
التدوينات
منذ 2025-09-12
"الميلاد" معجزة ودين! لماذا تحتفون بمولد النبي والقرآن لم يحتفل به؟! مالكم تمجّدون يوم ميلاده؛ ...
"الميلاد" معجزة ودين!
لماذا تحتفون بمولد النبي والقرآن لم يحتفل به؟! مالكم تمجّدون يوم ميلاده؛ وليس في حادثة الولادة أي معجزة ولا كرامة؟
لعل الإجابة عن مثل هذه التساؤلات تدفعنا إلى الإبحار في بحر ...المزيد
لماذا تحتفون بمولد النبي والقرآن لم يحتفل به؟! مالكم تمجّدون يوم ميلاده؛ وليس في حادثة الولادة أي معجزة ولا كرامة؟
لعل الإجابة عن مثل هذه التساؤلات تدفعنا إلى الإبحار في بحر ...المزيد
Hany Mohammad
التدوينات
منذ 2025-09-11
لماذا لا نرى الله؟! لماذا لا نرى الله؟! تساؤلٌ أزليٌ فلسفيٌ لكنه منطقي ومشروع. وكثيرا ما يطرأُ ...
لماذا لا نرى الله؟!
لماذا لا نرى الله؟! تساؤلٌ أزليٌ فلسفيٌ لكنه منطقي ومشروع. وكثيرا ما يطرأُ في مخيلة الموحدين بحثاً عن الحكمة والغائية، كما تتقاذفه ألسنُ الملحدين استشكالاً على المؤمنين وتعجيزاً ...المزيد
لماذا لا نرى الله؟! تساؤلٌ أزليٌ فلسفيٌ لكنه منطقي ومشروع. وكثيرا ما يطرأُ في مخيلة الموحدين بحثاً عن الحكمة والغائية، كما تتقاذفه ألسنُ الملحدين استشكالاً على المؤمنين وتعجيزاً ...المزيد