لصوص في رمضان ياسر عبدالله بن دحيم الوقت أغلى ما عند الإنسان من ثروة فالإنسان ما هو إلا ...

لصوص في رمضان

ياسر عبدالله بن دحيم


الوقت أغلى ما عند الإنسان من ثروة فالإنسان ما هو إلا أيام وليالي يوشك أن تنفذ فيرحل من هذه الدنيا ولا ينفعه إلا ما عمله في تلك الليالي والأيام من أعمال صالحات , وكلما كان الزمان شريفاً كلما زادت قيمة ذلك الوقت التي قد يضيعه المرء دونما يشعر في أمور قد لا يستفيد منها في حياته وآخرته .

إن كثيراً من الناس لا يدرك أهمية الوقت فتراه يسعى لقتل الوقت ـ كما يقال ـ وبأي طريقة غير عابئ بأن كل يوم يمضي إنما ينقص من عمره ويدني به إلى أجله .

وإن من الأوقات الفاضلة شهر رمضان المبارك الذي قد عرف القاصي والداني فضل أيامه ولياليه على سائر الشهور وحري بالمؤمن الحريص أن يستغل كل دقيقة منه ليزيد في رصيد حسناته .

ورغم أن المسلمين عموماً يعلمون فضائل هذا الشهر إلا أنك تجد تقصيراً واضحاً في استغلال الشهر المبارك واستثماره رغم تهيؤ الظروف واستعداد النفوس للطاعة والعبادة .

وفي رمضان يكثر لصوص الأوقات خاصة في لياليه بعد أن يقضي كثير من الصائمين نهارهم في النوم فيأتي عليهم الليل ليقضوه في السهر بين تلك القنوات التي تتنافس على استقطاب أكبر عدد من المشاهدين حيث تبدأ الاستعدادات لهذه البرامج قبل رمضان بشهور لتبث في ليالي هذا الشهر صارفة المسلمين عن التفرغ لعبادة ربهم في ليالي رمضان لينتقلوا من قناة لأخرى ومن برنامج لآخر .

هذه البرامج التي تفنن صانعوها في إخراجها بين مسلسلات ومسابقات وبرامج ترفيهية ومباشرة تسلب على الصائمين أوقاتا هم بأمس الحاجة إليها لصلاة قيام أو قرآءة قرآن أو صلة رحم أو زيارة قريب .

فاغتنت أخي المؤمن فراغك واستفد من وقتك فقد أوصاك نبيك بقوله : (اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك و صحتك قبل سقمك و فراغك قبل شغلك و شبابك قبل هرمك و غناك قبل فقرك ) .

واحذر من لصوص الأوقات خاصة في شهر رمضان فإن أكثر الناس يسلب منه وقته دون أن يشعر فيخسره دون أن يغنم فيه فإن الفراغ نعمة تسأل عنها يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " . رواه البخاري

إن الله عز وجل يسوق الفرص للبشر لاغتنامها وهي أسواق تعقد ثم تفض يربح منها من يربح ويخسر فيها من يخسر والمسلم سبّاق للخير ولا يدع لحظة من لحظات حياته تمر دون فائدة والزمن له قيمة كبرى في حياة المسلم وقد قيل قديما: "الوقت من ذهب" وكما قال يحي بن هبيره:

والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع

وما أجمل كلام أمير الشعراء شوقي حين قال:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني

فهيا إلى المبادرة للأعمال الصالحة قبل ظهور العوائق وقبل فجأة الموت واغتنموا أعماركم بالأعمال الصالحة فإنه تنقضي سريعة يقول الحسن البصري: (ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يوم ذهب بعضك).
...المزيد

اللهم إني صائم ...

اللهم إني صائم

ياسر عبدالله بن دحيم

الأخلاق التي ينبغي للصائم أن يلتزمها كثيرة فكل أدبٍ وخلقٍ كريم دعا له الإسلام فحري بالصائم أن يتحلى به وقد ورد في بعض الأحاديث توجيهات خاصة للصائمين زيادة تنبيه وحض على الاتصاف بكريم الأخلاق ومن ذلك ما جاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الصيام جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم ) أخرجه البخاري ومسلم

هذا الأدب النبوي الذي أمر به الرسول الصائم بأن يتخلق به في مقابل الإساءة التي تحصل من بعض الناس الذين غابت عنهم حكم الصيام .

نلاحظ أن هذا الأدب النبوي يفتقده بعض المسلمين الصائمين في هذا الزمان ذلك أنك تجد في أسواقنا في شهر رمضان بعد العصر ارتفاع الأصوات والمنازعات والخصومات خاصة عند البيع والشراء والتي قد تصل إلى المضاربة والاشتباك بالأيدي ويبرر بعض من يفعل ذلك بأنه صائم ؟!!

أي أن اشتداد العطش والجوع عليه يسوغ له تلك التصرفات فتراه قد ضاقت حاله وأصبح كالبالون المنتفخ المستعد للانفجار عند أول ملامسة فما أن يحصل احتكاك بينه وبين آخرين إلا وقد ارتفعت الأصوات وبدأت المنازعات واحمرت الوجوه وهذا مخالف تماماً للحكمة الشرعية من فرض الصيام وهي تحقيق التقوى ( لعلكم تتقون ) .

فأين هذه التقوى إذا كان الإنسان صخاباً رافعاً صوته يؤذي هذا ويزعج ذاك لأدنى سبب ؟! فليست من صفة المسلم الحق الصخب ورفع الصوت وقد جاء في الأثر (إن الله يبغض كل جعظري جواظ صخاب في الأسواق ) وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (وإياكم وهيشات الأسواق ) أَيْ والْمُنَازَعَة وَالْخُصُومَات وَارْتِفَاع الْأَصْوَات وَاللَّغَط .

إن من صفات المؤمن أن يكون هيناً ليناً يدفع السيئة بالحسنة ويكظم الغيظ ويعفو عن الزلل ولا يتتبع الأخطاء ولا يحملها فوق ما تحتمل ويغض الطرف عن الصغائر ويقبل الأعذار فإن ذلك من صفات أهل الإحسان (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

أخي الصائم : لا تظن أن قولك لمن يعتدي عليك ( إني صائم ) ضعفاً فيك أو خوفا من خصمك بل هو أدب نبوي كريم يعلمه رسولنا للصائم والتزام أمر الله ورسوله رفعة عزة فإن علو الإنسان ورفعته أن يترفع عن سفاسف الأمور ويتعالى على حظوظ نفسه ومن تواضع لله تعالى رفعه الله فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : (وما زاد رجلا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) رواه الترمذي .

فكن من عباد الله الذين وصفهم بقوله (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) .
...المزيد

قال هي في النار ياسر عبدالله بن ...

قال هي في النار

ياسر عبدالله بن دحيم
كثير من المسلمين ممن يصوم رمضان يدرك الحكمة التي فرض الله لأجلها الصيام وهي تحقيق التقوى وقليل من أولئك من يعلم أن من تقوى الله تعالى الإحسان إلى خلقه وتزكية النفس وتطهيرها عن مساوئ الأخلاق .

فالعبادات التي فرضها الله تعالى على المسلمين جاءت لتحقق هذه الغاية العظيمة التي قد يغفل عنها بعض المسلمين فينعكس ذلك سلباً على معاملاته للخلق ولا يستفيد من طاعته لربه فتراه لا يتورع عن أذية هذا أو ظلم ذاك ومع ذلك فهو من أهل الصلاة والصيام حاله كحال تلك المرأة التي أخبر عنها رسولنا أنها من أهل النار مع كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها !!
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله : ( إن فلانة يذكرمن كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها) قال : (( هي في النار )) قال يا رسول الله : ( فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها ) قال : (( هي في الجنة )) رواه أحمد

إن المرأة الأولى والتي مثلها نماذج كثيرة من النساء والرجال في مجتمعاتنا لم تدرك أن الشرائع والفرائض ليست مجرد عبادات تنجز وفرائض تؤدى وإنما لها حقائق وغايات وحكم تؤثر إيجاباً على نفسية المؤمن فتنعكس على أخلاقه فأي فائدة ترجى من كثرة الصلاة والصيام والصدقة ولسان العابد يفري في أعراض الناس ؟ وهل استفاد من تلكم العبادات من هذا حاله ؟
وإذا كانت تلك المرأة قد استحقت النار رغم كثرة عباداتها بسبب أذية جيرانها بلسانها فكيف يكون حال من يؤذي الآخرين بيده فيأخذ ما ليس له أو يظلم أو يبطش ؟!
إننا حينما نتتبع الحكم التي فرضت لأجلها العبادات لوجدناها تزكية النفوس وترقية الأخلاق ففي الصلاة يقول الله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) وعن الزكاة (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وثمرة الصيام ( لعلكم تتقون ) وفي الحج (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
إن العجب أن تجد من مرغ جبهته بالتراب وأظمأ نهاره بالعطش والجوع ثم لم يستفد من ذلك شيئا وفي الحديث (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر)
إن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ربه ليتتم الفضائل ويقوم الأخلاق فالدين المعاملة وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما بعثت لأتمم مكارم) وفي رواية ( صالح الأخلاق ).
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً