شؤم المعاصي على العبيد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن ...

شؤم المعاصي على العبيد


قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي):

- المعاصي تجرئ على الإنسان أعداءه

ومن عقوباتها: أنها تجرئ على العبد ما لم يكن يجترئ عليه من أصناف المخلوقات، فتجترئ عليه الشياطين بالأذى والإغواء والوسوسة والتخويف والتحزين، وإنسائه ما به مصلحته في ذكره، ومضرته في نسيانه، فتجترئ عليه الشياطين حتى تؤزه في معصية الله أزا.

وتجترئ عليه شياطين الإنس بما تقدر عليه من الأذى في غيبته وحضوره، ويجترئ عليه أهله وخدمه وأولاده وجيرانه حتى الحيوان البهيم.
قال بعض السلف: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق امرأتي ودابتي.

وكذلك يجترئ عليه أولياء الأمر بالعقوبة التي إن عدلوا فيها أقاموا عليه حدود الله، وتجترئ عليه نفسه فتتأسد عليه وتصعب عليه، فلو أرادها لخير لم تطاوعه ولم تنقد له، وتسوقه إلى ما فيه هلاكه، شاء أم أبى.

وذلك لأن الطاعة حصن الرب تبارك وتعالى الذي من دخله كان من الآمنين، فإذا فارق الحصن اجترأ عليه قطاع الطريق وغيرهم، وعلى حسب اجترائه على معاصي الله يكون اجتراء هذه الآفات والنفوس عليه، وليس له شيء يرد عنه. فإن ذكر الله وطاعته والصدقة وإرشاد الجاهل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وقاية ترد عن العبد، بمنزلة القوة التي ترد المرض وتقاومه، فإذا سقطت القوة غلب وارد المرض فكان الهلاك، فلابد للعبد من شيء يرد عنه، فإن موجب السيئات والحسنات تتدافع ويكون الحكم للغالب كما تقدم، وكلما قوي جانب الحسنات كان الرد أقوى كما تقدم، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، والإيمان قول وعمل، فبحسب قوة الإيمان يكون الدفع، والله المستعان.


- المعاصي تضعف العبد أمام نفسه

ومن عقوباتها: أنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى نفسه، فإن كل أحد يحتاج إلى معرفة ما ينفعه وما يضره في معاشه ومعاده، وأعلم الناس أعرفهم بذلك على التفصيل، وأقواهم وأكيسهم من قوي على نفسه وإرادته، فاستعملها فيما ينفعه وكفها عما يضره، وفي ذلك تتفاوت معارف الناس وهممهم ومنازلهم، فأعرفهم من كان عارفا بأسباب السعادة والشقاوة، وأرشدهم من آثر هذه على هذه، كما أن أسفههم من عكس الأمر.

والمعاصي تخون العبد أحوج ما كان إلى نفسه في تحصيل هذا العلم، وإيثار الحظ الأشرف العالي الدائم على الحظ الخسيس الأدنى المنقطع، فتحجبه الذنوب عن كمال هذا العلم، وعن الاشتغال بما هو أولى به، وأنفع له في الدارين.
فإذا وقع مكروه واحتاج إلى التخلص منه، خانه قلبه ونفسه وجوارحه، وكان بمنزلة رجل معه سيف قد غشيه الصدأ ولزم قرابه، بحيث لا ينجذب مع صاحبه إذا جذبه، فعرض له عدو يريد قتله، فوضع يده على قائم سيفه واجتهد ليخرجه، فلم يخرج معه، فدهمه العدو وظفر به.

كذلك القلب يصدأ بالذنوب ويصير مثخنا بالمرض، فإذا احتاج إلى محاربة العدو لم يجد معه منه شيئا، والعبد إنما يحارب ويصاول ويقدم بقلبه، والجوارح تبع للقلب، فإذا لم يكن عند ملكها قوة يدفع بها، فما الظن بها؟

وكذلك النفس فإنها تخبث بالشهوات والمعاصي وتضعف، أعني النفس المطمئنة، وإن كانت الأمارة تقوى وتتأسد، وكلما قويت هذه ضعفت تلك، فيبقى الحكم والتصرف للأمارة.

وربما ماتت نفسه المطمئنة موتا لا يرتجى معه حياة ينتفع بها، بل حياته حياة يدرك بها الألم فقط.

والمقصود أن العبد إذا وقع في شدة أو كربة أو بلية خانه قلبه ولسانه وجوارحه عما هو أنفع شيء له، فلا ينجذب قلبه للتوكل على الله تعالى والإنابة إليه والجمعية عليه والتضرع والتذلل والانكسار بين يديه، ولا يطاوعه لسانه لذكره، وإن ذكره بلسانه لم يجمع بين قلبه ولسانه، فينحبس القلب على اللسان بحيث يؤثر الذكر، ولا ينحبس القلب واللسان على الذكر، بل إن ذكر أو دعا ذكر بقلب لاه ساه غافل، ولو أراد من جوارحه أن تعينه بطاعة تدفع عنه لم تنقد له ولم تطاوعه.

وهذا كله أثر الذنوب والمعاصي كمن له جند يدفع عنه الأعداء، فأهمل جنده، وضيعهم، وأضعفهم، وقطع أخبارهم، ثم أراد منهم عند هجوم العدو عليه أن يستفرغوا وسعهم في الدفع عنه بغير قوة.

هذا، وثم أمر أخوف من ذلك وأدهى منه وأمر، وهو أن يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال إلى الله تعالى، فربما تعذر عليه النطق بالشهادة، كما شاهد الناس كثيرا من المحتضرين أصابهم ذلك، حتى قيل لبعضهم: قل لا إله إلا الله، فقال: آه آه، لا أستطيع أن أقولها.

وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فقال: شاه رخ، غلبتك. ثم قضى.

وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فقال:
يا رب قائلة يوما وقد تعبت ... أين الطريق إلى حمام منجاب ثم قضى.

وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: تاتنا تننتا. حتى قضى

وقيل لآخر ذلك، فقال: وما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ركبتها؟ ثم قضى ولم يقلها.

وقيل لآخر ذلك، فقال: وما يغني عني، وما أعرف أني صليت لله صلاة؟ ثم قضى ولم يقلها.

وقيل لآخر ذلك، فقال: هو كافر بما تقول. وقضى.

وقيل لآخر ذلك، فقال: كلما أردت أن أقولها لساني يمسك عنها.

وأخبرني من حضر بعض الشحاذين عند موته، فجعل يقول: لله، فلس لله. حتى قضى.

وأخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه: لا إله إلا الله، وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، هذا مشتر جيد، هذه كذا. حتى قضى.

وسبحان الله! كم شاهد الناس من هذا عبرا؟ والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم.

فإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه قد تمكن منه الشيطان، واستعمله فيما يريده من معاصي الله، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى، وعطل لسانه عن ذكره وجوارحه عن طاعته، فكيف الظن به عند سقوط قواه واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع؟

وجمع الشيطان له كل قوته وهمته، وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصته، فإن ذلك آخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت، وأضعف ما يكون هو في تلك الحال، فمن ترى يسلم على ذلك؟ فهناك {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 27] .

فكيف يوفق بحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطا. فبعيد من قلبه بعيد من الله تعالى، غافل عنه متعبد لهواه أسير لشهواته، ولسانه يابس من ذكره، وجوارحه معطلة من طاعته مشتغلة بمعصيته -أن يوفق للخاتمة بالحسنى-.

ولقد قطع خوف الخاتمة ظهور المتقين، وكأن المسيئين الظالمين قد أخذوا توقيعا بالأمان {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ - سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [سُورَةُ الْقَلَمِ: 39 - 40]

كَمَا قِيلَ:
يا آمنا من قبيح الفعل منه أهل
أتاك توقيع أمن أنت تملكه
جمعت شيئين أمنا واتباع هوى
هذا وإحداهما في المرء تهلكه
والمحسنون على درب المخاوف قد
ساروا وذلك درب لست تسلكه
فرطت في الزرع وقت البذر من سفه
فكيف عند حصاد الناس تدركه
هذا وأعجب شيء منك زهدك في
دار البقاء بعيش سوف تتركه
من السفيه إذا بالله أنت أم ال
مغبون في البيع غبنا سوف يدركه


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 192
الخميس 22 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

إن الله لا يضيع أجر المحسنين قبل فتح الموصل كان دأب رافضة العراق حشد الآلاف من جيشهم وشرطهم ...

إن الله لا يضيع أجر المحسنين


قبل فتح الموصل كان دأب رافضة العراق حشد الآلاف من جيشهم وشرطهم للسير في صحراء الأنبار وبادية الجزيرة بحثا عن معسكرات الدولة الإسلامية ومخابئ جنودها، حيث كانت أرتال ضخمة تصل لمئات المدرعات أحيانا، تتحرك بصورة استعراضية وكل آمال ضباطهم وجنودهم أن لا يصادفوا في طريقهم أي مجاهد قد يضطرون للاشتباك معه، ثم تنتهي تلك الحملات عادة بصور لقادتها في جوف وادٍ أو قرب خرائب قرية يمكنهم الزعم أن أطلالها تشير إلى مرور جنود الدولة الإسلامية بها ذات يوم.

وغالبا ما كانت تنتهي نشوة تلك الاستعراضات الفارغة بفاجعة تُحيق بالمرتدين بعيدا عن مواطن انتصاراتهم المزعومة، حيث تُفاجئهم المفارز الأمنية للمجاهدين بضربات قوية في أكثر المناطق تشديدا داخل بغداد والموصل وسامراء وكركوك وبعقوبة، ليستيقظوا مرة أخرى من أحلامهم الجميلة على كوابيس مفزعة تطيح بقياداتهم الأمنية والعسكرية وتجبرهم على إعادة ترتيب قواتهم وتنظيم تشكيلاتهم، ثم الانطلاق من جديد إلى الصحراء نحو حلم جديد بنصر حاسم على الدولة الإسلامية.

وإن الناظر في أمر هذه الحملات التي عاد الروافض لتكرار أسلوبها اليوم بوتيرة وحجم أكبرين يجد أنها حيلة العاجز وخيار من لا خيار آخر له، إذ البديل عنها أن يجلسوا في قواعدهم وثكناتهم منتظرين أن تتساقط عليهم القذائف والصواريخ، أو تقطع طرقاتهم العبوات والكمائن، وفي الوقت نفسه فإن هذه الحملات تمثل لهم صورة من صور السيطرة على الأرض التي يسعون للحفاظ عليها، فبانقطاعها تصبح المناطق التي يتحرك فيها جنود الدولة الإسلامية اليوم بحكم الساقطة عسكريا، ويصبح المرتدون محاصرين في المناطق الحضرية التي يسعون لتأمينها، لتتحول شيئا فشيئا إلى حصون مخافة اقتحام الدولة الإسلامية لها من جديد.

وكذلك فإن أخشى ما يخشاه الروافض وحلفاؤهم الصليبيون اليوم أن يتحول المجاهدون في انتشارهم من نمط العصابات صغيرة الحجم التي تنفذ هجمات عسكرية محدودة القوة إلى نمط التشكيلات العصابية شبه النظامية التي يمكنها -بإذن الله تعالى- القيام بعمليات منسقة متوسطة بل وكبيرة من حيث المدى وطبيعة الأهداف، ولذلك فهم يسعون من خلال الحملات المستمرة إلى إبقاء المجاهدين في حالة تنقل دائم وتوزع متناثر، عبر المطاردة المستمرة لهم ومنعهم من إقامة نقاط استقرار طويلة الأمد بالبحث عنها وتدميرها، وبالتالي التضييق عليهم بذلك لمنعهم من استقبال أعداد كبيرة من النافرين إليهم وخاصة في مناطق العمليات المحيطة بالمدن والطرق الرئيسة.

وهكذا نجد الروافض اليوم ما إن يسمعوا بنصب خيمة في الصحراء إلا حركوا إليها أرتالهم ليتحققوا أن من يستظل بها ليس من جنود الخلافة، وما إن يخبرهم جاسوس أنه رأى بعض الأشخاص في منطقة جبلية قصية إلا شنوا عليها حملة تمشيط خوفا من أن يكونوا من مجاهدي الدولة الإسلامية، وهذا الرعب ليس حكرا على الروافض في العراق فحسب، بل هو -بحمد الله تعالى- عام شامل في نفوس الكفار والمرتدين في كل مكان، فهم منذ إعلان الخلافة في حالة استنفار دائم لم تُنهها إعلاناتهم المزعومة بتحقيق النصر النهائي على الدولة الإسلامية، التي يعلمون قبل غيرهم أنها مجرد أكاذيب لا تغني من الواقع شيئا.

ولهذا فعلى مجاهدي الدولة الإسلامية أن يفرحوا بهذا الفضل العظيم من ربهم جل جلاله، أن جعل مجرد بقاء رايتهم مرفوعة مصدر غيظ وخوف وهلع، وسبب استنزاف للكفار وإرهاق وحركة مستمرة لهم، فما يُدخلونه على قلوب أعداء الله من ذلك كله جهاد في سبيل الله تعالى، يثابون عليه حسنات يعظم بها إيمانهم ويُكفّر بها عن سيئاتهم وترتفع بها درجاتهم، وهم ربما لا يلقون لها بالا لعلو هممهم وتطلعهم لما هو أعلى وأجل من الأعمال، وأكثر نكاية وأعظم فتكا بأعداء الله رب العالمين، فكيف إذا اجتمع إلى ذلك ما يلاقونه من جوع وخوف وهم وغم وهم متمسّكون بدينهم قابضون على توحيدهم، قال تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120- 121].

وعليهم أن يتأكدوا أنهم بإذن الله منصورون من ربهم بالرعب وبما شاء من جنوده، فلربّ مجاهد ضعيف عضُده، قليل مددُه، مقدور عليه زاده وذخيرته، تحوم فوق رأسه طائرات الصليبيين، وتحيط به جموع المرتدين، هو في عين نفسه مستضعف مطارد، وفي عين أعدائه جيش من الأبطال يوشك أن يقتحم المدن من جديد، ونفوسهم مكسورة أمامه لا تقوى على الثبات في وجه زحفه العنيف المخيف، فليسعوا إلى إرهاب أعدائهم أكثر، وليجهدوا في إرعابهم أكثر، وليصبروا على ما يلقونه في سبيل الله تعالى، فما عملهم كله إلا عبادة، وما ثمرته إلا الحسنى وزيادة، وقد قال ربهم سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 192
الخميس 22 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

مقال: الصبر وما يعين المسلمَ عليه إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونشهد أن لا إله ...

مقال: الصبر وما يعين المسلمَ عليه


إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد: فلما كانت الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء، لا يسلم المؤمن في الدنيا من المصائب والرزايا والبلايا، ونحن في أزمنة متأخرة حُرمَ فيها المسلمون من التحاكم إلى شريعة ربهم عز وجل، ونُكست فيها أعلام العلم والدين، وصار الدعاةُ إلى الله عز وجل الملتزمين بشرعه محاربين مضطهدين، وارتفعت أعلام الفتن، وكثرت الشبهات والمحن، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، فما أحوج المجاهدين إلى تعلم الصبر والعمل به، قال ابن القيم رحمه الله: "فإن الله سبحانه جعل الصبر جواداً لا يكبو، وصارماً لا ينبو، وجندا غالباً لا يهزم، وحصنا حصينا لا يهدم ولا يثلم، فهو والنصر أخوان شقيقان فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب والعسر مع اليسر، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد، ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد، ولقد ضمن الوفي الصادق لأهله في محكم الكتاب أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب، وأخبرهم أنه معهم بهدايته ونصره العزيز وفتحه المبين، فقال تعالى: {واصبروا إن الله مع الصابرين}[الأنفال : 46] ". [عدة الصابرين]


- معنى الصبر وذكر أقسامه

الصبر لغة: هو المنع والحبس، واصطلاحا: قال ابن القيم هو: "حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما" [عدة الصابرين].

وقال رحمه الله في حقيقته: "هو خلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به عن فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها، وقوام أمرها"[عدة الصابرين] ، وقيل: "الصبر المقام على البلاء بحسن الصحبة كالمقام مع العافية"، قال ابن القيم رحمه الله: "ومعنى هذا أن لله على العبد عبودية في عافيته وفي بلائه، فعليه أن يحسن صحبة العافية بالشكر، وصحبة البلاء بالصبر"[عدة الصابرين].

وللصبر ثلاثة أقسام: صبر على الأوامر حتى يؤديها، وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها، وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها.

- الصبر دليل على محبة الله
فالصبر على ما قدره الله على عباده من البلاء دليل على محبتهم إياه، ولذلك فكلما عَظُمَ صبر العبد على المكاره في مراد الله عظمت محبته عند الله، ولهذا وصف الله تعالى بالصبر خاصة أوليائه وأحبابه، فقال تعالى عن نبيه أيوب: {إنا وجدناه صابراً} ثم أثنى عليه، فقال: {نعم العبد إنه أواب}[ص:44]، وأمر سبحانه وتعالى أحب الخلق إليه بالصبر لحكمه فقال تعالى لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم: {واصبر وما صبرك إلا بالله}[النحل:127] وفي ذلك قال ابن القيم: "ومن ههنا كانت محبة أكثر الناس كاذبة، لأنهم ادعوا محبة الله تعالى، فحين امتحنهم بالمكاره انخلعوا عن حقيقة المحبة، ولم يثبت معه إلا الصابرون" [مدارج السالكين]


- الأسباب المعينة على الصبر عند البلاء
ومما يعين المجاهد على الصبر على البلاء عشرة أمور عدّها ابن القيم رحمه الله فقال: "والصبر على البلاء ينشأ من أسباب عديدة:

أحدها: شهودُ جزائِها وثوابها.

الثاني: شهودُ تكفيرها للسيئات ومَحْوِهَا لها. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة تصيب المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها).

الثالث: شهودُ القَدَرِ السابق الجاري بها وأنها مقدَّرةٌ في أمِّ الكتاب قبل أن يُخْلَقَ فلا بدَّ منها، فجزَعُه لا يزيدهُ إلا بلاء.

الرابع: شهودُه حقَّ الله عليه في تلك البلوى، وواجبَه فيها الصبر بلا خلاف بين الأمة، أو الصبر والرضا على أحد القولين؛ فهو مأمور بأداء حقِّ الله وعبوديته عليه في تلك البلوى؛ فلا بد له منه وإلا تضاعفت عليه.

الخامس: شهود ترتّبها عليه بذنبه، كما قالَ الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى من الآية:30] فهذا عامٌّ في كل مصيبة دقيقةٍ وجليلة، فيشْغَلُه شهودَ هذا السببِ بالاستغفارِ الذي هو أعظمُ الأسباب في دفع تلك المصيبة، قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع بلاء إلا بتوبة".

السادس: أن يعلمَ أن الله قد ارتضاها له واختارها وقسَمَها، وأنَّ العبودية تقتضي رضاه بما رَضِيَ له به سيده ومولاه؛ فإن لم يوفِ قدْرَ المقَامِ حقَّه فهو لضَعْفِهِ؛ فلينزلْ إلى مقامِ الصبر عليها؛ فإن نزلَ عنه نزلَ إلى مقامِ الظلم وتعدِّي الحقّ.

السابع: أن يعلمَ أن هذه المصيبة هي داءٌ نافع ساقَه إليه الطبيبُ العليم بمصلحته الرحيم به؛ فليصبرْ على تجرُّعِه ولا يتقيَّأه بتسخُّطِه وشكْوَاه فيذهبُ نفْعُه باطلًا.

الثامن: أن يعلم أن في عُقْبَى هذا الدواء من الشفاء والعافية والصحة وزوال الألم ما لم تحصل بدونه؛ فإذا طالعتْ نفسُه كراهةَ هذا الدواءِ ومرارَتَه؛ فلينظرْ إلى عاقبته وحُسْنِ تأثيره، قال تعالى: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة من الآية:216]، وقال الله تعالى: {فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّـهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء من الآية:19]، وفي مثل هذا قال القائل:
لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ
فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ

التاسع: أن يعلمَ أن المصيبةَ ما جاءَتْ لتهلِكَه وتقتُلَه، وإنما جاءت لِتَمْتَحِنَ صبْرَه وتبْتَلِيَه؛ فيتبيّن حينئذ هل يصلح لاستخدامه؟ وجعْلِه من أوليائه وحزبه أم لا؟ فإن ثبت اصطفاه واجتباه، وخلع عليه خِلَعَ الإكرام وألبسه ملابسَ الفضل، وجعل أولياءه وحزبه خدمًا له وعونًا له، وإن انقلب على وجهه ونكص على عقبيه طُرِدَ وصُفع قفاه وأُقِصي، وتضاعفت عليه المصيبة وهو لا يشعر في الحال بتضاعفها وزيادتها، ولكن سيعلمُ بعد ذلك بأنَّ المصيبةَ في حقِّه صارت مصائب، كما يعلمُ الصابرُ أنَّ المصيبةَ في حقِّهِ صارَتْ نِعَمًا عديدة، وما بين هاتين المنزلتين المتباينتين إلا صبرُ ساعة، وتشجيعُ القلب في تلك الساعة، والمصيبة لا بدَّ أن تقلع عن هذا وهذا، ولكن تقلع عن هذا بأنواع الكرامات والخيرات، وعن الآخرِ بالحرمان والخذلان؛ لأن ذلك تقدير العزيز العليم، وفضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

العاشر: أن يعلم أن الله يربّي عبدَه على السراء والضراء والنعمة والبلاء؛ فيستخرج منه عبوديَّته في جميع الأحوال؛ فإن العبدَ على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال، وأما عبدُ السرَّاء والعافيةِ الذي يعبد الله على حرفٍ؛ فإن أصابه خير اطمأنَّ به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه؛ فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته؛ فلا ريب أنَّ الإيمان الذي يثبتُ على محلِّ الابتلاء والعافية".[طريق الهجرتين]

- الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين
فلابد للمجاهد من الصبر على نوائب الدهر وأذى الخلق، بل ولابد له من الزيادة على صبره بالرضا بما قضى الله به، وأنيسه في ذلك يقينه بموعود الله، وملاحظته لحسن العاقبة، وعلمه بأن الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، قال تعالى وبقوله اهتدى المهتدون: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] قال سفيان بن عيينة في هذه الآية: "لما أخذوا برأس الأمر جعلهم الله رؤوسا" .وقال الطبري رحمه الله: "وقوله: (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أئمَّةً)، يقول تعالى ذكره: وجعلنا من بني إسرائيل أئمة، وهي جمع إمام، والإمام الذي يؤتمّ به في خير أو شرّ، وأريد بذلك في هذا الموضع أنه جعل منهم قادة في الخير، يؤتمّ بهم، ويهْتَدى بهديهم".[تفسير الطبري]

"فالصبر آخِيَة المؤمن التي يجُول ثم يرجِعُ إليها، وساقُ إيمانِه التي لا اعتماد له إلا عليها، فلا إيمانَ لمن لا صبْرَ له، وإن كان فإيمانٌ قليل في غاية الضعْف وصاحبُه ممن يعبُد الله على حرف {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ } [الحج: 11]، ولم يحظَ منهما إلا بالصفقة الخاسرة، فخيْر عيشٍ أدركه السعداء بصبرهم، وترَقَّوْا إلى أعلى المنازل بشكرهم، فساروا بين جَناحي الصبر والشكر إلى جنات النعيم، وذلك فضل الله يُؤتيه من يشاءُ والله ذو الفضل العظيم".[عدة الصابرين]


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 191
الخميس 15 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

"التيار الجهادي" المزعوم والولاءات المتناقضة من جديد يبدي مرتدو الصحوات في الشام غضبهم من ...

"التيار الجهادي" المزعوم والولاءات المتناقضة


من جديد يبدي مرتدو الصحوات في الشام غضبهم من التصريحات المخزية لقادة حركة "حماس" المرتدة، والتي يؤكدون فيها على التحالف والولاء مع الروافض والنصيرية في إيران والعراق والشام، ويمتدحون فيها طواغيتهم المشركين وقادتهم الذين أوغلوا في دماء أهل السنة والجماعة في مختلف البلدان.وينطلق قادة الحركة المرتدون من أصولهم "الإخوانية" التي قرّرت لهم منذ تأسيس جماعتهم الضالة أن المنفعة المظنونة مقدمة لديهم على نصوص الكتاب والسنة، وأن لكل منهم أن يعمل بموجب تلك المنفعة التي يستجلبها لنفسه، ولو كان في ذلك ضررا ومفسدة على إخوانه المنتسبين إلى فروع أخرى للجماعة في بلدان أخرى، فضلا عن بقية المسلمين الذين يزعمون الانتساب إليهم والولاء لهم، وأنه لا ينكر فرع من فروعهم على فرع آخر في ما يعمله مهما ولغ في الكفر والردة، واعتبار كل قراراتهم اجتهادات شرعية يؤجرون عليها مهما كان ضلالها وسوء عاقبتها.

وهكذا رأينا أتباع كل فرع منهم يوالي الطواغيت الذين ينكلون بإخوانهم في بلدان أخرى، كما حصل مع الإخوان المرتدين في سوريا الذين دخلوا في طاعة الطاغوت "جمال عبد الناصر" في أوج فترة مذابحه بحق الإخوان المرتدين في مصر، ورأيناهم كذلك يوالون الطاغوت "صدام حسين" الذي نكل بإخوانهم في العراق وشرّدهم من الأرض وأعدم بعض قادتهم، ورأينا الإخوان المرتدين في مصر يوالون الطاغوت "الخميني" في الوقت الذي كان ينكل بالمسلمين في إيران، ويرسل صواريخه وطائراته لقصف المسلمين في العراق أثناء قتاله مع حزب البعث، ورأيناهم في مختلف البلدان يوالون الطواغيت من آل سعود في الوقت الذي كان هؤلاء يدعمون فيه النصارى والشيوعيين لقتال حكومة الإخوان المرتدين في جنوب السودان.

بل وتتسع عقلية الإخوان المرتدين لقبول هذا النوع من الولاءات المتناقضة حتى داخل البلد الواحد، إذ تكرر أن يوالي طرف من الإخوان المرتدين الطواغيت الحاكمين في بعض البلدان في الوقت الذي يخوض فيه إخوانهم صراعا ضدهم، لقاء الحصول على بعض المناصب وبعض التسهيلات من أجهزة المخابرات، كما فعل الطاغوت "نحناح" في الجزائر وطواغيت "الحزب الإسلامي" في العراق على سبيل المثال.

وإن هذا الاستنكار من مرتدي الصحوات في الشام على فعل إخوانهم من طواغيت "حركة حماس" كونهم يجعلونها جزءا مما يسمونه "التيار الجهادي" ويرون في فعالها خيانة لبقية أحزاب هذا التيار المزعوم لهو أمر غريب حقا، فإن هذه الأحزاب نفسها غير بريئة اليوم مما وقعت فيه أخواتها من أحزاب الإخوان المرتدين، وشواهد السنوات الأخيرة خير دليل على صدق هذه الدعوى.

فأحزاب "التيار الجهادي" المزعوم في ليبيا موالية صراحة لتركيا وإيطاليا وغيرها من دول الناتو التي هي في اشتباك مباشر مع أحزاب أخرى منه في أفغانستان والصومال، دون أن تستنكر الأخيرة على الأولى هذه الموالاة من أخواتها لأعدائها، وأحزابه في الشام متولية لطواغيت تركيا وقطر، الداعمين لطواغيت الصومال ومالي في قتال أحزاب أخرى من التيار المزعوم في تلك البلدان، وكذلك نرى من حركة "طالبان" المرتدة التي هي رأس في تيارهم تطلب ود وصداقة المشركين في روسيا وإيران في الوقت الذي يرتكبون في المجازر بحق المسلمين في الشام، ويقاتلون منذ سنين أحزاب تيارهم التي تؤيد توجهات "طالبان" وتفرح لرؤية طواغيتها في موسكو وطهران، وعموما لا نسمع من أي أحزابهم طلبا من إخوانهم أن يتبرؤوا من الكفار والمرتدين الذين يقاتلونهم، وذلك اتباعا لقاعدة إخوانهم من أحزاب "الإخوان المرتدين" في ضبط العلاقة داخل جماعتهم أو تيارهم الخاص، وكذلك لأن أكثرهم واقعون في الأمر نفسه ويخشون أن يطلب منهم البراءة أيضا من الطواغيت والمشركين الذين يوالونهم.

وهكذا نجد أن العلاقة بين أحزاب "التيار الجهادي" المزعوم وهي تدّعي الإخاء والولاء لا ترقى حتى إلى التحالف الذي نجده بين طوائف المشركين ودولهم وهم مختلفون متفرقون في مللهم وأديانهم، فلا يجمعهم في الحقيقة إلا دعاوى عريضة بنصرة أمة المسلمين والسعي لإقامة الدين، والتي أثبتوا في مواقف كثيرة كذبهم فيها وخداعهم لمن صدقهم واتبعهم لأجلها.

وهذه الولاءات والتحالفات المتناقضة لا نراها بفضل الله أبدا داخل جماعة المسلمين، التي اجتمع شملها على إمام واحد، وحّد الله تعالى به كلمتها ورايتها وحربها وسلمها، وعصمها به من الفرقة والشتات، فإن نال كافر من مسلم في مشرق الأرض، انتقم له أخوه في مغربها، وإن سالم الإمامُ كافرا في بلد كان تأمينه واجبا على جنود الخلافة في كل مكان، فسلْمه سلْمهم وحربه حربهم، والدم الدم، والهدم الهدم، وكم رأينا من مرة غزوة يعلنها الإمام فيستجيب لأمره المجاهدون في مشارق الأرض ومغاربها، لا يتنكبون عن المشاركة فيها ما وسعهم ذلك.

ولا زلنا نرى جنود الخلافة يقاتلون الروافض في خراسان وفارس والعراق والشام واليمن وهم يرون جميعا أن حربهم في كل هذه الجبهات هي حرب واحدة ما دام عدوهم طائفة واحدة، ويرى كل منهم أن معركته ضد دول التحالف الصليبي في بلاد ما إنما هي جزء من المعركة الشاملة لإخوانه ضدهم في كل مكان.

فهذا أحد الفروق الجلية بين جماعة المسلمين وبين الأحزاب المتفرقة التي تزعم كذبا أنها جزء من تيار واحد يطلقون عليه ما يعجبهم من الأسماء، ولا يزال الخير كله في السنة والجماعة ولا يزال الشر كله في البدعة والفرقة، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 191
الخميس 15 ذو القعدة 1440 هـ
...المزيد

مقال: من أحكام قتال المرتدين أصل هذا الكلام لشيخ الإسلام مأخوذ من فتوى في حكم النصيرية ...

مقال: من أحكام قتال المرتدين

أصل هذا الكلام لشيخ الإسلام مأخوذ من فتوى في حكم النصيرية المرتدين، رأينا نشره لما فيه من فائدة في باب قتال المرتدين عموما.

قال شيخ الإسلام، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني رحمه الله:

إن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - وسائر الصحابة لما ظهروا على أهل الردة، وجاءوا إليه، قال لهم الصديق: اختاروا إما الحرب المجلية، وإما السلم المخزية. قالوا: يا خليفة رسول الله، هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية؟ قال: تَدُونَ قَتْلَانَا، وَلَا نَدِي قَتْلَاكُمْ، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ونقسم ما أصبنا من أموالكم، وتردون ما أصبتم من أموالنا، وتنزع منكم الحلقة والسلاح، وتمنعون من ركوب الخيل. وتتركون تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسوله والمؤمنين أمرا بعد ردتكم. فوافقه الصحابة على ذلك، إلا في تضمين قتلى المسلمين فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال له: هؤلاء قتلوا في سبيل الله فأجورهم على الله. يعني هم شهداء فلا دية لهم، فاتفقوا على قول عمر في ذلك.
وهذا الذي اتفق الصحابة عليه هو مذهب أئمة العلماء، والذي تنازعوا فيه تنازع فيه العلماء. فمذهب أكثرهم أن من قتله المرتدون المجتمعون المحاربون لا يضمن، كما اتفقوا عليه آخرا، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين. ومذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى هو القول الأول، فهذا الذي فعله الصحابة بأولئك المرتدين بعد عودهم إلى الإسلام يفعل بمن أظهر الإسلام والتهمة ظاهرة فيه، فيمنع أن يكون من أهل الخيل والسلاح والدرع التي تلبسها المقاتلة، ولا يترك في الجند من يكون يهوديا ولا نصرانيا ويلزمون شرائع الإسلام حتى يظهر ما يفعلونه من خير أو شر. ومن كان من أئمة ضلالهم وأظهر التوبة أخرج عنهم، وسير إلى بلاد المسلمين التي ليس لهم فيها ظهور. فإما أن يهديه الله تعالى، وإما أن يموت على نفاقه من غير مضرة للمسلمين.


- قتال المرتدين أولى من قتال المشركين

ولا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين، والصديق وسائر الصحابة بدءوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه. وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين. وحفظ رأس المال مقدم على الربح.
وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب.
ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله. ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله، فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى: وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين.

- أمر بالمعروف ونهي عن المنكر

والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم: كما قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] قال أبو هريرة كنتم خير الناس للناس تأتون بهم من القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام. فالمقصود بالجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد بحسب الإمكان، فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره.
ومعلوم أن الجهاد، والأمر بالمعروف. والنهي عن المنكر: هو أفضل الأعمال، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله تعالى، وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن في الجنة لمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض. أعدها الله عز وجل للمجاهدين في سبيله» وقال - صلى الله عليه وسلم -: «رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه» ومن مات مرابطا مات مجاهدا وجرى عليه عمله وأجري عليه رزقه من الجنة وأمن الفتنة. والجهاد أفضل من الحج والعمرة، كما قال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التوبة: 19-22] . والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية، باختصار].


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد - 188
الخميس 24 شوال 1440 هـ
...المزيد

مقال: خذوا حذركم (7) - مصائد في طريق الجهاد في سعيهم لعمل الخير يندفع كثير من المسلمين طلبا ...

مقال: خذوا حذركم (7) - مصائد في طريق الجهاد


في سعيهم لعمل الخير يندفع كثير من المسلمين طلبا للطرق التي توصلهم إليه، فمن باحث عن طريق يوصله إلى أرض الدولة الإسلامية وساحات الجهاد، ومن منقّب عن ثقة أمين ينقل من خلاله المال إلى المجاهدين في الثغور ليعينهم على جهادهم، أو إلى أُسرهم ليخلفهم من خلالها بخير، أو لمن يعينهم على فكاك أسراهم، ومن حريص على دينه فلا يستفتي إلا من وثق بدينهم.

وهذه الأمور كلها خير بحمد الله، إلا أنها باتت تستغل بكثرة من قبل أعداء الإسلام وضعاف النفوس من المنتسبين إليه، بما يعود بالضرر على المسلمين وعلى المجاهدين، ولذلك ينبغي الحذر من الطرق التي يرجو العبد أن يتوصل من خلالها إلى الخير، فيعمل بها بشكل لا يهدده أو يمنع تحقيق غرضه، فضلا أن يقوده إلى عكس مراده منه، فيعود بالضرر على إخوانه في الوقت الذي أراد إعانتهم فيه.

فإن كثيرا من أدعياء الجهاد ونصرته هم بين مخابرات تتربص بالمجاهدين الشر، وتقعد لهم على طريق هجرتهم لاعتقالهم، أو تتربص بهم لمعرفة مخططاتهم لإفشالها، وبين لصوص قعدوا يتصيدون أهل الأموال ليسرقوهم بحجة إيصال الدعم إلى المجاهدين وعوائلهم، أو تمويل عملياتهم، وبين لصوص دين جهلة ومفسدين نصّبوا أنفسهم علماء على من لا يعرفهم ليفتوا لهم بغير علم فيضلّون ويضلّون، وبين أشقياء فاسدين يبحثون عن شهرة في أوساط الأغرار والمراهقين بنشرهم الأوهام وتفاهات الكلام ليصنعوا لأنفسهم هالة من الخبرة والحكمة ثم يقدموا لهم النصائح التي تهلكهم في دينهم أو دنياهم.

والواجب على المسلمين أن يحذروا من ذلك كله، فلا يدفعهم التشوق للجهاد أن يلقوا بأنفسهم في أيدي مخابرات الصليبيين والطواغيت، ويكونوا لهم صيدا سهلا، ولا حبهم لإعانة المجاهدين بالمال إلى أن ينخدعوا بكل مدّع أثيم يسرق منهم الأموال، بل ربما يستعملها في حرب المسلمين، ولا يسوقهم حرصهم على الدين إلى استفتاء كل مجهول صدّر نفسه عالما، وقدّم لهم نفسه مفتيا.


- لا تثق بمن لا تعرف

فلا زال تصيد المجاهدين في طرق وصولهم إلى ساحات الجهاد من أسهل الأساليب لديهم لاعتقالهم، ففي بلدانهم الأصلية يكونون مختفين عن عيونهم غالبا لا يعرفون نواياهم، وعند وصولهم إلى إخوانهم المجاهدين يكونون في حمايتهم، ولا يتوصل إلى اعتقالهم إلا بمعارك، أما على الطريق فهم مكشوفو النوايا غالبا بما عليهم من أدلة جعلوها في أيدي المنسقين المفترضين، وهم منزوعو الحماية غالبا لكونهم في طريق سفرهم لا يحملون أي سلاح، ولذلك يكون اعتقالهم في هذه المرحلة أجدى وأسهل بالنسبة لأعداء الله.

وكثيرا ما وقع المجاهدون ضحايا لأشخاص لا يعرفون عنهم شيئا إلا ما يظهرونه من مناصرة للمجاهدين في شبكة الإنترنت، فيطمئنون لهم، ثم يسألونهم إيجاد طريق لهم إلى المجاهدين، وقد يهدي الله المهاجر إلى مناصر صادق ينصحه ويهديه إلى ما يحقق غايته بأسهل وآمن طريقة، وقد يقع فريسة الجواسيس وعملاء المخابرات الذين يملؤون الشبكات، ويستخدمون أقنعة ظاهرها نصرة الجهاد وأهله، ليستدرجوا من خلالها قليلي الاحتراس ويوقعوهم في حبائلهم ثم تستمر عملية الاستدراج رويدا رويدا حتى إيصالهم إلى الفخ المنصوب لهم في المكان الذي يمكن لهم فيه الإمساك بالمهاجر أو القضاء عليه، ثم استعراض ما فعلوه على الإعلام على أنه نصر استخباراتي عظيم، وقد يظهر هؤلاء مصداقية بتسهيل وصول أخ أو أكثر، في سبيل الوصول إلى عدد أكبر من المهاجرين، مما يعطيهم الفرصة للإمساك بصيد ثمين كما أو نوعا فيما بعد.

والمفروض أن يحرص طالب الهجرة على إيجاد طريق مضمون له ولمن معه، وأن يعتمد في ذلك على تزكيات موثوقة من قبل إخوة يعرفهم حق المعرفة من أبناء بلده الذين سبقوه بالهجرة، أو من المسؤولين عن الهجرة من جنود الدولة الإسلامية، وأن لا يلقي بنفسه وإخوانه في كل باب يفتح أمامه، وليعلم أنه في جهاد ما دام يسعى في البحث عن طريق آمن إليه، وأن يتأخر شهورا في بحثه خير من أن يعرض نفسه وإخوانه للهلاك أو الفتنة، وقد يودي بإخوة آخرين لم يكونوا معروفين لأعداء الله، فالحرص الحرص في هذا الباب، والدعاء الدعاء أن ييسر له طريق الخير، وتجديد النية في كل يوم على الهجرة والجهاد حتى يأذن الله تعالى له بتحقق ذلك.

- إعمل بصمت واكتف بما في يديك

وأخطر من ذلك، أن يتواصل مجاهد ينوي تنفيذ عمل جهادي ذي طبيعة أمنية، بمفرده أو بمعونة بعض إخوانه، مع من لا يعرفهم من الأسماء في شبكة الإنترنت، طالبا الدعم المالي أو السلاح أو مجرد إيصاله بالقائمين على العمليات الخارجية في الدولة الإسلامية ليوصل إليهم خبر بيعته وإعلانه تنفيذ الهجوم استجابة لأمر الإمام حفظه الله، وهو لا يدري لعل من يتواصل معهم عناصر أمنية تابعة للصليبيين، يلتقطون رسالته ويحددون هويته ويخضعونه فورا للمراقبة والمتابعة، في الوقت الذي يكملون معه مسيرة الاستدراج، بطلب تفاصيل العمل، وعرض تقديم الخدمات، ليجمعوا عليه أدلة أكثر، ويعرفوا تفاصيل عمله أكثر، حتى يقترب موعد التنفيذ فيفاجأ الأخ بالقبض عليه، ويتفاجأ أكثر بأن كل ما تكلم به مع من ظنهم إخوانه، موجود في ملف قضيته أمام التحقيق.

بل قد سمعنا كثيرا عن عملاء للـ FBI وغيرها من أجهزة الصليبيين، أنهم يلتقطون أي مناصر على الشبكة، ربما لا يفكر في تنفيذ عمل قتالي ضد المشركين، فيعرضون عليه الأمر، ويعدونه بتقديم ما يلزم من سلاح ومال وغيره، حتى يوافق الأخ، ويطلب ما وُعد به، ليتفاجأ بعناصر الأمن تداهمه ساعة لقائه مع "المحرّض" وتلقي القبض عليه وقت استلامه للسلاح، ليكون في ملف قضيته بالإضافة إلى أرشيف مراسلاته الطويل معهم.

والسؤال هنا، ما الداعي لأن يلتقي الأخ الذي يريد تنفيذ هجوم بمن لا يعرفه ليساعده في تنفيذه بطريقة ما؟! وما الداعي لتهديد نفسه وسلامة مخططه بإطلاع غيره عليه وهو يعلم يقينا أن اتصاله بمن لا يعرف ومنحه الثقة مخاطرة كبيرة غير واجبة عليه.

فاتصال الأخ مع إخوانه في الدولة الإسلامية لتنسيق العمل بطريقة مناسبة وطلب العون منهم في ذلك أمر حسن، ولكنه لا يقدّم أبدا على أمن الأخ، وعلى نجاح عمله، فالأخ إن لم يجد طريقا موثوقا، يستعين بالله ويعمل بما هو موجود في يديه من الأدوات، ولقد رأى ما صنعه إخوان له من قبل من نكاية في المشركين باستخدام ما توفر بأيديهم من سلاح، أو حولوه إلى سلاح من سيارات وشاحنات، وأعواد ثقاب وغيرها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

أما الإعلان عن العمل فيكفيه ورقة في جيبه أحيانا يعلم الصليبيون من خلالها أن من أثخن فيهم هو من جنود الخلافة وإن شاء الله تصل أخبار عمليته إلى الإعلام بطريقة أو بأخرى.

والخلاصة في هذا الباب، ألا يُعطي مسلم ثقته لمن لا يوثق به من المجاهيل، ولو قدم إثباتات لمصداقيته بأن لديه تواصلا مع بعض جنود الدولة الإسلامية، أو أنه قدم مساعدة لبعض المجاهدين، فهذه كلها يمكن لأجهزة المخابرات تحصيلها بسهولة، وبوسائل كثيرة.

فليبذل المسلم كل ما بوسعه لتحصيل أفضل الطرق وآمنها للوصول إلى مبتغاه، ثم ليتوكل على الله تعالى، وليمض في طريقه، فإن أصابه مكروه أو وقع في خطأ، لا يلوم نفسه على ما فات، ولا يجد في نفسه إثما أو تقصيرا، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد - 188
الخميس 24 شوال 1440 هـ
...المزيد

مزيداً من اليأس في قلوب المرتدين يا أسود سيناء في الوقت الذي تتصاعد فيه مخاوف الصليبيين ...

مزيداً من اليأس في قلوب المرتدين يا أسود سيناء


في الوقت الذي تتصاعد فيه مخاوف الصليبيين والمرتدين من تصاعد قوة جنود الخلافة في خراسان، وتتردد تحذيراتهم من جبهات القتال الجديدة في الهند وباكستان وغيرها من المناطق، وتزداد مطالبات الجيوش الفرنسية والأمريكية في غرب إفريقية لقياداتها بتعزيز وجودها خوفا من حدوث ما لا يحمد عقباه لهم، يتفاجؤون -بحمد الله- بالضربات القوية لمجاهدي ولاية سيناء التي ظنوا القضاء عليها، بعد أن صدقوا أكاذيب الطاغوت السيسي وجيشه المهزوم.

فرغم انحيازهم من بعض المناطق خلال العام الماضي لم يُوقف جنود الدولة الإسلامية في ولاية سيناء هجماتهم ضد الجيش المصري المرتد، ليستمر نزيف قواته ولو بمعدلات أقل، بعبوة ناسفة تدمر آلية على طرقات العريش، أو طلقة قناص تفلق رأس جندي مرتد في نقطة حراسة في أطراف رفح، أو عملية استشهادية تمزق بعض الجنود والضباط، أو غير ذلك من العمليات التي تُبقي المرتدين في حالة تأهب دائم، حراسة ودوريات وكمائن وتمشيط وتعزيزات وتحصينات، مع ما يعنيه ذلك من إرهاق للجنود وخسائر مستمرة في خزينة الطاغوت المصري الخاوية.

وفي هذا الوقت يستمر المجاهدون -بفضل الله تعالى- في إعادة ترتيب صفوفهم، وتقوية أنفسهم استعدادا للعودة من جديد إلى مناطق سيطرة المرتدين، والدخول عليهم في مراكز قوتهم ومَنَعتهم، للتنكيل بهم وإقلاق أمنهم الزائف وتذكيرهم كلما نسوا أن المجاهدين مستمرون في قتالهم وأن حملاتهم الفاشلة وانتصاراتهم الموهومة لم تحقق لهم شيئا، وإعلامهم بعد انتهاء كل حملة لهم أن عليهم أن يبدأوا من جديد، حتى يوقنوا أنهم يدورون في حلقة استنزاف مفرغة ليس لها نهاية إلا أن يهدّهم التعب والإرهاق فيهووا على وجوههم مستسلمين.

وهكذا لم تُحقق لطاغوت مصر الحشود العسكرية والأمنية الكبيرة التي وجهها إلى سيناء آماله بإنهاء الجهاد فيها، ولم تُعنه على تحقيق وعوده لليهود والصليبيين بذلك، كما أن فشل قواته -رغم المؤازرة الكبيرة لها من طيران اليهود- جعل حلفاءه الأمريكيين في شك من قدرته على تحقيق النصر حتى ولو أمدوه بقوة إضافية لا زال يطلبها منهم، مستفيدا من حرصهم على تأمين محيط دويلة يهود المتاخمة لسيناء.

ومع الاستنزاف الكبير لقوات السيسي في سيناء، والانشغال الكبير لها في الحرب هناك، ووجود احتمالات بتصعيد تدخله في ليبيا، بالإضافة إلى التراجع المستمر في الاقتصاد، والضغوط الكبيرة التي يطبقها على الناس داخل مصر استجابة لمطالب "صندوق النقد الدولي" لتقديم مزيد من القروض التي سيعجز في المستقبل القريب عن دفع فوائدها الربوية فضلا عن أصولها، فإن البلاد مقبلة عاجلا أم آجلا على مشكلات ستتضخم باستمرار واضعة في وجه الطاغوت وحزبه المزيد من العقبات والعراقيل لشن حملات عسكرية كبيرة في سيناء خلال الفترة القادمة.

وربما يعلم قادة الجيش المصري المرتد أن وضعهم الآن أصعب بكثير مما كان عليه خلال السنوات الماضية، وأن احتمالات توفير مساعدات صليبية ويهودية كبيرة لهم تتضاءل، خاصة مع خيبة الأمل الحاصلة لدى الصليبيين اليوم من نتائج حملتهم الكبيرة ضد الدولة الإسلامية المستمرة منذ 5 سنين، وهم يرون بنيانها يشتد من جديد، وقوة جنودها تظهر في مناطق متباعدة يصعب جعلها ساحة قتال واحدة كما كان الحال في العراق والشام.

كما أن مشروع الصحوات العشائرية المرتدة التي انضم إليها بعض أتباع الظواهري في سيناء لم يحقق للجيش والشرطة المرتدين الحماية في ظل عجز مرتدي الصحوات عن حماية أنفسهم، كما لم يؤمّن لهم التعاون من الأهالي في ظل اعتمادهم بشكل أساسي على المجرمين وتجار المخدرات الذين تسلطوا على رقاب الناس بالنيابة عن أسيادهم، وصارت جرائمهم تولد كمّا آخر من الكراهية للجيش المرتد الذي دمّر البلاد وشرّد أهلها وقتّلهم وحاصر المسلمين في غزة، استجابة لأوامر أسياده اليهود.

وحتى سياسة تحصين المدن ببناء الأسوار وتطويقها بالحواجز والحراسات، لمنع المجاهدين من نقل المعركة إلى داخلها، ودفع خطرهم باتجاه المناطق الصحراوية والجبلية القصيّة، يقدّم جنود الخلافة الإثبات على فشلها بتمكنهم -بفضل الله تعالى- من تنفيذ عمليات أمنية ناجحة داخلها، وقدرتهم على تهديد خطوط دفاعها بالهجمات المستمرة على الثكنات ونقاط التفتيش المعززة بالأبراج والمدرعات، وأخيرا وليس آخرا بإذن الله تعالى الدخول عليهم لقتل جنودهم وضباطهم داخل المدن التي يتحصنون فيها، ثم الانسحاب، والعودة مجددا لضربهم، لتقليل الخسائر في صفوفهم وإدامة الخسائر في صفوف المرتدين، والتي تعتبر هجمات الأسابيع الماضية في العريش خير مثال عليها.

وإن سياسة التقوقع التي يبدو أنه لم يعد أمام المرتدين غيرها، ستفتح المجال أمام المجاهدين بإذن الله تعالى لتأديب مرتدي الصحوات، وإدامة الاستنزاف في الجيش والشرطة في ظل اتخاذهم استراتيجيات دفاعية، وتخوفهم الكبير من تتبع المجاهدين في الصحراء لتعاظم المخاطر المتعلقة بالكمائن التقليدية وحقول العبوات الناسفة التي تهدد تحركات الأرتال الكبيرة الضرورية بالنسبة إليهم للعمليات في المناطق المفتوحة، لكي لا تصبح قواتهم صيدا سهلا للمجاهدين.

وكذلك فإن توسيع المجاهدين لميدان المعركة بنقل الهجمات إلى مناطق وسط وجنوب سيناء ومناطق غرب قناة السويس من شأنه أن يزيد من إرهاق المرتدين، ويهدد مواردهم المالية من السياحة، وكل ذلك يصب في مصلحة المسلمين، ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقويّ عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد - 188
الخميس 24 شوال 1440 هـ
...المزيد

مقال: والعاقبة للمتقين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ونشهد أن لا إله ...

مقال: والعاقبة للمتقين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أما بعد:

فإنه وكلما اشتدت وطأة الباطل على الحق، وزاد بغي أهل الباطل على أهل الحق، وجد داءُ الشك بموعود الله إلى بعض النفوس سبيلا، ونسيت أن وعده سبحانه وتعالى لا يتخلف، وعد الله لا يخلف الله الميعاد، يورث الأرض لمن يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.

وإن علا الباطل على الحق في جولة فإن الحق وأهله لهم العاقبة، فلا ريب أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ولا ريب أن أهل الباطل مغلوبون مهزومون مقهورون، وهذه سنة الله مع أولياءه؛ أن يجعل العاقبة لهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى بعد ذكره لقصة نوح عليه السلام {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أنْتَ وَلا قَوْمكَ مِنْ قَبْلِ هذَا فَاصْبِرْ إنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمتُقّينَ} [هود: 49].

والعاقبة من كل شئ آخره، فآخر ما يؤول إليه أمر أهل الإيمان في الدنيا هو النصر والظفر، قال تعالى: {إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالّذِينَ آمَنُوا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[غافر:51]، وإذا تأخر النصر والظفر فلا يكون ذلك إلا لخلل عندهم، فللعبد من النصر والتأييد الإلهي بحسب ما عنده من الإيمان، فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، فوعد الله بالنصر الذي لا يتخلف، إنما هو لأهل الإيمان قال تعالى: {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 139].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "فالمؤمن عزيز غالب مؤيد منصور مكفي، مدفوع عنه بالذات أين كان، ولو اجتمع عليه مَن بأقطارها، إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته".[إغاثة اللهفان].

الابتلاء وحسن العاقبة سنة الله في أولياءه
لما كان الله حكيماً ذا حكمة بالغة، هيّأ لأحباءه وأولياءه من الأسباب ما يؤهلهم إلى أن يكونوا خلفاء الأرض ووارثيها، وأهل النعيم المقيم في الآخرة، فيرسل عليهم من الابتلاء والامتحان ما يستخلص به الإيمان في قلوبهم وينقيه من الشوائب التي تكدره، ويرفع درجاتهم ليستحقوا ما أعده لهم من منازل الآخرة وحسن العاقبة.

وهذه هي سنة الله مع أحب الخلق إليه، مع أنبياءه وحملة رسالاته، فقد ابتُلِىَ الخليل إبراهيم صاحب الملة وإمام الحنفاء، فانظر إلى ما آل إليه صبره وانقياده ورضاه، فقد اتخذه الله خليلاً وأمر نبيه محمدا باتباع ملته واتخاذه قدوة لأهل الإسلام، ورفع ذكره بين الأمم وجعل في ذريته الأنبياء.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إذا تأملتَ حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان، وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة، فكم لله من نعمة جسيمة ومنة عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان". [مفتاح دار السعادة].

وكذلك مع سائر أولياءه، مع كليم الله موسى عليه السلام امتحنه وابتلاه من يوم ولادته إلى منتهى أمره، ثم كان مآل أمره أن كلمه الله تكليماً واختصه بذلك من بين أنبياءه، واحتمل له ما لا يُحتمل لغيره، فهو الوجيه عند الله القريب منه، ثم انظر إلى حال عيسى عليه السلام، تحمل فتن قومه وتحمل آذاهم لله وفي الله، فما كانت عاقبة أمره إلا أن رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم من أعدائه وسلبهم ملكهم ومزقهم في الأرض كل ممزق.

فهذا من حسن عاقبته سبحانه وتعالى ومن ثمرة معاملته، وكما قال ابن القيم: "فتباً لمن عرفه ثم عامل غيره، ما أخسر صفقته وما أعظم حسرته". [مفتاح دار السعادة].

مهما ارتفع الباطل وانتفش فأمره إلى زوال
ذكر المولى سبحانه وتعالى في محكم التنزيل، أن من أسباب علو أهل الباطل على أهل الحق تمحيص المؤمنين ومحق الكافرين، قال تعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظالمين وليمحص اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141-140]. فسبحانه صاحب الحكمة البالغة.

ولا ريب أن أهل الإيمان هم الأعلون سنداً ومصدراً لأنهم من الله يتلقون وعلى منهجه يسيرون، ولكن قد يصيب أهل الحق من المحن والبلاءات ما لا يصيب عدوهم، وقد واسى رب العزة أهل دينه وملته بأنه يريد أن يتخذ منهم شهداء، ثم أخبر أنه يريد تمحيصهم من الذنوب ومع ذلك يريد أن يمحق الكافرين ببغيهم وطغيانهم على أولياءه القائمين بأمره، حتى يستحقوا ما أعده لهم من العذاب الأليم في الدنيا على يد أولياءه المؤمنين وفي الآخرة على يد ملائكته، فالعاقبة لأهل الحق المتقين.

ففي الصحيح عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره: "أن هرقل قال له سألتك كيف كان قتالكم إياه فزعمت أن الحرب سجال ودول فكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة"، والباطل مغلوب مدحور وأهله مدحوضون مهزومون والنصر والظفر والعاقبة لأهل الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واﻟﻠﻪ ﻟﻴﺘﻤﻦّ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻴﺮ اﻟﺮاﻛﺐ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﺎء إﻟﻰ ﺣﻀﺮﻣﻮت ﻻ ﻳﺨﺎف إﻻ اﻟﻠﻪ أو اﻟﺬﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻨﻤﻪ وﻟﻜﻨﻜﻢ ﺗﺴﺘﻌﺠﻠﻮن) [صحيح البخاري].


- ولكنكم تستعجلون

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جرت بأن يدالوا مرة، ويدال عليهم أخرى، لكن تكون العاقبة لهم، فإنهم لو انتصروا دائماً دخل معهم المؤمنون وغيرهم، ولم يتميز الصادق من غيره".[زاد المعاد].

قال تعالى: { مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[آل عمران :179]. فالحرب دول وسجال، وإن النصر مع الصبر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فمن فعل ذلك فله العاقبة في الدنيا والآخرة، وقد حكم الله تعالى حكماً لا يبدّل أبداً، أن العاقبة للتقوى، والعاقبة للمتقين، قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}[غافر: 50]، وقال تعالى {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141] فضمن سبحانه النصر والتأييد لأولياءه شريطة كمال إيمانهم به ولذلك قد يتأخر موعوده سبحانه وتعالى لتأهيل أهل الحق بما يصيبهم من بلايا لذلك الموعود فيكون ذلك من تمام نصره وعزه وعافيته.

فيجب على كل مسلم مجاهد أن يصبر على ما أصاب المجاهدين من رزايا ومحن، إذ أن الرزايا وإن اشتدت إلا أنها تحمل في طياتها حسن العاقبة في الدنيا والآخرة، وقد رضيها الله لنا، فلابد للعبد أن يرضي بما رضي له به سيده ومولاه، ويقوم بمقام الصبر عليه، فحينئذ يكافئه الله بحسن العاقبة في الدنيا قبل الآخرة، ولنا في جهاد العراق أسوة حسنة، حين صبر المجاهدون على المحن والرزايا، وثبتوا على جهادهم عقداً من الزمان صابرين محتسبين، حتى فتح الله عليهم البلاد وأورثهم الأرض، فاعتبروا يا أولي الأبصار.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 187
الخميس 17 شوال 1440 هـ
...المزيد

تقرير: كمائن جنود الخلافة تُعطّل العمل في محاكم سيناء الطاغوتية اختطفوا المحاميين المرتدين ...

تقرير: كمائن جنود الخلافة تُعطّل العمل في محاكم سيناء الطاغوتية


اختطفوا المحاميين المرتدين وأطلقوا سراح عوام المسلمين

• ولاية سيناء

نفّذ جنود الدولة الإسلامية الأربعاء (9/ شوال) كمينا بمنطقة (ملاحات سبيكة) على الطريق الدولي غرب مدينة العريش، فأسروا عددا من المشتبه بهم بينهم محاميان.

وقال مصدر خاص لـ (النبأ)، إن المجاهدين انطلقوا مساء الأربعاء نحو الطريق الدولي الرابط بين مصر وفلسطين، ونصبوا كميناً أمنياً استوقفوا خلاله السيارات المارة وقاموا بالتدقيق في بطاقات الركاب، بحثاً عن عناصر الجيش والشرط والجواسيس المرتدين المتعاونين معهم، لافتاً إلى أن الكمين استمر ساعة كاملة.

وكشف المصدر، أن الكمين أسفر عن أسر عدد من الأفراد المشتبه بهم بإعانتهم للمرتدين، إضافة إلى أسر اثنين من كبار المحامين المرتدين في مدينة العريش، وهما المحامي المرتد المدعو (محمود سعيد) محامي نقض، والمحامي المرتد المدعو (كمال عوض) محامي نقض.

وأوضح المصدر، أنه بعد التحري عن الأفراد الذين تم إيقافهم على الكمين والتأكد من عدم تورطهم بمعاونة الأجهزة الأمنية المرتدة، أطلق المجاهدون سراحهم، فيما تحفّظوا على المحاميَّين إلى حين عرضهما على المحكمة الشرعية بولاية سيناء.

ونوّه المصدر، إلى أن سبب تحفّظ المجاهدين على المحاميَّين هو وقوعهما في الردة والكفر كونهما من كونهما يتحاكمان إلى إلى الدساتير الكفرية في "محاكم النقض" والتي تعتبر الدرجة الأعلى في سلم التقاضي في المحاكم الشركية، باعتماد قوانين وضعية ودساتير كفرية، بدل التحاكم إلى الشرع الحنيف.

وفور اختطاف المحاميين، قررت وزارة (العدل) المصرية المرتدة، تأجيل نظر الدعاوى القضائية المتعلقة بشمال سيناء التي تنظرها محاكم مدينة الإسماعيلية المجاورة لأجل غير مسمى، خشية وقوع القضاة والمحامين المرتدين في قبضة جنود الخلافة، بينما علّقت (نقابة المحامين) الفرعية بشمال سيناء العمل يوم السبت الماضي في أعقاب الكمين على الطريق الدولي بين العريش وبئر العبد.

يذكر أن هذه العملية جاءت بعد نحو أسبوعين من هجمات واسعة استهدفت كمائن ومواقع عسكرية للشرطة والجيش في العريش، أسقطت نحو 20 مرتداً منهم بين قتيل وجريح، كان أبرزها الهجوم على (كمين بطل14).

وتأتي هذه العملية لتثبت مجدداً زيف مزاعم الجيش المصري وحكومته المرتدة بفرض السيطرة على العريش، والتي تشهد تصاعدا ملحوظا لنشاط المفارز الأمنية لجنود الخلافة فيها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 187
الخميس 17 شوال 1440 هـ
...المزيد

مقال: وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا إن أكبر ما أهلك بني إسرائيل وأمثالهم أنهم كانوا يرون ...

مقال: وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا


إن أكبر ما أهلك بني إسرائيل وأمثالهم أنهم كانوا يرون أنفسهم أصحاب الدين، فيقيمونه على الناس ولا يقيمونه في أنفسهم، ويرون أحكامه لا تجري عليهم، ويرون أنفسهم غير مستحقين لعذاب الله تعالى مهما فعلوا من الموبقات، وإن عذبهم فلأيام معدودات، ويرون أنفسهم أولياء الله وأحباؤه ولو أشركوا به سبحانه، أو كفروا برسله عليهم الصلاة والسلام.

وقد جاءت كثير من آيات كتاب الله تعالى تصف حالهم، كما في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: 18]، وقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80]، وقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأعراف: 169]، وغيرها من الآيات التي تفضح كذبهم، وتبين لهم أن الدعاوى ليست بمنجية من عذاب الله تعالى، وأن ما ينجي منه هو العمل الصالح واجتناب المعاصي.

وكما أبلغ الصادق المصدوق -عليه الصلاة والسلام- بأن طوائف من أمتّه ستتبع أثر أهل الكتاب حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل، حتى في هذا الأمر الخطير، بأن تدعي كل طائفة أنها (أولياء الله وأحباؤه)، وأنها مهما ارتكبت من المآثم وغشيت من المحارم فإنه (سيغفر لها) وأنه (لن تمسها النار إلا أياما معدودات)، وتبرير ذلك ادعاء كل منها أنها الطائفة المنصورة، وأن ما تزعمه كل منها من سعي لإقامة الدين يكفّر عنها كل الخطيئات ولو كان شركا بالله رب العالمين!.

وهكذا رأينا خلال العقود الماضيات كيف كانت حدة الهجوم من البعض على الحاكمين بغير ما أنزل الله تعالى، وكيف كان الوضوح في تكفيرهم ووصفهم بالطاغوتية، والدعوة إلى قتالهم وتطهير الأرض من رجس شركهم، فلما ابتلاهم ربهم بأن أقامهم مكان من كانوا يعادون، حكموا بحكمهم الطاغوتي، وأبقوا شركهم، وكأن قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، نزل في "زين العابدين" و"حسني مبارك" و"بشار الأسد" دون غيرهم ممن يفعل فعلهم ويجري على سنتهم، من أمثال "أردوغان" و"مرسي" و"الغنوشي" و"السرّاج" و"الجولاني" وغيرهم.

ورأينا كيف كان هجوم أولئك على الطواغيت من آل سعود لأنهم يوالون المشركين على المسلمين، ويفتحون البلاد لقواعد الصليبيين، ليتبين بعد حين أن سبب هذا الهجوم هو حسد أولئك الطواغيت على ما اختصهم به الصليبيون من العلاقة والود، فرأيناهم وهم يوالون الصليبيين في قتال الدولة الإسلامية وجنودها، ورأيناهم كيف يسلمون البلاد لجنود "الناتو" في الشام وليبيا، وكأن الله تعالى اختص الطاغوت "فهد" وإخوانه بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، وأما ولايتهم هم للمشركين فهي عندهم قربى يتقربون بها ورفع منزلة لهم في دينهم الفاسد.

كما نراهم اليوم يحكمون بإسلام الطاغوت "مرسي" رغم أنه حكم بالدستور الكفري الذي كفّروا لأجله أسلافه من الطواغيت، وتغافلوا عن إقراره الاتفاقات مع اليهود التي هاجموا لأجلها أسلافه من الطواغيت، وأحلوا له قتال الموحدين وقتلهم وقد حرمّوه من قبل على غيره من الطواغيت، وما ذاك إلا لانتمائه إلى ما يسمونها "الحركة الإسلامية" التي يعتبرون الانتماء إليها مانعا من موانع التكفير، وزعمهم أنه -في قلبه- كان يريد التوحيد، وما أدراهم أن غيرهم من الطواغيت لم يكونوا يريدون ذلك في قلوبهم أيضا؟!، أطّلعوا على قلوبهم أم حكموا عليهم بأفعالهم؟ أم نسوا أن "جمال عبد الناصر" زعم أول أمره أنه يريد الشريعة؟ وأن "صدام حسين" في آخر أمره كان يُعلن ذلك أيضا.

وهكذا نراهم يُعملون الموانع التي يجعلونها درعا لمن وقع في الشرك والكفر منهم أو ممن يتجنبون تكفيره رغبا أو رهبا، في حين أن تلك الموانع تختفي عندما يحكمون بالخارجية على من كفّر أولئك المشركين، فلو كان الجهل والتأويل سائغين -وليسا كذلك- لإعذار من نقض التوحيد، فإنهما حتما سائغان لإعذار من أخطأ عندهم في تكفير من يرونه مسلما من المشركين.

فهكذا هم أهل الضلال اليوم، يظنون أحكام الدين نزلت في غيرهم فيحكمون الناس بها دونهم، وموانع الأحكام نزلت لتدرأ الأحكام عنهم دون غيرهم، وهكذا هم يجعلون الدين ملكا لهم، لا لرب العالمين، وهكذا هم يظنون الإرادة تغني عن القول، والقول يغني عن العمل، بل يظنون أن المعرفة هي الإيمان الكامل الذي لا ينقضه شيء، كما كان أسلافهم من قبل يظنون، حتى أرداهم ذلك في سواء الجحيم



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 187
الخميس 17 شوال 1440 هـ
...المزيد

نواقض الإسلام العشر ● الناقض الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له. والدليل قوله ...

نواقض الإسلام العشر


● الناقض الأول:

الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له.
والدليل قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء ٤٨]
ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو القباب


● الناقض الثاني:
من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفر إجماعًا.


● الناقض الثالث:
من لم يكفّر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر.


● الناقض الرابع:
من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه فهو كافر.


● الناقض الخامس:
من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعا.
والدليل قوله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ الله فَأَحْبَط أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 9]


● الناقض السادس:
من استهزأ بشيء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر.


● الناقض السابع:
السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُر } [البقرة: ١٠٣]


● الناقض الثامن:
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى، { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّا إن الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة ٥١ ]


● الناقض التاسع:
من اعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم وأنه يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليهما السلام فهو كافر.


● الناقض العاشر:
الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ ذُكْرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ المجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ } [السجدة ٣]


ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطرًا، وأكثر ما يكون وقوعًا، فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.

• نواقض الإسلام
للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -
...المزيد

إليك أخي المجاهد الهمام ينبغي أن تعلم علم اليقين أنك لا تقاتل إلا من أجل الحق؛ فغاية المجاهدين ...

إليك أخي المجاهد الهمام

ينبغي أن تعلم علم اليقين أنك لا تقاتل إلا من أجل الحق؛ فغاية المجاهدين اليوم هي إعلاء كلمة الله، وإقامة الخلافة على أرضه، ونصرة المستضعفين من المسلمين الذين يقبعون تحت وطأة جبروت الطاغوت وظلمه، فما أوضحها من راية، وما أصفاه من منهج وأنقاه، واعلم أخي؛ أنك مُؤيَّدٌ ومنصور بإذن الله تعالى وجنده، كما قال في محكم التنزيل: { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } وقال تعالى: { إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }، وعلى النقيض من ذلك؛ فإن الهزيمة والذل والخسران حليف الكفر والظلم والطغيان، ولو بعد حين، قال تعالى: ‍{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ }، وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }. ...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً