الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 انفوغرافيك العدد: عمليات جنود الخلافة بولاية ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
انفوغرافيك العدد:
عمليات جنود الخلافة بولاية الصومال

• خلال 52 يوما
من 16 شعبان 1446 هـ حتى 10 شوال 1446 هـ

• 55 عملية
38 عبوة ناسفة
10 صولات واشتباكات
7 قصف بالقذائف الصاروخية والهاون

• 318 قتيلا وجريحا
بينهم عدد من الضباط والقادة

• تدمير وإعطاب 26 آلية متنوعة

◾ أبرز العمليات

▪ (٢١/ شعبان)

اشتبك المجاهدون مع قوات العدو قرب قرية (دندمنلي)، استمرت عدة ساعات أسفرت عن مقتل تسعة عناصر وإصابة نحو ١٣ آخرين.

▪ (٣/ رمضان)

اشتبك المجاهدون مع قوات العدو قرب قرية (جيس قبد)، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل ثلاثة عناصر وإصابة نحو ١٦ آخرين.

▪ (١٠/ رمضان)

سلسلة تفجيرات ضربت دوريات العدو في قرى (ترمسالي، شيباب، طادار، قرع)، أدت لمقتل وإصابة ٢١ عنصرا وتدمير وإعطاب ٥ آليات.

▪ (١٥/ رمضان)

قصف تجمعات العدو في قرية (جيس قبد) بالقذائف، والاشتباك معهم أربع ساعات، ما أسفر عن مقتل ستة عناصر وإصابة نحو ٢٧ آخرين.

▪ (١٧/ رمضان)

اشتبك المجاهدون مع أعداد كبيرة من قوات العدو قرب (وادي ميرالي)، لسبع ساعات متواصلة، أسفرت عن مقتل ١٢ عنصرا وإصابة نحو ٢٥ آخرين.

* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

للإطلاع على الصحيفة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [2/2] إن ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[2/2]
إن الكساد الذي يهدد الاقتصاد العالمي الربوي، لن يقتصر على أمريكا أو أوروبا، بل سيطال جميع الأنظمة والحكومات الطفيلية التي ربطت مصيرها بأمريكا وحلفها ودولارها، بل ستكون أزمتها أكبر من أزمة دولة الدولار نفسها! وستغدو عملة الدولار التي استخدمتها أمريكا في إخضاع وابتزاز الشركاء والأعداء، ستغدو أيقونة الأزمة الاقتصادية، وستنقلب لعنة ووبالا على عبادها البائعين أنفسهم بها.

لكن هذا لا يعني أن يتّكل المسلمون على ذلك، فليس بالضرورة أن يسقط هذا النظام الجاهلي غدا أو بعد غد، فقد تطول أو تقصر مدة بقائه وتربُّعه على عرش الحرب على الإسلام، وقد يسقط وينشأ بعده نظام أكثر حرابة.

وإنما المطلوب من المسلمين شرعا وواقعا، أن يعززوا نظام اقتصادهم بالصدقات كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء منهم، والمطلوب الاعتماد على الذهب قدر المستطاع، وهجر البنوك الربوية ومعاملاتها التي تفشّت في المجتمعات الجاهلية، كما عليهم وجوبًا مناصرة المجاهدين ومؤازرتهم والالتحاق بهم، لأنهم الطائفة التي سيجري الله على أيديها أقداره بهزيمة الكافرين وتدمير عروشهم.

لقد بات ثابتًا أنّ الاقتصاد الأمريكي وتبعًا له العالمي، يعيش أزمة مزمنة، كلما وضعوا خطة لعلاجه، انتكست حالته مجددا فعادوا من حيث بدأوا، فهم في الحقيقة من أزمة إلى أخرى، لأن الأساس الذي بنوا عليه اقتصادهم؛ أساس متصدع متداع يتضمن كل أسباب السقوط والانهيار، {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ}.

ختاما، زعم الأهوج "ترامب" مرارا أنه انتصر في محاربة الجهاد، وبينما هو الآن منهمك في محاربة السيارات الألمانية والبضائع الصينية! ومقبل على المزيد من هذه المعارك التجارية؛ يبقى الجهاد المستفيد الأكبر من هذه المعارك التي اندلعت بين هذه الدول الكافرة، لأن جميعها عدو للجهاد الذي هو قدر الطائفة المنصورة إلى يوم الدين.


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491 المقال الافتتاحي: معركة الجمارك الأمريكية [1/2] بعد ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 491
المقال الافتتاحي:
معركة الجمارك الأمريكية

[1/2]
بعد معركة "البيت البيضاوي" التي فتح فيها الطاغوت الأمريكي النار على أوروبا، ها هو يلقي في "حديقة الورود" قنبلة نووية على الاقتصاد العالمي بأسره! مستهدفًا حلفاءه قبل أعدائه! عبر فرض تعريفات جمركية خيالية، يريد من خلالها "إنقاذ" الاقتصاد الأمريكي من الغرق، مكرِّرًا بذلك سياسات أسلافه التي زادتهم رهقًا وغرقًا.

فما فعله "ترامب" ليس جديدا على عالم السياسات الأمريكية الفاشلة في علاج أزماتهم المزمنة، فقد سبقه وشابهه قانون "سموت هاولي" للتعريفات الجمركية الذي فرضه الطاغوت "هربرت هوفر" قبل نحو قرن لنفس الأسباب التي يتعلل بها "ترامب" اليوم، إلا أن ردود الفعل المضادة على تلك التعريفات، أحدثت العكس وزادت المركب الأمريكي غرقا، وهو ما يتكرر اليوم.

يبرر "ترامب" خطوته المتشنجة بأنها تهدف إلى تجاوز "العجز التجاري" الأمريكي وإحداث "توازن" مع الدول المنافسة، خصوصا الصين والاتحاد الأوروبي، عبر تطبيق سياسة "العين بالعين" أي المعاملة بالمثل.

المعاملة بالمثل ستدفع الدول المتضررة إلى تطبيق نفس السياسة مع أمريكا، وبالفعل، فالرد الصيني والأوروبي لم يتأخر وجاء قويا وموازيا، وهو ما يهيئ الفرصة لاندلاع مزيد من المعارك الاقتصادية المتبادلة بين أعداء الإسلام، وتعمُّقها وانتقالها إلى ميادين جديدة خارج الميدان الاقتصادي.

إن ما حدث هو بمثابة فرض "حواجز وقيود" على حرية التجارة التي كان الصليبيون يتفاخرون بها، وينظرون إليها رمزا لقوتهم ووحدتهم؛ بينما هم اليوم يفضّون وحدتهم بأموالهم، ويهدمون بيوتهم بأيديهم.

وبعيدا عن الغوص في تعقيدات الاقتصاد، تنطوي الخطوة الترامبية على مخاوف حقيقية من حدوث "ركود عالمي" غير مسبوق يضرب الاقتصاد العالمي، إلى حد دفع "خبراء الاقتصاد" الدوليين إلى التحذير من خطورة الخطوة واصفين إيّاها بـ "القنبلة النووية! والزلزال الاقتصادي!"

الزلزال الاقتصادي بالفعل بدأ يضرب الأسواق العالمية الربوية التي تقتات عليها الحكومات الكافرة التي تساق راغمة إلى مستقبلها الأسود المليء بالحروب والتصدعات السياسية والاقتصادية.

وإلى جانب التبعات الاقتصادية والسياسية، فإنّ للأزمة تبعات اجتماعية وخيمة على شعوب هذه الدول الصليبية، فارتفاع معدلات البطالة وتفشي الفقر كل ذلك سيؤدي حتما إلى تفشي جرائم القتل والسرقة وتجارة المخدرات والبشر، وستنشأ أجيال أمريكية أوروبية تمتهن الجريمة! وتقتل لكي تأكل! إننا نتحدث عن تفكك اجتماعي يفوق حد السيطرة والعلاج.

ولكي نقرّب الصورة أكثر، نستذكر ما حلّ بهذه الشعوب الصليبية إبّان "أزمة كورونا" وكيف ظهرت على حقيقتها الهمجية البهيمية في السرقة والنهب والاعتداء بحثا عن الطعام والمال، كان ذلك عينة صغيرة من التفكك الاجتماعي الناجم عن الأزمة الاقتصادية بفعل "الفيروس الصيني!"، بينما التفكك المتوقع حدوثه بفعل "الكساد الأمريكي" سيفوق كل الحدود.

في البعد الشرعي، فإنّ الأسباب التي أدت إلى خلخلة النظام الاقتصادي العالمي ممتدة متعددة نلخِّصها في أمرين اثنين، الأول: قيامه على الربا جملة وتفصيلا، والثاني: تورطه -بقيادة أمريكا- في سلاسل الحروب الصليبية باهظة التكلفة، والتي بلغت ذروتها في مرحلة "التحالف الدولي" الذي أنفق المليارات على حرب الدولة الإسلامية، بعد أن جرجرته إلى أكبر معركة استنزاف معاصرة، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الخطوة التي اضطرت أمريكا لاتخاذها لتدارك الأمر؛ هي تعزيز السياسة الانسحابية من المنطقة، كي تقلل نفقاتها العسكرية وتُوفرها لعلاج أزماتها المتفاقمة خلف المحيطات.

وبذلك جمعت أمريكا ونظامها الدولي بين الأمرين الأمرّين الموجبين لحرب الله تعالى؛ فرابت، وأولياء الله عادت؛ فاستحقّت بذلك وعيد الله تعالى في الحديث القدسي: (مَن آذى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب)، كما استحقّت وعيده للمرابين في قوله سبحانه: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، قال ابن عباس: أي "استيقِنوا بحرب من الله ورسوله"، قال قتادة: "أوعدهم الله بالقتل كما تسمعون"، قال أبو جعفر: "هذه الأخبار تنبئ عن أنّ -الآية- إيذان من الله عز وجل لهم بالحرب والقتل" أهـ. كما قال سبحانه: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، فالحرب والمحق والسحق هو وعد الله الذي ينتظر اقتصاد الكافرين ونظامهم الربوي، سواء حكمهم "ترامب" أو غيره، وسواء حكمهم اليسار أو يمينه، ومصير قارون وفرعون هو ما ينتظر الطاغوت الأمريكي وأمثاله، فكيف يفلح نظام هذا حاله ومآله؟!


* المصدر:
صحيفة النبأ العدد 491
السنة السادسة عشرة - الخميس 19 شوال 1446 هـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ...

كما ويَحرم على الحائض والنفساء أن يأتيها زوجها لقول الله، عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]؛ قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- في تفسيره: "وإنما كان القوم سألوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم -فيما ذُكر لنا- عن الحيض، لأنهم كانوا قبل بيان الله لهم ما يتبيَّنون من أمره، لا يساكنون حائضاً في بيت، ولا يؤاكلونهنَّ في إناء ولا يشاربونهن. فعرَّفهم الله بهذه الآية، أنّ الذي عليهم في أيام حيض نسائهم، أن يجتنَّبوا جماعهن فقط، دون ما عدا ذلك من مضاجعتهن ومؤاكلتهن ومشاربتهن".

وعن عروة، أنه سُئل: "أتخدمني الحائض أو تدنو مني المرأة وهي جُنُب؟"، فقال عروة: "كل ذلك عليَّ هيِّن، وكل ذلك تخدمني وليس على أحد في ذلك بأس، أخبرتني عائشة: أنها كانت ترجِّل، تعني رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي حائض، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينئذ مجاور في المسجد، يُدني لها رأسه، وهي في حجرتها، فتُرجِّله وهي حائض" [رواه البخاري].
ويجوز للرجل –إن كان يملك إربَه- أن يباشر زوجته الحائض ويستمتع بها دون الجماع وهي متَّزرة؛ عن عائشة قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يباشرها، أمَرَها أن تتَّزر في فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيُّكم يملك إربه كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يملك إربه" [أخرجه البخاري].

أما الحج فإن من تحيض فيه أو يفاجئها المخاض؛ تؤدي المناسك جميعها إلا الطواف بالبيت؛ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسَرَف حضت، فدخل عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أبكي، قال: (ما لك أنَفِستِ؟)، قلت: نعم، قال: (إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت)" [متفق عليه].

كما ويَجدر بالمسلمة أن تعلم أن الحيض لا ينفي كل عبادة، فالذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والدعاء لا بأس به، وأما مسألة قراءة الحائض من المصحف فمسألة اختلف فيها أهل العلم، والجمهور على القول بمنع الحائض من قراءة القرآن.

ويجوز للحائض دخول المسجد لتناول حاجة أو المرور عبره إذا أمنت التلويث ولا تمكث فيه؛ عن عائشة قالت: "قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ناوليني الخُمْرة من المسجد)"، قالت: "فقلت: إني حائض، فقال: (إنَّ حيضَتكِ ليست في يَدِك)" [رواه مسلم].

وأما في المعاملات فهناك مسألة تجهلها الكثير من النساء، ألا وهي حكم الطلاق في زمن الحيض، فقد أجمع أهل العلم على أنه طلاق بِدعي محرَّم؛ عن ابن عمر، أنه طلَّق امرأته، وهي حائض في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (مُره فليراجِعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلَّق قبل أن يمس، فتلك العِدَّة التي أمر الله -عز وجل- أن يُطلق لها النساء) [متفق عليه]، غير أن الفقهاء اختلفوا في هل يقع طلاق الحائض أم لا.

وأخيراً: على الحائض والنفساء أن تغتسل إذا ما طهرت -بالإجماع- لأداء ما عليها من واجبات وغيرها.

- هل المستحاضة لها أحكام الحائض؟

ربما تسأل سائلة: هل هذه الأحكام من منع وإباحة تجري على المستحاضة كما تجري على الحائض؟
والجواب: لا، فإنه ولما كان لدم الحيض صفة مختلفة عن دم الاستحاضة، جاءت أحكامهما أيضا مختلفة، فالمستحاضة تصوم وتصلي وتطوف بالبيت وغير ذلك، إلا أنها تغسل موضع الدم وتتوضأ عند دخول كل صلاة؛ عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أم حبيبة بنت جحش، خَتَنَة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلِّي) [رواه مسلم]، هذا والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

المصدر: صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ


ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله
...المزيد

صحيفة النبأ - العدد 72 مقال: ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله لما كان الحيض أمرا قد كتبه ...

صحيفة النبأ - العدد 72
مقال:

ما لا يسع الحائض والنُّفَساء جهله

لما كان الحيض أمرا قد كتبه الله -عز وجل- على بنات آدم، كان كتاب الحيض من أهم المسائل الفقهية وأدقِّها، لتعلقه بالعبادات من صلاة وصيام وغيرها، وتعلقه كذلك بالمعاملات التي يدخل فيها فقه الأسرة، ومنه النكاح والطلاق وغير ذلك، وهو الذي قال فيه الإمام أحمد، رحمه الله تعالى: "مكثت في الحيض تسع سنين حتى علمته"، فكان حرياً بكل مسلمة أن تتفقَّه فيه، وتعرف ما لها وما عليها أثناء حيضها ونفاسها، وتكون معنية بأمر دينها، تسأل دون حرج من تثق في علمهم، لا المتعالمين والمتعالمات، المتجرِّئين على الفتيا والمتجرّئات، كيلا تقع في محظور شرعي، ولا تأتي بقول أو فعل بدعي، ورضي الله عن الصدِّيقة عائشة إذ تقول: "نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" [رواه البخاري].

الحيض والنفاس يشتركان في الأحكام:

ابتداءً، لتعلم المسلمة أنه لا فرق بين الحيض والنفاس من حيث الأحكام، وقد بوَّب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: [باب من سمَّى النفاس حيضا، والحيض نفاسا]، جاء فيه: "عن أبي سلمة أن زينب بنت أم سلمة، حدثته أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- مضطجعة في خميصة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، قال: (أنَفِستِ؟) قلت: نعم، فدعاني، فاضطجعتُ معه في الخميلة".
غير أن الحيض دم ينزل من رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة من الشهر، أقلُّ مدته ساعة، وأكثرُ مدته خمسة عشر يوماً على أرجح الأقوال، وما زاد على ذلك عدَّہ العلماء استحاضة.

وأما النِّفاس فهو الدم الذي ينزل من المرأة بعد الولادة أو عند السقط، وأحيانا يسبق موعد الولادة بيوم أو يومين أو ثلاثة مع الطَّلق، لأنه علامة الولادة أو قربها ويخرج بسبب ترخية الرحم، فمن تكون قد أوشكت على الولادة ورأت دما فإنه دم نفاس وعلامة مخاض، والله أعلم.

- الفرق بين الحائض والمستحاضة:

الاستحاضة نزول الدم على المرأة في غير أوقاته المعتادة من عرق يسمى العاذل، أو استمرار نزول الدم عليها بعد انتهاء أيام حيضها المعتادة، وهنا تجدر الإشارة إلى نقطتين مهمتين ينبغي على الأخت المسلمة التفطن والاحتراز منهما، أولاها: أن تحسن المرأة حساب تاريخ حيضتها وعدد أيامها، حتى إذا ما نزل الدم في غير وقته المعتاد، أو زادت أيام فترة الحيض، علمت المرأة أن ذلك دم استحاضة، فعن عائشة أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حُبيش لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إني لا أطهر أفأدَعُ الصلاة، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عِرقٌ وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدْرُها، فاغسِلي عنك الدم وصلي) [رواه البخاري].

وثانيها: أن تُحسن التمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فلكليهما صفة تختلف عن الأخرى، كما ينبغي للمسلمة أن تميِّز علامة طهرها ونقائها، وللطهر علامتان؛ إما قَصة بيضاء وإما جُفوف، فأما القَصة فهي عبارة عن ماء أبيض يدفعه الرحم عند انتهاء الدم، كما في حديث الفقيهة العالمة أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها وعن أبيها، فعن علقمة بن أبي علقمة، عن أمِّه، مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكُرسُف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة. فتقول لهن: (لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء. تريد بذلك الطُّهر من الحيضة) [رواه مالك]، وأما الجفوف فهو لمن لا ترى القَصَّة فتدخل خرقة فتخرجها جافة.

- أحكام الحيض والنفاس:

كما أشرنا آنفا فإن للحيض والنفاس أحكاما تتعلق بالعبادات والمعاملات، أولها أن المرأة إذا حاضت أو وضعت مولودا ورأت دما تنقطع عن الصلاة والصوم، وهذا هو نقصان الدين الذي وصف به النبي -صلى الله عليه وسلم- النساءَ، إذ جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله قال: (ما رأيت مِن ناقصات عقل ولا دين أغلب لذي لُبٍّ منكن). قالت: "وما نقصان العقل والدين؟". قال: (أما نُقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان الدين فإن إحداكن تُفطر رمضان وتقيم أياما لا تصلي) [رواه أبو داود ورواه الشيخان مطوّلا].

وعند انتهاء المرأة من حيضتها أو خروجها من النفاس تغتسل غسل رفع الحدث الأكبر ولا تقضي تلك الصلوات التي تركتها، على خلاف الصوم فإن المرأة إذا حاضت أو نفست في رمضان، وجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها، فعن معاذة، أن امرأة قالت لعائشة: "أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟"، فقالت: "أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به"، أو قالت: "فلا نفعله" [رواه البخاري]. وقد نقلَ الإجماع بوجوب قضاء الصوم طائفةٌ من أهل العلم، رحمهم الله.
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[4/4]

- نظرية (نيابة الفقيه):

تمكن طواغيت (الأصوليين) من فتح باب الاجتهاد أمام أنفسهم، بكسرهم قفل (الإمامة الإلهية) الذي أغلق الباب عليهم، وحلِّهم للعقدة التي وضعها طواغيت (الإخباريين)، والمتعلقة بعدِّ كل علم غير علم الأنبياء والأئمة علما ظنِّيا، وعدم إجازتهم العمل به، فأخرجوا نظرية جديدة تقوم على أساس (النيابة العامة للفقهاء) عن المهدي، بناء على تأويل نص منسوب لأحد أئمتهم يجيز طاعة من يعرف أقوال آثارهم، فهم نواب للمهدي في هذا الباب لا أكثر، وهو (أي المهدي) يسددهم ويمنعهم من الخطأ، اعتمادا على نظرية (اللطف) الاعتزالية، بل هو يَظهر عند الضرورة لينقض إجماعهم على الخطأ بقول يلقيه بين أقوالهم من معلوم أو مجهول.

إلا أن الغالب في قضية التأصيل لنظرية (نيابة الفقيه) هو حل إشكالية استلام ضريبة (الخمس) التي فرضوا من خلالها اقتطاع خمس أموالهم وتأديتها لأئمتهم، إذ توقف أداؤها لفترة طويلة لغياب الإمام، فما كان أمام طواغيت الرافضة سوى أن يفتحوا الباب لأنفسهم لأخذ هذه الأموال من الناس، بدعوى الاحتفاظ بها في خزائنهم وتأديتها لمهديِّهم عند خروجه، أو نيابته في التصرِّف فيها وإنفاقها على آل البيت، زعموا، وفي سبيل نشر دينهم، وتقوية أتباعهم، فلما فُتح باب النيابة عن الإمام الغائب في باب واحد هو (الخمس)، أجاز طواغيت الرافضة لأنفسهم النيابة عنه في الأبواب كلها تدريجيا، حتى قال أحد رواد هذا الاتجاه، وهو شيخهم الكركي: "إن الفقيه المأمون، الجامع لشرائط الفتوى، منصوب من قبل الإمام المهدي".

وهكذا بدأ طواغيت الرافضة يحلون محل أئمتهم، ويتشبهون بهم أكثر فأكثر، ويحتكرون لأنفسهم ما حصروه بهم، من تشريع، واجتهاد، وقضاء، ورئاسة، فبدؤوا يستثمرون نظرية (نيابة الفقهاء) في الضغط على الحكام لأخذ الإجازة منهم بالحكم، وإلا كانوا طواغيت مشركين، فشابهوا بذلك ما كان يفعله "باباوات" النصارى في أزمنة ضعفهم من اشتراط إجازتهم لشرعنة حكم ملوك أوروبا، زاعمين النيابة في ذلك عن عيسى المسيح عليه السلام.

- من "نيابة الفقيه" إلى "ولاية الفقيه"..:

ربما تكون الدولة الصفوية أول الدول الرافضية التي مارس فيها طواغيت الرافضة سلطتهم نوابا للمهدي المزعوم، بأن جعل طهماسب بن إسماعيل الصفوي الحكم لأحدهم وهو الكركي، ليحكم بالنيابة عن المهدي، على أن يجيزه بإدارة شؤون بلاد فارس، فيكتسب بذلك شرعيّة في نظر الروافض الذين كان يسعى لاستمالتهم إلى صفِّه ضد أعدائه العثمانيين بشكل خاص، وكذلك في نظر جنوده وأنصاره من القزلباشية الصوفيين الباطنيين.

ولكن اشتراط هذه الإجازة للحكام من "نواب المهدي" لم يرسخ كقانون، نظرا لتهرب الملوك منها أولا، وللتنازع حول أصل نظرية "نيابة الفقهاء" مع (الإخباريين) الذين لم يستسلموا لإخوانهم (الأصوليين)، ولم يسلّموا لهم بتنصيبهم من قبل مهديِّهم، ورغم ذلك فقد استمر نفوذ طواغيت الروافض بازدياد بين أتباعهم، وبالتالي امتلكوا القوى التي يستطيعون من خلالها الضغط على الحكام، كما فعلوا مع سلاطين القاجاريين حتى نهاية حكمهم، ونظرا لاضطراب العلاقة بينهم وبين الحكام، فقد ظهر بين طواغيت الروافض اتجاه قوي يقول بوجوب أن تكون السلطة في أيديهم بشكل مباشر، ثم يفوِّضوا هم جزءا منها لمن يرون من الناس، بدل تقاسمها مع الحكام، فلا ينالوا منها غير الولاية على القضايا الدينية فحسب.

وهكذا وبعد أن ضاق الروافض وطواغيتهم ذرعا بنظرية (الإمامة الإلهية) وشروطها، ونظريات (الغيبة) و(الانتظار)، باتوا يجهرون بصوت خافت بالحاجة إلى إعادة النظر في هذه النظريات الباطلة، أو على الأقل إيجاد منافذ تسمح لهم بإقامة الدول والحكومات، والفصل في القضايا والمنازعات، وحراسة الثغور وإقامة الحدود، وجمع "الخمس"، والزكوات، وغير ذلك مما لا غنى لمجتمعاتهم عنه، فتطور لديهم القول بنظرية جديدة بنوا عليها آخر دولهم الطاغوتية بإذن الله، وهي دولة إيران الشركية التي تقاتلها دولة الإسلام اليوم، وهي نظرية "ولاية الفقيه".

وسنسعى -بإذن الله- في حلقة قادمة من هذه السلسلة إلى الحديث عن هذه النظرية، وواقعها اليوم في ظل تطبيقها من قبل طواغيت إيران، نسأل الله أن يعلِّمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يهدينا سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[3/4]

- التوقفيّون والحركيّون:

وكان التطوير الأهم في نظرية "الإمامة الإلهية" خلال هذه المرحلة هو اختراع نظرية جديدة هي "الانتظار" التي اختلفوا لاحقا في تأويلها، بين موقفين رئيسيين، الأول (توقفي) يقوم على الاستخفاء بالتقية، حتى عودة الإمام الغائب، والآخر (حركي) يقوم على ضرورة تهيئة الأوضاع لعودة هذا الإمام، وذلك بتحقيق التمكين وامتلاك القوة التي تزيل أسباب خوف الإمام من أعدائه ليتمكن من الظهور والحكم وإقامة الدين.

أما الاتجاه الأول (التوقفي) فقد شدَّد على تحريم أي تحرك لإقامة "الدولة الإسلامية" أو اتباع أي أحد يخرج في عصر الغيبة باسم إعادة الحكم لآل البيت، وقد نسبوا لمحمد (الباقر) القول: "كل راية ترفع قبل راية المهدي فصاحبها طاغوت يُعبد من دون الله، وكل بيعة قبل ظهور القائم فإنها بيعة كفر ونفاق وخديعة".

وساد المنهج (الإخباري)، بين أتباع هذا الاتجاه، الذي يشبهونه زورا وبهتانا بمنهج أهل الحديث، والذي يمنع علماءهم من الاجتهاد، ويمنع جُهالهم من التقليد، ويأمر الجميع بالأخذ فقط من الآثار المنسوبة لأئمتهم، وقد أسرف هؤلاء بالكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- وآل بيته، بل وعلى مهديهم الغائب، ويمكن القول إن معظم ما وُضع في دين الروافض من أكاذيب وبدع وخرافات، وطعن في الإسلام وأهله، وفي القرآن وحملته إنما هو من فعل أولئك (الإخباريين)، بل وقد أعادوا كتابة تاريخ القرون الماضية من جديد بما يُوافق أهواءهم ومعتقداتهم، وهكذا لم يكتفِ الروافض وعلى رأسهم (الإخباريون) ببناء دينهم على أصلهم الفاسد "الإمامة الإلهية"، وإنما كتبوا تاريخ البشرية من جديد ليوافق هذه النظرية الباطلة، بل وحددوا معالم المستقبل لينسجم معها أيضا.

وبناء على هذا فقد استمر وقوف أهل الاتجاه (التوقفي) موقفا سلبيا من كل الدول التي أقامها الرافضة خلال الأزمنة الماضية، ونقضوا شرعيتها بناءً على نظريات (الوصية) و(النص) و(العصمة) و(الانتظار) وغيرها، التي لا تتوافق شروطها مع جميع أولئك الحكام رغم ديانتهم بدين الرافضة، وإيمانهم بانتظار (المهدي)، ورغم زوال الموانع التي برَّروا بها غيبة إمامهم، بعرض بعض أولئك الملوك على طواغيت الرافضة، أن يطلبوا من (المهدي) الظهور لتسلم حكم دولهم، إلا أنهم رفضوا العرض بحجة أن لخروجه علامات لم تظهر بعد!

أما أصحاب الاتجاه الآخر، الذين لم ترق لهم جمودية (الانتظار)، رغم إيمانهم بألّا إمام إلا بظهور مهديهم، تبعا لإيمانهم بنظرية (الإمامة الإلهية) وشروطها الباطلة، فقد أحرجهم كثيرا ضعف نظرياتهم البدعية وقصصهم الخرافية أمام حجج خصومهم، فتحركوا تحت ضغط أتباعهم ليتحرروا من قيود جمودية (الانتظار)، متسلحين بالمنهج العقلي الضال للمعتزلة، وأصولهم في التلقي والاجتهاد والمناظرة، ليفتح طواغيت الرافضة هؤلاء، الذين يسمّونهم (الأصوليين) الباب بذلك رويدا رويدا أمام أنفسهم، للاجتهاد واتخاذ الأتباع والمقلدين، وإعادة العمل ببعض العبادات التي أسقطها (التوقفيون) في عصر الغيبة، كصلاة الجمعة، والحسبة، والقتال، وإقامة الحدود، بل والإمارة أيضا، وكل ذلك طبعا وفق دين الرافضة، لا وفق دين الإسلام.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[2/4]

- من "الإمامة الإلهية" إلى نيابة الإمام:

لم يستحِ الروافض من تغيير دينهم في مسألة الإمامة عدة مرات طوال قرنين من الزمن تقريبا، ولكن أحرج المواقف التي مرّوا بها كانت عند وفاة إمامهم الحادي عشر الحسن (العسكري) بن علي (الهادي)، وذلك في منتصف القرن الثالث الهجري، من غير أن يعقب، ولتسلم لهم نظريتهم اخترعوا قصة ولادة ولد للحسن (العسكري) من جارية رومية، وزعموا أن أمه أخفته لحمايته من الحكام حتى يكبر، ثم عدّلوا القصة ليقولوا إن أعداءه عثروا عليه وهو صبي، فاختبأ منهم في سرداب في مدينة سامراء بالعراق.

فلما طالت قصة اختبائه، وكثرت أسئلة أتباعه عنه، ومطالبتهم برؤيته لأخذ الدين منه، زعم الدجاجلة الكذبة أنه متخفٍّ عن الناس، ومحتجب عن أعينهم، فلا يعرفه إلا نائب له هو (عثمان بن سعيد العمري) الذي أخرج لهم رسائل زعم أنها بخط المهدي المزعوم، بتنصيبه نائبا عنه للرد على أسئلة الناس، وتبليغهم علم الإمام، واستلام الخمس منهم، والأخيرة هي الأهم كما سنرى لاحقا.

ومع ظهور نواب للإمام الثاني عشر محمد (المهدي) بن الحسن (العسكري)، انتهى عند الرافضة عصر الأئمة المعروفين وبدأ عصر الغيبة، وسميت هذه المرحلة بالغيبة الصغرى، لوجود نواب معروفين للإمام، يقومون مقامهم، ويحفظون لطواغيت الرافضة نظريتهم الباطلة وأصلهم الفاسد.

واستمرت مرحلة (الغيبة الصغرى) قرابة الـ 70 عاما، تعاقب على نيابة الإمام فيها 4 نواب، أهمهم بعد العمري ابنه محمد (ونلاحظ انتقال نيابة الإمام بالوراثة كمنصب الإمامة)، الذي استمر في منصبه 40 عاما، تلاه الحسين النوبختي، ثم علي المسيري، الذي انتهت بوفاته -سنة 329 هـ- هذه المرحلة، خاصة أنهم بوفاته شعروا أن كذبة الغيبة الصغرى ووجود الإمام في مكان خفي لن تنطلي على أحد بعد اليوم بانقضاء العمر المتوقع لغالب الناس.

وبدأت مرحلة (الغيبة الكبرى) التي منعوا من الخوض في كُنهها أو التساؤل عن مكان الإمام وموعد ظهوره فيها، والتي استمرت منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا، ليعيش الرافضة طوال 1000 سنة دون إمام ظاهر، ويبدأ علماء الرافضة بوضع الأحاديث على ألسنة أئمتهم، وتتطور محاولاتهم الخروج من متاهة الغيبة بحلول متعددة، لا شك أن ولاية الفقيه في إيران الرافضية هي طورها الأعلى، ولذلك نجد إكثارهم هذا الزمان من الحديث عن (عصر الظهور)، ويقصدون بذلك ظهور المهدي (المنتظر) ليقيم الدولة الإسلامية العادلة، وينتقم من أعداء آل البيت (ويقصدون بهم أهل السنة)، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت كفرا وجورا، زعموا.

- ألف عام من الحيرة...:

وقع طواغيت الرافضة في شر أعمالهم، وسقطوا في فخ "الإمامة الإلهية" الذي نصبوه للمسلمين، ووجدوا أن القيود والأغلال التي طالما ربطوا بها الناس باتت تطوق أياديهم وأعناقهم، فما كانوا يحصرونه بالإمام من تشريع واجتهاد وحكم وإقامة للحدود وقتال وأخذ لأموال الخمس والزكاة وغيرها، ويمنعون أيا من الناس من أن يتولَّوا شيئا منها، باتوا هم أيضا ممنوعين من القيام بها، بحكم غيبة الإمام، واستحالة موته ونصب إمام بعده، لأنهم ختموا به سلسلتهم الاثني عشرية، وكذلك صعوبة ادعاء النيابة عنه، لكثرة الأدعياء الذين ستغويهم صلاحيات الإمامة ومكاسبها المالية للسعي في ذلك (وقد خرج فعلا في عصر النواب الأربعة المقبولين لدى الرافضة أكثر من 30 نائبا يرفضهم الرافضة، وتولوا جمع الخمس والزكوات باسم الإمام الغائب)، وهنا كان لا بد لهم من حيل جديدة تمكنهم من الاستمرار في وضع دين الرافضة، وتطوير نظرية "الإمامة الإلهية".

وهكذا اهتزت عقيدة الرافضة كثيرا خلال هذه الفترة، وخرج غالبهم عن هذا الدين الباطل الذي يجدون فيه تناقضا كبيرا، بحصره كل جوانب دينهم ودنياهم بوجود الإمام الذي ليس له وجود إلا في الأساطير والخرافات، وقد وصف أحد طواغيتهم الكذابين الذي يسمّونه (الصدوق) حالة الرافضة في بدايات (الغيبة الكبرى)، التي يسمونها (عصر الحيرة) بقوله: "وجدت أكثر المختلفين عليّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم الشبهة"، ويقول طاغوت آخر من طواغيتهم، وهو النعماني: "أيّ حيرة أعظم من هذه التي أخرجت من الأمر هذا الخلق الكثير والجم الغفير، ولم يبقَ ممن كان فيه إلا النزر اليسير؟! وذلك لشكّ الناس".


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4) الرافضة الاثنا عشرية من إمامة ...

إقامة الدولة الإسلامية.. بين منهاج النبوة وسبل أهل الضلالة (4)
الرافضة الاثنا عشرية
من إمامة المعدوم.. إلى ولاية الطواغيت
[1/4]

أوردنا في الحلقة الماضية من هذه السلسلة لمحات عن تاريخ نشوء دين الرافضة على أساس نظرية (الإمامة الإلهية) الباطلة، وما اشتُق منها من نظريات (الوصية) و(النص)، و(التقية) و(البداء)، و(الغيبة) و(الرجعة)، وغيرها من البدع المكفرة والخرافات.

وسنحاول في هذه الحلقة بإذن الله أن نبين كيف اضطر الروافض إلى التلاعب بنظرية (الإمامة الإلهية) التي اشترطوها لإقامة الدولة الإسلامية، وكيف أضافوا التعديل تلو التعديل عليها حتى وصلوا إلى نظرية (ولاية الفقيه) التي تنقض أصول نظريتهم الأولى، وتقوم عليها دولة إيران الشركية اليوم، وتسعى لتعميمها على بلاد المسلمين كافة.

فبخلاف ما يزعمه الرافضة من أن دينهم وحي من السماء على رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وأنه وصل إليهم مسلسلا منه عبر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأبنائه، حتى دوَّنوه في القراطيس ونشروه بين الناس، فإن أكثر الباحثين المحقِّقين يجزمون بأن هذا الدين كتبه علماء الرافضة بعد موت كل من يزعمون له الإمامة والعصمة من أبناء علي، رضي الله عنه، ودخولهم في ما يسمّونه (عصر الغيبة) أي غيبة إمامهم الثاني عشر الذي اختلقوه من العدم، ليرقّعوا به ثوبهم المزِق، ويعززوا به بنيانهم الهدِم.

فلم يكتفِ الرافضة باشتراط العصمة والنص لمنصب الإمامة، ليدعوا بذلك نقض شرعية كل خلفاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لدن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، ويبرروا الخروج عليهم، وتكفيرهم، بل توجهوا إلى عامة المسلمين ليشترطوا عليهم في دينهم أمورا تُلزمهم ببيعة أئمتهم والدخول في دين الرفض ليكونوا مسلمين.
فكان أهم ما بدؤوا به هو موضوع الإمامة، فجعلوا منها أصلا من أصول الدين، ومن لم يعرف إمام زمانه، ويبايعه فلا إيمان له، ولذلك وقع عندهم الخلاف في إيمان بعض من كبار أصحاب أئمتهم لما ماتوا في فترات الاختلاف على تحديد الإمام.
وليضيِّقوا على أتباع دينهم أكثر، فقد قالوا بتوقيف كل ما يتعلق بمنصب الإمامة من أحكام كالقضاء وإقامة الحدود والحسبة والجهاد والجمعة، وغيرها، فلا يصح أن يقوم بها إلا من يزعمون إمامته أو من ينصِّبه الإمام لذلك، وحرَّموا عليهم أن يتقاضوا إلى من يسمونهم بـ "أئمة الجور"، أو يقاتلوا من ورائهم، أو يصلوا الجمعة خلفهم، أو يؤدوا إليهم زكاتهم.

بل وامتد تحريفهم إلى التشريع في الدين، فمنعوا أتباعهم من الأخذ من كتاب الله، أو سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وألزموهم بأن يأخذوا الأحكام عن طريق "الأئمة" فحسب، وزعموا أن كلام أئمتهم هو القرآن الناطق، مقابل ما سموه "القرآن الصامت" الذي في مصاحف المسلمين وصدورهم، ثم تعدوا الأمر لينكروا توقف التشريع في الدين بموت النبي، صلى الله عليه وسلم، زاعمين أنه اختص آل بيته بالكثير من الأحكام التي لم تحدث الحاجة لإظهارها في حياته، وأن كل ما ينسبونه لأئمتهم من أقوال وأفعال، إنما هو مما ورثوه من علم النبوة، بل شطُّوا بعد ذلك بعيدا ليزعموا أن أئمتهم يوحى إليهم من الله تعالى، لتكون أقوالهم وحيا يوحى، ويجعلوها ضمن ما يسمونه "السنة" في باب أصول الفقه، فمنعوا الاجتهاد في الدين، وعدُّوا من يتصدى للفتيا من غير الأئمة بمثابة الطواغيت المشرِّعين، الحاكمين بغير ما أنزل الله.

ولم يقتصروا على حصرهم تفسير الكتاب والسنة بما ينسبونه لأئمتهم من أقوال، وتأويلهم نصوص الوحيين بتأويلات باطنية كاذبة، بل امتدت ألسنتهم الآثمة إلى تلك النصوص بالتكذيب والتحريف، فلا صحيح من السنة إلا ما وافق مذهبهم، بناء على القول المكذوب على جعفر (الصادق): "ما خالف العامة فهو الرشاد"، ويعنون بالعامة أهل السنة والجماعة، بل وكذّبوا حتى بصحة القرآن الكريم، زاعمين أن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حرّفوا آياته، وحذفوا منها ما كان فيها من نص واضح على إمامة علي -رضي الله عنه- وآل بيته، وأزالوا ما فيه من لعن لأبي بكر وعمر وبني أمية، وكل من ليس على مذهبهم الباطل وملتهم الكافرة بزعمهم، ونسبوا إلى أئمتهم مصحفا غير الذي في أيدي الناس، وبالتالي فقد ادعوا احتكار الوحيين أيضا بعد أن احتكروا تأويلهما، وبيان الأحكام النازلة فيهما.

وزادوا على حصرهم دين الناس بأئمتهم، بأن ربطوا دنياهم بهم أيضا عن طريق إشاعة شرك العبودية بين أتباعهم، وحثهم على الاستغاثة بأئمتهم ودعائهم، والتقرب إليهم بالذبح والنذور، والتبرك بقبورهم، وما ينسبونه إلى آثارهم، ليرزقوهم الأموال والأولاد، أو يشفوهم من الأمراض، زعموا، وكل ذلك في إطار عملية شاملة لحشد الناس إلى حزبهم، وربطهم بمذهبهم.

وفيما ذكرنا من أخبار بنائهم دينهم كله على أصل الإمامة غنى عن إيراد المزيد من الأمثلة لتوضيح المراد، رغم أن دينهم الخرافي الوضعي مليء بأمثال هذه الغرائب.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 72 مقال: الاستشفاء بالأدوية الحسيَّة (٢/٢) - أدوية ثبت فيها الشفاء العام مع ...

صحيفة النبأ العدد 72
مقال:
الاستشفاء بالأدوية الحسيَّة
(٢/٢)

- أدوية ثبت فيها الشفاء العام مع نجاعتها بعلاج مرض محدد:

لقد جاءت في السنة النبوية عن العسل والحجامة نصوص خاصة وعامة في الشفاء، فعن بشير بن عمير قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (في الحجم شفاء) [رواه ابن أبي شيبة]، وكذلك ما رواه أبو هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن كان في شيء مما تداوون به خير، ففي الحجامة) [رواه أحمد]، فهذا دليل الشفاء العام، أما دليل العلاج الخاص بمرض معين، فهو حديث يحذِّر من ارتفاع ضغط الدم القاتل، الذي قد يصبح مزمنا، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أراد الحجامة فليتحرَّ سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين، ولا يَتبَيَّغ بأحدكم الدم فيقتله) [رواه ابن ماجه]، وتبيُّغ الدم يعني فورانه وهيجانه.

أما العسل فكذلك فيه نص خاص لمرض معين، وفيه نص عام للشفاء وهو قوله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]، وأما دليل العلاج لمرض معين وهو فساد المعدة المسبِّب للإسهال، ففيه ما رواه أبو سعيد الخدري، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أخي استطلق بطنه، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (اسقه عسلا) فسقاه، ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلا فلم يزده إلا استطلاقا، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة فقال: (اسقه عسلا) فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صدق الله، وكذب بطن أخيك)، فسقاه فبرأ. [رواه مسلم].

- أدوية ثبت شفاؤها لأمراض معينة في البدن:

ثبتت في السنة النبوية بعض الأحاديث التي تدل على أشياء معينة تكون علاجا لأمراض بعينها، كداء عرق النسا مثلا، وهو ما يُعرف بالانزلاق الغضروفي في الفقرات القطنية، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (شفاء عرق النِّسا ألية شاة أعرابيةٍ، تُذابُ ثم تجزَّأ ثلاثة أجزاء، ثم تُشربُ على الريق، كل يومٍ جزءٌ) [رواه ابن ماجه والحاكم، ورواه أحمد بلفظ آخر]، أما كون الشاة أعرابية وتخصيص الإلية منها، وتجزأتها ثلاثة أجزاء، وشربها على الريق، فهذا يرجع تفصيله لأهل الاختصاص.

وهناك ما يقع للبدن من التقرُّحات الجلدية أو الإصابة بشوكة فلها دواء مخصوص كذلك، فعن سلمى أم رافع، مولاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان لا يصيب النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قرحة، ولا شوكة، إلا وضع عليه الحناء" [رواه ابن ماجه]، فهذا دواء مادي لمصاب ظاهر.

وأما ما يخص العينين ففي الأحاديث ما يدل على دواء لشفائهما، وفيها ما يدل على صيانتهما والحفاظ عليهما، فعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الكَمأة مِن المن، وماؤها شفاء للعين) [رواه مسلم]، وأما في تقوية البصر والحفاظ عليه فعن جابر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عليكم بالإثمد عند النوم، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر) [رواه ابن ماجه وغيره من أهل السنن].

ونختم بهذا الحديث النبوي الذي يخص القسط الهندي وأن فيه سبعة أشفية، فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أم قيس بنت محصن -وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي أخت عكاشة بن محصن أحد بني أسد بن خزيمة- قال: أخبرتني أنها أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بابن لها لم يبلغ أن يأكل الطعام، وقد أعلقت عليه من العذرة [وهو وجع وألم في حلق الصبي]، قالت: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (علامه تَدْغَرن أولادكن بهذا الإعلاق؟ عليكم بهذا العود الهندي -يعني به الكست- فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب) [رواه مسلم]. وفي رواية أخرى لمسلم، رحمه الله: (منها ذات الجنب، يُسعَط من العذرة ويُلَدَّ من ذات الجنب)، والكست هو القسط، وإحدى استخداماته معالجة هذا المرض المذكور في الحديث.

فهذه وغيرها مما ورد في السنَّة تثبت صورة التداوي المادي الذي جاء على لسان الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم، ومن بعض أفعاله كذلك، وسنترك المجال للدخول إلى تفاصيل التداوي من مفردات المواد وأخلاطها، لمقام آخر بإذن الله تعالى، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 72 مقال: الاستشفاء بالأدوية الحسيَّة (١/٢) الحمد لله خالق الداء والدواء، ...

صحيفة النبأ العدد 72
مقال:
الاستشفاء بالأدوية الحسيَّة
(١/٢)

الحمد لله خالق الداء والدواء، ينفع من يشاء، وينزل بمن يشاء البلاء، والصلاة والسلام على رسول الله محمد ماحي الشرك والشقاء، وعلى آله الأنقياء وصحبه الأصفياء، أما بعد:

سبق لنا الحديث عن التداوي بالأدوية غير الحسية في السنة مثل الاستشفاء بالقرآن والدعاء والاستغفار والصدقة وغير ذلك، ولا بد أن نقدِّم بين يدي القارئ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التداوي بالأدوية المادية المحسوسة، من فعلِه -صلى الله عليه وسلم- أو قولِه الذي هو من الوحي الإلهي، وذلك ليرشد أمته إلى المنافع التي يجهلها أهل الطب، فهو نبي الرحمة وما ترك لنا شيئا من الدين والمصالح العامة إلا دلَّنا عليه، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ{ [الأنبياء: 107].

- تداوي النبي -صلى الله عليه وسلم- لنفسه ولأصحابه:

دلَّت السنة على أفعال كان يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- للتداوي، ومنها على سبيل المثال الاكتواء، حيث كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- لصحابته الكرام، فعن جابر قال: "رُمي أُبَيّ يوم الأحزاب على أكحُله فكواه رسول الله، صلى الله عليه وسلم" [رواه مسلم].

وعن جابر أيضا قال: "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أُبيّ بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه عليه" [رواه مسلم].

وهذا في الكَي أمَّا في الحِجامة، ففي رواية للبخاري من طريق وهيب عن أيوب بلفظ: (احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم)، وللبخاري أيضا في كتاب الطب أنه -صلى الله عليه وسلم- احتجم وأعطى للحجَّام أجره، مما يدل على مداومته -صلى الله عليه وسلم- وحرصه على هذا الفعل.
أدوية ثبت فيها الشفاء العام من الأدواء
وردت بعض النصوص في السنة النبوية تدل على أن بعض المواد فيها شفاء بشكل عام بدون تخصيص داء معين، بل هي شفاء من كل داء، ومنها الحبة السوداء، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (في الحبة السوداء شِفاء من كل داء، إلَّا السام) [رواه البخاري]، فهذا نص عام في الشفاء وغير محدِّد لنوع الداء إلا السام أي الموت الذي يسبقه داء الهرم، الذي لا شفاء له.

وكذلك ما رواه الطبراني عن إبراهيم بن أبي عبلة، قال: سمعت أبا أُبَيّ بنِ أم حرام، يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالسَّنا والسَّنُوت, فإن فيهما شفاء من كلِّ داء إلا السَّام). قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: (السام الموت). قلنا لعمرو بن بكر: وما السَّنوت؟ قال: أما في معنى هذا الحديث فهو العسل، وأما في غريب كلام العرب فهو رُبُّ عُكَّة السَّمن" [مسند الشاميين]، وقيل أن السنا نبات فيه دواء وهذا يعرفه أهل الطب.

ومنها أيضا عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بألبان البقر فإنها ترم مِن كلِّ الشجر، وهو شفاء من كل داء) [رواه الحاكم في المستدرك]، ورواه أبو نعيم الأصفهاني في كتاب الطب عن صهيب الخير، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (عليكم بألبان البقر فإنه شفاء وسمنها دواء)، ولأنها تأكل من كل الشجر، و الأشجار والأعشاب تحتوي المئات من الأدوية، فهذه الأدوية تجتمع في ألبانها وسمنها.

ونختم هذه النصوص العامة بما روته أم المؤمنين عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن في عجوة العالية شفاء) [رواه مسلم]، والعجوة هي نوع من أنواع التمور، فهذه بعض النصوص العامة التي ليست موضع تفصيل في هذة المقالة.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc11ar
...المزيد

الدولة الإسلامية صحيفة النبأ العدد 72 - الافتتاحية: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين إن الله إذا ...

الدولة الإسلامية
صحيفة النبأ العدد 72 - الافتتاحية:

واعبد ربك حتى يأتيك اليقين

إن الله إذا أنعم على عبد من عبيده جعل ظاهره كباطنه، وأقواله كأفعاله، ولم يجعله منافقا في المعتقد، أو ممَّن يخالف قوله عمله.

وهذا ما أنعم الله به على الدولة الإسلامية -بفضله سبحانه- في أبواب كثيرة لا تعد ولا تحصى، وعلى رأسها غاية وجودها، وسبب بنائها، وهو إقامة الدين، وتحكيم الشريعة.

فخالفت الضالِّين المُضلِّين من أهل فصائل الفرقة والخلاف، وأحزاب الضرار، الذين ملؤوا الدنيا تصريحات وتنظيرات عن سعيهم لإقامة الدين، وعزمهم على تحقيق ذلك بمجرد أن يكون لهم الأمر والتمكين، ثم ظهر كذب شعاراتهم، ونكث وعودهم بمجرد أن تحقق لهم ما يريدون، فحكموا بشرائع الطواغيت، وقدَّموا بقاء رموزهم وتنظيماتهم على إقامة الدين.

وكلَّما فتح الله بقعة من الأرض، وتمكَّنت فيها، بادر جنودها بإقامة دين الله، وأمرِ الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر، رغم علمهم اليقيني بأن هذا الأمر سيؤلّب الكفار عليهم، ويوغل عليهم صدور المنافقين، ولكنهم يطلبون بذلك رضى رب العالمين.

وإن من خير ما تَقر به عين الموحد اليوم أن يرى في كل بقعة من أرض الإسلام كيف تُقام الصلاة وتُجبى الزكاة، ويُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر، وتقام الحدود، رغم جبهات القتال المشتعلة في كل ناحية.

فترى أسود الإسلام يسطِّرون الملاحم، ويبذلون المُهج والنفوس، وهم يتصدون لحملات المشركين على أطراف مدينة من المدن، وفي الوقت عينه يُرفع الأذان ويجتمع المسلمون للصلاة، على بعد شارع أو شارعين من خطوط الجبهات المشتعلة، وفي جوارهم يطوف إخوان لهم آخرون ليوزعوا الزكاة على المستحقين، وتُتابع محاكم الإسلام تحكيم شريعة الله فيما يُرفع إليها من قضايا وخصومات، وتقيم حدود الله على من استحقها، ولا تتوقف بِحالٍ الدعوةُ إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهكذا يقام دين الإسلام كاملا كما أمر الله سبحانه.

فالمُقاتل في الخط الأول ما ثبت في مكانه إلا ليحمي شريعة الله التي تقام في الأرض التي يدفع المشركين عنها، وهو يعلم يقينا أن انتصاره على عدوه ليس بقوة ذراعه، ولا بدقة سلاحه، ولا بكثرة عتاده، وإنما هو محض فضل الله عليه، وكلما ازداد يقينا أن الدين يُقام كما أراد الله يزداد يقينا بنصر الله له على عدوه، وهو يقيم الدين من هذا الجانب الذي كلّفه به إمامه، بجهاده للمشركين، وحمايته لبيضة المسلمين.

وإخوانه من ورائه فئة له يأوي إليها، وردء له، يحفظون المسلمين وأعراضهم وأموالهم، ولم يُبعدهم عن جبهات القتال وخطوط الرباط سوى طاعتهم لأولي الأمر منهم، وما أداؤهم لِما أُلقي على عواتقهم من أمانة في إقامة الدين، الذي لا تَعظم شعائره، ولا تُحفظ حدوده، ولا تطبق أحكامه إلا بهم، فإن استنفروا نفروا، وإن استُنصروا نصروا، وإن أُمروا أطاعوا.

وهكذا يستمر الحال في كل بقعة من بقاع دار الإسلام، يقيم جنود الدولة الإسلامية الدين فيها ما دامت عليهم نعمة التمكين، حتى إذا ابتلاهم ربهم بعدوهم، واضطروا للتحيّز عنها إلى فئتهم، بإذن أئمتهم، بعدما بذلوا الوسع في دفع المشركين عنها، برأت ذمتهم أمام الله، وعادوا يبذلون الوسع من جديد لاستعادة السيطرة عليها، وتحكيم الشريعة فيها، وبهذا يُثبتون صدق دعواهم، ووفاءهم بعهودهم، فيُرضون ربَّهم، ويظهرون صحة منهجهم.

وقد روى البخاري من حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) [الأدب المفرد].

فيا جنود الإسلام وحراس الشريعة، لا يحقرن أحدُكم من المعروف شيئا، ولا يعجزنَّ أن يقيم أيَّ شعيرة من شعائر الإسلام قدر عليها، أو يدعو إلى أيٍّ من فضائل الأعمال، حتى وهو منشغل بدفع العدو، وحماية البيضة، وحراسة الثغر.

وإياكم أن تؤجلوا إقامة الدين كاملا غير منقوص بعد أن يمكِّنكم الله في الأرض يوما أو بعض يوم، وإياكم أن تعطلوا أيَّا من شعائر الدين وأحكامه في أرض بأيديكم ولو ليوم أو بعض يوم، فتُغضبوا ربكم، وتعينوا على أنفسكم عدوكم، قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرهُ} [الزلزلة: 7 - 8].



المصدر: صحيفة النبأ - العدد 72
الخميس 17 جمادى الآخرة 1438 ه‍ـ
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً