د. محمود عبد العزيز أبو المعاطي حجاب 

كن موحدًا لله ولا تكن مشركًا يتضمّن التَّوحيد نفي وجود أيّ آلهة أُخرى مع الله، ونفي الشَّبه بين ...

كن موحدًا لله ولا تكن مشركًا
يتضمّن التَّوحيد نفي وجود أيّ آلهة أُخرى مع الله، ونفي الشَّبه بين الله وبين خلقه.
فالله واحدٌ أحدٌ فردٌ صمدٌ، لا شريك ولا نِدَّ له، منفردٌ في التصرّف في مُلكه، لا يُسأل عمّا يفعل، لا يخرج عن مشيئته وإرادته شيء، بل هو الفعّال لما يريد، لا رادّ لأمره، ما شاءه كان، وما لم يشأ لم يكن. ( )
وكلمة التوحيد هي أصل الدين وأساسه، ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة، والجنة والنار، وهي دعوة جميع الأنبياء والرسل، من لدن نوح ﷺ حتى محمد ﷺ.
الشرك المنافي للتوحيد
والشرك بالله، هو أن تجعل شَريك لله في العبادة والملك، ويعتبر ذلك من أكبر الكبائر، ويسمى صاحبه مشركًا، والكفر أعم من الشرك.
ويُعتبر الشرك بالله أعظم الذنوب والمعاصي التي يمكن للإنسان ارتكابها، ورد في القرآن: (إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افترى إِثْمًا عَظِيمًا)، والشرك بالله نوعان:
أصغَر وأكبر، حيثُ أن الشرك الأكبر يُخرج الإنسان من دين الإسلام، وهو أن يجعل لله ندًّا أو يعتقد بألوهية غير الله، ويعبد غيره من شمس وقمر وبشر.
أمّا الأصغر، فهو ما دون ذلك كمخافة غير الله، ورجاء غيره، فهذا لا يُعتبر مُخرجًا من الدِّين.
«حقيقة الشرك أن يُعبَد المخلوق كما يعبَد الله، أو يعظَّم كما يعظَّم الله، أو يصرَف له نوع من خصائص الربوبية والألوهية». ( )
«إن الشرك لا يتوقّف على أن يعدِل الإنسان أحداً بالله، ويساوي بينهما بلا فرق، بل إن حقيقة الشرك أن يأتي الإنسان بأعمال خصها الله تعالى بذاته العلية، وجعلها شعاراً للعبودية لأحد من الناس، كالسجود لأحد، والذبح باسمه، والنذر له، والاستعانة به في الشدة، والاعتقاد أنه ناظر في كل مكان، وإثبات التصرف له، كل ذلك يثبت به الشرك ويصبح به الإنسان مشركاً». ( )
ورد التحذير من الشرك في كثير من آيات القرآن والسنة عن المسلمين، منها:
قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»
قوله تعالى: «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»
قوله تعالى: «إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ»
قول النبي : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله..).
وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ۝٨٢﴾ [الأنعام:82].
وقال أيضاً: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ۝٨٧ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ۝٨٨﴾ [الأنبياء:87–88].
وعن عبادة عن النبي ﷺ قال: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل». متفق عليه.
وعن أنس بن مالك «أن نبي الله ﷺ، ومعاذ بن جبل رديفه على الرحل، قال: «يا معاذ!» قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «يا معاذ!». قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «يا معاذ!». قال: لبيك رسول الله وسعديك، قال: «ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، إلا حرمه الله على النار» قال: يا رسول الله! أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: «إذا يتكلوا». فأخبر بها معاذ عند موته، تأثما». متفق عليه.
وعن أبي هريرة أنه قال: «قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت، يا أبا هريرة، ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قبل نفسه». أخرجه البخاري.
وعن عثمان قال: قال رسول الله ﷺ: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة». أخرجه مسلم.
والموحد لا يخاف إلا من الله، فلا تخاف من إنسان على قطع الرزق، وتترك الصلاة من أجل الخوف على الرزق، أو تترك أكل الحلال من أجل الخوف على الرزق، زملاؤك مرتشين فأنت مرتشي، وتقول: أنا خائف على أكل عيشي ينقطع، لا، لا تخف إلا من الله، ربنا سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾ [آل عمران:175]، وقال تعالى: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُون﴾ [البقرة:40].
الرهبة لا تكون إلا من الله، ترهب من؟ من عبد مثلك مثله، ضعيف لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، لماذا تخاف منه؟ فأنت لا تخف إلا من الله سبحانه وتعالى.
فأنت كن موحدًا لله، لا تحلف إلا بالله، "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت"، ولا تسجد إلا لله، فاحذر أن تسجد لمخلوق، ولا تنحني لمخلوق، إياك أن تنحني لمخلوق، لا تنحني إلا لله، يقول الشاعر:
ومما زادني فخرًا وتيهًا *** وكدتُ بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي *** وأن صيرت أحمد لي نبيًا
فنحن لنا الفخر أن نكون عبيد لله سبحانه وتعالى، فأنت احذر إنك تنحني لغير الله، أو تركع وتسجد لغير الله؛ لأن الركوع والسجود عبادة لا تكون إلا لله تبارك وتعالى.
كذلك لا تسأل إلا الله، النبي عليه الصلاة والسلام يقول لابن عباس: " احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله" رواه الترمذي وصححه
احذر أن تسأل الأموات؛ فإن الأموات لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياةً، ولا نشورًا، "إذا سألت فاسأل الله"؛ قل: يا الله، ارفع يديك إلى السماء وقل: يا رب، يا رب، ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ﴾ [النمل:62].
فأنت كن موحدًا لله، لا إله إلا الله، لا معبود بحقٍ إلا الله، النفع والضر بيد الله، العز والكرامة بيد الله، العطاء بيد الله، المنع بيد الله، الحياة بيد الله، الموت بيد الله.
فاحذر أخي الكريم أن يركن قلبك إلى أحدٍ غير الله، فهذه وصية الشاب المسلم؛ كن موحدًا لله واحذر أن تكون مشركًا.
والشرك هو أن تجعل لله ندًا وهو خالقك، فاحذر أن تعتقد أن إنسان يملك النفع والضر، وهو إنسان بشر مثلك مثله، ولكن الذي يملك الأرزاق هو الله، والذي يملك النفع هو الله، والذي يملك رفع الضر هو الله.
فعلق قلبك بالله، وقل: اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك، ومن الأمل إلا فيك، ومن التفويض إلا لك، ومن التسليم إلا إليك، ومن الوقوف إلا على بابك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم، ومن الطمع إلا لما في يديك الكريمتين يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين. وبالله التوفيق.
...المزيد

قال الغزالي: "ولا يعلم المسكين أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ...

قال الغزالي: "ولا يعلم المسكين أنَّ الورع ليس في الجبهة حتى يُقَطَّب، ولا في الوجه حتى يُعَفَّر، ولا في الخدِّ حتى يُصَعَّر، ولا في الظَّهر حتى ينحني، ولا في الذَّيل حتى يُضَمَّ، إنَّما الورع في القلب". ...المزيد

أُثر عن عمر بن عبد العزيز الأموي الخليفة الراشد بعد الراشدين وصح الأثر: أنه كان إذا صلى الصبح ...

أُثر عن عمر بن عبد العزيز الأموي الخليفة الراشد بعد الراشدين وصح الأثر: أنه كان إذا صلى الصبح بالمؤمنين -وهو خليفة الله في عباده- عاد إلى بيته وجمع أطفاله ونساءه فيقرأ أحدهم القرآن وهم يتدبرون ويبكون، لقد قال من يعرفهم: والله لو دخلت عليهم ووجدتهم كما هم عليه يبكون لقلت: بين أيديهم جنازة، وما ذاك إلا أنهم يقرءون القرآن فيتأثرون فيبكون. ...المزيد

وقدوة هذا الصابر على فتنة النساء: نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب ...

وقدوة هذا الصابر على فتنة النساء:
نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، قال تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ (يوسف: 23)، بل إن يوسف عليه السلام آثر السجن على أن ينقاد لهذه الفتنة، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (يوسف: 33).

قال ابن القيم:
"وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن يوسف الصديق صلى الله عليه وسلم من العفاف أعظم ما يكون، فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره، فإنه صلى الله عليه وسلم كان شاباً، والشباب مركب الشهوة، وكان عزباً ليس عنده ما يعوضه، وكان غريباً عن أهله ووطنه، والمقيم بين أهله وأصحابه يستحي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم، فإذا تغرب زال هذا المانع، وكان في صورة المملوك، والعبد لا يأنف مما يأنف منه الحر، وكانت المرأة ذات منصب وجمال، والداعي مع ذلك أقوى من داعي من ليس كذلك، وكانت هي المطالبة فيزول بذلك كفلة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الإجابة، وزادت مع الطلب الرغبة التامة والمراودة التي يزول معها ظن الامتحان والاختبار لتعلم عفافه من فجوره، وكانت في محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقت الإمكان ومكانه الذي لا تناله العيون، وزادت مع ذلك تغليق الأبواب؛ لتأمن هجوم الداخل على بغتة، وأتته بالرغبة والرهبة، ومع هذا كله عفَّ لله ولم يطعها، وقدَّم حق الله وحق سيّدها على ذلك كله، وهذا أمر لو ابتلى به سواه لم يعلم كيف تكون حاله؟".
...المزيد

قال ابن الجوزي رحمه الله من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب، فإن العقوبة تتأخر. ومن أعظم ...

قال ابن الجوزي رحمه الله
من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب، فإن العقوبة تتأخر.
ومن أعظم العقوبة ألا يحس الإنسان بها، وأن تكون في سلب الدين، وطمس القلوب، وسوء الاختيار للنفس، فيكون من آثارها سلامة البدن وبلوغ الأغراض.

وقد لخص ابن عباس رضي الله عنه الموضوع في كلمات حيث قال: "إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق، وقوةً في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمةً في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضةً في قلوب الخلق".

فمن راقب العواقب سلم من المعاطب..

قَدِّرْ لِرِجْلِكَ قَبْلَ الْخَطْوِ مَوْضِعَهَا ... فَمَنْ عَلَا زَلَقًا عَنْ غِرَّةٍ زَلَجَا

وَلَا يغرنك صــفو أَنْت شـَـــاربه ... فَرُبمَا كَانَ بالتـكدير ممتزجـا
...المزيد

لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. فعن جرير بن عبد الله قال: "سألت رسول الله ﷺ ...

لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.
فعن جرير بن عبد الله قال: "سألت رسول الله ﷺ عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري".
ولما رأى الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة صرف وجهه إلى الشق الآخر.
فإذن مسألة غض البصر هي أساس العلاج؛ لأن المسألة في أولها، وهو أهون شيء النظر، أهون شيء في البداية النظر، قال العلاء بن زياد: "لا تتبع بصرك رداء امرأة؛ فإن النظرة تجعل في القلب شهوة".
وقال أحد الصالحين لابنه: "يا بني امش وراء الأسد والأسود" وراء الأسد والحية والثعبان "امش وراء الأسد والأسود، ولا تمش وراء امرأة".

نظر الرجل إلى محاسن المرأة سهم مسموم من سهام إبليس، والسهم المسموم إذا دخل السم ينتشر: "إياكم والنظرة؛ فإنها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة"، تزرع الشهوة في القلب.

وكان السلف رحمهم الله في غاية الحرص على غض البصر.
قال سفيان الثوري: كان الربيع يغض بصره، فمر به نسوة، فأطرق إطراقاً شديداً، حتى ظن النسوة أنه أعمى، فتعوذن بالله من العَمى.

وخرج حسان إلى العيد، فقيل له لما رجع: يا أبا عبد الله، ما رأينا عيداً أكثر نساءً منه، فقال: ما تلقتني امرأة حتى رجعت، وهو حسان بن أبي سنان لما خرج إلى العيد ورجع، قالت له امرأة: كم من امرأة حسنة قد نظرت اليوم؟ فلما أكثرت عليه، قال: "ويحك؛ ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك".

وكانوا يحاربون النظر، ويعتبرونه منكراً شديداً، وينهرون فاعله:
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: "دخل عبد الله بن مسعود على مريض يعوده، ومعه قوم، وفي البيت امرأة، فجعل رجل من القوم ينظر إلى المرأة، فقال عبد الله: "لو انفقأت عينك كان خيراً لك" لو انفقأت عينك، وصارت مصيبة، واحتسبت عند الله كان خيراً لك من النظر، واستعمال البصر بالمعصية.

ثم إنه إذا كرره حصل في القلب زرع الفتنة، وذلك أمر يصعب قلعه؛ ولذلك لا بد من الحمية بسد باب النظر؛ فإنه إذا سده سهل بعد ذلك انحسار الأمر.
هذه القضية لا يكاد يطبقها اليوم إلا من رحم الله، غض البصر عن النساء.
وفي معنى النظر وصف المرأة حتى كأنه ينظر إليها، ولهذا نهينا عنه، فقال النبي ﷺ: لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها، وهذه أصل في سد الذرائع، وأن وصف المرأة لرجل الأجنبي عنها يؤدي إلى الافتتان بالموصوفة.
...المزيد

دور الشباب في حمل رسالة الإسلام شباب الأمة هم أبطالها الأشاوس وبُناة التقدم والحضارة، والأمل ...

دور الشباب في حمل رسالة الإسلام
شباب الأمة هم أبطالها الأشاوس وبُناة التقدم والحضارة، والأمل الكبير في البناء والرفعة والمستقبل المشرق، وهم القوة البشرية والروحية لمجتمع الإسلام القوي الذي فاض بإشعاعات الحضارة والثقافة والأخلاق على العالم بأسره.

وقد حرص رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية تكوين الشباب وإعدادهم لحمل المسؤولية وأمانة التبليغ والدعوة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فالشباب هم عماد أمة الإسلام وسر نهضتها ومبعث تقدمها، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، فقد أوحى الله تعالى له بالنبوة وهو في سن الأربعين، والصحابة رضوان الله عليهم أبوبكر في السابعة والثلاثين، والفاروق في السابعة والعشرين، وعثمان وعلي وعبدالله بن مسعود وسعيد بن زيد وابن عوف وبلال ومصعب بن عمير وغيرهم.

هؤلاء الشباب هم حملة راية الدعوة ورفع راية لواء الجهاد المقدس، واستطاعوا تحقيق الانتصارات وبناء الدولة الإسلامية العظيمة وهزموا ممالك الفرس والروم.

ولكي يقوم الشباب بواجباته على خير وجه لابد أن تكتمل شخصيتهم العلمية والدعوية والاجتماعية إذا توافرت عدة عوامل في تكون شخصية الشاب الدعوية وهي:

العامل الأول معرفة الشاب للغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان لقوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، فالعبودية لله هي عبودية مطلقة ومعناها الإخلاص لله في النية والقول والعمل، ومعناها الخضوع لله والتزام منهجه، ومعنى العبودية إدراك المسلم للمهمة التي كلفه الله بها، وهي الدعوة إلى عبادة الله وحده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والعامل الثاني معرفة الأخطار المحدقة ببلاد الإسلام من مخططات شيطانية مصدرها الصهيونية والماسونية والصليبية والشيوعية والتبشير والاستعمار بكافة أشكاله ووجوهه وجميعها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر والجنس وإفشاء الفاحشة واستخدام المرأة كهدف للدعوة الإباحية.

العامل الثالث، تفاؤل الشاب المسلم بالنصر وعدم اليأس، فقد أصبح حال المسلمين لا يرضي الله ورسوله والمؤمنين، وواجب الشباب المسلم العودة لكتاب الله وسنة رسوله والإيمان المطلق بالله وأنه ينصر من ينصره.

العامل الرابع أن يتأسى الشاب بأصحاب القدوة في التاريخ وأولهم وأشرفهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

العامل الخامس، أن يعرف الشاب فضل الدعوة والداعية ومنزلتها الرفيعة لقوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله".

العامل السادس، معرفة الشاب الأسلوب الأقوم في التأثير على الآخرين، ولذلك يجب دراسة البيئة موضوع الدعوة ومعرفة مواطن الضلال والانحراف واختيار الأسلوب المناسب لعقلية الناس ومستوى تفكيرهم ومدى استجابتهم.

العامل السابع أن يؤمن الشاب بالقضاء والقدر فإن ذلك يحرره من الخوف والجزع ويشحنه بالشجاعة والإقدام والمصابرة.

ولا شك أن استيعاب هذه العوامل السبعة لتكوين وإنضاج شخصية الشاب الداعية لها فوائد وثمرات تتمثل في الإيمان والإخلاص الصادق والعزيمة المتينة التي لا تعرف الخوف.

إن جيل الشباب المؤمن المسلم مطالب في وقتنا الراهن بالقيام بدوره الحضاري، وإنقاذ بلاد الإسلام من ظلمات المادية الطاغية والإلحاد والضلال، وأن دور الشباب وجهادهم هو قوة فعالة يمكن أن تصنع الأعاجيب والمعجزات وتحقق العزة والكرامة وتضع الأمة الإسلامية في طليعة الأمم المتقدمة الراقية.
مصطفى المالح
...المزيد

الشباب في الإسلام الشباب في كل أمة هم قلبها النابض، ودمها المتدفق، وعصب حياتها، وسرّ نهضتها، ...

الشباب في الإسلام
الشباب في كل أمة هم قلبها النابض، ودمها المتدفق، وعصب حياتها، وسرّ نهضتها، وعنوان تقدمها، وأمل مستقبلها، وبحر علمها الفياض، فهم أصحاب الهمم العالية والنفوس الطاهرة الزكية؛ لذلك فقد أولى الإسلام عناية كبيرة لشريحة الشباب، حيث كانوا أسرع شرائح المجتمع استجابة للدعوة الإسلامية، فقد دخلوا والحمد لله في دين الله أفواجا. ومن المعلوم أن الشباب هم أعظم ثروة في الأمة، فثروة الأمم ليست في الذهب الأبيض ولا في الذهب الأسود، وإنما في الإنسان فهو أغلى من كل شيء،

وأعظم ما يكون الإنسان في مرحلة الشباب؛ لأنَّ مرحلة الشباب هي مرحلة القوة والعطاء، فالشباب قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم في قول الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)، «سورة الروم: الآية 54». لذلك فقد حرص نبينا- صلى الله عليه وسلم- على العناية بالشباب وإعدادهم إعداداً جيداً، فقال- عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَعْجَبُ مِنْ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ»، (أخرجه أحمد)، «أي شذوذ وانحراف». كما بين مكانة الشاب الملتزم بطاعة الله وعبادته، فقال صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: وذكر منها: شابٌّ نَشَأَ في عِبادة الله» (أخرجه الشيخان).
كما دعا صلى الله عليه وسلم الشباب لاغتنام الفرص لتكوين شخصيتهم في شتى المجالات، فقال- عليه الصلاة والسلام: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرِمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ»،(أخرجه الحاكم).


كما بين عليه الصلاة والسلام أهمية هذه المرحلة وما يترتب عليها من تبعات ومحاسبة ومسؤولية أمام رب العالمين، فقد ورد في الحديث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكتسبه؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟»، (أخرجه الترمذي).


لقد شاء الله عزَّ وجل أن يكون أنصار النبيين شباباً، وأن يكون المؤمنون شباباً، لأنهم أتقى قلباً، وأصدق مثالاً، وأنقى سلوكاً، فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، ومن هنا كانت عناية الإسلام بالشباب كبيرة، فقد ورد في كتب السيرة أن أبا حمزة الشاري يوم أن وصل مكة المكرمة ومعه جيشه، وقف أهل مكة في وجهه وقالوا له: هؤلاء أصحابك من الشباب، فقال لهم: تعيروني بأصحابي، وتزعمون أنهم شباب، نعم والله شباب، وهل كان أصحاب رسول الله إلا شبابا؟ هم والله شباب مكتملون، عمية عن الباطل أعينهم، ثقيلة إلى الشرِّ أرجلهم، وظل أبو حمزة يُعَدِّدُ لهم محاسن وفضائل أصحابه وعلاقتهم بالله وكتابه وسنة رسوله، لذلك نرى بأن للشباب مكانة سامية في الإسلام، حيث إن الرسول عليه الصلاة والسلام دعا الناس جميعاً فخالفوه ورفضوه إلا الشباب.


حاجة الأمة للشباب


إننا نعيش في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إلى الشباب، فالقرآن الكريم قصَّ علينا قصصاً كثيرة عن الشباب، مثل: أهل الكهف، وسيدنا إبراهيم، وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى وغيرهم من الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما حدثنا عن الشباب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلَّغ دعوته، ونصر الله بهم الدين، وأَيَّدَ بهم الحق، فالشباب هم الذين حملوا راية الإسلام عالية خفاقة ورفعوا لواء الحق، حيث تولوا الدفاع عن دولة الإسلام الفتية أمثال: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وأبي عبيدة، ومصعب بن عمير، وسعد أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وخالد بن الوليد . . . وغيرهم كثير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.


فالشباب هم السواعد التي تفجر الأرض خيراً، لتصب في حقل البشرية الخصيب، وإذا كان الشباب مخلصاً مؤمناً فإنه يحقق لنفسه الفوز في الدنيا والفلاح في الآخرة، ومن هنا كان للشباب دور الريادة والقيادة في تاريخ الإسلام المشرق، ففي ميدان الفتوحات كان لهم السبق، فعندما ننظر إلى الرجال المقاتلين نرى الثلاثة الذين قتلوا في غزوة مؤتة: زيد بن حارثة، جعفر بن أبي طالب، عبد الله بن رواحة . . . كانوا شباباً تقريباً في الثلاثين من أعمارهم. أما من الناحية العلمية فعندما ننظر إلى الرجال الذين اعْتُبروا أئمة لهذه الأمة نرى أنهم كانوا من الشباب، فعبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي غار منه بعض كبار السن؛ لأن عمر رضي الله عنه كان يجعله مع مشيخة الأمة في استشارته والأخذ برأيه، كان شاباً، وكذلك عبد الله بن الزبير، وعبدالله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، فالعبادلة الأربعة الذين ورثوا الدين كانوا شباباً، وغيرهم كثير من الأئمة والعلماء رضي الله عنهم أجمعين.

الرفق بالشباب

من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف لا يحارب الشهوة أو الغرائز، لكنه يعمل على تهذيبها ضمن الأطر الشرعية، فقد حرم الإسلام الزنا وأوجد البديل وهو الزواج، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الشباب قائلاً: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، (أخرجه البخاري).


وقد عالج صلى الله عليه وسلم بعض الحالات الشاذة هنا وهناك بحكمته المعهودة، كما جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أن شاباً أتي النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يدخل في الدين الإسلامي، لكنه لا يستطيع ترك الزنا، فقال: «يا نبي الله أتأذن لي في الزنا، فصاح الناس به، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «قربوه، أدن» فدنا حتى جلس بين يديه - صلى الله عليه وسلم-، فقال - عليه الصلاة والسلام-: أتحبه لأمك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لابنتك؟، قال: لا، فداك أبي وأمي، قال: أتحبه لأختك؟ قال: لا فداك أبي وأمي»، (أخرجه أحمد). وجاء في بعض الروايات أنه- صلى الله عليه وسلم- ذكر العمة والخالة، والشاب يقول في كل واحدة: لا، فقال الرسول: كذلك الناس يا أخا العرب لا يحبونه لأمهاتهم، ولا لزوجاتهم، ولا لأخواتهم، ولا لبناتهم...!!
«ولما كان جواب الحبيب صلى الله عليه وسلم- مقنعاً ومؤثراً، قال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على صدره ودعا له بثلاث دعوات قائلاً: «اللهم طَهِّر قلبه، واغفر ذنبه، وحَصِّن فرجه»، يقول الشاب: «والله ما إن قال الرسول ما قال، حتى انصرفتُ عنه ولا شيء أبغض إلي نفسي من الزنا !!».


فحفظ النسل من أهم ما دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف، حيث اتفق علماء أصول الفقه على ضرورة صيانة الأركان الضرورية للحياة البشرية، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فقد ذكر الإمام الغزالي في كتابه المستصفى بأن حرمة الضرورات الخمس لم تُبَح في ملة قط، ومن الجدير بالذكر أن ديننا الإسلامي الحنيف يريد مجتمعاً متماسكاً، مبنياً على العلاقات المشروعة والأخلاق الفاضلة بين أبنائه، وهذا ما تتمتع به المجتمعات الإسلامية والحمد لله، فعنوانها العفة والطهارة والنقاء. نداء من الأعماق أقول لإخواني الشباب: علينا أن نتمسك بالإسلام قولاً وعملاً وعقيدة وشريعة ودستوراً ونظام حياة، حتى تستقيم أمور حياتنا، لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله»، كما ويجب علينا أن نتحلى بالأخلاق الإسلامية كالصدق والأمانة والوفاء والتسامح وحب الخير للناس جميعاً، فنحن أخوة وأبناء أمة واحدة في السراء والضراء، ومن المعلوم أن سِرَّ قوتنا في وحدتنا وأن ضعفنا في فرقتنا وتخاذلنا، فالله عز وجل لا يُغَيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، كما يجب علينا أن نتكافل اجتماعياً، فيرحم القوي الضعيف، ويعطف الغني على الفقير، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. أملي أن نستجيب.
...المزيد

مفهوم النصيحة النصيحة هي إرادة الخير للمنصوح، بفعل ما ينفعه أو ترك ما يضره أو تعليمه ما يجهله ...

مفهوم النصيحة

النصيحة هي إرادة الخير للمنصوح، بفعل ما ينفعه أو ترك ما يضره أو تعليمه ما يجهله ونحوها من وجوه الخير؛ ولهذا سماها النبي ديناً (الدين النصيحة)، وجعلها من حقوق المسلمين فيما بينهم (حق المسلم على المسلم ست ومنها: وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ) رواه مسلم.
وبايع بعض صحابته على النصح لكل مسلم قال جرير "بايعت رسول الله على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" متفق عليه.

وعدد جوانب النصح ومجالاته عندما سئل النبي لمن النصيحة؟ فقال (لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم).


والنصيحة تقتضي أن تفعل للآخرين من الخير ما تحبه لنفسك. فالنصيحة عبادة عظيمة تعبر عن الدين كله.

تعريف النصيحة

في اللغة: مصدر نصح كالنصح بضم النون. وقيل النصيحة اسم مصدر والنصح مصدر وهما في اللغة بمعنى الإخلاص والتصفية من نصحت له القول والعمل أخلصته ونصحت العسل صفيته.
والنصيحة إرادة بقاء نعمة الله تعالى على أخيك المسلم مما له فيه صلاح، وهي ضد الحسد.
قال الزبيدي: النصح والنصيحة والمناصحة: إرادة الخير للغير وإرشاده، له وهي كلمة جامعة لإرادة الخير.

وشرعاً: إخلاص الرأي من الغش للمنصوح وإيثار مصلحته، وتسمى ديناً وإسلاماً.
قال النبي ﷺ "الدين النصيحة، لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".


وقال الراغب: "النصح تحري فعل أو قول فيه صلاح صاحبه".

والمعنى أن الدين الجيد الإيمان بالله، والتصديق بكل ما جاء به الرسول، وطاعة أمراء المسلمين وإعانتهم في الحق، وتنبيههم حال الغفلة برفق، وأما بالنسبة للعلماء من أئمة الاجتهاد فهو حسن الظن بهم. وأما بالنسبة للعوام فهي المودة والهداية والتعليم والسعي في مصالحهم ودفع الأذى عنهم.

حكمها

قال أَبُو حاتم: النصيحة تجب على الناس كافة، ولكن إبداؤها لا يجب إلا سرًا؛ لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه ومن وعظه سرا فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه.
عن سُفْيَان قَالَ قلت لمسعر تحب أن يخبرك رجل بعيوبك؟ قَالَ: أما أن يجيء إنسان فيوبخني بها فلا وأما أن يجيء ناصح فنعم.


وقال النووي: والنصيحة فرض كفاية إذا قام بها من يكفى سقط عن غيره وهي لازمة على قدر الطاقة.

هناك حالات تتعين بها النصيحة وهي:

1. التعيين من قبل السلطان.
2. إذا تركها الجميع.
3. إذا تفرد الناصح بالعلم بأن معروفاً قد ترك أو منكراً قد ارتكب.
4. انحصار القدرة في أشخاص محددين.
5. عند تغير الأحوال وكثرة المنكرات.
6. في حال طلب المنصوح النصيحة.

الفرق بين النصيحة والتعيير

قال ابن رجب: الفرق بين النصيحة والتعيير أنهما يشتركان في أن كلًّا منهما: ذِكْرُ الإنسان بما يكره ذِكْرَه، وقد يشتبه الفرق بينهما عند كثير من الناس.
واعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص، فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه.


الفرق بين الناصح والفاضح:


الفاجر يسعى لإشاعة السوء ومحبته إيذاء أخيه المؤمن وإدخال الضرر عليه، أما الناصح فدافعه حب الخير لأخيه كما يحبه لنفسه فالنَّاصح: غرضُه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن، واجتنابه له، والفاضح غرضه إشاعة السوء وذم أخيه وتعييره بعيبه.

مجالات النصيحة

النصيحة تستوعب مجالات الحياة كلها؛ لأن النبي سمها الدين، والدين عند المسلمين يستوعب شؤون الحياة كلها. وقد جاء في الحديث بعض المجالات ومنها:

النصيحة لله

1. القيام بأداء واجباته على أكمل وجوهها، وهو مقام الإحسان.
2.الإيمان به، ووصفه بجميع صفات الكمال والجلال، وتنزيهه عن جميع النقائص.
3. القيام بطاعته، وتجنب معصيته.
4. الحب والبغض فيه، وموالاة من أطاعه، ومعاداة من عصاه، والرغبة في محابه، والبعد عن مساخطه.
5. الاعتراف بنعمته، وشكره عليها.
6. الدعاء إلى جميع ذلك (أي ما سبق) وتعليمه، والإخلاص فيه لله.


النصيحة لكتابه

والنصيحة لكتاب الله تكون في صور منها:
1. الإيمان به، وأنه منزل من عند الله.
2. تلاوته وتدبره.
3. تعلم ألفاظه ومعانيه.
4. العمل به، والتأدب بآدابه.

النصيحة للرسول

بعض صور النصيحة للرسول:

1. تصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به.
2. طاعته في أمره ونهيه.
3. نصرته حيا وميتا ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه.
4. إعظام حقه وتوقيره وإحياء طريقته وسنته.
5. نشر سنته ونفي التهمة عنها.
6. التخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه.
7. محبة أهل بيته وأصحابه ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك.

النصيحة لأئمة المسلمين

ومن النصيحة لهم:

1. معاونتهم على الحق، وطاعته فيه.
2. أمرهم بالحق، وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه من حقوق المسلمين.
3. ترك الخروج عليهم
4. الدعاء عليهم.
5. تألف قلوب الناس لطاعتهم، والصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات لهم.
6. أن لا يطروا بالثناء الكاذب
7. أن يدعى لهم بالصلاح
8. قيل: هم العلماء، فنصيحتهم قبول ما رووه، وتقليدهم في الأحكام، وإحسان الظن بهم.

النصيحة لعامة المسلمين

النصيحة من بين ستة من حقوق المسلمين على بعضهم، «وإذا استنصحك فانصح له»،

ومن صورها:

1. إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم.
2. ستر عوراتهم وسد خلاتهم.
3. نصرتهم على أعدائهم والذب عنهم.
4. أن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه وما شابه ذلك.
روى مسلم عن تميم الداري، قال رسول الله ﷺ «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».

روى مسلم عن جرير بن عبد الله، قال رسول الله ﷺ: «بايعت رسول الله ﷺ على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم».


قال الإمام الشافعي في النصيحة:

تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرض استماعه

قال ابن حزم: «إذا نصحتَ فانْصَح سِرًّا لا جهرًا، أو بتَعريضٍ لا بتصريحٍ، إلا لمن لا يفهم، فلا بُد من التَّصريح له، ولا تَنْصح على شرط القبول منك».
...المزيد

من حكم لقمان المأثورة يا بني ! ارج الله رجاءً لا تأمن فيه مكره، وخاف الله مخافة لا تيأس بها ...

من حكم لقمان المأثورة
يا بني ! ارج الله رجاءً لا تأمن فيه مكره، وخاف الله مخافة لا تيأس بها رحمته.
يا بني ! أكثر من قول: رب اغفر لي، فإن لله ساعة لا يُردُّ فيها سائل.
يا بني ! إن العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله.
يا بني ! إذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريبة فأغلبه باليقين، وإذا جاءك من قبل السآمة فأغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مفارقةُ متروكة.
يا بني ! اتخذ تقوى الله تجارةً، يأتيك الربح من غير بضاعة.
يا بني ! إياك والكذب، فإنه شهي كلحم العصفور، عما قليل يقلى صاحبه.
يا بني ! لا تأكل شبعاً على شبع، فإنك إن تلقه للكلب خيرٌ من أن تأكله.
يا بني ! لا تكن حلواً فتبلع، ولا مراً فتلفظ.
يا بني ! لا تؤخر التوبة فأن الموت يأتي بغتة.
يا بني ! اتق الله، ولا تُر الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر.
يا بني ! ما ندمت على الصمت قط. وإن كان الكلام من الفضة كان السكوت من الذهب.
يا بني ! اعتزل الشر كيما يعتزلك، فإن الشر للشر خلق.
يا بني ! ليكن لك علو الهمة في طلب الجنة والعزم للشهادة في سبيل الله.
يا بني ! اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يُذكرُ الله عز وجل فيه فاجلس معهم، فإنك إن تك عالماً ينفعك علمك وإن تك عييًّا يعلموك، وان يطلع الله عز وجل إليهم برحمة تصبك معهم.
يا بني ! انصب رايتك راية الحق ورباطك في سبيل الله خير من خير في الدنيا.
يا بني ! انزل نفسك منزلة من لا حاجة له بك ولا بدَّ لك منه.
يا بني ! إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك.
يا بني ! جالس العلماء وزاحمهم بركبتك، فإن الله ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء.
يا بني ! امتنع مما يخرج من فيك، فإن ما سكتَّ سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك.
يا بني ! إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى. فدارٌ أنت إليها تسير أقرب من دارٍ أنت عنها تباعد.
يا بني ! إياك والدَّين، فإنه ذلُّ النهار همّ الليل.
يا بني ! لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك الحكماء.
يا بني ! من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثر غمه.
يا بني ! نقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.
يا بني ! اعلم بأن الجهاد ذروة سنام الإسلام.
...المزيد

للذكر فوائد عديدة تصل لأكثر من مئة ومنها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره. أنه يرضي الرحمن عز ...

للذكر فوائد عديدة تصل لأكثر من مئة ومنها:
أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره.
أنه يرضي الرحمن عز وجل.
أنه يزيل الهم والغم عن القلب.
أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط.
أنه يقوي القلب والبدن.
أنه ينور الوجه والقلب.
أنه يجلب الرزق.
أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.
أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام.
أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان.
أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل
أنه يورثه القرب منه.
أنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة.
أنه يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله.
أنه يورثه ذكر الله له، كما قال تعالى: " فاذكروني أذكركم " [البقرة:115].
أنه يورث حياة القلب.
أنه قوت القلب والروح.
أنه يورث جلاء القلب من صدئه.
أنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.
أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى.
أن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة.
أن العبد إذا تعرف إلى الله بذكره في الرخاء عرفه في الشدة.
أنه منجاة من عذاب الله.
أنه سبب نزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر.
أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والفحش، والبا طل.
أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللهو والغفلة مجالس الشياطين.
أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة.
أن الاشتغال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين.
أنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها.
أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.
أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعا ده.
أنه ليس في الأعمال شيء يعم الأوقات والأحوال مثله.
أن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط.
أن الذكر رأس الأمور، فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله عز وجل.
أن في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء ألبتة إلا ذكر الله عز وجل.
أن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب. فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه، ويفرق أيضأ ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره، ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان، وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة، ويبعد القريب إليه وهي الدنيا.
أن الذكر ينبه القلب من نومه، ويوقظه من سنته.
أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون.
أن الذاكر قريب من الله، ومذكورة معه، وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة، فهي معية بالقرب والولاية والمحبة والنصرة والتو فيق.
أن الذكر يعدل عتق الرقاب، ونفقة الأموال، والضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل.
أن الذكر رأس الشكر، فما شكر الله من لم يذكره.
أن أكرم الخلق على الله من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره.
أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله.
أن الذكر شفاء القلب ودواؤه، والغفلة مرضه.
أن الذكر أصل موالاة الله عز وجل ورأسها والغفلة أصل معاداته ورأسها.
أنه جلاب للنعم، دافع للنقم بإذن الله.
أنه يوجب صلاة الله عز وجل وملائكته على الذاكر.
أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا، فليستوطن مجالس الذكر، فإنها رياض الجنة.
أن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ليس لهم مجالس إلا هي.
أن الله عز وجل يباهي بالذاكرين ملائكته.
أن إدامة الذكر تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها، سواء كانت بدنية أو مالية، أو بدنية مالية.
أن ذكر الله عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحببها إلى العبد، ويسهلها عليه، ويجعلها قرة عينه فيها.
أن ذكر الله عز وجل يذهب عن القلب مخاوفه كلها ويؤمنه.
أن الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطيق فعله بدونه.
أن الذاكرين الله كثيراً هم السابقون من بين عمال الآخرة.
أن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده، ومن صدقه الله رجي له أن يحشر مع الصادقين.
أن دور الجنة تبني بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر، أمسكت الملائكة عن البناء.
أن الذكر سد بين العبد وبين جهنم.
أن ذكر الله عز وجل يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق.
أن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب.
أن الجبال والقفار تتباهي وتستبشر بمن يذكر الله عز وجل عليها.
أن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق.
أن للذكر لذة عظيمه من بين الأعمال الصالحة لا تشبهها لذة.
أن في دوام الذكر في الطريق، والبيت، والبقاع، تكثيرًا لشهود العبد يوم القيامة، فإن الأرض تشهد للذاكر يوم القيامة.
هذه فرصتنا رمضان فرصة عظيمة للإكثار من ذكر الله تعالى، ولا تنسوا في ليلة القدر «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا» وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
...المزيد

معلومات

أ.د. محمود عبد العزيز يوسف أبو المعاطي حجاب أستاذ الفقه المقارن. مصري مقيم في الخليج العربي أستاذ التشريع الجنائي بمعهد الدراسات الجنائية. خبير شرعي بالقضاء مستشار أسري. أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية. أستاذ الفقه وأصوله بالمعهد العالي للائمة والخطباء بأمريكا سابقا أستاذ الفقه وأصوله بجامعة أم القرى فرع محافظة القنفذة بالسعودية سابقاً. أستاذ الفقه وأصوله المشارك بمعهد الدعوة والعلوم الاسلامية بقطر سابقاً. عضو مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر سابقاً.

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً